الجدل الذي يدور وسط السودانيين حول ما يعتبرونه"معضلة الهوية" خاصة الذين يعيشون في مجتمعات متعددة الأعراق والثقافات قامت نهضتها على الانسجام والتناغم بين مختلف مكوناتها وأصولها رغم وجود بعض العناصر العنصرية المتخلفة عن ركب التعايش السلمي جدل عقيم لا معنى له. هذا الجدل العقيم ذكرني ما كتبته في صفحة "صور وألوان" في الرأي العام الأصل - إذا صح التعبير - عندما كان رئيس تحريرها مؤسسها الراحل المقيم الأستاذ اسماعيل العتباني عليه رحمة الله ورضوانه وكان يشرف على تحريرصور وألوان المعلم التربوي الأنثروبولوجي بالفطرة الكاتب الصحفي الأستاذ حسن نجيلة رحمة الله عليه. وقتها كنت طالباً بجامعة القاهرة بالخرطوم كتبت معبراً عن دهشتي من الذين يثيرون جدل الهوية السودامنية بين متعصب للإنتماء الأفريقي وبين متعصب للإنتماء العربي وتساءلت وقتها لماذا هذا الجدل الذي يفترض التعارض بين الإنتماء لأفرقيا وبين الإنتماء للعرب في قارة تحتضن في رحابها دولاً عربية وأخرى غير عربية، فيما تجمع الهوية السودانية في مكوناتها هذا الهجين العربي وغير العربي في تمازج وتعايش فريد رغم وجود بعض العصبية المقيتة لدى البعض. كان ذلك قبل أن يتسلط نظام الإنقاذ على حكم السودان على ظهر إنقلاب مدفوع من جبهة أيديولوجية دينية فشلت طوال سنوات حكمها في تنزيل مشروعها "الحضاري" على أرض الواقع كما فشلت في الحفاظ على وحدة السودان وتسببت سياساتها الاحادية في دفع السودانيين بالجنوب للإنحياز لخيار الإنفصال وأججت الفتن المجتمعية بين مكونات النسيج السوداني حتى بعد أن ظنت وبعض الظن جهل أن السودان أصبح خالياً لهم بعد أن تحلصوا من الذين كانوا يضطرونها ل"الدغمسة" العقدية حسب تعبيرهم. التاريخ شاهد على أوزار نظام الإنقاذ السياسية والإقتصادية والأمنية وأنهم تسببوا في تفاقم الفتن القبلية بعد ان تبنوا نزاعات أطلقوا عليها "بين العرب والزرقة" في دارفور التي كانت امنة تحتضن كل مكوناتها المجتمعية في سلام وتعايش ووئام. حتى بعد سقوط نظام حكمهم استمروا عبر مخلفاتهم من الفلول والمرتزقة في تأجيج الفتن المجتمعية ونسبتها لفشل الحكومة الانتقالية في بسط الأمن والاستقرار رغم علم الجميع بأنهم وراء هذه الفتن وأنهم خلف تقاعس الأجهزة الأمنية والشرطية عن أداء دورها المهني في محاصرة هذه الفتن واتفلتات الأمنية مع سبق الإصرار والتعمد. للأسف استمرت هذه المؤامرات المتعمدة المدعومة بالفلول والمرتزقة والمليشيات والقوات التي صنعوها إبان حكمهم البائد، و تقوت وتضخمت أطماعها كما حدث مؤخراً في شرق السودان وفي دارفور حتى لم تعد هذه النزاعات والتفلتات والجرائم جهوية أو قبلية إنما أصبحت نزاعات مصالح وأطماع قوات ليس من مصلحة مؤججيها الانتقال للحكم المدني الديمقراطي الذي يهدف لاسترداد الديمقراطية وتحقيق السلام وبسط العدل ومحاكمة المجرمين والفاسدين واسترداد الأموال التي نهبوها ومازالوا ينهبونها فيما أجمع الشعب بكل ألوان طيفه السياسي والمهني والمجتمعي في كل ربوع السودان حتى في المناطق التي يدعي بعضهم أنهم يدافعون عن مصالحها وتوحدت الإرادة الشعبية ضد نظام حكمهم وإجرامهم وفسادهم.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 12/14/2021
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة