05:49 AM March, 08 2016 سودانيز اون لاين
كمال الهدي-الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر
تأمُلات[email protected]
لا خير في أمة تموت بموت رجل لو يعلم ذلك المهرج الذي ظل يردد هذه العبارة بعد موت الترابي( رحمه الله).
فعندما توفى الله أفضل الخلق رسوله الكريم محمد بن عبد الله ( صلى الله عليه وسلم)، خرج على الناس صاحبه أبو بكر الصديق ( رضي الله عنه وأرضاه) قائلاً من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت.
لم يقل الصديق ( رضي الله عنه) قول الجهلاء، أو يبشر بموت أمة محمد بعد موت قائدها وسراجها المنير ( صلى الله عليه وسلم).
عبارات ومقالات مثل التي تُدبج هذه الأيام تؤكد أن الترابي كان ساحراً وليس مفكراً.
فعندما تستمع للتسجيل الصوتي الذي خاطب فيه بعض الطلاب وتسمعهم يضحكون على سخريته من عذاب القبر ومجئ الملكين للميت بعد رجوع الناس من المقابر، يتأكد لك أكثر أن هؤلاء القوم وقعوا تحت تأثير سحره وليس فكره كما يزعمون.
وكيف لنا أن نسلم بفكر الترابي ونحن نشاهد مدى الدمار الذي لحق ببلدنا جراء سياسات نظام هو عرابه.
المفكرون الحقيقيون يضيئون حياة البشر، لا يحيلونها إلى ظلام دامس.
المفكرون الحقيقيون يفتحون دائماً أفاقاً أرحب ويشجعون الناس على المضي قدماً في الحياة، لا يربطونها بهم ليشعر هؤلاء الناس وكأن كل شيء قد توقف بعد رحيلهم.
المفكرون الحقيقيون يحرصون على تنمية وإعمار بلدانهم لا هدمها وتدميرها.
أنظروا مثلاً للشيخ زايد (رحمه الله) وكيف أنه حول بلده إلى ما يشبه الجنة في الأرض، رغم أنه لم يتخرج من أعرق الجامعات ولم يحصل على درجة الدكتوراة، أو يتحدث أربع لغات.
أنظروا لسلطان عمان قابوس (متعه الله بالصحة) وكيف أنه حول بلاده خلال سنوات قليلة - قياساً بتاريخ الشعوب- وصنعها من العدم.
هل تصدقون أنه في عام 70 عندما كان السودان منارة في كل شيء لم يكن في سلطنة عمان سوى مدرسة واحدة فقط!
تعالوا اليوم لتشاهدوا حجم التطور الذي شهدته السلطنة خلال هذه الفترة القصيرة.
لا تقولوا لي أن هذه البلاد نفطية، وأن الثروة هي التي ساعدت قادتها في البناء والتعمير، فالسلطنة مثلاً لم تكن تُنتج من النفط ما يكفي في تلك الأوقات.
وحتى يومنا هذا لا يتعدى انتاجها 800 ألف برميل في اليوم، علماً بأن تضاريسها قاسية جداً الأمر الذي ترتفع معه تكلفة استخراج النفط وكلفة تشييد الطرق والجسور والمشاريع التنموية.
وهناك في السودان انتجت البلاد نفطاً على مدى سنوات طويلة دون أن ينعكس ذلك على حياة مواطنيه مطلقاً.
لست مكابراً لأقول أن الترابي كان قليل المعرفة أو جاهلاً، بل كان عالماً بأمور كثيرة ورجلاً غزير المعرفة وذكياً لأبعد الحدود، لكنه للأسف استغل كل ذلك أسوأ استغلال.
لهذا لن يهمنا كثيراً ما يردده وما سيكتبه بعض من يبحثون عن أدوار فقدوها من كتاب المقالات مدفوعة الثمن أو الصحف التي تخاف من البوار، أو السياسيين الذين يرغبون في اللحاق بالركب قبل أن يفوتهم أكثر.
لو كان للترابي دوراً واسهاماً فاعلاً وملموساً في حياة السودانيين عليكم أن تأتوننا به وسنكون أول من يساندكم في فكرتكم.
أما هذا الكلام الإنشائي لاستدرار عطف البسطاء فلن يجدى نفعاً.
فهؤلاء البسطاء أكثر من عانوا من السياسات الخاطئة والظلم الذي وضع لبناته الترابي، لذلك لا أظنهم سينقادون وراء حملات الدعاية المتأخرة.
القصد طبعاً ليس الترابي في شخصه فهو قد رحل عن دنيانا، لذلك ما يسعى له من تخصصوا في تزييف التاريخ في قادم الأيام هو محاولة إيهام الناس بضرورة استمرار مشروع الترابي كنوع من الوفاء له.
ولا أدري كيف نطالب الناس بالوفاء لمشروع لم يكن وفياً لهم ولحياتهم.
فالمشاريع الهدامة التي تحيل حياة البشر إلى جحيم لا يحتمل يجب أن تتوقف لا أن تستمر بحماس وفاءً لأصحابها أياً كانوا.
استغربت وتأسفت وحزنت كثيراً وأنا أقرأ تصريحاً للرجل الذي اشتهر بتجهيز القبور ( درمة).
وسبب حزني هو أن الرجل يقوم بعمل كبير لا يحتاج معه لأي رياء للناس أو نفاق لكي يجازيه عليه المولى عز وجل خيراً وفيراً.
قال درمة ، أو قيل نيابة عنه أن الترابي ساقه قبل أسبوع لمكان قبره الحالي وطلب منه أن يُدفن هناك.
أتمنى ألا يكون هذا الكلام صحيحاً وفي هذه الحالة نتوقع من درمة أن ينفيه.
المقصود طبعاً من مثل هذا الكلام مزيداً من مفعول السحر على من ينجذبون للرجل والسعي لتوسيع قاعدة المسحورين.
المعني طبعاً أن الرجل صالح لذلك عرف بدنو أجله لذلك أخذ درمة وحدد له مكان دفنه.
وهو تصريح مضحك وهزلي بمعنى الكلمة.
تصريح عبثي يشبه ما أتى به من قال أن صاحب البقالة القريب من بيت الراحل طالب بألف جنيه ثمن زجاجات بارد استدانها منه الترابي عندما أتاه بعض الضيوف!!
الترابي بجلالة قدره لم يكن يملك في آخر آيامه ألف جنيه!!
طيب كيف رقد في مستشفى رويال كير في يومه الأخير، والكل يعلم بأنه مستشفى خاص تبلغ فاتورته الملايين من الجنيهات لأقل فترة إقامة به؟!
المقابر التي زُعم أنه أخذ إليها درمة هي مقابر بري وكان من الممكن أن يقول الترابي أدفنوني هناك وانتهينا، دون الحاجة لتحديد رقعة محددة في تلك المقابر، أو أن يترك وصيته لأفرادج عائلته إن كان يرغب في أن يُدفن بجوار شخص معين دون الحاجة لمرافقة درمة إليها.
ثم أن المنطق يقول أن أمثال الترابي لم يكونوا ( يقنعون ) من الدنيا بسهولة، ولو كانوا يفعلون لقاموا في البداية بالاعتذار للملايين من المظلومين وطلبوا منهم العفو والصفح قبل أن ينتقلوا للدار الآخر.
تصريحات بعض المعارضين أيضاً جاءت مخجلة.
فحين يقول أحدهم أن آخر رغبات الترابي كانت لم الشمل، لا نملك إلا أن نقول " صبرنا يا رب".
فمن الذي قاد عملية شرذمة البلاد وتقسيمها وخلق الفتن بين أهلها، حتى تكون رغبته الأخيرة هي لم شملها؟!
يعني عادي أفقأ عين أحد عمداً وبعد أيام أو أسابيع أجيئه وأقول له أريد أن أساهم في محاولة لعلاج عينك، فيصدقني ( الأضينة) ويتوجه معي لأقرب طبيب ؟!
وهل كنا قبل مشروع الترابي وحزبه في شتات وفرقة؟!
عموماً سوف يستمر هذا الجدل البيزنطي ولن يخرج السودانيون مثل هذا الرجل من حياتهم لأن بيننا الكثيرين ممن يتلذذون بأن يولوا أمرهم كاملاً لفرد وحيد وكأنه مبعوث العناية الإلهية مكتفين بالجلوس كمتفرجين على المشهد.
في سياسة نصنع رمزاً وهمياً.
وفي الكورة ننتظر الفرج من رجل مال وحيد.
وفي الفن نتباكى على مطرب وحيد.
وفي.. وفي..
منذ اليوم الذي قال فيه الترابي أنه طلب من البشير أن يذهب للقصر رئيساً، فيما يذهب هو للسجن حبيساً كان من المفترض أن نُخرج مثل هذا الرجل من حياتنا، لكننا لم نفعل للأسف .
لم نفعلها وهو حي والمؤسف أكثر أننا لن نفعلها حتى بعد موته.
فما زلنا نصغي لبعض من يصدعوا رؤوسنا بالحديث عن أشياء تخص الراحل وحده باعتبار أنه لم يفيدنا بها كما أسلفت.
دعوتي لمن يخاف على صحته من ارتفاع ضغط الدم والأمراض المصاحبة أن ينأى بنفسه عن كل ما سوف يُكتب عن رحيل الترابي في مقبل الأيام لأن الحملة لن تتوقف بسهولة، فحاولوا على الأقل محاربة من يكذبون وينافقون بمقاطعة ما يكتبونه أو يقولونه عبر الفضائيات.
أحدث المقالات
تحية مستحقة للمرأة السودانية بقلم نورالدين مدنيشمال أفريقيا والشرق الأوسط: آفاق النمو في ظل الأزمات بقلم البشير الجوينيشرخ في ذاكرة الشعب/جرح في خاصرة الوطن بقلم الحاج خليفة جودةرسالة مفتوحة إلي الرئيس السوداني عمر حسن احمد البشير بقلم جعفر وسكةمُفاوضات..وثبات و مُغلطات..وإعادة صناعة الأزمات..!! بقلم عبدالوهاب الأنصاريالحرب على الاسلام بين الصليبية العالمية والأُمراءْ والعلماء بقلم محمد أسعد بيوض التميميما لَمْ يَقُلْهُ البشير و(أزلامه) في حلايب وأخواتها ..! بقلم د. فيصل عوض حسن وداعاً محمد مفتاح الفيتوري: قالها ولم يجبن انا اسود لكني حر امتلك الحرية بقلم ايليا أرومي كوكوتنامي قدرات منظمة مجاهدي خلق يرعب الملالي بقلم *طارق العزاوي - صحفي عراقيتحليل الأوضاع في اليمن...خلفية تاريخية موجزة من هم الزيود وما هو مدهبهممستقبل إدارة السلطة في العراق مابين الفيدرالية واللامركزية بقلم د. قحطان حسين طاهر/مركز المستقبل للدالألغام الأرضية وحقوق الإنسان بقلم جميل عودة/مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحرياتالبلدان النفطية والتكيف مع الصدمة بقلم د.حيدر حسين آل طعمة/مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجيما وراء أسوار تكريت؟ بقلم حمد جاسم محمد/مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجيةالحملة العسكرية السعودية على الحوثيين.. الأسباب والنتائج بقلم د. قحطان حسين طاهر/مركز المستقبل للدراأمريكا وسياسة البحث عن لاعب اقليمي بقلم أحمد المسعودي/مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجيةالحاجة لتفعيل مفهوم المواطنة والانتماء بقلم همام عبد الكاظم الجرياوي/مركز المستقبل للدراسات والبحوثنحو مدارس علمانية: التحدي الملحّ الذي يواجه المهاجرين في الغرب بقلم محمد محمودفلسفة زمن الكرامة – ال- آذاري بقلم سعدات بهجت عمر عوالم السخرية في رواية أرصفة دافئة للروائي المغربي أحمد الكبيري بقلم عبد القادر الدحمنيموازنة 2015 وقضم الدينار العراقي دراسة في الأسباب والتداعيات بقلم د. حيدر حسين آل طعمة/مركز الفرات لعدنان السراج يعود الى الحاضنة الإيرانية من خلال مهاجمة مجاهدي خلق في جريدة الصباح الجديدعندما يرتدى الإعلاميون ثوب العسكر ؟؟ (قصة تعايش ) بقلم وعدسة :نضال الفطافطةهَرِمَ الأبناء ورحل الأمهات بفعل السجن * بقلم / عبد الناصر فروانةأمي .. أمي .. يا أمي لك السلام وعليك السلام ..!! بقلم ايليا أرومي كوكومدرسة الريان من نسل الفساد و غياب المؤسسية بقلم حسين الزبيرمواقف "الازهرالشريف" وغضب"ازلام الملالي" بقلم *طارق العزاويالعقيدة بين الإخلاص والمُوالاة بقلم:رحاب أسعد بيوض التميميحق الإنسان في الحصول على الصحة بقلم جميل عودة/مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحرياتأزمة الحركة الوطنية الفلسطينية أزمة اليسار الفلسطيني بقلم رائف حسين - المانياحكومة العبادي ما بعد داعش بقلم عدنان الصالحي/مركز المستقبل للدراسات والبحوثباقة من الكلمات المضيئة من دفتر الاستاذة حليمة اسماعيل دودو امرأة العام في قناة جبال النوبةتسليح سكان ليبرتي خطوة ملحة لحقن الدماء بقلم *رشا المندلاوي – صحفية عراقيةالحشد الشعبي واستراتيجية الأمن الوطني بقلم د. علي فارس حميد/مركز المستقبل للدراسات والبحوثعلي شرفِ جماهير منتصرة بقلم محجوب التجانيحلقة نقاشية عن إدراة الدولة العراقية يقيمها مركز المستقبل وبالتعاون مع مكتب مجلس النواب في كربلاءخطاب رجوي في برلين والتشخيص الدقيق لمشكلة إيران والمنطقة بقلم وائل حسن جعفرالمرأة العربية ... ويوم المرأة العالمي بقلم عبد الرحمن الصّوفيعيد المرأة العالمي : اماه يا أماه كم تبقي من عمرنا فنلتقي ؟ بقلم ايليا أرومي كوكوجاليتنا وملاذنا في تورنتو مرحبا بكوكبة الكنديين السودانيين بقلم أبوبكر يوسف إبراهيمفي الذكري الثالثة لرحيل الفنان وردي ننساك؟!! ....الزيك بيتنسي!! بقلم حسين الزبيربلادي .... و الحب و عيده في عام 2015 بقلم حسين الزبيرانتخابات 2015 (5) لستن كأحد من نساء العالم ..!! بقلم محمد علي خوجلي لماذا نص النظام الأساسى لحركة/ جيش تحرير السودان على تمثيل المرأة بنسبة لا تقل عن 30% فى كل مؤسساترئيسة السودان المٌرتقبة والعهد الزاهر الجديد/ عباس خضربمناسبة يوم المرأة العالمي أين وصلت المرأة السودانية بعد عقدين من حكم الاسلام السياسي حسين الزبير“آمنة “ نخلة إنحنت/عواطف عبداللطيففي 8 مارس حسنة النور توتو تحكي الوجه الاخر لمأساة جبال النوبة من معسكر إيدا !/ايليا أرومي كوكو8 مارس / آذار اليوم العالمي للمرأة من كل عام/ايليا أرومي كوكوفي عيد المرأة العالمي: التحية لصمود أميرة عثمان محمد محمود Re: في عيد المرأة العالمي: التحية لصمود أميرة عثمان محمد محمود بمناسبة الثامن من مارس فاطمة أحمد إبراهيم المرأة النموذج بقلم : بدرالدين حسن علي