المراقب لأسس القضية السياسية التي انطلقت منها الحركة الشعبية لتحرير السودان، يجد انها إنطلقت من القضايا الحقيقية والواقعية المباشرة ذات المظاهر والانعكاسات اليومية الماثلة في العلاقات والتفاعل البيني و حياة الناس بشكل عام، و قامت على السعي لانتزاع الحقوق المغيبة لأغلب الجماعات المكونة لما عُرف ( تجاوزاً) بالشعب السوداني الذي لم يتشيأ بعد، وقامت على المطالب المدنية المشروعة للناس في العيش المتساو والحياة الكريمة والحق في المشاركة في الحكم والثروة، مما دفع بقيادتها حينذاك لفتح الماعون المطالبي لكل مكونات البنية الاجتماعية للبلاد القادمين من الجنوب والغرب والشرق والشمال والوسط، ولم تنغلق على (جنس أو دين أو فكر) لان ثلاثتهم تعتبر معايير صفوية إقصائية لا تتناسب وأهداف الحركة التي تعمل على تحرير السودان من الأحادية وليس من دين محدد او من جنس محدد او من فكر محدد، لدرجة انها وضعت كل الأديان جانباً وكان دينها العدل لُب كل الأديان، و تجاوزت كل فلسفة الفكر السياسي المستورد وأنتجت مشروعها الفكري الخاص الذي إستخلصته من حقيقة المشكلة السودانية القائمة لا من كتب النهضة الأوروبية، و كل الناس تعلم إن الأحادية التي تحكم السودان ليست فكراً محدداً، لان كل المناهج الفكرية الذرائعية حكمت السودان ( طائفية دينية/ديمقراطية/عسكرية/يسارية وسطية/يسارية انقلابية متطرفة/يمينية وسطية/إئتلافية متعددة/يمينية ثيوقراطية متطرفة/عسكرية مسالمة الخ) و جميعها كان من حدب واحد، مما يؤكد ان التباين الفكري هنا كان مجرد جلد حربائي خادع يقوم الاخ بارتداؤه لانتزاع الحكم من أخيه من زوجة الأب، او الولد من العم، مما حتم على الثوار في مؤتمر البجا وفي الحركة الشعبية تحديداً وفي جبال النوبة والكمولو والسيد فيليب غبوش، وفي دارفور وكوش وغيرهما - الانطلاق من منطلقات تركز على الحقوق والمطالب الحقيقية، لا على الفنتازيا الايدولوجية التي تستورد نهجا ووسائل وحلول لا تمت للواقع بصلة، مما جعل من الحركة الشعبية كيانا جامعاً للمظلومين والمبعدين وضحايا العنصرية، فكان فيها القادة من كل الجنوب على وأسهم الدكتور جون، ولام أكول ومشار والرئيس الحالي سلفا كير، و القائد عقار، والقائد الفيلسوف بازرعة، والقائد يوسف كوة مكي والعقد الميمون من قادة الكمولو، والمناضل اوشيك موسى عيسى اوفار و محمد دين ورفاقهم، والقائد دانيال كودي، و القائد تلفون كوكو أبوجلحة، و اللواء إسماعيل خميس جلاب، والقائد ياسر جعفر السنهوري، والقائد الدكتور جمعة الوكيل منزول، والقائد عبدالرحمن رجب، و القائد يوسف كرة هارون، و القائد عبدالكريم كوكو، و القائد يوسف أبوصدر، و القائد جِبْرِيل كوكبا، و كل قيادات الكمولو والصخرة والزنوج الأحرار ، و الدكتور أحمد ذكريا، والدكتور عبدالله تية، و الدكتور الامين عثمان، و الدكتور نور الأنبياء أبوريدة، والمئات من الحائزين على للدكتوراة من أبناء النوبة في كل المجالات، و البروفيسورات، والمئات من أبناء دارفور الذين خرج اخر واحد منهم مع الدكتور لام أكول وهو الشاب أنور عمر موسى، و كانت الحركة الشعبية وقتها بوتقة لسودان متجانس مصغر، وميناء لكل اصحاب القضايا وكان اساسها العدل ومعيارها الالتزام والضبط وخيارها التعدد وقبول الاخر، و ديدن قادتها التضحية والإيثار على النفس.
اما الان أولاً أغرقها هذا العرمان في كون من الأيدولوجيا المستوردة الاقصائية الصفوية الطاردة، و التي تتناقض تماما مع مبدأ الحركة في التعدد والشمول وقبول الاخر، ووضع قضايا الناس سلما بإعلاء أفكار لأحزاب خرطومية حكمت جميعها وظل الهامش هو الهامش و ظلت مظالم النوبة كما كانت، وجعل من كل الحركة الشعبية مجرد خلية لحزب فنتازي عالق في هواء الوهم التاريخي الذي أقعد بقضايا السودانيين واهمهلها لصالح جدل سوفسطائي لا يهمه انقراض النوبة او اشتعال كل الهامش مقابل حربهم على القيم والاخلاق والعقائد الفطرية.
ثانياً مزق فيها كل قيمها المذكورة وأصبح يستغل قضايا الناس والضحايا لصالح المنصب فانتهي فيها عهد الإيثار، الذي كان فيه الدكتور قرنق يؤسس التجمع الوطني ثم يرشح آخرين لرئاسته، لا أن أن يعمل على شق تحالف بحجم الجبهة الثورية حباً في الرئاسة، كما عمل عرمان بكل ما أوتي من خبث ومكر لطرد كل أبناء الهامش من الحركة والمثقفين من أبنائها وقياداتها واستهدف خاصة أبناء النوبة الذين كان عرمان يمسك بملف إقليمهم لأكثر من ١٠ أعوام وكأن كل من بالإقليم قُصّر أو جهلاء، وحتى بعد فكه للملف طالب بتسليم الملف للاستاذ وليد حامد وكأن جبال النوبة دار أيتام، وقاوم كل وجود فاعل لابناء دارفور بالحركة، وطردهم جميعاً بلا استثناء لدرجة انه لم يبق منهم بالحركة الان غير الشاب المدلل المغفل النافع ( راكب حمارة الضيفان ) الدارفوري بن كانوي - دار زغاوة مواليد بابنوسة ابن القيادي بالحركات الدارفورية والتاجر بمدينة واو المقيم حالياً بتشاد و صاحب الجنسية التشادية، الذي يقلد عرمان حتى في التقوي بالمصاهرة والنسب.
عرمان شخص متسلق ليس لديه ولا جندي واحد في الميدان، وفشل في استقطاب أي رجل من خاصته لهذه الحرب الضروس، و لم يقدم ولا شهيداً واحد الا من اخواننا النوبة أسود الميدان الذين يستخدمهم هو كحطب محرقة و وقود لتدفئة مصالحه كطفيل متخفي بتاريخ مصاص يؤهله لازدراد كل نضالات المساكين الذين يصفق لهم للموت زرافات زرافات، ويتسوق هو ويتبضع في أوروبا باسم قضاياهم، ويستمتع بنثريات التفاوض باسمهم، بينما تدكهم هم وأطفالهم الطائرات، ويتفكه وكان من تقتلهم الطائرات بينما يشحذ العالم بآلامهم، و ينقب في بُطُون مبعوثي النظام عن وزارة ينزل عليها بالبراشوت ناسياً ان النظام رفض منحه وزارة في السابق لعدم امتلاكه المؤهلات العادية المطلوبة كحد أدنى ليكون الوزير وزيراً، و تم تخزينه في البرلمان الذي أجاز فيه صاحبنا قانون الأمن الوطني وكل القوانين العنصرية و المقيدة للحريات التي يتبجح الان بطلب إزالتها وكأنه ما أجازها كرئيس كتلة برلمانية ونائب عن حركة قامت ضد القمع وضد الظلم وصد العنصرية وضد الأكل باسم الشعب وضد الاسترزاق باسم ضحايا الانتينوف.
عرمان كائن يُغيّب وعيه الكِبر والانتفاش الزائف، وهو سياسي مصنوع من الاستغلال، فهو يستغل الهامش لصالح معتقدات مركزية هالكة، ويستغل الحركة الشعبية لامتطاء قضايا النوبة والنيل الأزرق والبجا وكل المستضعفين، ويستغل قضايا المستضعفين لصالح طموحه الأعور ومصالحه الشخصية، من مال وسلطة وجاه، و يستغل الطامحين من الشباب لتمرير اجندته في السيطرة على الحركة وأبنيتها، هذا الرجل فتت كل الهياكل المعروفة وبنى هياكل ظل يعتاش منها (الهليلة الوهمية ) التي يصورونها له فيصدقوا ويدّعيها، غادر المئات من القيادات التي مثل مشاغل النور الحركة بسبب هذا العرمان المندفع بكل ما الغرور من عمى ولا مبالاة كوقنا انه اصبح الان فوق النقد وفوق المسائلة وربما فوق الظنون. هذا الرجل قتل الحركة الشعبية فقط من اجل احياء نفسه الميتة بجنبيه وهو هائم فاقد البوصلة يخشى ان يرميه وعي الناس بقضاياها الى متقلبة النسيان، فتجده ينتظر ما ان يتم اعتقال شخص ما حتى يسارع بالاتصال وتبني القضية وإعطاء السيد او السيدة المعتقلة عضوية في حركته الشعبية التي أصبحت ( كنتيناً ) خاصاً به يعز فيه من يشاء ويذل، وما هي الا أيام حتى ينتهي الاحتفاء بلعنات من المحتفى به وليال حالكات، أو حالمات.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة