صديقي وزميلي الأستاذ أسامة الحارث هاتفني يحثني على نشر فكرة خطرت في باله ، إستنبطها من تخصصه القانوني ومعايشته للواقع السوداني المُعاصر ، وهي تتعلق بقطاع التنمية العقارية في البلاد ، بإعتبارها بُعداً إستراتيجياً لشكل ومضمون التنمية القومية التي ينشدها الوطن ، من خلال إستهداف إنسانه عبر تمكينه من الحصول على حياة كريمة ومعقولة في مواصفاتها الأساسية حتى يكون قادراً على الوفاء والعطاء ، وبالنظر إلى ما تعانيه فئة الشباب اليوم من صعوبات وصلت حد الإستحالة في تقديرات حلولها الناجعة فيما يختص بالحصول على السكن المناسب بيئياً وادياً ، فإن الموضوع يستحق التفكر والإنتباه والإهتمام من جهات الإختصاص الرسمية ، هذا إن كان المُستهدف الأساسي للخطط العمرانية بالعاصمة والمدن الكبرى بالفعل يستقصد رفاهية وإستقرار المواطن السوداني الذي غُلِب على أمره في هذه البلاد التي إختلط حابلها بنابلها فصرنا لا نعلم أين الصواب وأين الخطأ ومَن المذموم فيها الفساد أم الصلاح ، تنحصر الفكرة في أن تُسن الضرائب العقارية من منظور عكسي يعتمد النسبة الضريبية الأعلى للأراضي الشاغرة والمتوسطة للهياكل العمرانية غير المكتملة ، ثم النسبة الأقل والتي يمكن أن تصل حد الإعفاء لسنوات محددة للأراضي التي يتم إعمارها ، وبذلك وحسب هذه التدابير السابق ذكرها فإن النتيجة الحتمية ستكون في صالح إنخفاض ومعقولية أسعار بيع وإستئجار العقارات في السودان والتي تجاوز إستفحال غلاءها الحالي أسعار العقارات في مدنٍ عالمية كلندن ، ليس لشيء غير ضمور خارطة الإستثمارات الحقيقية والتنموية في بلادنا بالقدر الذي أدى إلى تفضيل الناس (حبس) رؤوس أموالهم فيما إعتقدوا عبر العُرف والتقاليد أنه السبيل الأمثل للحفاظ على تلك الرساميل في حين أنها في الحقيقة واقعة خارج منظومة الحراك النقدي القومي وبالتالي لا تساهم أبداً في تحريك عجلة التنمية الوطنية ، هذ فضلاً عن ما يتعلَّق بعدم العدالة في توزيع الفرص على كافة المستحقين عبر المعايير المألوفة للحصول على موطيء قدم في مساقط رؤوسهم أومناطق إستقرارهم المعيشي والنفسي ، فعبر فرض الضريبة العقارية (عكسياً) كما بيَّنا سابقاً فإن أصحاب الأراضي الشاغرة المتناثرة في أصقاع العاصمة المختلفة بكل ما ينعكس من عدم إعمارها من سلبيات بيئية وأمنية مضطرون أن يذهبوا في إتجاهين أولهما البيع السريع إذا لم تتوفر الإمكانيات للإعمار وثانيهما المسارعة في الإعمار في حال توفر الإمكانيات ، وبالتالي سيخلق ذلك وفرة في العرض بلا شك ستؤدي إلى إنخفاض ملموس في أسعار بيع وإستئجار العقار في العاصمة والمدن الكبرى ، هذا فضلاً عن كون هذه الوفرة ستمثل فيها الدوافع الإستثمارية الحجم الأكبر والأمثل بالقدر الذي يوفِّر للباحثين عن سكن من الشباب خيارات أفضل وأسعار مناسبة من خلال تغيير الخارطة التقليدية لمفهوم السكن على المستوى الإجتماعي من البيوت المستقلة الأفقية إلى الوحدات المشتركة الرأسية ، طبعاً هذا بالإضافة إلى تفعيل الحِراك العام للتنمية العمرانية والإستثمار العقاري الذي أيضاً سيمثل مدخولاً مهماً لميزان الواردات الحكومية .. كما لا يفوتنا أن نشير إلى أن هذه النظرية الضريبية معمول بها في كثير من البلدان العالمية والإقليمية من بينها المملكة المغربية وقد كانت نتائجها باهرة ولا تخطئها عين .. أدعو صندوق التنمية العقارية وهيئة تعمير مدينة الخرطوم و مصلحة الأراضي إلى دراسة هذا المقترح والتمُعن فيه فربما بذلك إنفرجت كُربات الشباب وتحققت طموحاتهم وآمالهم .. شكراً أسامة الحارث.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة