مواصلةً لما سَبق في الشأن القاهري ، وأعني بالشأن القاهري الجالية السودانية بمصر ، وعلى وجه التحديد المُهمشين من أبناء النوبة والنيل الأزرق ودارفور. وحتى لا يعتقد البعض بأني من المُعارضين لفكرة الحوار وجدواه ، فإني كُنت في لجنة حوار قبل أن يبدأ حوار الداخل. ولكن مُشكلتي هي إيماني بأن من يرفع شعار الدين (هي لله) لابد أن يكون شفّافاً وشفيفاً. ويكون الوطن الكبير الذي يَسع الكل هو همّه وشغْله. كُنت قدْ تحدّثت عن مركز الأب فيليب كوعاء مقترح من بعض أبناء النوبة والنظام بالقاهرة ليستوعب قضايا النوبة في الداخل والمهْجر، وليكون بديلاً لرابطة أبناء جبال النوبة بالقاهرة التي تُتّهم بالتطرّف والإبتعاد عن الوسطية في طرح قضايا النوبة. ولذلك كان ملف إنشاء مركز الأب فيليب بيد المُلحقية الأمنية بالقاهرة. وأكثر من ذلك في حقْبة (مُرسي) الرئيس الأسْبق أو السابق لمصر كانت ملفات النوبة والنيل الأزرق ودارفور تُدار بتعاون من النظام حينها ، بإعتبار أن هذه المناطق ستكون مؤئلاً للتدخلات الأجنبية والنصرانية وتهديد الهُويّة الإسلامية والعربية. كان على المنظور القريب أن النظام الحاكم بالسودان قد يتعرض لما يجري في دول الربيع العربي مع أن النظام نفسه يستبعد هذا الإحتمال في الظاهر، وتستيقنه أنفسهم. لذلك كان لابد من مخْرج يُحافظ على وجود النظام أو حتى عدم إزعاجه ، ويُعطي الآخرين بعض من فتات الخبز. وحنكتهم السياسية أوصلتهم لإدراك أن النار من مستصغر الشرر، لذلك فالروابط العرقية والكيانات ذات الطابع الإثني تُكمل الحلقة مع الحركات المسلحة بمناطق الهامش إن صّح هذا التعبير. فبدأت السفارة السودانية بالقاهرة أول إجتماع لها مع شريحة من أبناء النوبة كبداية لتنفيذ مشروعات الحوار مع المناوئين ، وكنّا نعلم أنها حوارات زائفة (Sham dialogues) ولكن كنّا نماشيهم حتى الباب ، وحتى نفهم أنماط تفكيرهم ومناحيها. وكان سفير جمهورية السودان بالقاهرة يعمل جادّا من أجل نقطة إلتقاء لوجهات النظر والخروج بما يُرضي الطرفين، وبالمقابل المكتب السياسي بالسفارة بأفراده الراسخين في النظام كانوا يعملون لإنفاذ البرامج المُخططة لمآلات الحوار ، بمراقبة بعيدة ربما حتى من جامعة الدول العربية. نعود لفكرة مركز الأب فيليب ، فالنظام الحاكم وصل الرُشد وإعتبر من إنفصال جنوب السودان ، ويعلم تماما أن المُخطط لإنفصال بقيّة مناطق بعينها من السودان سيصبح حقيقة وواقع ، لذلك يجب أن يستعين بحُسن نوايا البعض وسوء نوايا البعض من أبناء النوبة عبر آليات مدنية أو سياسية لتنفيذ عمليّتين هما: * الإزاحة الذكيّة (Smart displacement) للعرقيّة النوبية في جبال النوبة. * القضاء على الحركات المسلحة بجبال النوبة وعزْلها من أن تكون الواجهة. ولكن يجب أن يتم ذلك بآليات مختلفة ، وهي إنتهاج أسلوب الحوار، وقيام مشروعات تنموية نسبية على أن تكون هذه المشروعات ضمن آليات تنفيذ المُخطّط. وبنفس هذا الأسلوب تعمل الولايات المتحدة وبعض الدول لإقناع النظام بالحوار ، ومن ثم من خلال التفاعل التلقائي (Spontaneous interaction) يتم إزاحة النظام دون اللجوء للسلاح أو الإبتعاد عن مناطق سلطة النظام(Jurisdiction). ولكن كل هذه السناريوهات التي تُدار على رأس الشعب لا تخدم له قضايا مُلّحة من أكل وشرب وسكن وعلاج ، والمصالح هي التي تتحكّم في صيرورة الأمور بين اللاعبين الكبار. العمليّتان المذكورتان أعلاه ليس مستثنا منهما منطقتي النيل الأزرق ودارفور ، ولكن رويدا رويدا يتم إنفاذ ما يجب إنفاذه حسب الأولوية. في الواقع لست ضدّ الحوار في السودان لأنه حقّ لمن إرتضوا الجلوس للتحاور ، ولكني ضدّ عدم الشفافية والتآمر. لأن وفد القاهرة المكوّن من عيسى حمدين وصحبه الميامين لا يُمثل أي كيان من كيانات القاهرة المجتمعية والسياسية ، وحتى اللجنة التي كان هو ضمنها تخابث عليها لأن هنالك نقاط كثيرة كنّا نودّ توضيحها للمؤتمرين بالداخل فتهرّب منها مرتيّن ، ويتم إختياره هو لأنه يمُثل النظام الذي إستولى حتى على بيت السودان المجتمعي ، وصار يُنفذ مُخطّطات مثل مركز الأب فيليب المُفترى عليه ، مع أن تأسيس المركز فعليا تم في مدينة نصْر بواسطة أبناء نوبة شُرفاء. وأسال أخي عيسى من هم أعضاء المركز الحاليين ، وأين مقرّهم؟ لعله في رابطة أبناء شرق السودان ، وماذا يفعل أعضاءه حالياً؟ ولمن توّجه الأنشطة؟. ثم بكل براءة أين الفلوس التي تبرعت بها السفارة السودانية بالقاهرة لأبناء النوبة عبر هذا المركز البديل للرابطة؟ لا نريدها، ولكن يجب ان لا تكون في جيب (البدلة)! أخي عيسى حمدين قلت أنك تمثل المجتمع المدني بالقاهرة بإعتباركم الأمين العام ، وفي ذات الوقت بأنكم تمثلون أبناء النوبة لما لكم من ثِقل! دَعنا نوافقكم الرأي ولكن هل غيري يوافقكم فيما إدّعيتم؟ أنا أعرف أن العنوان الذي ذهبتم به للمفاوضات هو بعد خطابي للسفارة معنون للسفير (ذات نفسه) ولللجنة الفنيّة إستفسر عن تمثيلكم وعن أضابير لجنة الحوار التي كانت غطاء رحمة لما باطنه من شرّ. ولكن أيضاً دعني أسألكم عن الجلسة أو الجلسات التي ضمّت سفير السودان بمصر والسفير المفوّض حسن العربي والسفير المفوّض رشاد فرّاج الطيب والقنصل خالد وومثل الأمن عصام الدروقي ، ومن صحبهم من طاقم. وما مصير الأوراق التي قُدّمت وهي: * ورقة بعنوان الملف التعليمي ، * ورقة بعنوان ملف التوظيف ، * ورقة بعنوان ملف العودة الطوعية ، ورقة بعنوان الملف الإجتماعي. وورقة بعنوان الملف الإنساني. أذكر أنّه جاء الأخ حسّان حسن بإعتباره رئيس منظمة النهر الخالد وإحتجّ على تهميشه وعدم تقديم الدعوة له إن كان كأحد أبناء النوبة أو مجتمعاً مدنيّاً. وكان ردّ السفير له بأنه لا إستثناء وكل أبناء النوبة معْنيون بهذا الحوار. وردّ عيسى حمدين والأخت سلوى حماد بأن الدعوة كانت عامة وقُدِّمت حتى للرابطة؟ فمن يا عيسى دعيتم في هِجْرتكم هذه؟ أقصد من كيانات النوبة. وحتى من كيانات المجتمع المدني مثل منظمة النهر الخالد وجمعية أصالة وغيره. الآيام القادمة ستشهد إعادة تشكيل لكيانات إثنية ومجتمعية للتصدّي لكل ماهو هاضم لحقوق الغير على بُعد إنساني وسياسي. ونشكر إخوتنا في مصر على المستوى المجتمعي الذين يهيّئون مناخات وبيئات لحوارات هادفة تسعى لسدّ فجوات الخلافات السودانية السودانية، دون إقصاء لأحد أو تهميش لفئة دون أُخرى. ونأمل في تأصيل مثل هذه المبادرات المصرية على المستوى المجتمعي والشعبي. ونستمر إن شاء الله في إماطة اللثام عن حوار القاهرة مع أبناء النوبة بعد إستئذان آخرين في اللجنة بطرفهم معلومات لا أرغب في كشْفها بتصرّف وإنما كما هي على هيئتها الخام. كما هنالك قضايا مثل (السيّدة النوباوية) التي كانت بإحدى سجون مصر وعند الإفراج عنها أحالتها سفارة السودان لسفارة جنوب السودان عن قصد! مما تسبب في إعادتها للسجن مرة أخرى. نسيت أنْ أقول أنّ سياسة الإزاحة للشعوب الأصلية في جبال النوبة أو النيل الأزرق أو درافور ليست من أجل الإحلال العرقي فحسب ، وإنما لحماية الموارد من بترول ومعادن في تلك المنطقة. فالنظام يطمس التاريخ المشترك لأهالي هذه المناطق والثقافة القائمة هناك ، ولكن هذا يستغرق وقت، لذلك الأرض هي التي يُمكن إخلاءها بسهولة عبر (العصا) وهي هنا السلاح أو الحرب ، و(الجزرة) وهي هنا فتح سُبل النزوح لوسط السودان وشماله ، أو اللجوء لخارج حدود الوطن. ربما البعض لم يفهم لما حُولت السيدة النوباوية لسفارة جنوب السودان؟ الإجابة: هي ليست مواطنة سودانيّة. مرة أخرى سنُركّز في قادم الآيام على كشف مشروع ( فيليب غبوش) الذي يمثِّل للنوبة عنوان متناقض (Paradoxical title) ، بحيث أن عنوان المشروع جاذب ، وأهدافه طاردة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة