أهديكم مقال الأستاذ علي الناير، المنشور في سودانيزاولاين، تحت عنوان السودان.. إشلاء مبعثرة في نفق مظلم..! في البدء له التحية والتقدير. مقاله ناصع ورزين..! مقال سطر فيه أزمة وطن، وآلام شعب، مقال يرأى فيه المرء كل الضحايا، والدماء والدموع، وعذابات الأرآمل، والثكالى، والأطفال والفقراء.. مقال لخص العذابات والإنكسارات والخيبات، مقال فيه عدة تساؤلات كبيرة وخطيرة.. تساؤلات تجعلنا ندرك، أن الناس طباع، بعضهم بشراً، وبعضهم الآخر، كأصناف الحيوانات، بلا عقل..! لذلك ستون عاماً إنطوت على إستقلالنا الوطني.. بلا إنجاز، أو أنجازات.. والمعذرة، لكلمة "إستقلالنا" التي لم أستخدم مفردة، سواها من المفردات.. لأني لا أتوفر على ملكة الكتابة مثله.. لإستعيض عنها بمفردة مغايرة، تصف الحال، وتتوافق مع سياق الآحداث .. بالطبع، لست الوحيد الذي يخذل الناس، ويختزل الآحداث ووقائع التاريخ، ويتلاعب بمفرداته.. فالتاريخ جعبته ملأى.. فثمة تواريخ للأحداث، تحمل أسماء مستعارة كثيرة.. وأحداث في رحم الغيب مرتقبة، هي الأخرى تبحث لها عن مفرادات مناسبة.. لعلها تجدها في قابل الآيام، ومواعين اللغة حتماً، لا تبخل... إذن، تبقى كل الأسئلة جائزة، وجائعة للأجوبة، فمن حقها أن تلاحق التاريخ تستنطقه وتستفسره، عن ما يخبئه للمستقبل، أكثر مما يرويه عن الماضي، في ضوء معادلة تاريخ البشرىة المختلة، وفوضى جغرافية الأمكنة، والتاريخ لا يزال ينتظر... ينتظر منجزات ضرورية شتى، لتحدد ملامحه، وترسم هويته، ومن ثم تحدد موقعنا في خارطته، وفي الحياة، والناس، والأشياء، والأحداث، فالحياة منفصلة، خارج سياق التاريخ وأحداثه، لا نبض فيها، كما ان الناس منفصلين عن التاريخ، لا نبض فيهم، فهم وهو سالب وموجب.. هكذا تتداخل المعاني، وتتكامل الأدوار، ونحن ربما يحن علينا القدر يوما، ونفلح في ان نصنع ثوباً نغطي به عارنا أمام التاريخ، والأمم والشعوب من حولنا، أو نمتلك الشجاعة في اللازمة لنواجه انفسنا بالسؤال الكبير: لماذ فشلنا في إرساء دعائم الدولة، التي تحتفي بالمواطن وتحترم حقوقه، كما في الديقراطيات الحديثة..؟ وحسبنا، أننا الشعب الوحيد، في محيطنا العربي والافريقي، الذي نال إستقلاله من تحت قبة برلمانه... فالديمقراطية ولدت فينا، وولدنا فيها، وقاتلنا في سبيلها مرتين في إكتوبر ومارس / أبريل، فهي تاريخنا، وروحنا، وهويتنا، وعشقنا الأبدي.. لكن للأسف عشقنا هذا، سرقه الطغاة وتجار الحروب.. فقصة عشقنا الوليدة إجهضت في مهدها، وخطوات بناء الدولة تعثرت على أكثر من صعيد، فقدنا البوصلة، وغابت الحكمة، عن ممارسات قادتنا، لذا ضللنا الطريق، وتهاوت الآحلام، وإنهارت المسيرة، قبل ان نحقق إنتظام حياتنا وعلاقتنا في ما بيننا ومع الدولة. فأضحى السودان الحلم، كبش فداء بيد من يفكرون بعقلية الطوائف والقبائل والجهويات... هكذا إنطرحت الأسئلة، من يرمم إناءنا المكسور؟ وعين السماء مكسورة، مثل مصباح تهاوى على رؤوس أطفال، ينتظرون امام مخبز بلا خبز.. فأين نحن من الوطن الذي يجمع المواطنين، لا الوطن،الذي يجمع السراق والمجرمين؟ هل نحن، في السودان، وطن بلا مواطنين...؟ واستطيع القول، إن السعي لإكتمال أركان دولة المواطنة وبناء ثقافتها المرتبطة بها، والمعبرة عنها، هو شرط نجاح وإستكمال بناء لوحة وطن المواطنة المرتجاة. وبالعكس، تظهر الأسئلة الحادة، كالاسئلة التي طرحها الاستاذ علي الناير، في مقاله، الذي يتقطر ألماً، حول المواطنة ومعناها، وكلما تعثرت خطوات بناء الدولة أو واجهت المجتمع، على صعيد ما، وفي زمان ما، كما هو قائم الآن، الحياة أصبحت كلها عثرات وتحديات في كل مفرداتها، من أمن، وسلام ، وغذاء ودواء، في قت تتضمحل فيه صورةالوطن وتتضاءل وتتلاشى يوم بعد آخر. تتعقد الحياة،وتصعب الاسئلة، لان نشوءالدولة في السودان حتى الآن لم يتزامن او يتبعه، على الأقل، إكتمال صيغة المواطنة بكل أبعادها وإحقاق دورالمواطن في الدولة والمجتمع. من هنا ينطرح السؤال ماهي المواطنة المطلوبة..؟ ولماذا لم ننجزها بعد، رغم مرور ستين عاماً..؟ وإلى أي حد يساهم غياب الحرية والديمقراطية في ذلك..؟ وغياب التوازن في التنمية..؟ والعدالة في توزيع العائدات والحقوق والفرص..؟ أم أن الأمر له علاقة بالثقافة ومستوى الوعي، والتربية وطرائق التنشئة..؟ وما يحمله البعض في ذهنه وعقله من مفاهيم ومظاهر سلوك وممارسات مناقضة لمفهوم المواطنة، مما حال دون إحقاقها..؟ ان هدفنا الرئيسي من طرح هذه التساؤلات هو الوقوف على المسببات التي أدت الى مثل تلك الاوضاع التي عرضناها، ومهمة الإجابة عليها، حتماً، منوطة بالجميع لاسيما المثقفين منهم، وحتى يتحقق السلام، وتخضر الحقول، هناك كلمة حق لابد ان تقال، ونحن نواجه هذه المعضلة، زبدتها أن غياب الحرية والديمقراطية هو العامل الأساسي، الذي حال دون إنجاز دولة المواطنة، لذلك لابد من وضع حد للمهزلة، ومسيرة العبث، بخوض معركة النضال للخلاص من هذه الاوضاع وصانعيها والمستفيدين منها. فخطوة كهذه لابد منها، تعبيراً عن وعينا بالأزمة، التي تواجهنا، واسئلتها، وتحدياتها، وخياراتها وإختياراتها.لنتعرف عليها من خلال مصادمتها من الداخل، ونتلمس وجودنا فيها وفينا، فمغامرةالتحدي هنا، هي معركةالجميع، بالأخص المثقفين فى إجتراح الاسئلة، وصولا للاجوبة، لانه، كم هو قاسي على الذات الواعية الحرة، ان تعيش كل هذه العذابات والمرارات، كل هذه السنوات، والاسئلة الكبيرة، حتى الآن بلا أجوبة.. حتماً الاجوبة ليست عند ديناصورات السياسة، بل هي عند الجيل الجديد، جيل هذا عصر التكنولوجيا والإنتريت، الذي له هو نصف الحاضر وكل المستقبل، لذا هو جدير بوضع حد للأزمة التي إن إستمرت أكثر، فهي حتماً ستصبح كارثة أخطر على الجميع الطيب الزين
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة