:: قبل الحديث عن موسم الإبتزاز، نحكي إحدى حكايات الفنان الراحل أبو داؤود..كان صديقه يستدين كثيراً، ثم يوزع الراتب على الدائنين، ثم يبدأ الإستدانة من أول الشهر..و لكن في ذات شهر، وزع الراتب على كل الدائنين، الدكان والفرن والخضرجي والجزار، ومع ذلك تبقى من المبلغ جنيهاً، فشرع يتذكر : ( ياربي نسيت منو؟، يا ربي الجنيه دا بتاع منو؟).. وعندما لم تسعفه الذاكرته بدائن، ذهب بالجنيه إلى البار ..وما أن صب النادل البيرة وطفت الرغوة الييضاء، وقف صاحبنا صائحاً : (آآآخ، الجنيه دا بتاع سيد اللبن)..!! :: وهكذا بعض الزُراع بالجزيرة .. أُكرر ( البعض)..وهم الذين يستدينون في بداية الموسم من المصارف (تمويلاً مهولاً)، ويزرعون ببعض مبلغ التمويل ويحصدون ما زرعوه بجزء مبلغ التمويل، ثم ينسون - أو يتناسون - ما عليهم من (كامل المبلغ) الواجب سداده ..ثم يتذكرون كامل المبلغ- فجأة - عند المطالبة بالسداد ثم يبحثون عن الصحف لتخرجهم من المأزق الذي هم فيه، فتناصرهم الصحف بالباطل، ثم تخافهم الحكومة وتعفيهم عن سداد مبلغ التمويل.. وبهذا تكون البلاد والعباد قد خسرت أموالاً تكفي لإستيراد أضعاف إنتاج هؤلاء ( البعض)..!! :: هكذا مشاهد وفصول مسرح العبث وإهدار المال العام (سنوياً).. وإعتباراً من الأمس، وبكامل التزامن مع موسم الحصاد، وبكامل التنسيق مع الإعلام، لقد بدأ موسم الإبتزاز المسمى مجازاً ب (موسم الحصاد) .. وعلى سبيل المثال، نقرأ التصريح الآتي : (نعترض على هذا السعر، ولا يتناسب مع تكاليف تحضير الأرض ومدخلات الإنتاج، فضلاً عن احتياجات المزراعين المعيشية)، أحمد عبد الباقي، عضو سكرتارية تحالف مزارعي الجزيرة والمناقل، رافضاً السعر التركيزي لجوال القمح (400 جنيه)..!! :: عبد الباقي يعلم بأن المزارع غير ملزم لبيع قمحه للحكومة، وكذلك يعلم بأن المزارع غير ملزم للبيع بسعر الحكومة (400 جنيه)، يعلم عبد الباقي بأن كل المطلوب من المزارع هو أن يسدد مبلغ التمويل للبنك الزراعي وكل جهات التمويل العامة والخاصة..فالسوق - داخلياً وعالمياً - حر، ومن حق المزارع أن يبيع لمن يدفع أكثر ثم يدفع ما عليه (بدون نقة).. وقد لا يعلم عبد الباقي أن هذا السعر المعلن من قبل الحكومة بمثابة دعم للمزارع، وليس بالسعر الحقيقي للقمح ..!! :: فاليوم، رغم ما يفصله عن موسم الحصاد بدول أوربا أكثر من أربعة أشهر، فان السعر العالمي لطن القمح - 10جوالات، زنة 100 كيلو - لم يتجاوز (200 دولار)..وباعتبار أن سعر الدولار في السوق الموازي (17 جنيه)، فهذا يعني أن السعر العالمي لجوال القمح لا يتجاوز (340 جنيه).. السعر العالمي (340 جنيه)، والسعر الحكومي (400 جنيه)، وهذا ما يسمى بالدعم ( 60 جنيه)..وعلى من يمثلهم عبد الباقي أن يختاروا من السعرين - العالمي الحر و الحكومي التركيزي - ما يناسبهم، ثم يسددوا ما عليهم من مبالغ التمويل ( بدون كوراك)..!! :: ومن المعيب أن يرفض عبد الباقي هذا السعر(400 جنيه، للجوال)، ثم يبرر رفضه بالنص القائل : ( متوسط انتاج الفدان 8 جوالات)، وهذا غير صحيح.. متوسط إنتاج الفدان في كل مشاريع البلاد لم يقل عن (15 جوال)، وما ذكره عبد الباقي هو الأدنى، وقد يتجاوز الأعلى (30 جوال)، كما حدث في الموسم الماضي ..وعليه، ربما حواشة عبد الباقي وآخرين هي التي لا يتجاوز حجم انتاج فدانها (8 جوالات)، بسبب الإهمال و الكسل ..وعلى كل حال، ما لم يتم فصل السياسة عن دولة مشروع الجزيرة، ليتساوى الزارع هناك مع كل زُراع السودان في (التمويل والسداد)، فلن يتوقف مسلسل الزوغان بأموال التمويل ..!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة