قبل عشرين عاما كان الحدث الأهم هو انهيار ناطحتي السحاب بنيويورك، بفعل مهاجمتهما بطائرات مدنية ونتج عن ذلك حوالي 3 الف قتيل. المحللون السياسيون ظلوا يؤكدون ان ما قبل 11 سبتمبر يختلف كلية عما بعده. وفعلا خاضت امريكا حروب تحت مسمي "محاربة الارهاب" فغزت افغانستان ثم العراق، وربما كانت تخطط لغزو دول اخري، لكنها اعيقت بسبب تكلفة الحرب البشرية والمادية، كما ان الحربين لابد انهما "فشّتا" جزء كبير من غبينة الدولة العظمي.
في السابق كان الامريكان يعملون علي اطفاء الحرائق في الشرق الاوسط، لانها منطقة بترول وان اي زعزعة ستؤدي الي عدم استقرار سعر النفط، وكانت امريكا تعامل العرب كما لو كانوا ابناءها، فعندما غزا صدام الكويت كانت امريكا هي اول من تصدي له، ولم يهدأ لها بال الا عندما عاد الهدوء الي المنطقة، لكن تسعة عشر من الصبية العرب فعلوا فعلتهم، وهاجموا الاسد داخل عرينه، ومسّوا اعظم دولة في شرفها، فما كان من امريكا الا ان قلبت لنا ظهر المجنّ، كأنما اكتشفت اننا ابناء حرام، فتحول الحب الي كراهية واصبحت لو وجدتنا في النار تزيدنا حطبا.
امريكا كان يمكن ان تحسم مشاكل كثيرة في المنطقة العربية، بما لها من قوة ونفوذ لكن لم تكن لها مواقف ايجابية تليق بمكانتها في نزاعات مثل سوريا وليبيا واليمن وغيرها.
اثناء الصدمة الاولي خرجت ردود فعل متطرفة من جانب الامريكان، فالرئيس بوش تفوه بكلمة "الحرب الصليبية" وبعضهم تحدث عن اغراق الشرق الاوسط في "فوضي خلاقة" وعندما بدأت ثورات الربيع العربي أقرت مسؤولة امريكية انهم ظلّوا لفترة طويلة يدعمون الاستقرار علي حساب الديمقراطية، أي انهم كانوا يساندون الانظمة الشمولية، وفي وقت قريب ظنّ بعض السذج ان سياسة الرئيس ترمب مع العرب هي بسبب رعونة شخصيته، ولكن تلك السياسة حازت علي اعجاب ملايين الامريكان، حتي جعلت الرجل زعيما، فالرجل تعامل معنا باستهتار بالغ عندما قال انهم احق بما لدي العرب من فوائض اموال، ووصل به الامر الي أخذ ملايين الدولارات من دولة فقيرة مثل السودان، جعلت المواطنين بعدها يقفون شهورا طويلة في المخابز وطلمبات الوقود .
خلال عقدين من الزمان تبدلت احوال دول منطقتنا، فاكثر من ثلثي الدول يعاني حروبا وازمات سياسية واقتصادية، واصبحت الدول التي لديها شئ من الاستقرار تعد علي اصابع اليد الواحدة، وحتي هذه يخاف عليها من قنابل موقوتة قد تنفجر في اي لحظة.
تشابه الازمات في المنطقة جعلنا نربط بين ما يحدث بالداخل والخارج، فنحن مثلا كنا نظن انه بمجرد زوال النظام البائد سيأتي السلام والديمقراطية، ولكن نشعر احيانا كأننا نطارد سرابا، وكنّا مثلا نعدّ دولة تونس هي الاقرب الي تحقيق الديمقراطية لانها اول من انتفض ضد الديكتاتورية والشمولية، ولكنها الآن كأنما "عُمل لها عمل".
هل نحن اصلا شعوب همجية فوضوية لا تناسبنا الحرية والديمقراطية؟ وان ما تعانيه دولنا من قبليات وجهويات وتطرف ديني وصراعات مذهبية لا يمكن الجمع معه بين الاستقرار والنظام الحزبي التعددي؟ وهل علينا الا نطالب باي حرية او ديمقراطية لان اقصي امانينا يجب ان يكون مجرد الأمن والاستقرار؟!
عناوين مقالات بسودانيز اون لاين الان اليوم السبت الموافق 18/9/2021
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة