وإن السودان أو كوش كما ذكرت في أسفار العهد القديم، لا صلة لها اطلاقا بالحبشة - أباسينيا - لأن الإغريق هم من سموا واطلقوا على منطقة كوش السودان اسم أثيوبيا، وبذلك فالنوبة ترجمت من اليونانية (بأثيوبيا)، وهي المنطقة من حوض نهر النيل الواقعة في الحدود الجنوبية لمصر وهو السودان الحالى. ومعروف مليا لدى أهل العلم والتاريخ القديم والحديث بأن السودان كان اسمه (أثيوبيا) في القدم كما ذكر كثيرا في أسفار أهل الكتاب المقدسة - العهد الجديد والعهد القديم - لأن إثيوبيا الحديثة كان اسمها (الحبشة - أباسينيا) فى القدم، وأن الحبشة سُميت بإثيوبيا حديثا، في عام 1270م - أي قبل 700 سنة - وهذا أكيد ما سيفرق ويلبس للتاريخ الكوشي السودانى الذي سُمي بأثيوبيا قبل آلاف السنين، وينسب تاريخ السودان أثيوبيا الأصل إلى الحبشة أباسينيا، ويخلط ويتبدل تاريخ السودان القديم وينسب إلى الحبشة - إثيوبيا الحديثة -وهذا ما حصل من تبديل لتاريخ السودان القديم، فكل ما ينسب في أسفار أهل الكتاب العهد القديم والجديد بأثيوبيا فالمعني بها هو السودان أثيوبيا الأصل.
فما فعله الأحباش هو سرقة للهوية السودانية التاريخية القديمة وخلط للحابل مع النابل وتبديل وتحريف وتضليل لما جاء في الكتاب المقدس عن أثيوبيا-السودان ونسب التاريخ السوداني زورا إلى من ليس أهله وهم الأحباش. فيجب على جميع العلماء الباحثين السودانيين الانتباهة والنهضة ورد الحقوق إلى أهلها وتبيان وتفسير كل ما قيل عن أثيوبيا في الكتاب المقدس بأن المعني بها هو هذا السودان أرض الميعاد. وإن كل ما ذكره الكتاب المقدس عن أثيوبيا ومملكة بلقيس سبأ - شيبا، فالمعني بها هو حضارات وممالك قامت في هذا السودان الحالي العريق وليس المعني بها بلاد الحبشة أباسينيا. وذكرت أثيوبيا - السودان في الكتاب المقدس أكثر من أربعة وأربعين مرة. وقال لى صديقى البروف علاء الدين الإدريسى - الباحث في الحضارة النوبية - بأن معنى أثيوبيا في لغتنا النوبية تعني [الحجر الكريم العسجد الكثير المياه] ونعرف بأن العسجد لايوجد إلا في منطقة معينه في السودان. فلابد من الانتباهة إلى أن الكتاب المقدس في نصه الأصلي العبري والأرامي، يستعمل كلمة (كوش -Cush ) اسماً لبلاد السودان، أما النص الأغريقي واللاتيني المنقول عن النصين العبري والآرامي، فيترجم كوش إلى (أثيوبيا – Aethiopia) للأشارة إلى السودان الحالى.
وكان الإغريق يطلقون على بلاد كوش (أثيوبيا) وهى كلمة إغريقية تعنى بلاد ذوي الوجوه السوداء أو المحروقة بالشمس، أما الإنجيل، لما كان قد كُتب إبتداء باللغة الإغريقية، فقد استعمل كلمة أثيوبيا للإشارة إلى السودان الحالي على النحو الذي سيأتي ذكره لاحقا. وتبعا لذلك نجد أن ترجمات الكتاب المقدس، التي أخذت من النص العبري والآرامي تبقي على كلمة كوش (السودان) كما هي، بينما تلك التي أخذت عن النص الإغريقي واللاتيني فتبقي على كلمة أثيوبيا الإغريقية للدلالة على السودان، إلا أننا نجد بعض الترجمات المعاصرة غير العربية، تستعمل اسم (السودان) بديلا لكوش وأثيوبيا. أما (واوات) و(يام) و(كوش) وغيرها من اسماء المناطق، قد وردت في النقوش للإشارة للشعوب التي تسكن السودان الحالي، وقد اختفت هذه المسميات فيما بعد، ليظهر اسم كوش، محتوياً على كل هذه المسميات داخله، ويأتي اسم كوش للاشارة إلى مملكة كرمة في كل الكتابات القديمة - كرمة اسم حديث لأن أغلب آثار المملكة وجدت بها - وقامت كرمة في الفترة (2500-1500 ق.م) واستمر اسم كوش في عهد الدولة النبتية نحو القرن التاسع قبل الميلاد، وكذلك عند ملوك الأسرة 25 الكوشية، حيث ظلوا يأخذون اسماءهم ويعرفون أرضهم وشعبهم بكوش (كاس)، بدءاً من مؤسس الأسرة 25 (كاشتو) الذي يعني اسمه (الذي من كوش).
وان صديقي الدكتور- هاشم الخليفة عثمان - الباحث في نقوش اللغة المروية - يشيد بدقة الباحثين الأوربيين في تناول التاريخ الكوشي السوداني وحرصهم على أن لا يختلط تاريخ السودان مع تاريخ الحبشة بسبب الكتابة الخاطئة للمصطلحات الضابطة للاسماء، ولذلك فإنهم اتفقوا منذ فترة طويلة - حوالي 40 عاما - أن يكتبوا - Aethiopia - عندما يقصدون السودان ولكن عندما يقصدون الحبشة فإنهم يكتبونها - Ethiopia - وهذا فرز منهجي مهم جدا، ويترتب على ذلك عندنا في اللغة العربية، كتابة (أثيوبيا) - بالهمزة المفتوحة - للسودان القديم و(إثيوبيا) – بالهمزة المكسورة - للحبشة الحالية، وهذه مصطلحات مهمة للباحثين في مجالات الموروث السوداني القديم أو حتى عن موروث الحبشة. وقيل بان هنالك اثنين من الآثاريين الفرنسيين: جين ليكلانت وجان سير كوتي،قد عملا في التنقيب عن الآثار السودانية في السودان، وفي عام 1925م انتقلا للعمل في أثيوبيا وهما من اقترح للإمبراطور هيلاسلاسي تغيير اسم الحبشة إلى (إثيوبيا) باعتبار أن السودان تخلى عن هذا الاسم التاريخي، فوافق الإمبراطور هيلاسلاسي على ذلك وتم إعلان الاسم الجديد (إثيوبيا)، وبذلك استفاد من الدعاية العالمية التي تتحدث عن تاريخ قديم في دولة أفريقية، اسمها (أثيوبيا وهي السودان).
وإن جبل طور سينين هو [جبل مرا] وهو الأرض المقدسة وهو جبل الطور من يتغنى به الكثير من مغني موسيقى الرغي المتدينين النصارى مثل: ( Bob Marley – Third World) - (Culture and Prince Mohammed) – (The Heptones) – (The Abyssinians) - (The Mighty Diamonds) (Marrah Mountain). وكل العلماء اليهود والنصارى والمثقفين المتدينين يبحثون عن هذا الجبل المقدس ومعظم الباحثين وهؤلاء المغنين الغربين يعتقدون خطئا بأن جبل الطور يقع فى أثيوبيا أباسينيا! وهذا اعتقاد خاطيء فهو في السودان. وكما معروف فى التاريخ القديم بأن السودان كان اسمه أثيوبيا قديما كما ذكر في الكتاب المقدس العهد الجديد والقديم. فالسودان الحالي هو أثيوبيا القديمة ولكن الحبشة بدلت اسمها من الحبشة إلى إثيوبيا حديثا . فأهل الكتاب ذكروا في الكتاب المقدس بأن جبل الطور يقع فى أثيوبيا وهو قول صحيح لأن السودان كوش كان اسمه أثيوبيا في العهد القديم وذكرت أثيوبيا أي السودان الحالي في الكتاب المقدس أكثر من أربع وأربعين مرة. فالسودان أثيوبيا هو أرض الميعاد وأرض معظم رسل الله الكبارات وبني إسرائيل المكرمين صلوات الله عليهم أجمعين. وجبل طور سينين موسى [مرا]، فهو الجبل المقدس الذي سيذهب إليه سيدنا عيسى بن مريم والمهدي المنتظر وأنصارهم المهدية. فالسودان وجبل طور سينين هما أرض الميعاد التي سيتم فيها الفتح للمسلمين والحمدلله رب العالمين.
فعندما كنت أعمل في بحث علمي عن [جبل مرا] في دارفور، تعرفت على الشرتاى - ابن الزعيم - وقلت له إن [جبل مرا] هو جبل طور سينين موسى المقدس المفقود، فقال لي من أين لك بهذه المعلومة الخطيرة؟ فقلت له إلهام من عند الله تعالى، فإن جبل مرة به نفس المواصفات التي قالها الله تعالى في القرآن. فقال لي صدقت، وأن أهله القدماء قالوا له، إن [جبل مرا] قد أتى لهم مارا من أرض مكة الحجاز السعودية قديما! لذلك سمي بجبل [مرا]، وهذا ما يقوله أيضا بعض أهل الكتاب في كتبهم بأن جنة آدم عدن حولت ورفعت من مكانها الأصلي واختفت لعصيان الناس وفسوقهم فيها، وهي جبل الطور وهي نفس أوصاف جبل الطور، وإن هنالك منطقة في جبل مرة تسمى الطور وأيضا هنالك منطقة في جبل مرا تسمى الوادى المقدس.
وأعرف مليا بان السودان هو أرض الهجرتين للصحابة المسلمين الأولين. وإن اسم السودان قديما كما هو معروف، [أرض الحبشة وأثيوبيا] كما كان يسميه الأثاريون القدماء. قد ورد فى الأثر أن الملك النجاشي قد طلبوا منه تسليم المهاجرين المسلمين إلى وفد الكفار، فقال: "لا - والله إذن لا أسلمهم إليهما ولا يكاد قوم جاوروني ونزلوا بلادي واختاروني على من سواي، حتى ادعوهم فأسألهم عما يقول هذان في أمرهم، فإن كانوا كما يقولون أسلمتهم إليهما ورددتهم إلى قومهم، وإن كانوا على غير ذلك منعتهم منهما وأحسنت جوارهما - (سيرة ابن هشام بأعلى الروض الأنف، ج 2 ص 87}. وورد أن الملك النجاشي ما أن قدِم المهاجرون إلى بلده واستوثق منهم عن خير من يترقبه وعن كنه رسالته حتى أعلن - عن معرفة وعلم وصدق – نبوءة سيدنا محمد ﷺ وأشهد الله والناس على إيمانه بها قائلا: "أشهد أنه لرسول الله وأنه هو المبشر به عيسى ووالله لولا ما أنا فيه لأتيته) - (الجوهر الحسان ص209 سطر 18).
وقد ورد أن الملك النجاشي قال للقسيسين والرهبان في بلاطه: "أنشدكم بالذي أنزل الإنجيل على عيسى، هل تجدون في الكتب المقدسة ما يدل على أن بين عيسى ويوم القيامة رسولا صفته ماذكر هؤلاء؟" - يعني جعفرا وأصحابه - فقالوا: "اللهم نعم, بشر به عيسى عليه السلام". فقال: "من آمن به فقد آمن بي ومن كفر به فقد كفر بي" - (الجواهر الحسان ص 209 سطر 15). فانظر ولاحظ وتدبر لكل هذه الأقوال عن الملك النجاشي، فهو يتكلم باللغة العربية وليس هنالك بلد يتكلم اللغة العربية غير السودان العربي الأفريقي في ذلك الزمان، وكذلك عندما أتى وفد كفار قريش وتخاطب عمرو بن العاص مع الملك النجاشي، وأن سيدنا جعفر بن أبي طالب قد شرح له تنزل القرآن في حق سيدنا عيسى بن مريم، فكانت المخاطبة باللغة العربية وليس هناك ترجمان! فهذا يؤكد مليا بأن السودان هو أرض الهجرتين للصحابة المسلمين وليست الهجرة إلى الحبشة - أباسينيا - لأن الأحباش لا يتكلمون اللغة العربية. وهذا يؤكد بالبرهان بأننا نحن أهل السودان نتكلم اللغة العربية منذ الأزل القديم وأننا عرب أفارقة منذ آدم.
ويرى أستاذنا البروفسور- عبد الله الطيب، في محاضرة له - حضرتُها في لندن في منتصف التسعينيات - أشار فيها أن السودان هو أرض الهجرتين للصحابة المسلمين. فذكر بأن السيدة رقية بنت سيدنا محمد ﷺ قالت: "عندما أموت يجب أن اُغسْل واُعَطر واُكفن واُدفن كما يدفن الأحباش موتاهم" وصارت عادة إسلامية قبلها سيدنا النبي ﷺ لكل المسلمين، وهى طريقة الدفن الإسلامي المعروف، وكان يدفن بها قوم الملك النجاشي موتاهم وهي موروثة من دفن الأنبياء وسلائلهم في السودان. ومعروف أن أهل الحبشة – أباسينيا - أنهم مسيحيون ويدفنون موتاهم على طريقة المسيحيين ولا يغسلونهم ولا يعطرونهم. ومن أجل ذلك، فأنا أقول أن السودان هو أرض الهجرتين وليست الحبشة - أباسينيا - إثيوبيا الحالية. وقال رسول الله ﷺ: "اتخذوا السودان فإن ثلاثة منهم من سادات أهل الجنة: لقمان الحكيم والنجاشي وبلال المؤذن" - قال الطبراني أراد الحبشة. وهذا الحديث يؤكد بأن السودان هو أرض الهجرتين للمسلمين الأوائل وآل البيت رضوان الله عليهم أجمعين.
فإن أهل النوبة الكوشيون السودانيون أهل مصر العليا هم أصل العرب وأصل البشرية وإن عرب الجزيرة خرجوا من ارض كوش السودان وكونوا الجزء الأكبر لعرب الجزيرة العربية وليس العكس، فالعرب فى الجزيرة العربية هم أبنائنا وسلائلنا نحن الكوشيين النوبة العرب شعب الله المختار وبنى إسرائيل المكرمين الذين فضلهم الله على كافة العالمين، وهم قوم سيدنا موسى عليه السلام من الذين نزحوا من مصر العليا – السودان - إلى الأرض المقدسة - مكة - كما يؤكد هذا القرآن العظيم وأسفار أهل الكتاب اليهود والنصارى والأثر. وهذا الحديث يؤكد بأن العرب أصلهم كوشيين نوبة سودانيين لحديث سيدنا الإمام علي كرم الله وجهه في الطبري والجفري، حيث سئل عن أصل قريش وعرب الجزيرة والأودية وشبه الجزيرة العربية، فقال: "أصلهم من كيث وكيث من كوش وكوش من جنوب الوادي". وإن معنى كوش هو الأسود أو الأزرق. وكلمة (كوش) ذكرت في الكتاب المقدس أربعين مرة، وأن الله تعالى له خاصية وحب مع أهل كوش السودانيين، وأن كل سياق أثيوبيا في القدم والكتب السماوية يُعنى بها أرض كوش - السودان الحالي.
وقال محمد بن سيرين: سمعت عبيدة يقول: "سمعت عليا (رضي الله عنه) يقول: "من كان سائلا عن نسبتنا فإنا نبط من كوث" - أو كوس - وقال أبو المنصور: "فإنها نبط من كوثي - ولو أراد كوشي مكة لما قاله نبط .وكوثي العراق هي سرة السواد من محل النبط .وإنما أراد علي رضي الله عنه ان يقول: "إن أبانا إبراهيم كان من نبط كوث، ونحو ذلك". قال أيضاً عبدالله ابن عباس: "نحن معاشر قريش حتى من النبط من أهل كوث" - رواه الطبري. هذا يؤكد بوضوح أن قريشا شرف العرب وزينه القبايل العربيه التي قال النبي ﷺ فيها خيار من خيار، هي من إبراهيم الخليل عليه السلام الموشي وزوج المرأه الكوشيه المباركه (هاجر) التي ولدت العرب الأصليين. فهذا إقرار مهم من صحابه رسول الله ﷺ وأهل بيته أن قريشا هي بطن (نبط) من بُطُون كوش (كوث). والنطق الصحيح لكوش هو كوس وتم ابدال السين شينا حسب النطق الإسرائيلي لها لتكتب كما ينطقها العبرانيون ويذكروهم في كتبهم المقدسه في التوراه والإنجيل. وقال المؤرخ الليبي الشهير المرحوم (علي فهمي خشيم) أن (نبط) هي (نبتة) السودانية عاصمة الكوشيين التاريخية، وقال المؤرخ اللبناني الشهير المرحوم (كمال الصليبي) أن كوث هي (كوش) السودانية، وأنها أحد اسماء القرى التي تأسست منها (مكة). وهذا الحديث النبوى يؤكد مليا بأن سيدنا إبراهيم علية الصلاة والسلام فهو نوبي كوشي من السودان مصر العليا.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق February, 10 2023
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة