يتوهم مجرمو حرب الإبادة الجماعية في السودان ، بأن عمليّة جر بعض قادة الكفاح الأخشن إلى الداخل والإطباق على قواتهم داخل المدن أو الثكنات، وإسكاتهم بتلك المناصب الصورية، سيجفف منابعَ الثّورة، ويتيح لهم الفرصة للانقضاض على من تبقى من المواطنين المغضوب عليهم، ممن لم تحصدهم آلة التقتيل خلال موجة الابادة الجماعية الأولى، بلا أية مقاومة. يماثلهم في ذلك الوهم بعضُ قادة الكفاح المسلح المشاركين في الحكومة الحالية الذين ما انفكوا يركبون بحار التمني بأن إبعاد من يسمونهم ب(أربعة طويلة)، سيعقبه أمنٌ واستقرار ورخاء لم تشهد البلادُ له مثلاً.. ولم يتجرأ أحد على الخروج عن مسارهم، لأنهم -بزعمهم- هم المثل الأعلى لأية ثورة، مسلحة كانت أو سلمية. ومخطئٌ من يظن أن ما يجري الآن في مناطق متفرقة في دارفور ؛ من قتلٍ ونهب واغتصاب وحرقٍ وتهجيرٍ لعشرات من القرى؛ هو محض نزاعات قبلية، يمكن إطفاؤها بين عشية وضحاها من خلال جلسات صلحٍ بإشراف شخصيات رفيعة المستوى من هنا وهناك.. (يستثنى من ذلك ما جرى في غرب كردفان ). *إن ما شهدته مناطق جبل مون، وكولقي، ومنواشي ،وكرينك ،ومحيط معسكر زمزم للنازحين، وغيرها من المناطق في دارفور، وبهذه الوتيرة المتسارعة، وعلى أيدي ذات المليشيات البدوية المسلحة المعروفة محلياً وعالمياً ب"الجنجويد"؛ وفي ظلّ هذا الصمت المريب من قبل الحكومة الانتقالية بجميع مكوناتها وحتى النخب السياسية المركزية المعارضة ولجان المقاومة المركزية؛ يكشفُ بجلاءٍ نوايا اللجنة الأمنية الحاكمة حيال استمرارية الإبادة الجماعية في دارفور، ويؤكد ما ظللنا نحذر منه، من أن "القاتل في السودان واحد، لكن القتلى درجات"، و أن هذه الحكومة الحالية ما هي إلا امتداد لنظام المؤتمر الوطني المتواري.. وبالتالي فلا يمكن أن نتخيل أنها ستكون أفضل من سابقتها. * لكن الواقع أن الشعب السوداني في دارفور قد تعلم وأدرك وفهم ووعى الدرس جيداً بعد عقدين من المعاناة المتواصلة.. وعرف مخطط تجار الحرب وأمراءها وسماسرتها. وهي مرحلة متقدمة ستعقبها قفزة غير متوقعة، تربك حسابات القتلة والانتهازيين. لذلك آن الأوان لأن يتجه الجيل الجديد الواعي من شابات وشباب السودان بشكل عام والأقاليم المنكوبة بشكل خاص نحو بلورة رؤى نضالية جديدة متطورة، والاعلان صراحة عن تجاوز جميع القيادات الديناصورية القديمة التي أثبتت السنين الطوال فشلها وضيق أفقها وسذاجة فكرها وبطء قرائتها وفهمها للواقع المحيط، بجانب غطرستها الفارغة، و توهمها بأن حواء السودان لم تلد أوعى وأشجع وأنجب منها.. لابد من خلق جسم ثوري جديد يعيد ضبط المفهوم الثوري، بإضافة أدوات ومفردات جديدة لقاموس الثّورة في السودان من جهة؛ ووضع حد نهائي لمستذئبي لجنة أمن البشير الذين يستمرأون قتل المواطن السوداني في إقليم دارفور والخرطوم وغيرها من أجزاء السودان المترامية، بلا إلًّا ولا ذمة. ختاماً، اعتقد ان البلاد في حاجة ماسة لتلك الخطوة، اليوم قبل الغد، ولا وقت للمناكفات والمشاكسات والتفكير الضيق.. لأن القاتل ماضٍ في إبادة الجميع. ومع ذلك، نتمنى من قادة العسكر الذين بيدهم أمر أؤلئك الجنجويد ان يعودوا إلى رشدهم، بأن يمسكوا عليهم كلابهم المنتشرة الآن في إقليم دارفور، قبل أن يضطر أبناء هذا الشعب العظيم إلى انتهاج (الحل بالأسنان)، وحينها، ستمطر لكم دماً وناراً تلظّى، بدل (الحصو والأغبرة).
15 ديسمبر 2021 أقلام متحدة
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 12/14/2021
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة