أكد الرئيس عمر البشير في حوار أجرته معه مجلة " الأهرام العربي" المصرية أكد أنه لن يترشح لفترة رئاسية مقبلة و قال ( إن ذلك موقف ثابت إن شاء الله لدي مدتان ستنتهي عام 2020 و لن أجدد بالدستور و لن يتغير الدستور) و قال أيضا (لقد أمضيت أكثر من عشرين عام و هذه أكثر من كافية في ظروف السودان و الناس تريد دماء جديدة و دفعة جديدة كي تواصل السير و الأعمار و التنمية) كان الرئيس قد قال ذلك قبل انتخابات عام 2015 لقناة الجزيرة، و بذات المفردات لم يغير فيها إلا القليل، و لكنه نكث عن ذلك، و قال إنه استجاب لرغبة قاعدة حزبه، فالرئيس ليس لديه رغبة في مغادرة السلطة، و المحكمة الجنائية تشكل هاجسا قويا لسيادته، الدليل علي ذلك، إن أية زيارة لسيادته خارج البلاد، يعتبرها تحدي للمحكمة، و ليس فرصة من أجل فتح مجالات في الاستثمار أو دعم في قطاع من القطاعات في البلاد، و حتى بعد عودته يتركز الحديث عن رغبة الرؤساء الأفارقة لمقاطعة المحكمة الجنائية، و هو ما يتمناه، و يظل الإعلام الرسمي يتحدث عن موضوع المحكمة باستمرار، مما يؤكد إنها تشغل جل تفكير الرئيس، لذلك يعتقد إن البقاء في السلطة يشكل حماية له. إن بقاء الرئيس في السلطة، رغم فشل نظامه في كل المجالات، و انتشار الحروب في البلاد، و قتل مئات من الآلاف من المواطنين في حروب عبثية، و الفساد الذي انتشر في كل مؤسسات الدولة، تحت غطاء الشعارات الإسلامية، ليس يعود لقوة النظام أو لالتفاف الجماهير حوله، إنما يعود لغياب المشروع الجاذب للجماهير، فهي لا تريد أن تخرج علي النظام و لا تري في الساحة مشروعا يبشر بمستقبل، فالمعارضة عجزت أن تتوحد حول برنامج واحد، و أيضا هي نفسها تقدم شخصيات قد استنفذت كل ما لديها، و أخرى جربت في الحكم و فشلت، إن المعروض في الساحة السياسية بقاء وفتافيت موائد سابقة، لا تلبي طموحات المطالبين بالخروج لإحداث عملية التغيير. و لماذا يكرر الرئيس ذات الحديث الذي قاله من قبل، و ملأ آذان كل من أصغي السمع و هو شهيد؟ فالحديث الأول لم يكن مجبرا عليه، و لكن عدم تنفيذه، قد هز ثقة الكلمة عنده، فأصبح الناس يتندرون بالقول غير الحق إنه كلام رئيس....! ثم بعد حديثه الأول برز صراع مراكز القوي في حزبه بقوة، و انقسم القوم كل يريد أن يرث مكان الرئيس، لم يكن الأمر في القطاع المدني بل حتى في القطاع العسكري، الذين أرادوا التغيير عبر انقلاب عسكري، فحسم الرئيس الأمر بعزل رموز مراكز القوي من السلطة. باعتبار أن التيارين في مراكز القوي كان أحدهم يستند لبقايا الحركة الإسلامية في السلطة، الذين ما عادوا يمثلون قوة بعد ما جرف الفساد أغلبيتهم، و الأخر لرموز داخل جهاز الأمن و المخابرات و بعض القيادات في الأقاليم التي أثرت عليها الأموال التي تنقل بالحقائب. هل يريد الرئيس من هذا الحديث مرة أخرى لكي يتأكد إن مراكز القوي قد ضعفت، أم ما يزال تحت الرماد بقايا جمر لها، و يتأكد إن الأمر كله أصبح في مجال الضعف رفيقا، لكي يعلن السودان ملكية بدلا من جمهورية لكي يتثني لسيادته البقاء في حتى الممات، ثم تنتقل وراثة الحكم لأبناء أخوته و يضمن بذلك ليس هناك طريقا للمحكمة إليه...! إن بقاء الرئيس في السلطة حتى عام 2020، هو امتحان للمعارضة، و لكل القوي السياسية التي تنادي بالتغيير، و هو بقاء لا يضيف شيئا جديدا، غير استمرار الأزمة، و حالة الضنك التي يعيشها الشعب السوداني، إن الرئيس طوال سنين حكمه لم تنعم البلاد لا بالرخاء و لا بالسلام و لا بالتنمية و لا بالتحسين في الخدمات بل كانت سنين حرب و بؤس و شقاء و أصبح 95% من الشعب السوداني يعيش تحت مستوي خط الفقر، و هو ما يعادل أقل من دولارا واحدا في اليوم، فالرئيس عاجز أن يغير شيئا بحكم المقاطعة و العقوبات المفروضة عليه، و بحكم ديكتاتوريته، و شمولية الحكم، و عاجز أيضا بحكم قرارات المحكمة الجنائية أن يتواصل مع العالم، لذلك تفقد البلاد أهم طرق الدبلوماسية لحل المشاكل الاقتصادية، و إيجاد طرق لجلب المساعدات المالية و الاقتصادية، لذلك بقاءه في الحكم لا يفيد، إلا أولئك الذين يرضعون من ثدي الدولة، و مجموعات الفساد التي انتشرت في البلاد، و التي تجد حماية من السلطة. قال الدكتور الترابي إن الرئيس يكره عندما يفتح الحديث عن الفساد، رغم إن كل الشعب يعلم إن الفساد ظاهر كرابعة الشمس في منتصف النهار. و لكن يظل هناك ضوء في أخر النفق، إذا كان الرئيس يريد أن يجعل لأخر أيامه في السلطة عملا يفيد هذا الشعب، و يخرجه من دائرة البؤس و الشقاء إلي التفاؤل و الأمل، في ظل حالة الضعف الشديد للسلطة و المعارضة، التي جعلت أزمات البلاد تتعمق أكثر و أكثر، دون أن يكون في الأفق أمل يلوح، أن يجعل من رئاسة الجمهورية دائرة قومية و ليست حزبية، و أن يكون هو محور التغيير بالصورة التي تدفع بالأمل، أن يحدث انقلابا في الساحة السياسية، في أن يصدر قرارات. أن يجعل من باقي أيامه في الحكم فترة انتقالية، يختار فيها حكومة بعيدا عن الرموز الحزبية " تكنوقراط" و يبعد الدولة و مؤسساتها عن العمل السياسي، و أن يطلق الحريات العامة و الخاصة و السياسية و غيرها، و يطالب من الأحزاب إعادة بناء مؤسساتها، و أن تقدم قيادات جديدة بعيدا عن التي شاركت في أية حكم من قبل، و يطالبها أن تقدم برامجها السياسية مفصلة حتى نهاية عام 2018، حيث تكون لجنة وطنية لصياغة الدستور تتكون من ممثلين لكل حزب علي شرط أن يكون قانونيا و سياسيا و شخصيات وطنية و أكاديميين يستندون في صياغة الدستور علي تلك البرامج السياسية، و بعد الانتهاء يقدم للأحزاب للمراجعة و طرحه لجمعياتها العمومية لإبداء الرأي، و حوار أخير عليه ثم يقدم لاستفتاء عام في البلاد لكي يصبح الدستور الدائم، و بموجبه تجرى الانتخابات العامة في البلاد. أما أن يقول الرئيس أن الأمر متروك لحزب المؤتمر الوطني، و اختيار رئيس الحزب هو الذي سوف يصبح رئيسا للبلاد، هذا يؤكد قصر النظر، هل الرئيس يعتقد إن هناك حزبا حقيقيا أسمه المؤتمر الوطني؟ إن حزب المؤتمر الوطني حزب دولة يتغذي من شرايين الدولة، و هؤلاء إذا فقدوا السلطة أصبحوا مثلهم مثل الاتحاد الاشتراكي السابق، و الحزب الوطني في مصر، لذلك لا تربط عملية التغيير، بهذا الحزب الهلامي، و حوار الوثبة الذي جرى في الخرطوم قد بين ضعف هذا الحزب و أنه لا يملك العقليات التي تستطيع أن تدير معارك سياسية مفتوحة، و هذا ما ذكره الرئيس شخصيا في اجتماع الهيئة القيادة لحزبه، فالفرصة ما تزال باقية حتى الآن هل سيفعلها الرئيس؟ رغم إن التجارب التاريخية للحكام الديكتاتوريين، تؤكد إن الدكتاتور لا يقبل علي مثل هذه الأفعال، لأنه لا يفكر بمنطق العقل، بقدر ما يفكر بحب السلطة. و تأكد إنك قد بلغت من العمر عتية، فأمر الله أيضا أجعله نصب عينيك، إلي جانب أن كل عوامل الثورة و الانتفاضة مكتملة، و يمكن أن تنفجر في أية وقت، بما يعانيه الناس من مشقة و مكابدة في ضنك العيش، نسأل الله حسن البصيرة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة