فقدت الحياة في السودان كل مقوماتها ، عندما أصبح السياسيون بلا شرف ، في زمن أصبح الكذب فيه هو اللغة الرسمية ، رفعت الغيرة وانتهى دور الوطن والوطنية. فكيف لك أن تكون وطنياً في بلد يحكمه القتلة والمجرمون واللصوص والمستبدون، الوطنية الحقيقية لا تنمو وتزدهر لتثمر أمنا واستقرارا ورخاء، إلا إذا تنفست نسائم الحرية، وكانت عامرة بالأحرار والشرفاء في ظل الديمقراطية والحكم الرشيد، صدق الفيلسوف جالينوس حين قال: "يتروح العليل بنسيم أرضه، كما تتروح الأرض الجدبة ببلل المطر . الطغاة لا يصنعون وطن ولا أناساً وطنيا ، بل يصنعون منافقين وكذابين .
استبشر الشعب السوداني خيراً عندما أعلنت اللجنة الأمنية التحفظ علي الرئيس السابق عمر البشير ، وتوقع كثيرون أنّ ذلك سينهي سنوات الظلم والقتل والتشريد معتبرين التناغم بين المجلس العسكري (اللجنة الأمنية لنظام البشير ) وقوة الحرية والتغيير فرصةً كبيرةً لتحقيق أهداف الثورة بقيام دولة مدنية ، وعلقت آمال كبيرة على القحاتة ورئيس وزرائهم حمدوك .
بيد أنّ شهر العسل بين العسكر والقحاتة لم يدم طويلاً ، إذ يبدو أن الشرخ الذي أحدثه سلام جوبا أعمق من أن يلتئم بمجرد الانقلاب ، فضلاً عن تورّط أطرافٍ إقليميةٍ ودوليةٍ كثيرة في زيادة تعقد المشهد السوداني، الأمر الذي أفضى إلى عراقيل ومصاعب كثيرة واجهت الانقلابين منذ الشهر الأول لتشكيل حكومة .
والجدير بالذكر أن دعاة الانقلاب والمطالبين بتصحيح المسار أصبحوا اليوم يبحثون عن العودة قبل الانقلاب في ظل فشل الانقلابين في تنفيذ وعودهم ،
وعلى كل حال، لم يعد الصراع بين الحاضنة الجديدة والحاضنة القديمة خافياً، فكل طرفٍ يلقي باللوم على الطرف الآخر في تعثر العملية السياسية. ويتضح ذلك الصراع من خلال الحوارات واللقاءات الصحافية والمرئية التي قام بها كل من الطرفين .
والخلاصة أن العلاقة بين العسكر والقحاتة لن تعود إلى ما كانت عليه من تفاهم عند منح الثقة، خصوصاً أن كل طرف حاول التمترس حول تحالفاتٍ تعزّز من موقفه، فتحالفَ العسكر مع موقعي سلام جوبا . أما القحاتة فأدركوا ، أخيراً، أنه يجب أن يتصالحوا مع الشعب الذي لفظهم .
خلاف واختلاف ظاهره تحسين ظروف المواطن ، والحد من معاناته، وعدم السماح بتقسيم البلد، وباطنه صراع على السلطة وعلى النفوذ، حتى وإن أدّى ذلك إلى تفتيت البلاد وتقسيمها فيما بينهم. وما بين هذا وذلك، يخوض جزء كبير من السودانيين معركة بقاء يومية في وجه الأزمات اللامتناهية ، يعيشون بدون كهرباء ساعات طويلة ولسان حال الجميع يردّد سؤالاً لا يعرف أحدٌ الإجابة عنه: ماذا يحدث في السودان، وإلى أين يسير؟
. عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق June, 05 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة