‏من لاجيء إلى دراسة الطب و أخيرا مترجما لماركيز و اكثر ‏من عشرات الكتب للعربية:‏

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-19-2024, 07:08 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-04-2017, 06:07 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10758

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
‏من لاجيء إلى دراسة الطب و أخيرا مترجما لماركيز و اكثر ‏من عشرات الكتب للعربية:‏

    05:07 AM March, 04 2017 سودانيز اون لاين
    محمد عبد الله الحسين-الدوحة
    مكتبتى
    رابط مختصرنموذج للنجاح من لاجيء ترك دراسة الطب ليجد نفسه مترجما لماركيز و اكثر من ‏عشرات الكتب للعربية:‏و الله يكاد قلبي يقفز من صدري و أنا أقرأ قصة نجاحه و هي هدية لكل شبابنا لكي ‏يبدع و ينجز، و لأولياء الأمور لكي يدفعوا أبناءهم لطريق النجاح.‏أنا أقرأ في ذهول سيرة حياتي مئات الأسئلة الشغوفة تقفز إلى ذهني: لماذا نحن ‏بعيدين من الترجمة ؟ لماذا بعيدين عن الأدب المقارن و عشرات المترجمين الشباب ‏يظهرون كل سنة في مصر و لبنان و سورية و المغرب العربي؟ ‏لماذ و نحن في كافة أصقاع الأرض منتشرون و نتقن لغات تلك البلاد و ليس لدينا ‏مترجمين لها؟ و لا لادابها؟ و كأننا اكتفينا بالتواجد في تلك البلاد و كأن ذلك ‏إنجاز؟لماذا لا توجد في جامعاتنا دراسة للغات اللاتينية :الاسبانية الإيطالية...؟حقيقة ماذا فعلنا في هذا الجانب حتى الآن؟لا أريد أن ينبري لي شخص منا ليدافع عن بلدنا بأن لدينا و لدينا و لدينا ..لأنني ‏أعرف من لدينا .. و كأنني أجنبي أو كأنني أسيء إلى بلدي.‏حقيقة نحن مقصرين مقصرين مقصرين......للأسف.‏هذا ليس موضوعنا و لكن الموضوع يقود للموضوع:‏من هو هذا الشخص الذي جعلني أتهم نفسي و غيري بالتقصير؟من هو و قد قرأت له عشرات الكتب التي ترجمها و لم أعرف سيرته إلا اليوم؟

    (عدل بواسطة محمد عبد الله الحسين on 03-04-2017, 11:03 AM)
    (عدل بواسطة محمد عبد الله الحسين on 03-04-2017, 11:09 AM)

                  

03-04-2017, 06:31 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10758

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ‏ نموذج للنجاح من لاجيء ترك دراسة الطب لي� (Re: محمد عبد الله الحسين)

    سأقول لكم من هو : ‏
    لا بد ان تعرفوا شيئا عن صالح علماني.لأنه نموذج حي لإنسان استطاع أن ينجح ‏بعد أن وجد نفسه في هذا الطريق.‏
    إنه اسم غير معروف إلا في مجال الترجمة.ترجمة الأدب و بالذات اللاتيني و ‏على وجه الخصوص لجبريل جارسيا ماركيز.‏
    صالح علماني. معظمنا لم يسمع به. لأن المترجم رغم دوره الكبير لكن قل من ‏يهتم الناس به .فهو يضيع بين الكلمات كما يضيع مؤلفوا الأغنيات بين المطرب ‏والملحن .‏
    حتى أنا لم أهتم بمن يكون المترجم الذي ترجم الكتب التي اسمتع بها لجابريل ‏جارسيا مار كيز و ايزابيل الليندي و سيرماغو وغيرهم من رموز الادب ‏العالمي.‏
    و لكن لفت نظري بدقة تعبيراته و حلاوة أسلوبة و نصاعة كلماته و كأن القصة ‏مكتوبة بالعربية. فقررت أن أتعرف عليه.
    فتفاجأت بالمعلومات التي جعلتني أفتح ‏لها بوست لانه تنير الطري لمن يهوى أو لمن يفكر أن يجد طريقا للنجاح.‏
                  

03-04-2017, 06:38 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10758

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ‏ نموذج للنجاح من لاجيء ترك دراسة الطب لي� (Re: محمد عبد الله الحسين)

    صالح علماني مترجم عربي‎ ‎فلسطيني‎ ‎مقيم في سوريا، يترجم عن الإسبانية‎. ‎ولد في مدينة حمص‎ ‎عام ‏‎1949‎، ودرس ‏الأدب الإسباني‎. ‎أمضى أكثر من ربع قرن في خدمة الأدب اللاتيني ليُعرّف القرّاء العرب على هذا النوع من الأدب‎.‎
    الكتب التي ترجمها
    ترجم صالح علماني ما يزيد عن مئة عمل عن الإسبانية، هي محصلة جهوده الدؤوبة خلال أكثر من ثلاثين عاماً في ترجمة ‏أدب أمريكا اللاتينية، والأدب الإسباني عموماً‎.‎
    ترجم للراوئي غابرييل غارسيا ماركيز‎:‎
    • الحب في زمن الكوليرا
    • قصة موت معلن
    • ليس لدى الكولونيل من يكاتبه
    • مئة عام من العزلة
    • عشت لأروي
    • ذاكرة غانياتي الحزينات
    • ساعة الشؤم
    • الجنرال في متاهة
    و ترجم للراوئي ماريو بارغاس يوسا
    • حفلة التيس
    • دفاتر دون ريغوبرتو
    • رسائل إلى روائي شاب
    • في امتداح الخالة
    • من قتل بالومينو موليرو
    • شيطنات الطفلة الخبيثة
    و ترجم للروائية إيزابيل أيندي
    • إنيس... حبيبة روحي
    • ابنة الحظ
    • صورة عتيقة
    • حصيلة الأيام
    • باولا
    و ترجم كتبا أخرى هي‎:‎
    • كل الأسماء‎: ‎جوزيه ساراماغو
    • انقطاعات الموت‎: ‎جوزيه ساراماغو
    • مدينة الأعاجيب: إدواردو ميندوثا
    • رؤى لوكريثيا: خوسيه ماريا ميرينو
    • الريح القوية‎: ‎ميغل أنخل أستورياس
    • أبوباباكواك: برناردو أتشاغا
    • عرس الشاعر: أنطونيو سكارميتا
    • بيدرو بارامو‎: ‎خوان رولفو
    • عبده بشور الحالم بالسفن‎: ‎ألفارو موتيس
    • النشيد الشامل‎: ‎بابلو نيرودا
    • نيرودا حياته وشعره -دراسة‎.‎
    • شيء من حياتي - مذكرات- ترجمة‎.‎
    • مختارات شعرية لالبيرتي -ترجمة‎.‎
    • القطار الأصفر- رواية للأطفال‎.‎
    • الدب القطبي - رواية للأطفال‎.‎
    • أربع مسرحيات للوركا -ترجمة

                  

03-04-2017, 09:04 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10758

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ‏ نموذج للنجاح من لاجيء ترك دراسة الطب لي� (Re: محمد عبد الله الحسين)

    أقرأ هذه المقابلة التي أجريت مع المترجم الفلسطيني صالح علماني لتدرك مدى حجم انجازاته و ‏لتدرك تواضعه و :‏
    بصوت هادئ يبدو طالعاً من "الغرائبية السحرية" لأدب أميركا اللاتينية وبتواضع لمنجزه الترجمي الذي ‏قارب المئة كتاب منذ "مئة عام من العزلة‎" ‎و"ليس لدى الكولونيل من يكاتبه" لماركيز؛ يعترف المترجم ‏الفلسطيني صالح علماني بأن الإطراء الذي لقيه عمله الأول هو الذي جعله يقرر أن يكون مترجماً ‏ويشعر أن قدره أن يعيش ليترجم‎.‎
    وقال علماني، في جلسة حوارية ضمن فعاليات "مهرجان مسقط"، إن للترجمة فضل كبير عليه، أكثر مما ‏له عليها حيث إنه لم يختر الإسبانية لغة لينقلها إلى العربية، بل هي التي اختارته -على حد تعبيره- أثناء ‏دراسته الطب، مشيراً إلى أن الظروف لعبت دوراً مهماً وساعدته كمترجم مع صعود تيار الرواية ‏اللاتينية وبروزها عالمياً في أواخر الستينيات وبداية السبعينيات، وهو مدين في شهرته لهؤلاء الكتّاب ‏الذين ترجم لهم‎.‎
    واستطرد قائلا إن هذا الفضل توّج أخيراً بأن مُنح الإقامة في إسبانيا مع عائلته بعد نزوحه من سورية، ‏إثر مطالبة خمسة من أبرز كتّاب أميركا اللاتينية الذين ترجم لهم، حكومة إسبانيا بأن تمنحه الإقامة ‏تكريماً لمنجزه في نقل إبداعات اللغة الإسبانية إلى العربية‎.‎
    وبما أنه كان يعيش وضعاً صعباً بسبب المأساة السورية، فالمكالمة الهاتفية التي وردته بهذا الخبر جعلته ‏يبكي، وهو مدين بهذا للترجمة ولأصدقائه الكتّاب، معترفاً أن هذا شيء أخجله حقاً، لأن الناس ما زالت ‏تتذكر أن هناك مترجماً‎.‎
    وزاد من هذا الاحتفاء بأن مُنح أيضاً جائزة "جيرار دي كريمونا" للترجمة العام الماضي، وهي جائزة ‏سنوية مخصصة لمساهمة مهمة من شخص أو مؤسسة من الضفة الشمالية ومن الضفة الجنوبية ‏للمتوسط في ميدان الترجمة وتحمل اسم جيرار دي كريمونا (1114 – 1187) الذي درس العلوم ‏العربية في القرن الثاني عشر، وترجم أكثر من سبعين كتاباً إلى اللغة اللاتينية في الوقت الذي رد فيه ‏علماني الجميل بأن ترجم مئة كتاب من اللغات اللاتينية إلى العربية‎.‎
    وفي معرض رده على سؤال حول تقنية الترجمة أو خلطته السحرية في الترجمة التي تكاد تقارب النص ‏الأصلي، قال مترجم "عشت لأروي" إنه لا توجد ترجمة أفضل من النص الأصلي في أية لغة، خاصة ‏الشعر، معترفاً بأنه لا يقدم على ترجمة عمل ما لم يقع في حُبه، حيث رفض بعض الأعمال التي لم ترق ‏له واعتذر عن ترجمتها، معرّجاً في إجابته على "تقنيته الترجمية" المتمثّلة في القراءة الاستطلاعية ‏للعمل ثم قراءة العمل مرة أخرى وترجمة فصل أو فصلين ثم معاودة القراءة من حيث انتهى‎.‎
    وهكذا ذاهباً وراجعاً بين قراءة العمل وترجمته حد الإجهاد، مع ضرورة فهم السياق التاريخي والثقافي ‏للعمل المُترجم لفهم الإيحاءات والمعاني الملتبسة، تليها القراءة الأخيرة للعمل ليضع نفسه مكان القارئ ‏ويشعر بسلاسة القراءة حتى يصل إلى الحالة المُرضية للترجمة النهائية‎.‎
    وأضاف علماني أن المشكلة أثناء الترجمة في اللهجات الأميركية اللاتينية وليس في اللغة الإسبانية، ‏والتي تختلف من بلد إلى آخر، لذلك فإن دراسته الطب وعيشه في هذا البلد ومعرفتة لشعوب القارة ‏وأحوال معيشتهم وحكاياتهم وخرافاتهم وآلامهم وموسيقاهم، واطلاعه على تاريخ أميركا اللاتينية؛ كل ‏ذلك ساعده كثيراً على فهم هذه الاختلافات النابعة على حد تعبيره من تركيبة هذه القارة وشعوبها ‏المتعددة الأعراق والتي تميل إلى "الحياة شبه الفوضوية وعدم الصرامة‎".‎
    كما أشار إلى تأثير المستعمر الإسباني الذي دمر حضارات بأكملها كحضارات المايا والأزتيك والإنكا، ‏لكنه اضطر في النهاية ومن خلال مجمع اللغة الإسبانية إلى أن يعترف بهذه اللغات "الهندية" كون نصف ‏أعضائه من جميع بلدان القارة، وبدأ يضيف الكلمات العامية إلى معجمه مما أغنى اللغة الإسبانية، بسبب ‏انتشار ظاهرة الأدب اللاتيني، ما يعني أن المستعمَر فرض على المستعمِر لغاته الأم‎.‎
    وضرب علماني مثلا في صعوبة ترجمة بعض الكلمات التي لها معانٍ مختلفة من بلد لآخر، بكلمة ‏‏"خُلاسية" إذ توجد ست مسميات للأنواع الخلاسية في القارة الأميركية تبعاً لعرق الوالدين، وهذا ما ‏يوجب توضيحه في الترجمة، كما أنه وقع حائراً في ترجمة كلمة "غانية" في كتاب ماركيز "ذاكرة ‏غانياتي الحزينات‎" ‎التي تعني في الأصل كلمة أكثر بذاءة من كلمة "عاهرة‎".‎
    وقال مبتسماً بأن العربية لا تعدم طبعاً مرادفات لهذه الكلمة، متذكّراً أن وزير الثقافة الكولومبي قال له ‏إنه لا يسمح شخصياً لابنته بقراءة عنوان كهذا، ما جعله في النهاية يستقر على كلمة "غانية" بكل ‏دلالاتها في اللغة العربية‎.‎
    يعتبر علماني نفسه محظوظاً، فرغم أن المترجم لا يمكنه العيش من الترجمة، إلا أنه سعيد بما منحته ‏الترجمة من دخل مادي يساعده في معيشته وأسرته، فرغم مشاق الترجمة المعروفة؛ إلا أن الترجمة ‏الأدبية خصوصاً ممتعة وشيّقة، لأنك تترجم في النهاية "الجانب الإنساني في الإنسانية‎".‎
                  

03-04-2017, 10:33 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10758

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ‏ نموذج للنجاح من لاجيء ترك دراسة الطب لي� (Re: محمد عبد الله الحسين)

    مقال يحكي عن تاريخ و مراحل حياة صالح علماني
    المترجِم شريكاً‎ :
    يعترف علماني للحضور في الندوة العُمانية أن المترجم موجود في أعماله، وهو يرى أن المترجم شريك للكاتب في ‏العمل، حتى إن الهيئات القانونية في إسبانيا تعتبر المترجم "مؤلّفاً للترجمة"، ولكن في بلداننا العربية لم نصل بعد إلى هذا ‏الاعتراف، مشيراً إلى أنه فكر في وضع كتاب عن تجربته، لكنه أجّله كما أجّل فكرة كتابة رواية بعد أن قرأ وترجم "ليس ‏لدى الكولونيل من يكاتبه" لكن الفكرة قائمة على أية حال>
    مستوحياً من العبارة التي عنون بها ماركيز مذكراته، اختار صالح علماني ذات وسم في صفحته على فيسبوك نهاية عام ‏‏2010، أن يلخص حياته ببساطة.. "عشتُ لأترجم". كانت رحلته في الحياة أشبه بواقعية سحرية لشاب فلسطيني بدأ في ‏دراسته طبيباً، تراوده أحلام رومانسية أن يغدو روائياً عظيماً، قبل أن يحزم قراره الذي سيكرّسه واحداً من أهم ‏المترجمين العرب الذين طوعوا الإسبانية لتنطق بالعربية مع أكثر من مئة عمل بين رواية وقصة وشعر، جعلت قارئ ‏الضاد يتنقل مع عوالم نيرودا ولوركا وماركيز وإيزابيل الليندي .. كأنه يقلب بأُلفة صفحات خطّها نجيب محفوظ أو ‏محمود درويش‎.‎
    من آخر معقل مقاوم في فلسطين عام 1948، غادر الفلاح عمر علماني ابن "ترشيحا" أو "جبل الشيح" كما كانت تعرف ‏بالكنعانية تلك القرية الموشحة بأشجار الزيتون شمال عكا، حيث تعايش المسلمون والمسيحيون قروناً، لتبدأ التغريبة، ‏ويشارك الآلاف من أبناء شعبه الذين هُجروا في تلك الرحلة التي ستطول كأنها مئة عام من العزلة، لينتهي به المطاف ‏في سورية، وفي شهر شباط من عام 1949، رزق الحكّاء الأمي بمدينة حمص بذلك الطفل الذي سيولع بالقراءة، وأطلق ‏عليه اسم "صالح‎".‎
    كانت رحلته في الحياة أشبه بواقعية سحرية لشاب فلسطيني، بدأ في دراسته طبيباً، تراوده أحلام رومانسية أن يغدو ‏روائياً عظيماً
    استقر مقام العائلة في الحجر الأسود ذلك الاتساع الغرائبي لمخيم اليرموك جنوب دمشق، حيث أكمل صالح علماني ‏دراسته، ليحزم حقائبه نهاية الستينيات صوب مدريد لدراسة الطب حاملاً معه دواوين لصلاح عبدالصبور، وبدر شاكر ‏السياب، ونازك الملائكة، وديوان محمود درويش الأول "آخر الليل" مما كان يثير سخرية زملائه، فلم يكن مستغرباً ألا ‏يتوافق مع هذا التخصص، رغم نجاحه في السنة الأولى، ليتحول إلى دراسة الصحافة التي وجدها أكثر صعوبة! ثم يترك ‏الدراسة فترة بعد أن ساءت أحواله المادية، خصوصاً مع اشتعال حرب تشرين عام 1973، واضطر للعمل في الميناء ‏وأماكن أخرى، ليوفر تكاليف دراسته الجديدة "الأدب الإسباني"، وكانت بدايته في الترجمة مع مقررات المجلس الوطني ‏الفلسطيني التي كان يقوم بنقلها لرفاق شيوعيين إسبان، لتنشر في مجلة يشرف عليها الحزب الشيوعي الإسباني.
    يتبع

                  

03-04-2017, 11:06 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10758

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ‏ نموذج للنجاح من لاجيء ترك دراسة الطب لي� (Re: محمد عبد الله الحسين)

    ذات مساء قاده التسكع في قاع مدينة برشلونة إلى أحد المقاهي، حيث كان لقاؤه الأول مع أدب أمريكا اللاتينية برواية "مئة ‏عام من العزلة" التي أهداه إياها أحد أصدقائه الإسبان، ليُؤخذ بذلك السرد العجائبي لغابرييل غارسيا ماركيز، ما جعله يحسم ‏أمره ويمزق مخطوط روايته الأولى، ويغادر حلمه الأثير بأن يكون روائياً معروفاً "أن تكون مترجماً مهمّاً أفضل من أن ‏تكون روائياً سيئاً"، ليشرع بترجمتها، وداوم على ذلك لاحقاً بعد إنهاء دراسته في معسكرات الجيش أثناء تأديته الخدمة ‏الإجبارية في سورية، قبل أن يتوقف بعد صدور أول ترجمة عربية للرواية بقلمي سامي وإنعام الجندي.. لكن ظل في نفسه ‏شيء من هذا العمل، حتى بعد أن تُرجِم أكثر من مرة، وكان على القارئ العربي أن ينتظر حتى عام 2005، لتصدر الرواية ‏بعربيّة علماني‎.‎
    أن تكون مترجماً مهمّاً أفضل من أن تكون روائياً سيئاً
    دفعَهُ حرص التّرجمان إلى الانتساب لجامعة دمشق، ودراسة الأدب العربي، حتى يتسلح باللغتين العربية والإسبانية، ويذكر ‏الروائي والقاص الفلسطيني رشاد أبو شاور أن أول عملترجمه صديقه صالح كتاب صغير عن شاعر التشيلي بابلو نيرودا، ‏ولكن لم تلتفت إليه الأنظار إلا عام ‏‎1979‎، بعد أن انتهى من ترجمة رائعة ماركيز"ليس لدى الكولونيل من يكاتبه‎" ‎لتتسابق ‏بعدها دور النشر للتعامل مع هذا المترجم الواعد، "كنت أعمل في وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) وذهب عبدالله حوراني (من ‏دار الفارابي) إلى مدير دائرة الثقافة وسأله: ماذا يعمل صالح علماني معكم، فأخبره لا أعرفه، وبعد أن سأل، أخبروه أنني ‏أعمل محرراً في الوكالة، فقال لا هذا احبسوه معكم في غرفة وخلوه يترجم فقط!"، وكان من ضمن متابعيه محمود درويش ‏أثناء عمله محرراً في مجلة "شؤون فلسطينية"، بعد أن وقع على نسخة مترجمة له لأشعار ‏‎"‎رافئيل ألبيرتي" ليعلق درويش ‏‏"هذا الرجل ثروة وطنية ينبغي تأميمها"، ويطلب من الشاعر أحمد دحبور التواصل مع علماني، وإخباره بنية المجلة نشر ‏بعض هذه الأشعار المترجمة‎.‎
    الترجمة أداة للديمقراطية
    الترجمة في نظر علماني أداة للديمقراطية تتساوى فيها جميع اللغات، ولكنه يؤمن أنها في الوقت نفسه ضرب من الخيانة ‏الأمينة؛ لأن الترجمة الحرفية كما يعترف جريمة لا تغتفر "المنطق البلاغي بين لغتين قد لا يتقاطع دائماً.. لا يمكن لأي ‏مترجم أن يختفي وأن يتلاشى، هذا مستحيل.." لكنه يرى أن "الخيانة" الآن أقل مع التقدم التقني، لأن المترجم أصبح يطّلع ‏الآن بكل سهولة على حقيقة المنطقة والثقافة التي يترجم عنها، "عندما تواجهني كلمة أبحث في غوغل عنها، وأطلب معرفة ‏معناها في منطقة البيرو وأحصل على المعنى فوراً ... هذا سهّل عمل المترجم وقلل خيانته‎".‎
    كرس علماني حياته لترجمة الأدب المكتوب بالإسبانية، لكنه لم يقاوم في عام 2006 إغراء ترجمة الديكاميرون للإيطالي ‏بوكاشيو، وكانت هذه أوّل مرّة ينقل فيها عملاً من اللغة الإسبانيّة لم يكتب بها، بعد أن رأى أن سبعة قرون فترة امتدت أكثر ‏مما يحتمل، لنقل "ألف ليلة وليلة الإيطالية" كاملة إلى العربية؛ فهو ما يزال ينظر إلى الترجمة بوصفها في الدرجة الأولى ‏علاقة حبّ مع النص. "أحب رواية "الحب في زمن الكوليرا‎" ‎كثيراً، أحبها لأنني أحبها لا لأمر آخر، أحبها ليس لأنني ‏ترجمتها، بل لأنني قرأتها أولاً‎".‎
    حلم استحال إلى لجوء
    بعد أن تحسنت أحواله المادية نسبياً لم يطل مقامه في "الحجر الأسود" بحثاً عن حياة أهدأ، فغادره مع زوجته وابنيه عمر ‏ولارا ليبتني بيتاً في معضمية الشام.كان يعمل عشر ساعات يومياً، وهو منبطح على الأرض قبل أن يشتري آلة كاتبة استغنى ‏عنها بجهاز الحاسوب، "أقرأ النص خمس مرات، ثم أترجمه مباشرة على شاشة الكمبيوتر. وعندما أنجز بضع صفحات، أقرأ ‏النص الذي ترجمته بصوت عال لمعرفة الإيقاع السمعي للجملة‎".‎
    عمل علماني مترجماً في السفارة الكوبية وموظفاً في وزارة الثقافة السورية لسنوات طويلة قبل تقاعده عندما بلغ الستين، ‏وبحكم علاقته التي وثقها مع "ثورة المعلومات" ما فتئ ينبش في مواقع الكتب الإسبانية على شبكة الإنترنت، وعندما يعجبه ‏كتاب جديد، يسارع إلى اقتنائه علّه يكون مشروع مولود ترجمة جديداً آخر‎.‎
    الترجمة في نظر علماني أداة للديمقراطية تتساوى فيها جميع اللغات، ولكنه يؤمن أنها في الوقت نفسه ضرب من الخيانة ‏الأمينة
    لكم راوده حلم ببناء بيت ريفي في ضواحي دمشق، يكون محراباً لعمله، لكن أطاحت به قذيفة من "الربيع السوري" أتت على ‏معظم بيته في المعضمية، لينتقل منه لاجئاً في مسقط رأسه سورية قبل أن يجبر على مغادرتها والإقامة في إسبانيا التي كرمته ‏في عام 2015، عندما أعلنت ‏‎"‎مدرسة طليطلة للمترجمين" عن منحه جائزتها السنوية للترجمة، في دورتها الأولى، مؤكدة ‏أن "لا كرامة لنبيّ في وطنه‎".‎
    في عام 2014، قدم صالح علماني مع وفد من إسبانيا إلى الأردن، ضمه مع الشاعر والمترجم الفلسطيني محمود صبح، ‏ومدير مدرسة طليطلة للمترجمين لتكريمهم في رام الله، بدعوة من اتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينيين، والكلية الجامعية ‏العصرية، إلا أنه احتجز في المطار؛ لأنه يحمل وثيقة سفر إسبانية، ولم يتمكن من الدخول إلا بعد تدخل الدكتور الأردني خالد ‏الكركي، إلا أن سلطات الاحتلال مانعت دخوله وأجبرته على العودة إلى عمّان، لتتاح له فرصة الالتقاء بشقيقته المقيمة في ‏عمّان، والتي لم يشاهدها منذ سنوات طويلة، ليصطدم علماني بالبيروقراطية التي كادت تمنعه من هذا اللقاء لولا ضمانة ‏شخصية أخرى من السياسي والمثقف الأردني الأبرز خالد الكركي رئيس الديوان الملكي السابق‎.‎
    رحلة صعبة أهلته للنجومية
    نجح صالح علماني في تكريس نجوميّة المترجم؛ لأنه آمن أن الترجمة جنس أدبي قائم بذاته، وأن المترجم هو مؤلف مستقل ‏آخر للترجمة يندمج مع النص ويعيد إنتاجه، لكنه ظل وفياً لتواضعه الذي ميزه طوال حياته، فرغم أنه ترجم جميع أعمال ‏ماركيز، إلا أنه رفض ترجمة رواية "خريف البطريرك" التي يعدها بعض النقاد أهم أعمال صاحب مئة عام من العزلة، ‏والتي نقلها إلى العربية عن الفرنسية محمد اليوسفي، وحين سئل علماني عن ذلك أجاب "لن يكون بإمكاني ترجمتها أفضل ‏منه‎".‎
    عناوين كثيرة مهمة لم يترجمها علماني بعد، مرجعاً ذلك إلى "صعوبة تسويق الأسماء المجهولة إلى قرّاء العربية"، من جهة ‏وإلى أن "دور النشر تلحق الأسماء الرائجة" من جهة أخرى، مستدركاً في إحدى تصريحاته على ما سبق "من المؤسف ألّا ‏تصلنا أعمال الأرجنتيني توماس إيلوي، أو خوان كارلوس وينتي من الأوروغواي، هذا الروائي هو الأب الشرعي للواقعية ‏السحرية‎".‎
    لم تكن رحلة "كولونيل الترجمة" سهلة، بل كافح ليصل إلى قلوب القراء، ويحصد محبتهم؛ فقد باتوا يدركون معنى كتابة اسم ‏علماني على غلاف الكتاب، ليكون جديراً بالاقتناء، وعن ذلك قال في مداخلة له بأحد المؤتمرات: "إن مهنة المترجم دائماً في ‏الظل؛ لأنه يقدم شخصاً آخر، والمصادفات وحدها هي التي جعلتني نجماً. وأقبل محبة الناس لكنني أخجل، وأرجو لكل ‏المترجمين حظاً مثل حظي في الشهرة‎".‎
    علماني الأكثر وفاء لخيانة الترجمة
    المترجم العراقي الدكتور محسن الرملي في حديثه مع مدونة وطن‎ "eSyria" ‎قال عن "عرّاب أدب أمريكا اللاتينية": "إن ‏الحديث عن صالح علماني يقتضي تذكر عبارة تقول: "إن الترجمة خيانة"، فإذا كانت كذلك، فإن أكثرنا وفاء لهذه الخيانة هو ‏صالح علماني‎".‎
    وأضاف الرملي "صالح علماني درسٌ حيّ وتاريخي لنا جميعاً نحن المترجمين، حيث تخلى عن كل شيء، ليجعل الترجمة ‏طريقاً وهدفاً له، تخلى عن دراسته الأكاديمية، وتخلى عن الكاتب فيه لمصلحة المترجِم فأذاب الروائي في المترجِم كما تذوب ‏قطعة سُكّر في قدح الشاي، لذا نلمس هذه العذوبة في أسلوبه لكل ما ترجمه. وقد راهن علماني على الترجمة ولم يخسر، فحقق ‏شهرة تفوق شهرة الكثير من الكُتاب، حيث لا تكاد تخلو أية مكتبة عربية عامة أو خاصة من كتاب يحمل اسمه‎".‎
                  

03-04-2017, 11:41 AM

عمر دفع الله
<aعمر دفع الله
تاريخ التسجيل: 05-20-2005
مجموع المشاركات: 6353

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ‏ نموذج للنجاح من لاجيء ترك دراسة الطب لي� (Re: محمد عبد الله الحسين)


    هل أساء ابن رشد فهم أرسطو؟
    صالح علمانى
                  

03-04-2017, 11:50 AM

عمر دفع الله
<aعمر دفع الله
تاريخ التسجيل: 05-20-2005
مجموع المشاركات: 6353

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ‏ نموذج للنجاح من لاجيء ترك دراسة الطب لي� (Re: عمر دفع الله)

                  

03-04-2017, 09:37 PM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10758

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ‏ نموذج للنجاح من لاجيء ترك دراسة الطب لي� (Re: عمر دفع الله)

    الأخ عمر دفع الله
    ألف شكر على المشاركة الإيجابية و شكرا على الفيديوهات و التي أضافت الكثير من الإضاءات حول الشخصية.
    لك الشكر و المودة
                  

03-04-2017, 11:19 PM

عمر دفع الله
<aعمر دفع الله
تاريخ التسجيل: 05-20-2005
مجموع المشاركات: 6353

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ‏ نموذج للنجاح من لاجيء ترك دراسة الطب لي� (Re: محمد عبد الله الحسين)

    ‏أنا أقرأ في ذهول سيرة حياتي مئات الأسئلة الشغوفة تقفز إلى ذهني: لماذا نحن ‏بعيدين من الترجمة ؟ لماذا بعيدين عن الأدب المقارن
    و عشرات المترجمين الشباب ‏يظهرون كل سنة في مصر و لبنان و سورية و المغرب العربي؟
    --------------------------------------
    الاخ محمد عبدالله
    والله كلامك الفوق دا حننني
    ياخي نحنا ما قدر كدي
    نحنا بيننا حسن صاعقة النجم والمدفع الرزام واسد الكداد الهز البلد من اليمن للشام .

    وعلى قول اخونا اسامة الخواض :
    لو لا قيض الله لنا الروائي الطيب صالح لاصبحنا امة بلا مبدعين ........ تحياتي
                  

03-05-2017, 08:26 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10758

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ‏ نموذج للنجاح من لاجيء ترك دراسة الطب لي� (Re: عمر دفع الله)

    الأخ عمر
    ملاحظتك صحيحة. حتى الندوة اللي في الفيديو ما فيه مشاركين سودانين.
    السبب الأساسي لإنشاء البوست هو للفت الانتباه لموقعنا في خارطة المساهمة الفكرية و الإبداعية مقارنة مع من حولنا.
    و ثانيا للفت نظر الشباب لإمكانية تحقيقالنجاح من خلال المثابرة و من خلال لفت نظرهم لكثير من المجالات التي ليس لنا فيها مشاركات كما يجب.
    كما أن البوست يهدف للفت نظر أولياء الأمور لاستكشاف مجالات جديدة و متاحة لأبنائهم و التي ربما يملكون فيها مواهب و إمكانات نحجبها نحن الكبار بدفع أبناءنا لدراسة تخصصات لا يجدون فيها أنفسهم و لا يبدعون.
    لك الشكر أخي عمر
                  

03-05-2017, 11:48 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10758

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ‏ نموذج للنجاح من لاجيء ترك دراسة الطب لي� (Re: محمد عبد الله الحسين)

    عشت لأروي الحياة : الحياة ليست ما يعيشه احدنا بل ما يتذكره : غابرييل ج. ماركيز
    ‏(الحياة ليست ما يعيشه احدنا بل ما يتذكره و لكن كيف يتذكره ليرويه) ‏
    بهذه العبارة الماركيزية يفتتح الروائي الكولومبي الحائز على نوبل للآداب غابريال ‏غارسيا ماركيز كتابه (عشت لأروي) (مذكرات) في جزئه الاول ونقله الى العربية ‏صالح علماني‎.‎
    ماذا في هذه المذكرات لروائي اصيل ومبدع من طراز ماركيز وأحد ابرز الذين عبروا ‏عن روح اميركا اللاتينية وارسى ما سُمي بـ(الواقعية السحرية) في اعماله الأدبية. في ‏هذه المذكرات يكتب ماركيز عن الينابيع الاولى لحياته وكتاباته وعائلته واصدقائه. يكتب ‏عن خريطة الطريق التي اوصلته الى ما هو عليه اليوم. واحيانا، في غمرة قراءتنا ‏مذكراته، ينسينا ماركيز ان النص هو مذكرات او سيرة وليس رواية. فهو يجمع العناصر ‏ويحبكها لنكتشف معه ذاك الفارق الضئيل بين الأدب والحياة، وإن يكن الفارق بين حياة ‏ماركيز وادبه وخياله ضئيلا حقا ويكاد لا يرى. فهو القائل (نقلا عن خوسيه فيلكس): ان ‏الفرق بين الحياة والادب هو مجرد خطأ بسيط في الشكل‎.‎
    عابرا نهر المغدلينا في المركب برفقة والدته التي ما ان فاض النهر حتى تشبثت ‏بمسبحتها وكأنها تتمسك بحافات رافعة رحوية يمكنها ان تسحب جرارا او تحمل طائرة ‏في الجو‎.‎
    ثم ينقلنا في مشهد آخر ليتذكر رموزه في ادب وليم فوكنر ويسميه (اوفى شياطين ‏الاوصياء‎).‎
    والزمن في (عشت لأروي) ليس متسلسلا بل يبدو دائريا يتسع لرؤى كثيرة ومشاهد تطل ‏وتغيب كل مرة اكثر اكتنازا وظلالا وعمقا. والاسئلة التي يطرحها المرء في ذهنه حول ‏ماركيز يجد في الكتاب اجوبة عنها، واسئلة جديدة كذلك‎. ‎ماذا فعل ماركيز ليصل الى ‏الجامعة، وليصل الى الصحافة او الأدب؟ علل نفسه بالوهم الجريء في العيش من ‏الصحافة او من الادب دونما حاجة إلى تعلمهما، او متحمسا لعبارة برنارد شو المشهورة ‏منذ طفولتي الباكرة اضطررت إلى قطع تعلمي لكي اذهب إلى المدرسة. ثمة علم آخر ‏ومدرسة ثانية في الحياة والشارع والطبيعة. يكشف ماركيز النقاب عن مقومات طفولته: ‏جده والنساء والعائلة الكبيرة والمنزل المتسع لدراما الحياة. منذ طفولته يروي القصص ‏والاكاذيب ويخاف من الليل، وقبل ان تضيق العائلة ذرعا به ينقذه الدكتور باربوشا بحجة ‏حكيمة: (اكاذيب الاطفال علامة موهبة كبيرة). هل كان ذلك خبث طفل او ما يعزوه ‏ماركيز نفسه إلى تقنيات بدائية لراوٍ في بداياته من اجل جعل الواقع اكثر متعة وقابلية ‏للفهم‎.‎
    يؤكد ماركيز في مذكراته انحيازه الى عالم النساء الذي اتاح له شعورا بالراحة والامان ‏‏(بينهن) اكثر منه بين الرجال. ويرد اقتناعه الى انهن عماد حماية العالم، بينما نشيع فيه ‏نحن الرجال الفوضى بهمجيتنا التاريخية‎.‎
    والمنزل مليء بالاسرار. قال والده لوالدته حين قدم اليها الوردة بعد انتزاعها من عروته ‏‏(اسلمك حياتي في هذه الوردة).. عبارة اثيرة لحب كبير‎.‎
    ماذا في العائلة؟ اي سر يخيم عليها؟ . يتذكر ماركيز والده خارجا من البيت، مودعا بين ‏يديه نقودا: بين يديك اتركهم وبين يديك سأجدهم. وحين ودّعه ملوحا ادرك عندئذ كم ‏يحبه، والى الابد. تظهر علاقة ماركيز وارتباطه المكاني بالمنزل عبر بعدين: الحنين ‏والتطهر: كل شيء يؤكل في المنزل يجب ان يكون متبلاً بمرق الحنين (ص88). وعن ‏جديه انهما كانا متورطين في حنينهما كلما سعيا الى التطهر من المنزل. لكن تبقى ‏علاقته الاثيرة بجده الذي يشعره بالامان التام. مثله الاعلى. وحده يدعوه الطفل الكامل. ‏مع جده يقول جملته الروائية الاولى، نجاحه الادبي الاول. يؤوب الى عام 1932 حين ‏توفي صديق جده البلجيكي وشريكه في لعبة الشطرنج: لن يعود البلجيكي الى لعب ‏الشطرنج بعد اليوم. رأى جده في تلك الجملة خاطرة عبقرية راح يرددها امام الجميع: يا ‏للعنة، هذا الطفل سيصير كاتبا. يسمع ماركيز قدره بصوت احدهم. وموت الجد علامة ‏فارقة في حياته. يتذكر في حسرة موت نيكولاس ماركيز بسرطان الحنجرة، وبحسب ‏الطقوس، حرقوا ثيابه وقبعاته المخملية وبينها قبعة غابريال المخملية التي احرقت سهوا. ‏ولكنه رأى في وضوح شيئا خاصا به يموت معه. في تلك اللحظة احس ماركيز بأنه ولد ‏كاتبا وهو لا يزال في المدرسة الابتدائية ولا ينقصه الا تعلم الكتابة. وبواقعيته السحرية ‏يكتب كيف ماتت عمته: خيّطت كفنا على مقاسها بتأنٍ بالغ واستلقت به في تلك الليلة ولم ‏تودع احدا، بلا مرض بلا آلم. تأهبت للموت، وملأت استمارات الوفاة واجراءات الدفن‎. ‎ماذا يفعل الكاتب ازاء حوادث حياته وتأثره برؤية معينة كان يتطهر منها في القصة ‏القصيرة؟ مات الجد وماتت العمة وصار البيت بلا روح حينما لم يعد هناك من يعود في ‏القطار‎.‎
    يذهب الى بوغوتا لمتابعة دراسته ويتذكر منها الاحصنة الضخمة والعربات الفاخرة وذاك ‏الاعلان الكئيب. يروي رعبه مع الامتحانات والقلق الناجم عنها‎. ‎ويتعلم في المعهد ‏الوطني ما لن ينساه: في جوهر كل منا توجد البلاد بأسرها‎.‎
    ماذا عن اول قصة كتبها ماركيز وعن علاقته بالكتابة؟ كانت قصة عقدة نفسية هاجسية ‏كتبها متأثراً باكتشافه كتابات فرويد. اما شعور الكتابة لديه فهو التزام. اما ان اكتب او ‏اموت. او في تعبير ريلكه: اذا كنتَ تظن انك قادر على العيش من دون كتابة فلا تكتب‎.‎
    واللافت ان شهرته لم تكن كقاص او شاعر او روائي بل كخطيب سياسي إثر خطبة ‏القاها بعد الحرب العالمية الثانية. كتب الشعر تحت اسم مستعار هو خافيير غاريتش ‏معتبرا الامر تمارين حرفية غير طالعة من الروح وبلا قيمة شعرية‎.‎
    في مستهل حياته الصحافية كتب روبورتاجات طولها متر او متر ونصف المتر وكان ينام ‏على الورق ويصل الليل بالنهار. انضم الى جماعة من الشعراء والادباء وتدرّب معهم ‏على امكان فقدان الصبر انما من دون ان نفقد على الاطلاق حس السخرية‎.‎
    وتلقن في بداية حياته كاتبا من رامون غوميث لاسيرنا قاعدة لن ينساها طوال حياته لا ‏تعرض على احد ابداً مسودة مازلت تكتبها. ولا يتحرج البتة من ذكر غزواته الى ماخور ‏‏(القط الاسود) ومناقشاته الصاخبة المجنونة مع رفاقه في المجموعة‎. ‎ولكن ما هي اجمل ‏قصة سمعها ماركيز في حياته ؟! انها من كتاب ‏‎(‎الف ليلة وليلة): صياد يعد جارته بأن ‏يهديها اول سمكة يصطادها اذا قدمت له قطعة رصاص من اجل شبكته، وعندما تشق ‏المرأة السمكة لتقليها، تجد في داخلها الماسة بحجم لوزة‎. ‎يتحدث ماركيز عن مصادفات ‏كثيرة في حياته. يروي قصة روايته الثالثة ساعة الشؤم. كتب اصولها في الحي اللاتيني ‏في باريس ثم جعل من اوراقها لفافة لربطة العنق ودفنها في قاع الخزانة. ثم فازت ‏بجائزة قيمتها ثلاثة آلاف دولار في مسابقة شركة آسو الكولومبية يوم ولد ابنه الثاني عام ‏‏1962 . اما مأساته الشخصية المستمرة في الكتابة فهي الاملاء‎. ‎فبعد سبعة عشر كتابا ‏لا يزال مصحّحوه يصفون اخطاءه بأنها مجرد اخطاء مطبعية. وينهي ماركيز كتابه ‏بأزمته مع العائلة. يسهر ليلا في بيوت قاطعات الطرق وينام نهارا. تأخذه ارجوحة النوم. ‏لم يعد يقرأ. ينسى. بات غريبا في البيت. والداه يحلمان له بمستقبل لامع. يبدأ الصدام ‏امام الخيارات التخصصية. يرفض ان يكون ما ليس عليه او ما تريده له الحكومة ان ‏يكون. تقول له والدته: في امكانك ان تصبح كاتبا جيدا اذا صممت. يعاهدها بانهاء ‏الثانوية على الاقل. ويقول له والده: انك تمزق قلبي... ولكن يبقى لي على الاقل فخر ‏مساعدتك على ان تكون ما تشاء. ويعبر اخيرا الامتحان بنتيجة مميزة وجائزة خاصة هي ‏كتاب (حيوات الفلاسفة اللامعين) وكان له التقويم الافضل تلك السنة رغم اقتناعه بأنه لم ‏يكن كذلك‎. ‎في كتابه عشت لأروي يعبر ماركيز بين عالمين، ذاتي وموضوعي، في جرأة ‏وسخرية وتشويق، والفقرات مؤثرة يسقط فيها القناع بين الشخص والراوي، من دون ان ‏يتخلى عن واقعيته، وفي شعرية نابضة ورؤية عميقة. ماركيز هنا مثلما يقول كونديرا ‏ثمل بالعالم الموضوعي يرفعه الى نطاق يصير فيه كل شيء واقعيا وغير معقول ‏وسحريا في الوقت نفسه‎. ‎عشت لاروي: كتاب اخاذ لروائي قل نظيره يفتح فيه نافذة الى ‏داخل الروح، وهو في الوقت عينه شرفة تطل على عالم ماض في حركته وتغيره ‏وغرابته‎.‎
    المؤلف: غابرييل غارسيا ماركيز. ترجمة: صالح علماني
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de