الزمان النصف الأخير من العام ٢٠٠١.. شقة صغيرة في حي الخالدية بأبوظبي ..جاء الشاعر حميد ضيفاً على مجموعة من أبناء منطقة نوري ..امتدت إقامته المرحب بها نحو ثلاثة أشهر..محدثي مهندس كان وقتها شاب جداً..قام في جوف الليل يبتغي قضاء حاجته..الشاعر النحيل منكفياً على وجهه في حالة سجود طويل..أشفق المهندس حينما طالت السجدة..تنفس الصعداء صاحب الدار حينما خرجت تكبيرة وقورة من جوف محمد حسن سالم حميد. قبلها زار محمد الحسن حميد المملكة العربية السعودية في رحلة وقف على بعض تفاصيلها رجل الأعمال صلاح إدريس..كان حميد في تلك الرحلة مرافقاً لابنة شقيقته التي جاءت في رحلة علاج..اختار حميد مدينة مكة المكرمة مقراً لإقامته ..الأقدار تخطف الشابة الصغيرة من بين يدي خالها العطوف..حينما توافد المعزون كان يواسيهم: إن الله اختار أن يقبض روحها في أحب البقاع لرسول الله..وإن الصلاة على جثمانها الطاهر كانت في البيت الحرام . في الخرطوم يجتمع نفر من أصدقاء الشاعر حميد..البند الرئيس والوحيد كان إقناع حميد بالزواج..المجموعة تجتمع برجل معروف ليساعدهم في تدبير نفقات المناسبة التي ستحشد الناس في بلدة نوري..يتم تدبير الميزانية كاملة ..حينما يعلم بالخبر يبتسم حميد ابتسامة ساخرة..يذهب الجميع في عيد جامع إلى البلدة الطيب أهلها..ينفق حميد كل المبلغ على ذوي الحاجات..ثم يرفق قائمة بأوجه الصرف وذلك من باب الشفافية. صديق عزيز كان يبحث عن حميد في أطراف الخرطوم..حينما يصل إلى عنوان بالحاج يوسف يجد أن العصفور قد طار إلى أم درمان ..حين يصل إلى هنالك يخبروه أنه اتجه نحو جنوب الخرطوم..حينما يلتقيه الصديق يقيده بهاتف أنيق ورقيق..الهدية كانت من باب إحكام التواصل ..تنجح الفكرة ..بعد أسابيع كانت صبية بدوية ترد على المكالمات ..أحدهم يتتبع القصة..الصبية البائسة تلتقي حميد في أطراف القرية..تطلب منه أن يهديها الهاتف..بلا تردد يمنحها الشاعر الشفيف الهاتف مصحوباً بشريحته..تبكي الفتاة الفقيرة ويبتسم الشاعر الشفيف. في ألمانيا يطلب من دكتور حاتم فضل الله أن يترجم بعضاً من أشعار حميد ..الأكاديمي السوداني الذي يجيد ثلاث لغات كان قد التقى بحميد في عطبرة الثانوية.. حينما يعجز حاتماً يستعين بآخرين ..في النهاية تفشل كل المجموعة لأن شعر حميد كان معطوناً بسودانوية غير قابلة للمقابلة والمقاربة . بصراحة ..لا أدري لماذا يصر الحزب الشيوعي على احتكار هذا المبدع الضخم ..انسحب الشيوعيون من حفل بمدينة مدني أنفقت عليه وزيرة الثقافة غير المنتمية للحزب الحاكم.. حميد كان أكبر من أن يكون حكراً على حزب أو حصراً على مجموعة..حميد كان زول سوداني وبس. assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة