مرافعتي عن “علمانية الدولة” في ملتقى نيروبي-مقال لرشا عوض

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-19-2024, 06:56 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-04-2017, 04:26 AM

زهير عثمان حمد
<aزهير عثمان حمد
تاريخ التسجيل: 08-07-2006
مجموع المشاركات: 8273

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مرافعتي عن “علمانية الدولة” في ملتقى نيروبي-مقال لرشا عوض

    03:26 AM March, 04 2017

    سودانيز اون لاين
    زهير عثمان حمد-السودان الخرطوم
    مكتبتى
    رابط مختصر

    انعقد “الملتقى السوداني حول علاقة الدين بالدولة” الذي نظمه “مشروع الفكر الديمقراطي” و”منتدى إيلاف للحوار والتنمية” في الفترة 23- 25 فبراير بنيروبي مواصلة لملتقيات سابقة جمعت “إسلاميين” و”علمانيين ومدنيين” في سياق التفاكر حول مستقبل العلاقة بين التيارين وبحث إمكانية توافقهما حول “مشروع وطني سوداني للسلام والتحول الديمقراطي” .

    فيما يلي نص مداخلتي في الملتقى، وهي عبارة عن تلخيص لموقفي الفكري في هذه القضية، مضافا إليها بعض الاستدراكات(العبارات التي تحتها خط لم تكن في نص المداخلة المقدمة في الملتقى)،:



    استحقاقات التوافق بين التيار العلماني وتيارات الإسلام السياسي

    مقدمة

    إن ما يعانيه السودان اليوم من أزمات مركبة يستوجب بناء رؤية سودانية توافقية قادرة على إيقاف حالة المفاصلات الحدية و الدموية على الصعيد السياسي والاجتماعي التي تمزق البلاد، و”علاقة الدين بالدولة” من القضايا الأساسية التي ينبغي استيعابها بجدية في “مشروع التوافق السوداني” الذي يجب ان ينتج عقدا اجتماعيا تتعايش بموجبه كل تعدديات السودان بسلام وفي ظل نظام سياسي مفتوح يمتلك قابلية التطور المطرد للدولة السودانية نحو استيفاء شروط الديمقراطية وحقوق الإنسان والتنمية البشرية والاقتصادية والعدالة الاجتماعية.

    ونظرا لأن “المشروع التوافقي” بطبيعته يقوم على التنازلات المتبادلة بين أطراف المعادلة السياسية، فإننا في قضية “علاقة الدين بالدولة” بالذات نجد أنفسنا أمام تعقيدات وصعوبات على المستوى الفكري والأخلاقي كذلك! إذ يبرز سؤال حول حدود وطبيعة التنازلات في قضية ذات طابع فكري وفلسفي، وهل التنازلات في هذه الحالة تكتيكية مؤقتة تفرضها إكراهات الواقع السياسي؟ أم انها تنازلات مترتبة على تطور فكري حاسم؟

    بلا شك يتطلب بناء قاعدة التوافق السوداني تطورات فكرية حاسمة ولا سيما في تيارات الإسلام السياسي بمدارسه السلفية والحركية المسيطرة على الدولة منذ 28 عاما وذات التأثير الكبير في الشارع عبر سيطرتها على التعليم والإعلام والاقتصاد، وبالطبع تحتاج التيارات العلمانية إلى تطورات فكرية ولا سيما في موضوع العلاقة بالديمقراطية.

    السودان وجدل “الدولة العلمانية” و”الدولة المدنية”

    السودان ما زال يكابد مخاض العبور إلى العصر الحديث بتوطين ثقافة الديمقراطية وحقوق الإنسان في البيئة الفكرية والسياسية ، في هذا الإطار نجد ان فكرة الدولة الوطنية او القطرية الحديثة ومفاهيم الديمقراطية وحقوق و المواطنة المتساوية، ما زالت تواجه إشكاليات كبيرة في المجتمع السوداني لا سيما في مرحلة صعود “الإسلام السياسي”.

    إنني أتبنى فكرة علمانية الدولة، بلا مواربة، واعتقد أن استخدام مصطلح “الدولة العلمانية” أفضل من استخدام مصطلح “الدولة المدنية”، لأن مصطلح الدولة المدنية أصبح يسبب بعض الارتباك والالتباس بسبب ان كثيرا من الذين يتمسكون به من الإسلامويين، يفعلون ذلك من منطلق التنصل من التزامات جوهرية يقتضيها مفهوم المواطنة في الدولة الديمقراطية الحديثة، مثلا، درج الإسلاميون في مصر وتونس والمغرب بعد ثورات الربيع العربي على ترديد عبارة خطيرة أو على الأقل”غير مطمئنة” من وجهة نظري، وهي “الدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية”، فإذا اخذنا في اعتبارنا حقيقة عدم وجود اتفاق بين التيارات الاسلاموية نفسها على مقتضيات هذه المرجعية الاسلامية، وإذا اخذنا في اعتبارنا ان بعض التيارات الاسلاموية تعلن في خطابها ان “المرجعية الإسلامية” لا تقبل بحقوق المواطنة الكاملة للنساء ولغير المسلمين، يتضح لنا حجم الالتباس والمأزق الذي يدخلنا فيه التهرب من التبني الصريح لفكرة”علمانية الدولة”. وهنا أتساءل كيف يمكن أن يكون الإسلام مرجعية للدولة؟ فالدولة هي مجموعة من المؤسسات القائمة لخدمة وظائف محددة، والدولة بطبيعتها، مفهوم تاريخي، متحرك، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتم وصفها بأي وصف ديني!، المسلمون على مر تاريخهم أقاموا عددا من الدول مختلفة كل الاختلاف عن بعضها البعض، فكل دولة أقامها المسلمون تعكس التجربة التاريخية الحضارية والمعطيات الاجتماعية والثقافية للمنطقة التي أقيمت فيها ، وتعبر عن الأشخاص المسلمين الذين أقاموها. فالدولة تجسيد لتجربة إنسانية، ولمعارف وخبرات إنسانية، وتعبير عن إرادة ومصالح وانحيازات إنسانية مهما حاول البعض انكار ذلك.

    على مستوى الفكر الإسلامي هنالك مراجعات جذرية لابد من القيام بها، حتى نتمكن من العبور إلى فكرة الدولة العلمانية الديمقراطية الحديثة، عبورا حاسما، وليس عبورا تكتيكيا يكون عرضة لانتكاسات متكررة في المستقبل، السؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق، هل من إمكانية لالتماس مشروعية ثقافية لعلمانية الدولة في المرجعية الإسلامية نفسها، في الثقافة أو في الفكر الإسلامي، أم لا ؟

    في اعتقادي هذا ممكن، ولكنه يحتاج لمخاض فكري كبير، هناك الكثير ممن خاضوا فيه ، أذكر على سبيل المثال لا الحصر، الدكتور عبد الله النعيم، الذي يطرح علمانية الدولة مع الاحتفاظ للمجتمعات المسلمة بكامل حقها في أن تكون متدينة وتتمثل قيمها الأخلاقية، في كل المجالات بما فيها السياسة، ولكن الدولة يجب أن تظل وأن تبقى علمانية بامتياز، بمعنى أن كل ما يطرح لإدارة الشأن العام في الدولة يجب أن يطرح انطلاقاً من مبررات موضوعية يستطيع التعاطي معها العقل العام، فعندما يطرح المشرعون في البرلمان قانوناً أو تشريعاً، يجب أن يطرح هذا التشريع أو ذاك القانون بمبررات يقبلها العقل العام، يستطيع التعاطي معها الشخص المسلم كما يستطيع التعاطي معها الشخص غير المسلم، ويستطيع التعاطي معها الشخص المسلم المختلف عن المسلم الآخر في التوجه الفكري والآيديولوجي، لأن الدولة ملكية مشتركة، بين مواطنين مختلفين في أديانهم وحتى المسلمين أنفسهم مختلفين في فهمهم للإسلام.

    علمانية الدولة من أجل المسلمين أنفسهم

    دائماً تطرح علمانية الدولة باعتبارها حلا للإشكال بين المسلمين وغير المسلمين، وفي تقديري، أرى أن الإشكال بين المسلمين أنفسهم أعمق بكثير من الإشكال بين المسلمين وغير المسلمين!، ففي طول العالم الإسلامي وعرضه هنالك جماعات إسلامية تعلن الجهاد على جماعات إسلامية أخرى، وبالرغم من ان شعارات الإسلام السياسي تطرح نفسها كأسطورة خلاصية، وتزعم ان الشعار الإسلامي هو الذي سيوحد المسلمين في كل العالم، وسيوحد المسلمين داخل الدولة الواحدة وسيكون مانعاً للفرقة بين المسلمين، ومانعاً للشتات، عندما نأتي إلى الواقع نجد العكس تماماً، الإسلام نفسه يمكن أن يكون عنصرا للاختلاف والخلاف، وتحديداً بين التيارات والأحزاب والمنظمات والجماعات الإسلامية نفسها، فإسلاميو السودان على سبيل المثال منقسمون إلى عدة تيارات رغم ادعاء كل تيار الانطلاق من ذات”المرجعية الإسلامية”، وفي طول العالم الإسلامي وعرضه نجد الاختلافات بين أصحاب “المرجعية الإسلامية” تصل درجة التكفير والاقتتال (الفصائل الأفغانية بعد الإطاحة بالنظام الشيوعي على سبيل المثال لا الحصر) أما التاريخ الإسلامي فحافل بالحروب الطاحنة بين المسلمين أنفسهم صراعا على السلطة السياسية ابتداء من معركة الجمل.

    لذلك لا بد من التمييز الصارم بين الإسلام (الدين المجرد) وبين “الإسلام السياسي”، الذي هو توجه سياسي من المشروع جداً الاختلاف معه، ومن المشروع جداً رفضه، ومن المشروع جداً تبني أطروحات مناقضة له، أما الدين الإسلامي فليس نحلة سياسية، بل هو ديننا جميعاً وكل منا يعبر عن تدينه ويعبر عن إسلامه بالطريقة التي يختارها، والطريقة التي يقتنع بها، في مناخ يكفل الحريات الدينية، والحريات العامة.

    علمانيتنا

    هنالك حديث عن أن العلمانية هي منتج غربي أفرزته احتياجات تخص المجتمعات الغربية، وان المجتمعات الإسلامية ليست في حاجة للعلمانية، لأن الإسلام ليست لديه مشكلة مع العلم، وليست لديه مشكلة مع حرية الفكر،.. وهكذا!،

    إذا كانت “العلمانية” منتجا غربيا، فالديمقراطية كذلك منتج غربي وهي ثمرة العلمانية، وكذلك “الاشتراكية” و”اللبرالية” ، بل إن “الدولة الوطنية” نفسها ومفهوم المواطنة كأساس للحقوق والواجبات مفاهيم غربية بامتياز فهل كل ما هو غربي يجب ان يكون مرفوضا؟ في تقديري ان التعبئة السالبة ضد “علمانية الدولة” ودمغها بالإلحاد ومعاداة الدين وانتهاك حرية المتدينين وحقوقهم بل وافتراض انها تعني تدخل الدولة في معتقدات الناس الدينية لإجبارهم على تركها أو تغييرها في اتجاه لفرض اللادينية في المجتمع، كل ذلك تضليل دوافعه سياسية محضة تتلخص في عزل التيارات المناهضة للإسلام السياسي، ولكن مثل هذا التضليل وجد أرضية خصبة وتمدد لسببين: الأول: تجاهل حقيقة أن التجربة العلمانية ظلت في تطور مستمر منذ عصر التنوير حتى الآن، ولم تتجمد في مرحلة الدور الكفاحي لهيمنة المؤسسة الكنسية ووطأتها الثقيلة على مختلف مجالات الحياة، حيث استقرت العلمانية في مختلف نماذجها المرجعية المعاصرة على انها “فصل الدين عن الدولة” بحيث تكون مؤسسات الدولة محايدة دينيا، وتؤدي وظائفها المتعلقة بمعاش المواطنين وأمنهم ومصالحهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية استنادا إلى العقل والعلم والتجارب المحسوسة وليس العقائد الدينية، أما أمر الدين فهو متروك للمواطنين يمارسونه كيفما شاؤوا أفرادا ومؤسسات، فلا تتدخل الدولة في فرض أي معتقد ديني ولا تمنح امتيازات لأي مجموعة من المواطنين على أساس ديني، فهي فقط تحمي عبر قوانينها حرية الاعتقاد لجميع المواطنين وتجرم الاضطهاد الديني، هذا هو شأن علاقة الدين بالدولة في “الدول العلمانية الديمقراطية المعاصرة”، حيث انتصرت ثقافة حقوق الإنسان وانهزم النموذج العلماني المعادي للدين الذي جعل الدولة تتجاوز حدود وظائفها وتتدخل في معتقدات الناس انطلاقا من آيدولوجيات تجرم الدين من حيث هو، كما كان الحال في الاتحاد السوفيتي السابق والدول الدائرة في فلكه.

    ما نشهده في الراهن المعاصر من نماذج تطبيقية منبثقة عن “العلمانية” بالتأكيد له عمقه الفلسفي وأبعاده المعرفية وخصوصياته التاريخية والاجتماعية والثقافية المتعددة سواء في السياق الأوروبي أو السياقات المتأثرة به عبر العالم، ولذلك كل مجتمع بشري، من حيث هو مجتمع بشري ومن حيث هو مجتمع إنساني يحتاج إلى أن ينتج عقلانيته الخاصة، ويحتاج الى أن ينتج علمانيته الخاصة، أيضاً، تأسيسا على تفاعلاته الفكرية والثقافية على مسرحه الخاص، بدلا من الادعاء العريض بعدم احتياجنا لتجربة علمانية أصلا، فليس صحيحا أن التوترات بين العقل والنقل والعقل واللاعقل غير موجودة في حضارتنا، وهنا دعوني أضرب مثلا بالفيلسوف الإسلامي “ابن رشد” الذي غادر المنطقة العربية الإسلامية محصوبا بالحجارة وطرد من المسجد، واتهم بأنه كافر، وأنه خارج عن ملة الإسلام!، بسبب مؤلفه “فصل المقال فيما بين الشريعة والحكمة من الاتصال”!، والذي تلقف ابن رشد هي أوروبا الناهضة! التي احتضنت فكره العقلاني الذي كان له دوره في الحضارة الإنسانية.

    أما واقعنا المعاصر فهو حافل بنماذج الاستبداد الغليظ والإرهاب الفكري والديني، والفكر الكهنوتي المعادي للحرية وللعلم والمعرفة الذي يزعم لنفسه قدسية دينية

    حتى نستطيع العبور إلى العصر الحديث لا يكفي رفع شعار علمانية الدولة، بل نحتاج إلى مخاض فكري كبير، وإلى إصلاح ديني، يجعل ضمن أهدافه بلورة كيفية جديدة للتعبير عن التدين!، يجب أن يكون هنالك مشروعا فكريا وثقافيا يؤسس لفكرة قبول المسلمين المتدينين ل”علمانية الدولة”، والتعبير عن تدينهم دون فرض الوصاية على جهاز الدولة، ودون استغلال الدين لتحقيق المكاسب السياسية الآنية، باعتبار ان ذلك في مصلحة الدين والدولة معا.



    العلمانيون والإسلامويون: مخاوف متبادلة:

    تيار الإسلام السياسي في السودان لم يتعرض للقهر والإقصاء الذي تعرضت له التيارات المماثلة في مناطق مختلفة من العالم الإسلامي، بل هو التيار الوحيد من بينها الذي انفرد بالحكم لأكثر من ربع قرن ومارس إقصاء ممنهجا ودمويا للتيارات الأخرى مما يجعل “معادلة المخاوف” في السودان مختلفة عنها في الدول الأخرى إذ أن “الدولة العميقة” في السودان” إسلاموية، والتيار المهيمن وصاحب السجل الحافل بالانتهاكات هو تيار الإسلام السياسي، ولكن رغم ذلك فإن الخطاب الآيدولوجي له يركز على التخويف من “علمانية الدولة” باعتبارها تعني الحرب على الدين من حيث هو والعدوان على المتدينين واضطهادهم ومصادرة الحقوق والحريات من أتباع الإسلام السياسي استنادا إلى تجارب في المنطقة العربية والإسلامية!

    وباتت مثل هذه المخاوف كامنة في عقول كثير من المتدينين، ومن ثم لا بد من مخاطبتها بجدية وبروح تسعى إلى التوافق، وتسعى إلى هزيمة النزعة الإقصائية بين طرفي معادلة الصراع الإسلامي العلماني.

    وكما أن العلمانيين مطالبون بطمأنة مخاوف الإسلامويين، على الإسلامويين كذلك، طمأنة مخاوف العلمانيين والاقليات الدينية بطرح خطاب واضح في الموقف من علمانية الدولة وحقوق الانسان وحقوق المرأة وحقوق غير المسلمين ، وحرية الضمير.

    وفي هذا الإطار لا بد من الإشارة هنا إلى مفهوم ملتبس لدى كثير من الجماعات الإسلاموية حول فكرة “الأغلبية والأقلية” في النظام الديمقراطي، الالتباس يكمن في ان هذه الجماعات تظن ان الأغلبية من حقها ان تقرر في كل شيء، وان الديمقراطية ما هي إلا “حكم الأغلبية” وهذه فكرة مغلوطة وناقصة عن الديمقراطية، فهناك حقوق مواطنة وحقوق دستورية ومبادئ وقيم تشكل روح وجوهر الديمقراطية، وهذه الامور ليس من حق الاغلبية إلغاؤها!

    فالجماعات الإسلامية التي تدعو لإقامة دول إسلامية في العالم الإسلامي بحجة ان المسلمين أغلبية في هذه الدول، عليهم ان يفكروا بمصير الأقليات المسلمة التي تعيش في مختلف أنحاء العالم ويبلغ تعدادها مئات الملايين! مثلا ماذا سيكون مصير مائة وعشرين مليون مسلم في الهند لو أن الأغلبية الهندوسية هناك قررت ان تلغي علمانية الدولة الهندية وتقيم دولة هندوسية تضطهد المسلمين استنادا الى منطق ان الأغلبية من حقها ان تخضع الدولة لدينها؟ وهذا سؤال أخلاقي مطروح على الفكر الإسلامي، هل من الاتساق الفكري ان نطالب بعلمانية الدولة حيث يكون المسلمون أقلية، ونرفض علمانية الدولة حيث يكون المسلمون أغلبية؟

    من ضمن الامور التي نحتاج للتوافق حولها ان هنالك حقوق سياسية وحريات أساسية يجب ان لا تخضع لمنطق الأغلبية والأقلية، فهي حقوق دستورية، يجب التوافق عليها، حتى نضمن أن يكون هنالك تعايشا سلميا بين التيارات المختلفة، سياسياً وفكريا ودينياً وعرقيا.

    الصدام ليس حتميا والتوافق ليس مجانيا:

    هل الصدام حتمي بين الإسلامويين والعلمانيين؟، أم هناك فرصة لبناء توافقات وطنية؟

    في اعتقادي الشخصي، هناك فرصة لبناء توافقات وطنية، ولكن هذه الفرصة مشروطة بشروط لابد من استيفائها في التيارات السياسية والآيدلوجية الرئيسية المكونة للتيار العلماني، والمكونة لتيار”الإسلام السياسي”، على حد سواء.

    1) بالنسبة للتيارات العلمانية:

    أولاً: لا بد من نقد ذاتي للمنطلقات النظرية لمختلف التيارات العلمانية في السودان التي لم تكن الديمقراطية فكرة مركزية وجوهرية في مرجعياتها ومن نماذج ذلك في التجربة السودانية ما فعله “حزب البعث السوداني” بقيادة الراحل الاستاذ محمد علي جادين وعبد العزيز حسين الصاوي، إذ كانت هذه التجربة جريئة في الاعتراف بمعوقات الديمقراطية في حزب البعث وجريئة في تسجيل موقف ناقد للممارسات القمعية للحزب في العراق وسوريا، فالاتساق الأخلاقي والفكري مطلوب من كل التيارات لتعزيز الثقة.

    ثانيا: طمأنة مخاوف المتدينين في المجتمع سواء كانوا مسيسين أو غير مسيسين بأن النظام العلماني يحترم الدين والتدين والمتدينين، ويحترم ممارساتهم الدينية وشعائرهم الدينية، كجزء من احترامه لحقوق المواطن، وهذا يستوجب نقداً صريحا لممارسات بعض النظم العلمانية التي كانت تتحرش بالتدين الشخصي وتستفز مشاعر المتدينين وتعتدي على حرية المعتقد..

    ثالثاً: تأكيد أن الفصل الصارم بين الدين والدولة لا يعني الفصل بين الدين ووجدان المجتمع في أي حال من الأحوال، فالدين يظل رافدا أساسيا في تشكيل الوجدان والضمير الأخلاقي والهوية الثقافية.

    2) بالنسبة للتيارات الإسلامية:

    أولاً: لابد من حسم الموقف بوضوح من مسألة الديمقراطية، بدون مواربة أو غموض أو التباس، وكذلك حسم الموقف من حقوق المواطنة، والدولة القطرية الحديثة، وحقوق الإنسان العالمية، كما أقرتها المواثيق والمعاهدات الدولية وعلى رأسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بشكل يتجاوز العموميات ويناقش المآزق النظرية الحقيقية الكامنة في الخطاب الإسلاموي وتتعارض مع هذه المفردات.

    على سبيل المثال، حقوق المرأة ومساواتها مع الرجل، وحقها في التعليم والعمل، حد الردة، الموقف من قيادة غير المسلم للدولة ذات الأغلبية المسلمة، وهذا يحتاج إلى جهد نظري وفكري ولا يحتاج إلى التزامات مجانية لا تناقش المعوقات الحقيقية لمثل هذه الحقوق الأساسية للمواطن في المرجعيات الفكرية للإسلام السياسي.

    ثانيا: يجب أن نتفق على أنه لا توجد سلطة وصية على البرلمان المنتخب، بمعنى لا تغّول من قبل أية سلطة دينية على ممثلي الشعب في البرلمان، وبالتالي، يجب أن يتراجع خطاب الإرهاب الفكري باسم “الشريعة الإسلامية”، وان هذا القانون أو ذاك، وهذا التشريع أو ذاك، يتعارض مع الدين، ويجب أن يكون النقاش حول القوانين وحول التشريعات، نقاشاً موضوعيا وجاداً وواضحاً لأن البرلمانات المنتخبة بطبيعتها تشرع لأمور ذات طابع نسبي ومتحرك في إدارة الحياة العامة، فهي لا تشرع للصلاة والصوم أو الزكاة أو الحج، وغير ذلك من الأمور الدينية.

    ثالثاً: يجب على التيارات الإسلاموية، الكف عن السعي للمشاريع الاستيطانية في السلطة، حتى وان فازت هذه التيارات بأغلبية برلمانية في الانتخابات. بالطبع من حق كل تيار أن يسعى لتجديد التفويض الانتخابي له بالوسائل المشروعة، ولكن ليس من حق أي تيار سياسي بأن يحول التفويض الانتخابي المؤقت إلى تفويض مستدام، عبر أسلمة الدولة، وعبر الإحلال والإبدال في الخدمة المدنية، وعبر التغّول على استقلال القضاء، وعبر تشريع قوانين تقيد حرية التعبير وحرية الرأي وحرية التنظيم ، وحرية الإعلام، وتحصنْ السلطة المنتخبة من مساءلة السلطة القضائية، ومن النقد العلني للأخطاء التي يرتكبها التيار الفائز بالانتخابات أثناء ممارسته للسلطة، لأن هذه المفردات هي أوكسجين الحياة الديمقراطية، فليس من حق أي تيار علماني، أو إسلامي، وإن حصل على الأغلبية البرلمانية عبر الانتخابات، استخدام مثل هذه الوسائل لتحويل التفويض المؤقت إلى تفويض مستدام، وهذا ما وقعت فيه بعض الحركات أو الجماعات الإسلامية أثناء ممارستها للسلطة في بعض دول الربيع العربي.

    هنالك منطقة يجب أن يشتغل فيها، المجتمع المدني ومؤسساته، والمثقفون لتهيئة المناخ في السودان لنمو “غرس الديمقراطية”، لأن هذا الغرس مغترب اغتراباً ثقافياً وفكرياً كبيراً عن السياق الثقافي للمجتمع، وفي هذا الصدد اقترح: السعي لتعميق الاستنارة عبر “الإصلاح التعليمي” والتنوير الفكري والثقافي، والإصلاح الديني، فلا يمكن أن تنمو بذرة الديمقراطية بدون استنارة، والاستنارة لا بد من أن تنتظم كل مفردات الحياة العامة في البلاد ، وأهم مجال يجب ان تشتغل فيه حركة الاستنارة هو التجديد الديني، فلا بد من دراسة مستنيرة للتراث الإسلامي، بهدف تحويل هذا التراث، إلى محفز للنهضة والتقدم والتطور والتنمية، بدلاً من الدور السلبي الذي يلعبه حالياً في تعويق الديمقراطية.

    هنالك أيضاً شيء في غاية الأهمية وهو أن يكون هنالك نوع من التواطؤ والتواثق غير المكتوب بين جميع التيارات العلمانية والإسلامية المختلفة على عدم التواطؤ بالصمت على انتهاكات حقوق الإنسان لأي تيار من التيارات السياسية والعقائدية. العلمانيون لا يجب أن يتواطؤا بالصمت ولا يجوز أن لا يقوموا بواجبهم في تعرية وفضح انتهاكات حقوق الإنسان التي يتعرض لها التيار الإسلاموي، وبنفس القدر يتوجب على التيار الإسلاموي أن يفعل ذات الشيء، لأن التيارات السياسية المختلفة، ومؤسسات المجتمع المدني والمثقفين، عليهم العمل على خلق بيئة معافاة من التطرف والصراعات، بيئة تصالحيه بين مختلف التيارات السياسية، لإعلاء الحساسية تجاه مسألة حقوق الإنسان، ومسألة الديمقراطية.

    خاتمة:

    رغم انتمائي للتيار العلماني، فإنني أطرح العلمانية بوصفها الإطار الأكفأ والأفضل لإدارة الدولة والوسيلة الأنجح في إدارة التعدد الديني والعرقي والثقافي والسياسي، ولكنني لا أطرحها “كأسطورة خلاصية”! فالعلمانية ليست الشرط اللازم والكافي بمفرده لأن يتحول المجتمع السوداني إلى مجتمع خال من الاستبداد والفساد ومصادرة الرأي الآخر، وانتهاك حقوق الإنسان الأساسية، يمكن في ظل العلمانية، ان ترتكب كل هذه الموبقات ولا سيما إذا لم تقترن العلمانية بالديمقراطية وسعت للوصاية المطلقة على المجتمع عبر نظم سياسية مغلقة.

    وعلى التيارات الإسلاموية كذلك أن تكف عن الحديث بمنطق “الأسطورة الخلاصية”، بمعنى أنه بمجرد أن يحكم “الإسلام السياسي” ستنتهي كل هذه الموبقات وستحل كل المشاكل ، لأن هذا التيار حكم لمدة ثمانية وعشرين عاما وكانت تجربته مأزومة وأنتجت الحروب المصحوبة بجرائم الحرب والإبادة الجماعية، والفساد والفشل وسقطت سقوطا مدويا بمختلف المعايير بما فيها المعيار الديني نفسه، إذا كان جوهر الدين من وجهة نظرها العدل والحرية وحسن تدبير حياة الناس.

    فتيار الإسلام السياسي في السودان واجباته لا تقتصر على المراجعات الفكرية فحسب، بل هو مطالب بخطوات عملية لإصحاح البيئة السياسية والقانونية في البلاد في اتجاه كفالة حقوق الإنسان وحرياته الأساسية وعلى رأسها حرية التعبير وحرية التنظيم لكل التيارات الفكرية والسياسية في البلاد كمدخل لفك احتكار الفضاء العام قرابة الثلاثة عقود.

    أخيرا وليس آخرا…على الجميع إسلامويين وعلمانيين، ان يتسموا بالتواضع ويعترف كل منهم بأنه يقدم إطارا للحل ومجرد اجتهادات للخروج من الأزمة الراهنة التي تمر بها البلاد بمختلف تجلياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ولكن ليس هناك تيار يمتلك “كل الحل” “وكل الحقيقة” و”كل المعرفة” و”كل الأخلاق” ! ومن ثم ليس من حق أي تيار أن يطالب “بكل السلطة” ..

                  

03-05-2017, 12:22 PM

على تاج الدين على
<aعلى تاج الدين على
تاريخ التسجيل: 10-25-2008
مجموع المشاركات: 2213

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مرافعتي عن “علمانية الدولة” في ملتقى نير (Re: زهير عثمان حمد)

    يدور جدل فى الفكر السياسى منذ زمن حول انماط العلاقة بين الدين والدولة اوبين الدين والسياسة...بين علمانيين واصوليين العلمانيون يطالبون بفك الارتباط بين الدين والسياسة كما هو بين فى اطروحة رشا عوض الله اعلاه ومن خلالها يفكرون فى المجال السياسى ويتمثلون نموذجا مرجعيا خارجيا..الدولة الحديثة التى نشات فى الفضاء الاوربى بمفهومها الدستورى وطبيعة العلاقة فيها بين الحكام والمحكومين على خلفية الافتراض القائل ان المجال السياسى والدولة جزء منه مجال زمنى على وجه الطبيعة والضرورة يقع بناؤه بالتواضع على قواعد ومبادئ وضعية غير مفارقة او متعالية دون الانتباه الى خصائص الدين ومكانته فى الحياة العامة..وتتغذى اطروحة الاصوليين فى النظر لمفهوم العلاقة بين الدين والدولة على افتراض ان العلاقة بينهما علاقة تلازم وتماهى عصية على اى شكل من اشكال الفصل بينهما وان السياسة باب من ابواب الشريعة وحرمة دينية ضد اى انتهاك وضعى ومن ثم يجب تطبيق الشريعة الاسلامية واقامة الدولة الاسلامية وكاننا امام دولة علمانية حقيقية على مثال الدولة الحديثة كما فى فرنسا والعلمانيون يذهبون الى وجوب اقامة الدولة على مقتضى العلمنة الشاملة وكاننا نعيش فى الدولة الدينية على مثال دولة الكنيسة التى اوجبت قيام نقيضها فى اوربا النهضة. ومن ثم نستطيع القول كلا الفريقين يفكران فى المجال السياسى تفكيرا لاتاريخيا او قل غير واقعى .بالنسبة لتشكل المجال السياسى فى الاسلام وبما ان الدولة جزء منه نطالع الحقائق الاتيةان النصوص الدينية لم ترسم شكلا محددا للنظام السياسى ولا حددت الية عمل الاجتماع السياسى للمسلمين وان المرجع الوحيد الذى فى حوزتنا هو تجربة النبوة فى دولة المدينة وتجربة الخلافة الراشدة فيما بعد اوما يسمى بالدولةالاسلامية التاريخية وكلا التجربتين لم تقم على اسس دينية باى من المعانى التى تفهم من عبارة الدولة الدينية اما خيار الدولة العلمانية المنشود اقامتها دعاتها يغفلون الحقائق التالية وهى مكانة الدين فى الحياة العامة حتى فى اوربا اين هى الدولة الثيوقراطية التى يحكم السودان من خلالها؟؟؟ هلا كلمتنا عن مؤسساتها الدستورية ذات المرجعية الدينية.وبالتالى ينبغى تحرير الدولة من كل اشكال المقدس ؟؟؟؟وهلا اخبرتنا اذا سلمنا بان استمرار تاثير العامل الدينى فى مجال السياسة والصراع السياسى هو سمة من سمات مجتمع متاخر..وعهدة ذلك على المقالة العلمانية. ..كيف نفسر الازدهارالكبير للفكرة الدينية فى الحياة السياسية فى الدول الحديثة الاكثر تقدما فى الغرب كيف نفسر انه ما زال فى وسع الاحزاب الديمقراطية المسيحية ان تفرض هيمنتها السياسية فى بعض البلاد الاوربية المتقدمة .. مثل المانيا وايطاليا...بل وان تستحصل رضا الشعب فى المنافسة الانتخابية فتستلم السلطة فى دول بلغت عراقة علمانيتها كل مبلغ....وكيف لنا ان نفسر نجاح المؤسسة الدينية المهزومة قبل قرون فى المعركة العلمانية (الكنيسة) فى الحاق هزيمة نكراء بالنظام الشيوعى فى بولندا....وكيف نفسر سطوة الكنيسة البروتستانتية على اوربا الشمالية وبريطانيا والولايات المتحدة ؟؟؟؟؟ ما الذى يقال امام كل هذا؟؟؟ليت نخب الحركة الشعبية يحسنون تهجى اشكالية الدين والدولة فى الفضاء العلمانى قبل الاسلامى.

    (عدل بواسطة على تاج الدين على on 03-05-2017, 12:28 PM)
    (عدل بواسطة على تاج الدين على on 03-05-2017, 12:41 PM)

                  

03-05-2017, 09:37 PM

على تاج الدين على
<aعلى تاج الدين على
تاريخ التسجيل: 10-25-2008
مجموع المشاركات: 2213

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مرافعتي عن “علمانية الدولة” في ملتقى نير (Re: على تاج الدين على)

    للدكتور..راشد الغنوشى نظر سياسى عميق لمفهوم المواطنة وارتباطه بالدولة القومية من جهة وبالديمقراطية من جهة اخرى
    مع أن المواطنة لم تكن دائما تعني المساواة في الحقوق مع اختلاف الثروة والجنس. فلقد ظل حق الانتخاب مقصورا على مالكي الأراضي والأرستقراطيين، ولم تستكمل المرأة نظريا -على الأقل- حقوق المواطنة مثل الانتخاب إلا في زمان متأخر، وإن ظلت -عمليا- ضحية التمييز في الأجر حتى أيامنا هذه. السؤال المهم هو: هل هذا الارتباط بين الدولة القومية والعلمانية والديمقراطية من جهة، والمواطنة من جهة أخرى هو من نوع الارتباط المفاهيمي الضروري كما يزعم البعض؟ أم هو مجرد واقعة تاريخية لا تبرر أي مصادرة على المستقبل، فما حدث في الماضي حتى وإن تكرر لا يحمل دلالة ضرورية على أن المستقبل سيكون على نفس المنوال، حتى مع افتراض أن الماضي كان دائما كذلك، وهو أمر مشكوك فيه. 2- تقديرنا أن هذا الارتباط حتى ولو صح لا يحمل أي دلالة لزومية وإنما مجرد حدث غربي، والغرب اعتاد في بحثه للظواهر الاجتماعية أن ينطلق من مسلّمة مركزيته الكونية، فما يصح في تاريخه ومجتمعاته يصح قانونا للبشرية في ماضيها وحاضرها ومستقبلها! وقد تقدم أن الارتباط بين الديمقراطية والعلمانية هو من هذا القبيل هو في أعلاه مجرد واقعة وليست قانونا، وكذلك الأمر بالنسبة للعلاقة بين فكرة المواطنة والعلمانية أو المواطنة والدولة القومية. فلقد عرف العالم ومنه أوروبا دولا قومية علمانية لا تعترف لكل مواطنيها بحق المساواة بل قد تقترف في حقهم اضطهادا يبلغ حد الإبادة ، كما فعلت النازية والفاشية، ولم يكتسب السود في الولايات المتحدة، مع أنها دولة قومية علمانية، حقوق المواطنة ولو من الناحية النظرية إلا في ستينيات القرن الماضي، ولا يزال المسلمون يتعرضون وكذلك أعراق وديانات أخرى لضروب بشعة من التمييز والقمع في دول قومية علمانية عديدة. بما يؤكد أن هذا الربط لا يحمل أي دلالة عابرة للتاريخ وإنما هو مجرد واقعة، ومقابل ذلك قامت في الغرب والشرق حكومات ديمقراطية على أساس المواطنة دون أن تكون علمانية بل تتبنى دينا رسميا مثل المملكة المتحدة البريطانية حيث تجتمع في رئاسة الدولة السلطتان الدينية والسياسية، وكذا حكومات غربية وشرقية أخرى. 3- وفي السياق الإسلامي تمتّع أهل ديانات وأعراق مختلفة بحقوق المواطنة أو بكثير منها في ظل حكومات إسلامية عبر تاريخ الإسلام الذي برئ من حروب الإبادة والاضطهاد الديني أو العرقي، بدءا بدولة المدينة التي تأسست على دستور مكتوب اعترف بحقوق المواطنة لجميع المكونات الدينية والعرقية للسكان باعتبارهم" أمة من دون الناس" حسب تعبير دستور المدينة المعروف باسم "الصحيفة" (سيرة ابن هشام) حيث نصت على أن "اليهود أمة والمسلمين أمة" (أي أمة العقيدة) وأن "المسلمين واليهود أمة" (هي أمة السياسة أو المواطنة) بالتعبير الحديث أي شركاء في نظام سياسي واحد يخولهم حقوقا متساوية باعتبارهم أهل كتاب وأهل ذمة أي مواطنين حاملين لجنسية الدولة المسلمة من غير المسلمين. قال عنهم أحد أكبر أًئمة الإسلام الخليفة الراشد الرابع علي كرم الله وجهه "إنما أعطوا الذمة ليكون لهم مالنا وعليهم ما علينا". 4- لقد تمتع سكان المدينة من غير المسلمين بحقوق المواطنة ومنها حماية الدولة لهم، مقابل أدائهم واجباتهم في الدفاع عنها، وكان إخلال بعض يهود المدينة بذلك الواجب، إذ تحالفوا سرا مع العدو القرشي الذي غزا المدينة مستهدفا الإجهاز على نظامها الوليد، هو مبرر محاربتهم وإجلائهم، وليس بسبب دينهم، بينما تمتعوا في مختلف إمارات المسلمين على امتداد تاريخ الإسلام بحقوق غبطهم عليها حتى أهل الإسلام، فلم يكن جزاؤهم غير الكيد للمسلمين بأشد مما فعل أوائلهم، وما فعل صهاينتهم ويفعلون في فلسطين شاهد، وهم أشد الضاربين على طبول الحرب على المسلمين في العالم، مما سيؤول بهم لا محالة إلى نفس المصير. 5- وبينما تمتع كل الأقوام وأتباع الديانات ممن يقيم في أرض الدولة بحقوق المواطنة ومنها جنسية الدولة الإسلامية وبذل النصرة والحماية لهم من كل عدو يستهدفهم، فإن المسلمين الذين لم يلتحقوا بأرض الدولة الإسلامية، مجال سيادتها، لا يتمتعون بهذا الحق بإطلاق، بل إن حق التناصر بين المؤمن وأخيه تأتيه الدولة الإسلامية إذن في حدود ما تسمح به مصالحها العليا ومواثيقها الدولية، وهو ما نصت عليه آية الأنفال التي ميزت بوضوح بين مؤمنين التحقوا بأرض الدولة الإسلامية ومجال سيادتها، فهؤلاء لهم الولاء والحماية الكاملين وليس ذلك لغيرهم.
                  

03-07-2017, 09:55 AM

على تاج الدين على
<aعلى تاج الدين على
تاريخ التسجيل: 10-25-2008
مجموع المشاركات: 2213

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مرافعتي عن “علمانية الدولة” في ملتقى نير (Re: على تاج الدين على)

    كتب عبد السلام الطويل ...الحاصل على الاجازة فى الفلسفة فى كلية الاداب والعلوم الانسانية جامعة محمد الخامس بالرباط..
    في هذا الإطار يعقد ' برهان غليون : مقارنة بالغة الدلالة بقوله :' بقدر ما كانت العلمانية الغربية اكتشافا إيجابيا خطيرا ومبدعا ­ بما أتاحته من فرص سياسية لفك الإشتباك الذي كلف المجتمع عشرات الحروب , بسبب الصراع علي الدمج بين الدولة والإعتقاد الفكري , تهدد العلمانية المتحولة إلي دين أو عقيدة بتخريب الوعي السياسي وتعميق الخلط بين سلطة الدولة ومذهب الفرد وعقائده ­ وبقدر ما ساعدت العلمنة في الغرب علي خلق شروط استقلال السلطة السياسية واطمئنانها علي نفسها وتطويرها لآليات ضبطها الذاتي , ومن ثم تطور مفهومها , وإنتاجها لدولة ديمقراطية , عملت مذهبة الدولة والسياسة في العالم مجلة الديمقراطية ­ إشكالية العلمانية في الفكر العربي المعاصر 2017/7/3 http://democracy.ahram.org.eg/UI/Front/InnerPrint.aspx؟NewsID=262http://democracy.ahram.org.eg/UI/Front/InnerPrint.aspx؟NewsID=262 2/14 العربي , باسم العلمانية التي تماهت مع الإشتراكية أو الليبرالية أو الحداثة عموما , علي تسعير التنافس الشامل بين نخبتين وسلطتين أهليتين علي السيادة العليا , وعلي المشروعية , في إطار التنازع العقائدي , وليس في إطار الإنجازات العلمية . وهكذا فتحت الباب أمام الخلط أكثر فأكثر , بين سلطة السياسة وسلطة العقيدة وعدم التمييز بينهما , وبالتالي أمام تغذية الدولة الإستبدادية والتسلطية '(3.( ولعلها الحقيقة التي جعلت المفكر التونسي ' راشد الغنوشي ' ينفي أن تكون للإسلاميين أية مشكلة مع الحداثة ولا مع العلمانية بالمعني الغربي .' فإذا كانت الحداثة في الغرب وفي الثورة الفرنسية قد صنعت الديمقراطية , وإذا كانت الحداثة في الغرب تمردا علي الديكتاتورية , وتمردا علي السلطة المكبلة للعقول وفتحا لمجال التقدم وحرية الشعب , فإن العلمانية والحداثة في بلداننا تعني أمرا آخر هو تسلط النخبة الموالية لما وراء البحار والوصية علي المصالح الأجنبية علي الشعب وعلي تراثه ودينه وضميره ', إذن فمشكلتنا ليست مع الحداثة أصلا , فإذا كان الغرب قد اختار الحداثة بمعني سلطة الشعب , وحرية العقل في البحث والمساواة بين الناس وبمعني التعدد السياسي والتداول علي السلطة عبر الإقتراع , وإذا كان الغرب دخل الحداثة أو العلمانية من بابه الخاص أي التراث اليوناني والروماني والمسيحي , فنحن أريد لنا أن ننسلخ عن كل ماضينا وعن ضميرنا وكل معتقداتنا . وكأن الحداثة ليس لها إلا معني واحد , وليس لها من باب إلا الباب الذي دخل منه الغرب أي إنه إذا كان الغرب قد تمرد علي الكنيسة فنحن لابد لنا أن نتمرد علي الدين , إن مشكلتنا ليست مع الحداثة وليست مع العلم ولا حتي مع العلمانية , إننا إذا إزاء حداثة مزيفة معناها الأساسي تسلط للأقلية المنعزلة علي الشعب وعلي الثروة وعلي الدين وعلي ضمائر الناس والعقول باسم الديمقراطية والحداثة والعلمانية والمجتمع المدني وأحيانا باسم الإسلام ذاته '(4.( وفي نفس السياق يذهب ' محمد مهدي شمس الدين ' إلي أن ' الحضارة الإسلامية يمكن أن تنشئ مجتمعات مدنية , وبتعديل بسيط يمكن أن نسميها علمانية , وفي الوقت نفسه تكون دينية أو مبنية علي الشريعة , فإذا كان مفهوم المجتمع المدني يعني أن المجتمع يكون قادرا علي بناء مفاهيم ومقولات في تنظيم السلطة وتداولها وفي إدارة الشأن العام وفقا للمعطيات الموضوعية البحثة , فإن المجتمع في الإسلام يمكن أن يكون علمانيا أو مدنيا وفي الوقت نفسه مستندا إلي الشريعة ..'(5 (وغير بعيد عن هذا التصور فقد دعا ' محمد أركون ' إلي تطوير المجتمعات الإسلامية وفقا للنموذج العلماني انطلاقا من أن ' الإسلام يسمح بالعلمنة والتمييز بين الديني والزمني علي عكس ما يتوهم الجميع '(6 ,(مشددا رفضه لكل علمانية عقائدية متطرفة وداعيا , بالمقابل , إلي علمانية جديدة ومنفتحة (7.( لا يكل غليون من التذكير بأكثر من صيغة بأن العلمانية تعد في الأصل ' نظرية إجرائية سياسية ' تقضي بأن تتقاسم سلطة الدولة وسلطة الكنيسة الحكم علي الإنسان لصالح المجتمع ( المسيحي ) ولوقف النزاع المزمن داخله , حيث اعترفت الدولة في هذه التسوية للكنيسة والدين بالسلطة علي الروح , واعترفت الكنيسة مجبرة للدولة بالسلطة علي الجسد والعدل المادي . وبهذا المعني ' لم تكن العلمانية تهدف إلا إلي كسر القيد الذي كان الدين قد فرضه علي تيار الحياة , ومن ضمنه حركة الإجتماع السياسي , فمنعها من تكوين الدولة والسياسة المدنية , وأكرهها علي البقاء في إطار الكنيسة كنظام للجماعة وللمجتمع الديني الذي يجد تعبيره المدني المواكب والموافق في التنظيم المدني الإقطاعي , أي في غياب الدولة المركزية .. وهكذا ساعدت العلمنة علي فض الإشتباك بين أطراف النزاع الإجتماعي , وتحييد بعض المجالات , وإنقاذها منه , وخلق أرضية مشتركة لنمو روح الأمة والجماعة والمعرفة الموضوعية . وبإضعافها للسلطة الكنسية المؤسسية ساعدت العلمانية علي إعادة إشعال جذوة الإيمان الشخصي , وحررت الضمير الشخصي المسيحي ودعمت الشعور بالمسئولية الفردية , لقد كانت التعبير عن نهاية عصر محاكم التفتيش , وتحرير الإنسان من سلطة كنسية خانقة ' وهكذا ترتفع العلمانية إلي مستو ي ' عقيدة في الإصلاح الديني ' أعادت ثقة الإنسان بعقله وصالحت بينه وبين الحقيقة الدنيوية .. وقامت بالتالي بإطلاق الجهد الحضاري البشري الذي كاد أن يموت , كما أطلقت قوي العلم والإيمان نفسها , وفتحت أبوابا جديدة للأمل في الحياة والمستقبل , وفي إحياء الأمم وتجديد الدين ' وكان من نتيجة ذلك أن الدين أصبح يعني الصدق في المشاعر والإعتقادات والمواقف في قضايا الحياة , وقضايا الدين معا . وبهذا المعني أدت العلمنة إلي تنقية الشعور الديني وجعل المعاملة الحسنة أصل الدين في مقابل المظاهر الطقوسية المظهرية . إن العلمانية بهذا المعني , تنأي عن أي مضامين سلبية إلحادية أو إقصائية للدين , كما أن تطور الموقف مجلة الديمقراطية ­ إشكالية العلمانية في الفكر العربي المعاصر 2017/7/3 http://democracy.ahram.org.eg/UI/Front/InnerPrint.aspx؟NewsID=262http://democracy.ahram.org.eg/UI/Front/InnerPrint.aspx؟NewsID=262 3/14 العلماني يساهم في ' إعادة بناء وتجديد الضمير الديني ', أكثر من ذلك فإن الإسلام يمسي , من وجهة نظر غليون , دينا علمانيا بالمعني ' العميق والحقيقي ' للكلمة , وهو ما عبر عنه الإسلام ' بتمجيده لمواهب الإنسان المبدعة , واستخلافه له وحثه علي المغامرة والنظر في كل شئ , ومراعاة حاجات الجسد والروح دون تمييز ' و ' وضعه للعقل في موازاة الوحي , وليس كنقيض له أو عدو .. ولهذا السبب لم تصل القطيعة بين الأرض والسماء أو ما جري التعبير عنه في الأدبيات الإسلامية بـ ' الفصام النكد ' إلي منتهاها '(8 ..(ولهذا أيضا لم يأت تحرير العقل في الإسلام وتفجير الإهتمام بالعالم والثقة به , وإضفاء طابع الخير عليه من خارج الدين كما لم يضطر الفكر الديني من أجل إنجاز هذا التحرير إلي وضع الدنيا في مواجهة السماء , والعقل في مواجهة الوحي , ولهذا السبب لم ' تبرز العقلانية والعلمانية والإنسانوية في الإسلام كمذاهب خاصة وقائمة بذاتها ', ومستمدة من نقد المعرفة النصية أو بناء معرفة مختلفة جوهريا عن معرفة الوحي , لقد كانت هذه القيم جزءا مندمجا في المنظومة الدينية ذاتها '(9 .(وبصيغة أخري ' فان المشكلة الرئيسية في المجتمعات العربية الإسلامية لا تكمن في سيطرة النزعة الثيوقراطية (Theocratie( كتعبير عن النزوع الدائم لتأليه السياسة أو إضفاء الطابع المقدس عليها , ولكن من الميل الأكبر والسائد عمليا إلي الأوثوقراطية أو (Autocratie (أو سيطرة الفرد الواحد المطلق والمتماهي ذاتيا وجسديا مع السلطة , وهو ما تعبر عنه بدقة كلمة ' السلطان '(10.( أما عن نتائج كلا النمطين من الثيوقراطية والأوثوقراطية , فيمكن إجمالها في أنه بينما تقود الثيوقراطية , أو استخدام الدين للدولة إلي تقويض مفهوم السلطة السياسية ذاته , وحرمانها من منطقها الخاص , منطق السياسة والتسوية والمساواة القانونية بين المواطنين , دون البحث عن درجة الإيمان والمساءلة عن النيات , تقود الأوثوقراطية إلي حرمان المجتمع من حقيقته الإنسانية , وقدرته علي التسامي فوق واقعه المادي المباشر , أي إلي التسوية الكاملة بين جميع الأفراد في العبودية أمام السلطان الأوحد , وتخلق الدولة الإستبدادية التي ليس لها لا دين ولا قانون ولا شريعة سوي إرادة الحاكم الفرد ومزاجه . الواقع أن نخبة متميزة من المفكرين العرب أمثال : محمد عابد الجابري , ومحمد جابر الأنصاري , وعبد الإله بلقزيز وعبدالوهاب المسيري يؤكدون أن إشكالية العلمانية إشكالية مغلوطة أو مزيفة لا تقبل الانطباق علي حالة العلاقة بين الدين والدولة في العالم العربي المعاصر حيث تبدو : إشكالية فصل الدين عن الدولة عندنا مصطنعة منقولة عن الغرب : إن مشكلة الدولة في العالم التابع هي بالضبط أنها بلا دين ولا عقيدة , إن أصل المشكلة عندنا .. لا يكمن في سيطرة الدين أو السلطة الكهنوتية علي الدولة واعتدائها عليها وعلي اختصاصاتها , وإنما ينبع علي العكس تماما , من مصادرة الدولة للدين وسيطرتها عليه واحتوائه وتوظيفه في استراتيجياتها الخاصة , ورفضها السماح لغيرها بمثل هذه الممارسة . فالدولة العربية أصبحت تري في احتكار التفسير الديني جزءا أساسيا من شرعيتها , كما هو الحال بالنسبة لاحتكار ما يسميه الإجتماعيون السياسيون العنف الشرعي '(11.( وتبعا لذلك فإن الفصل بين السلطتين الزمنية والروحية لا ينبغي أن يكون فصلا ميكانيكيا إقصائيا , وإنما يجب أن ينبني علي أساس وظيفي تحكمه علاقة توافقية من حيث دور كل واحد منهما , أي تمييز كل واحدة منهما في علاقتها بالأخري علي مستوي الأدوار والوظائف إنه الفصل الذي حكم التجربة الحضارية العربية الإسلامية , وهو ما أكده باحثون ومفكرون من مشارب مذهبية ومعرفية مختلفة مثل : حسن حنفي وراشد الغنوشي ووجيه كوثراني وخالد زيادة وعبد الله حمودي .. فراشد الغنوشي يؤكد ' أن الأمة المسلمة وجدت أولا ثم بعد ذلك أوجدت الدولة .. فرغم أن الدولة الإسلامية في صورتها النموذجية لم تعمر طويلا , إلا أن تاريخ ازدهار الأمة كان أطول من ذلك بكثير نظرا لقدرتها الأهلية الفائقة علي البقاء رغم فساد الدولة وتوالي الهجومات الوحشية الكاسحة , كما يشهد عليه إرثها الحضاري الفائق الثراء حتي في أشد عصور إلاستبداد السياسي '(12.( وفي نفس الإطار يشير وجيه كوثراني إلي أن الدولة قد قامت منذ قيام الأسرة الأموية وحتي أواخر العهد العثماني , علي قوي متغلبة لم تستطع أن تدمج الأمة بها , بينما قامت الأمة علي اجتماع من سماته التنوع في حدود الإجتهاد والتمهذهب الفقهي وحقوق أهل الكتاب (13.( ومن جهته يلاحظ خالد زيادة أن المجتمع المدني العربي الإسلامي كان مشمولا برعاية الشريعة التي توحده وتوحد ثقافته , وكان العلماء هم قادة هذا المجتمع المدني وليس الأمراء أو الحاكم . وقد تيقن العلماء أن الإسلام يتحقق في الجماعة وليس في الدولة (14 .(وهي الحقيقة التي جعلت حسن حنفي يعلن أن ' مجلة الديمقراطية ­ إشكالية العلمانية في الفكر العربي المعاصر 2017/7/3 http://democracy.ahram.org.eg/UI/Front/InnerPrint.aspx؟NewsID=262http://democracy.ahram.org.eg/UI/Front/InnerPrint.aspx؟NewsID=262 4/14 الإسلام دين علماني في البداية لأنه ليس به رجال دين , علمانيته معطاة من الداخل بوضع إلهي , وليست مكتسبة من الخارج بجهد إنساني (15.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de