السودانيون لا يشغلون أنفسهم بمتاهات "التنظير السياسي" ويهتمون أكثر بما يقوله "واقعهم السياسي"..
وواقعهم السياسي يقول إنهم يعيشون تحت نظام حكم لا معروف عسكريا أو مدنيا ونظام سياسى متقلب لا يضمن لهم الأمن والاستقرار وسلاسة انتقال الحكم دون عنف أو قلاقل أو ضجيج.. يعيشون في ظل نظام غير راسخ يتغير بتغير الرؤساء ويثبت في كل مرة خيبة ظنهم به (ويُكذب في كل مرة توقعات من يتنبأون بظهور بوادر إصلاح واستقرار سياسى حول الرئيس الجديد أو النظام الجديد )...
عدم قناعة السودانيون بنظامهم الحالى مستمدة من واقع سياسى معقد ومؤلم وغير مستقر وبدل أن يكون نظاما عماده الأمن والاستقرار مقابل اضطرابات وقلاقل يمر بها غيرهم.. واقعهم السياسي يؤكد أن نظام الحكم السودانى هو الذي دام دكتاتوريا وعسكريا وبقي والبقاء لله في حين ذهبت الأنظمة المدنية التى حكمت فترات قصيرة بدون رجعة..
السودانيون ليسوا جاهلين حتى بمحاسن الديموقراطية الغربية، ولكنهم يدركون أنهم يملكون واقعاً مؤلما ونظاماً يقدم لهم نتائج (سيئة وغير مضمونة).. فجميعهم ولدوا وعاشوا تحت أنظمة عسكرية حانٍ يعتبرونه ميزة سيئة وآخرين يعتبرونه ميزة ومكسبا و لهم ولأبنائهم.. يعرفون أن زعماء الدول المتقدمة يفوزون على أساس وعود انتخابية قد لا تنفذ لأسباب كثيرة (من أهمها عدم خبرة الحاكم الجديد أو عدم مروره بهذه التجربة من قبل)، وفي المقابل يملكون هم رجالاً امتهنوا الفساد منذ صغرهم، وتقلدوا مناصب تطورت حولهم، وأصبحت لهم مخرجات شفهية (لا وعود واقعية) يعرفها الجميع..
.......لا يحتاج السودانيون لمراجعة سيرة البرهان، أو حميدتي ، أو جبريل أو مناوي أو ياسر عرمان أو عقار أو الميرغني أو قادة الأحزاب المدنية للتأكد من تمتعهم بالخبرة والتجربة التي تؤهلهم لمناصبهم الحالية.. يدركون أنهم لا يحتاجون لفترات قلاقل وفتن كي يحظوا بنظام مستقر أو حاكم يرتضيه الجميع.. يعرفون أكثر من غيرهم أن تداول السلطة لا يحصل فقط على أساس الانقلابات والمؤامرات والدسائس (كما يعتقد معظم المراقبين في الخارج) بل على أساس الكفاءة والترشيح للمنصب عبر بوابة التصويت (وليس أدل على ذلك من تعيين الدكتور عبدالله حمدوك في منصبه السابق رغم الأوضاع الغير مستقرة وقتها واتفاق الجميع عليه)..........
باختصار شديد؛
واقعنا السياسي هو ما يجعلنا لسنا متمسكين بنظام عسكري أو حركات مسلحة لا تدمج قواتها بالجيش أو مدنيين يقتاتون من موائد السفارات والمنظمات والدول المعادية للسودان وليس حكومات لا تتجاوز في كل مرة القلاقل والفتن التى تعصف بالبلد.. وحين يختار السودانيون عبر صناديق الإقتراع رجلا أو إمرأة زعيماً للبلاد ورجلا أو إمرأة رئيسا للوزرا فإننا ببساطة نختار نظاماً مستقرا، وواقعاً آمناً، ومستقبلاً زاهراً لأبنائنا وأحفادنا من بعدنا...
عثمان قسم السيد
osmanalsaed145@gmail com عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق January, 12 2023
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة