بسم الله وبحمده جاء في الاحاديث الصحيحة: (لقنوا موتاكم لا إله إلا الله) و يعتقد كثير من العلماء ان ذلك يكون عند الاحتضار اي في وقت الغرغرة عند خروج الروح من الجسد ولكن هناك اشكالا كبيرا: لأن المرء عندما يصل الي تلك المرحلة لا تقبل منه توبة ولا ايمان ففي سورة النساء: (إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب ... وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار) فالتوبة تقبل كما جاء في الآيات اذا كانت (من قريب) ولذلك لا تقبل توبة الكافر وكذلك لا يقبل ايمانه بالله لانه (من مكان بعيد) كما في سورة سبأ: (وقالوا آمنا به، وأني لهم التناوش من مكان بعيد) و(التناوش) من الفعل (ناش) وهو عندنا في لغتنا الدارجة وهو بمعني اصابة الشيء من مسافة بعيدة ويصبح المعني: ان الكفار لا يمكن ان يحصلوا علي توبة مما فعلوه في الدنيا وهم في الآخرة لأنها (مكان بعيد) فما ابعد المسافة بين الدنيا والآخرة وكذلك فأن التوبة والايمان لا ينفعان عند الاحتضار وهناك سبب لذلك فكما جاء في تفسير "روح البيان": "السبب فى عدم قبول التوبة عند الاحتضار انا مكلفون بالأيمان الغيبي لقوله تعالى: (الذين يؤمنون بالغيب) وفى ذلك الوقت يكون الغيب عيانا" فعند الموت يكون المرء قد شاهد ما يجعله يدرك ان الله حق كما حدث لفرعون حينما نطق بالشهادة ولكن قيل له: (آلْآنَ) فكما قلنا عندئذ لا تفيد توبة ولا ايمان ولذلك فإن تلقين الأموات الشهادة في مثل الوقت الذي نطقها فيه فرعون لا يفيد مع ان فرعون نطقها بنفسه ولم تلقن له فلا بد ان نعيد النظر في حديث التلقين. اذا اخذنا مثالا: شخص يريد ان يجري عملية جراحية خطرة هل ننتظر حتي يخبرنا الطبيب ان الجراحة فشلت وان المريض يحتضر فنذهب لتلقينه ام نذكره او يذكر نفسه قبل دخول غرفة العمليات فهنا هو واعي يدري ما يقول ولذا ينتفع بالشهادة فالموت لم يحضره بعد جاء في مسند أحمد عن أنس، أن النبي (ص) دخل على رجل من بني النجار يعوده، فقال له رسول الله (ص): (يا خال، قل: لا إله إلا الله) فقال: أو خال أنا أو عم؟ فقال النبي (ص): (لا بل خال)، فقال له: (قل: لا إله إلا هو)، قال: خير لي؟ قال: (نعم) فهنا الرسول (ص) لقن الرجل الشهادة والرجل يبدو من حواره مع الرسول انه كان واعيا لم يدركه الموت بعد وهو ينتفع بذلك التلقين بلا شك فمن حديث الرسول نفهم ان التلقين يكون للمريض الذي يخشي هلاكه فيذكّر بالشهادة وهو في كامل وعيه. ولكن هل تنطبق عبارة (لقنوا موتاكم) علي المريض؟ في رواية اخري للحديث جاء لفظ (هلكاكم) بدل موتاكم والمرض مظنة الهلاك مثله مثل السفر بعض الناس يودعون مسافريهم بتلقينهم الشهادة: يقول احدهم للمسافر: "لا اله الا الله محمد رسول الله" فيرد عليه: "لا اله الا الله محمد رسول الله" والفعل (لقن) بمعني أخذ اللفظ مشافهة وكذلك يأتي بمعني (فهم) او (عقل) ويكون المعني ان نأخذ الشهادة بتعقل وليس تلفظ فقط وبعبارة اخري: ان نعي لما نقول او ان نقولها بكامل وعينا لماذا لا يذكّرنا من يعودونا في المرض بأن ننطق الشهادة علي وعي منا لان المريض يكون مشغولا بمرضه حتي نجدد ايماننا فربما نطق المرء بكلمة او خطرت له خاطرة لا تليق بالإسلام والظاهر ان حديث التلقين يدور حول معني اية: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) [آل عمران: 102] ويؤيد ذلك ما اخرجه مسلم من حديث عثمان: (من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة) فنحن نذكّر من نظن بهم الهلكة بحقيقة لا اله الا الله محمد رسول الله حتي يموتوا علي ملة الاسلام المسافر والمريض ونذكّر انفسنا بها عند النوم وعندما يحدث للناس فقد لإعزائهم حتي لا يقولوا ما لا يرضي الله وحتي يثبتوا علي الايمان وبدلا من ان نقول للمريض "لا بأس عليك" نقول له كما قال الرسول (ص) للرجل ونكررها حتي يقولها عن وعي منه - لا اله الا الله محمد رسول الله + لا اله الا الله محمد رسول الله ------ اما التلقين بمفهومه القديم فإنه يدخل الناس في مشاكل كثيرة فانت تحاول ان تتواصل مع شخص غير واعي وهو يعاني سكرات الموت و(الفيه مكفيه) والأمر بالتلقين هو في النهاية أمر ندب وهذا ما عليه جمهور العلماء، وحتي ان لبعض العلماء رأي مخالف وهو ان التلقين يكون بعد الدفن قياسا علي حديث: (اقرءوا على موتاكم يس) كذلك فإن العلماء مختلفون في طريقة التلقين: هل تردد علي مسامعه ام يؤمر بقولها امرا: فالألباني يتشدد في الأمر: قال في "احكام الجنائز": "وليس التلقين ذكرالشهادة بحضرة الميت وتسميعها إياه، بل هو أمره بأن يقولها خلافا لما يظن البعض" ولكن جاء في تحفة الأحوذي لعبد الرحمن المباركفوري: "والأمر بهذا التلقين أمر ندب ... وكرهوا الإكثار عليه والموالاة لئلا يضجر بضيق حاله وشدة كربه فيكره ذلك بقلبه أو يتكلم بما لا يليق"!!! اذن فهناك تخوف من ان يأتي التلقين بنتيجة عكسية!! ففي شرح رياض الصالحين لمحمد صالح العثيمين: "قال العلماء: فيلقنه برفق لا يأمره لا يقل قل لا إله إلا الله لأنه ربما إذا قال له قل لا إله إلا الله وهو في هذه الحال قد ضاق صدره وقد ضاقت عليه الدنيا فيقول لا"!!! --- حديث مسلم عن عثمان: (من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله، دخل الجنة) هو الاقرب الي توضيح آية آل عمران: 102 ولكن حديث (لقنوا موتاكم) لا يستبعد ان يكون قد حدث له قلب فهناك رواية اخري تحمل نفس المعني وهي ما اخرجه البيهقي في شعب الإيمان: عن ابن عباس، عن النبي (ص) قال: (افتحوا على صبيانكم أول كلمة بلا إله إلا الله) فلا يستبعد ان يكون الحديث في الاصل: (لقنوا صبيانكم لا اله الا الله) اليس هو نفس المعني؟ ----- مواضيع ذات صلة: من عجائب القرآن: حقيقة الساعة وزلزلتها واشراطها والقبر https://sudaneseonline.com/board/505/msg/1663094307.html
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق September, 20 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
محمد الصادق
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست