قبل أيام شاهدت حوارا في قناة الجزيرة لعدد من الناشطين كان من بينهم صحفي ينتمي للمنظومة الكيزانية، ومثل عادة الكيزان في عدم الاعتراف بارتكاب أية خطأ، تحدّث الرجل بعنجهية واصفا الوضع في البلاد بالانهيار الشامل، دون أن يمتلك قدرا من الشجاعة ليعترف ان حزبه هو السبب في كل المصائب التي حلّت وتحلّ بهذه البلاد منذ انقلاب الشؤم في يونيو 1989. قال انّ التيار الإسلامي الوطني لا يمكن تجاهله! التيار الكيزاني اتضح وبالممارسة العملية التي دفع شعبنا ثمن نتائجها الكارثية من مستقبل أجياله ودمائهم ومن وحدة بلادنا وتماسك نسيجها الاجتماعي، لقد ثبت واتضح جليا بالتجربة العالية التكلفة ان ذاك التيار ليس وطنيا وليس إسلاميا. من يتصف بصفة الوطني يجب أن يكون أحرص الناس على الوطن، وحدته وتماسكه وازدهاره ورفاهية شعبه، فهل حقق النظام الكيزاني طوال ثلاثة عقود الشؤم والخراب شيئا من ذلك؟ في أوائل أيام استيلائهم على السلطة أعلن عمر البشير انه لو اتفق اهل الجنوب فلا مانع لدينا من اعطائهم حق تقرير المصير! الحديث الذي ظل ساسة الشمال منذ الاستقلال يتفادونه ويهربون منه ومن المسئولية التاريخية لمجرد بحث حكم ذاتي للجنوب قد يمهد يوما لانفصاله. كان واضحا ان النظام الانقلابي لا يقيم وزنا لوحدة البلاد، وبات واضحا أنّ الحرب (الجهادية) التي شنها النظام لم يكن لها من غرض سوى تثبيت سلطة النظام الجديد في الشمال حتى وان ذهب الجنوب مع الريح. الطريف أنّ أحد قادتهم ممن احترفوا الخم والتدليس اعلن قبل فترة في احدى الفضائيات: لن نسمح لقحت بتقسيم بلادنا! في حين أنهم لا يتوقفون لحظة ولا حتى لالتقاط الانفاس وهم ينشرون الفتن والدسائس بين مكونات شعبنا حتى بعد أن فقدوا السلطة. قادهم مخطط محاولة تثبيت سلطة النظام الاسلاموي، الى محاولة تغيير بعض الأنظمة بما يخدم خطهم، قادهم ذلك الى محاولة اغتيال الرئيس حسني مبارك، وبعد فشل المحاولة وحين دخل الجيش المصري الى حلايب، تجاهلوا الأمر وكأنّ شيئا لم يحدث، أملا في ان يتوقف النظام المصري عن ملاحقتهم بتهمة الإرهاب. كما ان التنظيم نفسه حين طرح مقترحا لقانون الجنسية ومن واقع الكثير من تصرفاته وأشواقه الدينية الزائفة، لم يكن حريصا على فكرة الوطن نفسها، وقد تخلى فيما بعد وبنفس السهولة عن الفشقة لاثيوبيا. حين بدأت الثورة في دارفور وبدلا من اللجوء للوسائل السلمية لحل النزاع قاموا بتسليح قبائل ضد أخرى، وقامت قواتهم بأعمال حرق القرى وقتل السكان الآمنين واغتصاب النساء واجبار الأهالي على النزوح من قراهم. وفي مجال الرفاهية، وبرغم ان معظم منسوبي التنظيم الاسلاموي جاءوا من أسر فقيرة استفادت من خدمات الدولة المجانية في مجالي الصحة والتعليم، الا ان اول قراراتهم كان الغاء دعم الدولة للصحة والتعليم، فضاعت عقول كان يمكن ان تسهم في تنمية بلادنا وتراجعت فرص أسر كثيرة تعتمد على أبنائها في تطوير حياتها، فازداد الفقراء فقرا وظهرت طبقة الطفيليين الاسلامويين وقد استأثرت بكل شيء. اما صفة الإسلامي، فمثل صفة الوطني التي حادوا عن سبيلها، ثبت بالممارسة انهم كانوا أبعد الناس عن قيم الدين الذي رفعوا راياته زورا، اختبأوا من خلفها لتنفيذ اجندة النهب المنظم لموارد الدولة والاستبداد على أهلها. حتى تبرأ بعض قادة التنظيم نفسه عنه وعن ممارسات منسوبيه، فالنظام الذي بدأ بالتمكين وانتهى بالتحلل ارتكب بين الفترتين جرائم يندي لها جبين الإنسانية ، لم يتركوا قانونا سماويا ولا شريعة أرضية الا وانتهكوها، من سرقة للمال العام وبيع لمؤسسات القطاع العام لمنسوبيهم بأبخس الأثمان، وتدمير مؤسسات الدولة التي ضحى شعبنا من أجلها، دمروا استقلالية ونزاهة القضاء والمؤسسات الأمنية التي صارت كلها عدوا للشعب بدلا من ان تكون الى جانبه في تنفيذ القوانين وتحقيق العدالة. ازدادت موارد الدولة نتيجة استثمار البترول وازداد معه نهم الاسلامويين لمراكمة الثروة الحرام. امتد استغلال السلطة لبذر الفتن بين مكونات شعبنا وشن الحروب وقتل الشباب في الشوارع وممارسة القتل والتعذيب بحق كل صاحب رأي معارض. مالم يتم إجتثاث التنظيم الاسلاموي النازي وحظره تماما وتنظيف كل مؤسسات الدولة من منسوبيه واسترداد كل الأموال التي نهبها التنظيم، فإن النهب والفتن والتفلتات الأمنية لن تتوقف وسيكون مصير هذه البلاد مزيدا من الانشطار والتفتت. ثورة شعبنا الواعية ماضية الى أهدافها، لن يلدغ شعبنا مرة أخرى من جحر الافاعي، وسيذهب هذا التنظيم الاجرامي الى مزبلة التاريخ.
أحمد الملك
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق February, 20 2023
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة