في البدء لابد أن أشكر السودان حكومة وشعبا ماضيا وحاضرا علي تفضله واستقباله بصدر رحب للاجئين من جميع أنحاء العالم .
في العام 1967 شهد السودان اول لجوء جماعي للإرتريين بسبب حرب الاستقلال التي نشبت بين المستعمر الأثيوبي والثورة الارترية ( جبهة التحرير الإرترية ) ثم تواصلت حالة اللجوء الجماعي حتي نهاية الثمانينيات وبعد أن نالت إرتريا استقلالها في العام 24/5/1993 عادوا بعض الارتريين إلي وطنهم طوعا وعلي نفقتهم الخاصة .. في ذلك الوقت رفضوا الكثيرين منهم العودة إلي وطنهم إريتريا نتيجة لخوفهم من النظام .. وفي العام ( 1994 - 1995 ) اعلنت المفوضية السامية بالتعاون مع الحكومتين الارترية والسودانية برنامج العودة الطوعية الي إرتريا ، وهنا قد أبدوا معظم اللاجئين إن لم يكن جميعهم الاستعداد التام للعودة ، الا أن من عادوا منهم كانو قليلين جدا من حيث العدد وقد قدرت أعدادهم بحوالي ( 23.000 ) لاجئ من اصل مليون لاجئ ارتري يتواجدون بالسودان حسب تقديرات الأمم المتحدة ومعتمدية اللاجئين .. ما يعني أن أكثر من نصف مليون لاجئ لازالوا يقيمون في السودان الشقيق أضف إليهم من يأتون كل يوم هاربين من ظلم وقع عليهم حاضرا او افترضوا أوان وقوعه فهربوا .
هؤلاء اللاجئين سيدي الرئيس يعيشون حياة بائسة حيث لاغذاء ، لاصحة ، لا تعليم ، لا ماء صالح للشرب .. في الماضي كانت الأمم المتحدة متمثلة في ال UN تقدم لهم مساعدات عينية تتمثل في ( رطل زيت ، ورطل سكر، وملوة ريقن ، ورطل ملح ، ورطل بسلة ) لكل فرد في الشهر .. كانت هذه المساعدات علي قلتها تساعدهم في العيش .. وكانت حكومة السودان مشكورة تعطي لكل اسرة 3 فدان من الأراضي الزراعية لزراعتها .. كان الله يبارك لهم فيها وكانوا يحصدون منها مايقارب الثلاثين شوال او أكثر .
في العام 2002 بدأ كل شئ يتغير جاءوا إلينا بكلام لم نستوعبه في حينها .. قسموا الناس للاجئين يستحقون اللجوء وآخرين لايستحقونه .. في السودان كان أكثر من 21معسكر للاجئين الإرتريين .. تبقي منهم تسعة معسكرات .
هذه المعسكرات تعاني كما أوضحت لك من أبسط مقومات الحياة ، بالإضافة إلي المشاكل الأمنية التي تواجههم .
سيدي الرئيس الناس في هذه المعسكرات تموت جوعا ومرضا وقهرا وألما .. ما كانت تقدمه لهم الأمم المتحدة لا يقدم لهم الآن .. كل شئ يمضي من سيء لأ سوء .. الأمم المتحدة تقدم للاجئ الإرتري الحديث الذي لم يتجاوز لجوئه سنتين في السودان 84 جنيه شهريا تخيل سيدي الرئيس 84 جنيه لشهر كامل .. أما اللاجئ القديم فلا يجد منهم جنيها واحد .. بحجة أنه قديم ويستطيع تدبر أمره ، في حين أنه يعجز عن توفير لقمة يومه .. وإذا مرض هذا اللاجئ مرضا يتجاوز الملاريا فعليه السلام وهو حتما يمرض بالجوع .
سيدي الرئيس هذا الموسم لا يبشر بخير فالأمطار كانت معدومة في مناطق اللاجئين والاعلام السوداني لايعرف الطريق إلي تلك المخيمات .. ربما لأن الصحفيين يخافون علي ارواحهم من عصابات الاتجار بالبشر وربما لاسباب اخري لانعلمها .. وفي ظل هكذا وضع أردت أن اخبرك بالكارثة التي من الممكن أن تحدث لنا .. مالم يتم تدارك الأمر بتوجيه شخصي من سعادتك .. كما نمني أنفسنا أن تزور تلك المعسكرات لتري بعينك ما يحدث فيها وتسمع من اللاجئين شكواهم .
سيدي الرئيس أعلم حجم المسؤلية التي في عاتقكم ولكني أحسب أن من يحتمي بكم يقع ضمن اهتماماتكم الشخصية .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة