في يوم الجمعة الثلاثين من يونيو عام 89 ظهر العميد عمر حسن البشير في التلفزيون السوداني وأعلن إنقلاب الإنقاذ على الحكم المدني بقيادة المرحوم السيد الصادق المهدي ، نفى البشير صلته بالأحزاب السياسية و برر الخطوة التي قام بها بأنه تلبيةً لنداء الوطن ومحاربة الفساد وصنع السلام ودعم الجيش ومحاربة التغلغل الإسرائيلي داخل القارة الأفريقية ، كانت حكومة البشير جاهزة ، أيدت مصر الإنقلاب منذ لحظة الإعلان ودعمته وزار حسني مبارك السودان وهنأ الإنقلابيين على نجاح خطوتهم .. في ذلك الزمان ، بحكم الثنائية القطبية ، لم يجد الإنقلاب إدانة من اي طرف دولي ، والتحريض الذي مارسته الجبهة الإسلامية على حكومة الصادق المهدي جعل الشعب السوداني يقبل فكرة الإنقلاب ، لم يكن كل قادة الإنقلاب ينتمون للجبهة الإسلامية ، وربما هذا يعطي التفسير المناسب بأن الخدعة قد إنطلت على الجميع فلم يعترض رجل الشارع طالما أن الإنقلاب سوف يحل أزمة المعيشة ، وكان ذهاب الترابي إلى سجن كوبر قد أذهب مخاوف بعض الدول التي تخشى من تمدد حكم الإخوان ، ومن بين تلك الدول مصر ، وقادة الإنقلاب الجدد كما وصفهم الزبير محمد صالح هم مجرد ضباط وطنيون إستولوا على السلطة وذلك لمنع الراحل قرنق من الوصول إلى المتمة وشرب القهوة بالجنزبيل مع حرائر الجعليين ، لذلك كان النفس العنصري حاضراً منذ أول يوم ... و لا أعتقد اننا بصدد عقد مقارنة كاملة بين الرجلين البرهان والبشير ، فالبشير قاد إنقلاباً كلاسيكياً تطلب ضمان ولاء الجيش وتحييد بعض قادته سواء بالاستمالة أو التهديد ، أما البرهان فإنه لم يواجه هذه المشكلة ، فهو قد ضمن ولاء الجيش عن طريق التمكين وكسب ولاء الضباط بشرائهم عن طريق المشاركة في حرب اليمن ، وقبل الإنقلاب بأسبوع صرف البرهان للضباط الجيش مواد تموينية تكفيهم لمدة ثلاثة أشهر ، ووعدهم بالكثير من المزايا في حالة سيطرة العسكريين على الحكم ، فكان الإنقلاب ضد المكون المدني والذين كانوا في حالة (عراء أمني ) بسبب سحب الحراسات ، من أجل تنفيذ الإنقلاب سافر البرهان لمصر والإمارات بينما ذهب الرجل الثاني في قوات الدعم السريع إلى إسرائيل ، ولذلك يُعتبر إنقلاب الفريق برهان سابقة فريدة في تاريخ الإنقلابات في العالم العربي ، لأن معظم الإنقلابات التي قامت في ليبيا واليمن ومصر والعراق وسوريا كانت قد أستمدت شرعيتها من العداء لإسرائيل أو محاربتها . كانت الجبهة الإسلامية تقف من وراء إنقلاب البشير ، ورفدت للإنقلاب كوادرها من أمثال غازي صلاح الدين وأمين حسن عمر وغيرهم ولم يحدث فراغ في دواوين الدولة ، ولو راينا الذين وقفوا مع البرهان في إنقلابه من معتصمي (الموز) أو بعض قادة الحركات المسلحة أو (الشماسة ) الذين التقاهم في مكتبه في القيادة العامة تحت إسم لجان المقاومة ، من ذلك سوف نستبين بأنه لا توجد علاقة بين الرجلين سوى صفة الغدر بالشركاء ، البرهان قام بالإستيلاء على السلطة بسهولة وأودع كل المشاركين معه في الحكم في السجن ولكنه لم يكن يحمل في محفظته سوى أوراق دعم عربي إقليمي متأرجح ووعد من الدولة العبرية بأنها سوف تفتح له جنائن الدول الغربية في حالة سيطرته على الحكم ... البرهان إعتمد على الرؤية والخرافة للوصول إلى سدة الحكم ، فهو مثل الملك ماكبث في رواية شكسبير والذي قتل أقرب أصدقائه بسبب رؤية تنبأت بها فأوهمته بأنه سوف يكون ملكاً متوجاً.. مرت أكثر من عشرة أيام من الإنقلاب والازمة السودانية ضربت كل آفاق العالم ، لم يكن الفريق برهان المدفوع بالأحلام يتوقع ذلك ، توقع انها سوف تكون أزمة يوم واحد وينساها العالم .. لكن لماذا اهتم العالم خصيصاً بهذا الإنقلاب ووقف ضده ؟؟ وهذا سوف نجاوب عنه بعد نهاية الأزمة
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 11/03/2021
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة