لقد كان في سابق الايام تنتهج الدول الكبري سياسة الغزو والاحتلال وذلك من خلال قوتها العسكرية واحتلال الدول الضعيفة ومن ثم فرض هيمنتها علي موارد تلك الدول الضعيفة واستغلال ثرواتها وكنوزها. لقداستمرت هذه الحقبة من التاريخ فترة من الزمن وقد نجحت في جوانب كثيرة لصالح المحتل وفشلت في جوانب اخري ومن اهم جوانب فشلها هو جانب الولاء والطاعة للمحتل الاجنبي حيث لم تجني سوي البغض والكراهية والمقاومة والعصيان من قبل الشعوب المتضهدة المقهورة المظلومة، وكان من ضمن مختطاتهم هي تسمية الاحتلال بغير اسمه حتي يجملوا قبيح صنعهم وشر وجودهم في ارض الغير وحتي يواروا ظلمهم غيروا اسم "الاحتلال" باسم آخر وسموه "المستعمر" لكي يوهموا الناس والشعوب انهم اتو لتعمير واصلاح هذه البلاد او تلك ولهذا اطلقوا كلمة "مستعمر" امعانا في التزيف وخداع الناس، ولكن واجهتهم صحوة الشعوب كصخرة صلدة من خلال رفضهم القوي لهؤلاء المحتلين الغرباء الذين سفكوا دمائهم وانتهكوا حرماتهم ونهبوا ثرواتهم لقد قامت الثورات وتحررت الشعوب من هؤلاء المحتلين. وبعد ان انتهي اسلوب الاحتلال المباشر للشعوب واغتصاب الارض من خلال القوة العسكرية بقتل وابادة الكثير من الشعوب خصوصا في افريقيا وآسيا، تحولوا لخطة اخري وسيناريو مختلف وهو الغزو الثقافي بكل اشكاله واصنافه وادواته ومازال هذا النوع مستمرا وهاهم اليوم يبتكرون طريقة اخري للحصول علي مدخرات البلدان الفقيرة من اجل رفاهية تلك الدول الغازية المحتلة للشعوب فكريا وثقافيا وعسكريا والمتابع يري هذا واضح وجليا في وضع بعض الدول العربية ووضع السودان علي وجه الخصوص بخلق الازمات وعدم الاستقرار السياسي حيث تم وضعه علي صفيح ساخن ملتهب وهكذا يكون السودان قد تم ضمه الي منظومة الدول الغير مستقرة سياسيا وامنيا والتي تعيش وسط ازمات مصطنعة انها تلك الدول الممتدة في الخارطة العربية من ليبيا الى العراق ومرورا بسوريا ولبنان والصومال حيث يتعمد الصياد الماكر عمل فراغ سياسي واختلاق فجوات من الازمات الخانقة المختلفة وان يجعلوا هنالك حالة من الفراغ السياسي وينصبوا سلطة مركزية ضعيفة "تسود ولا تحكم" وأطراف مناوئة "تحكم ذاتها ولا تسود مركزيا" وأطراف خارجية بيدها خيوط كل خيوط اللعبة تدير وتوازن بين القوى الحاكمة و بين المكونات الاخري وذلك من خلال الاستفادة من الضعف العام والوضع الهش. والاشد ايلاما والانكي جرحا في كل هذا المشهد هو حركة السفارات والسفراء وهم يمرحون ويجولون ويدخلون انوفهم في ادق تفاصيل الدولة من غير اي حياء او وخجل من هذه الدولة المضيفة، او حتي التقيد بالاعراف الدبلوماسية المعروفة علي اقل تقدير. وايضا نري بوضوح وجلاء الحرص علي إستمرار وضعية الزعماء الضعفاء والمهزومين فكريا وسياسيا ومعنويا الذين بلا "كاريزما" او مشروعات او خطط واضحة ومعروفة صيغت من اجل الانسان والوطن بكل تاكيد انه هو الاحتلال الجديد الذي يدار بذكاء وحنكة من خلال سياسة "فرق تسد" وسياسة "الجزة والعصا" بكل تأكيد إن هذا الوضع الهش الضعيف يحقق للقوى الاقليمية والدولية مصالح كبيرة جدا وبتكاليف لا تكاد ان تذكر وبأقل جهد من خلاله يستطيعون احتلال الدول والسيطرة عليها سياسيا دون الحاجة الي تحريك اساطيلهم وجيوشهم كما كانوا يفعلون في الماضي القريب، وايضا هذا الاسلوب يتيح فرصة جيدة لكل الدول الطامعة بحيث تتدير كل دولة ملف مصالحها التي تخصها دون ادني مواجهة مباشرة مع المنافسين والطامعين من دول الاحتلال الحديث ، لذلك نجد ان وضع السودان المأزوم الضعيف الهش المرتبك مقصود ومدروس ومخطط له بعناية وبدهاء ومكر، ويبدوا من خلال الواقع الراهن ان هذا الوضع سوف يستمر لفترة طويلة وربما لسنوات متعاقبة قد تطول جدا و كما هو حاصل ويحصل في العراق، وغيرها سوف يترنح السودان في تخبط وفشل وضعف وخلافات وسوف يدخل أزمة تلو ازمة وقبل ان يستفيق من هذه يدخلوه في ازمة اخري وهكذا ويبدو انه سوف تمتد سنوات التيه والفشل والضياع والحيرة والارتباك وتظل الازمات المفتعلة تنهش وتنخر في عظم الوطن لأن سلاح الازمات سلاح خطير وهدام ومدمر خصوصا تلك الازمات المتلاحقة ويبدو ان الجميع لاحظ هذه السلسلة من الازمات المتلاحقة وقبل ان يخرج السودان من ازمة يقودونه الي اخرى وهكذا يسيرون به نحو الفخ حتي يقع الثور صريعا من كثرة السهام التي نشبت فوق ظهره والمثل يقول "أُكِلت يوم اكل الثور الابيض" كم من الثيران حولنا اكلت قِبل الضباع ولكننا لم نتعظ ونعي الدرس رغم الضباع التي تتربص بنا من كل ناحية وصوب ولكن حتما سوف يأتي اليوم الذي سوف نهزم فيه الضباع الباغية الظالمة
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق February, 10 2023
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة