08:02 PM March, 05 2016 سودانيز اون لاين
هلال زاهر الساداتى-
مكتبتى
رابط مختصر
هي صبية كزهرة متفتحة علي قطرات الندي الصباحية وقد حباها الله الخالق بفيض من الجمال يشع نضارة ويخلب لب العابد المتبتل ، وعوضها الجمال الباذخ عن رقة الحال التي تعيش فيها في أحد الأحيآء الشعبية الموغلة في الفقر التي يصارع ساكنوها الحياة والمعيشة في كل يوم فينتصرون لماما" وينهزمون في غالب الأحيان وهم في كل أحوالهم راضين بقسمتهم الشحيحة مطفئين أشواق بعض طموحهم لحال أفضل بقولهم ( الحمد لله ) : وهو صبي عبر الطفولة الي عنفوان الشباب وحيويته ، وكان يدرس في السنة الأخيرة من المرحلة الثانوية ، وكانا قريبين في المسكن في الحي وكان يتعمد أن يخرج صباحا" في طريقه الي مدرسته في الموعد الذي تذهب فيه الي مدرستها .
كان يتهيب في أول الأمر أن يحادثها ويتبع خطاها عن قرب شاخصا" ببصره نحوها وقد يتعثر قدمه في حجر في الطريق المترب فينكفئ ويعتدل بسرعة ، ويشيعها حتي تصل قريبا" الي مدرستها ويقفل راجعا" متمنيا" لو أن الطريق طال ، ولو أنه خلا من الرجال والذين يصوبون سهام عيونهم العطشي الي مفاتن فتاته والتي أستحوذ عليها خياله الوقاد وابتني لها فصرا فى سويداء قلبه وملاه بحب لا يحد ولا يفنى. وطفق يسير على هذا الحال زمنا ليس باليسير، امضه الهوى وارقه الشوق وقد كان فى كل مرة يلتقيها فى مشواره الصباحى الى المدرسة . يخيل اليه انه لمح شبه ابتسامة مشجعة من ثغرها اليانع وفاض فى قلبه الشوق وفى ذات صباح ابلج الوجه نفض عنه تهيبه وتردده وحث خطاه حتى حاذاها وحادثها بصوت مضطرب ولكنه صادق : اسعد الله صباحك ياجارة وتمتمت بكلمات بصوت خفيض خاله ردا" منها علي تحيته ، ولملم شجاعته وقال لها : أليس من الغريب أن نكون في حي واحد ولا نتعارف ؟ أنا حاتم جاركم في الناحية الشرقية من الحلة ومنزلنا ملاصق لبيت حاج خالد ، والله عايرين نشوفكم وتزورونا ونزوركم ، وأجابته بابتسامة مشرقة أردفتها بكلمات قصيرة بصوتها الخفيض الرقيق لم يكد يتبينها ولكن صفقت نفسه طربا" بأن وجد قبولا" ولم يلاق صدا" ، والي هنا اقتربا من مدرستها فودعها الي ملتقي جديد في صباح الغد .
قضت سعاد يومها الدراسي مشتة الذهن مضطربة النفس خيالها حاتم وكلماته المقتضبة وتسآءلت في نفسها ، ماذا يريد مني ؟ أنه يبدو شابا" لطيفا" وشخصا" جذابا" لا يبدو عليه الطيش ولم تمنع نفسها من أعجاب خفي به حاولت عبثا" أن تكبته ، وفي ليلة ذلك اليوم والكل نيام في العناقريب المتناثرة في الحوش عصي النوم علي عيني سعاد وظلت ساهرة يلح عليها طيف خالد ، ولأول مرة في حياتها ينتابها شعور غريب يهتز له قلبها يماثل تفتح الزهرة عن أكمامها ، واستعذبت ذلك الشعور اللذيذ ، وفي هدوء غلبها الكري وراحت في نوم هنيئ ونفسها تتشوق للفآء الغد ... وفي الصباح كان حاتم في انتظارها وعندما شاهدته رف قلبها رفيف جناحى الطائر ، وألقي عليها التحية قائلا" : صباح الخير يا وجه الصباح السمح، الدنيا نورت بطلعتك ، ووجد الكلام يتدفق بعفوية من فمه وقال: أنا لم أنم البارحة ألا لماما" وفي هذه الهنبهات من النوم لم تغب عني صورتك الرائعة ، أن غاية أملي أن يضمنا بيت واحد برباط زواج ، كما تعلمين فأني بعد شهرين سأمتحن للشهادة ، وسأخطبك من أبيك وستزوركم الحاجة الوالدة قريبا" ، وأجابته بتحفظ مصطنع : أهلا" وسهلا" بالحاجة وتشرفنا في أي وقت ، وطرب قلب حاتم فرحا" وأيقن أن هذا الرد علامة علي القبول والرضا ، وراح ينسج في خياله واحة خضرآء من هنآءآت عذبة تضمه مع محبوبته الجميلة ، وصلر مذهولا" تترآءي له هذه الصور الحلوة في نهاره وليله ، بينما سعاد من الجانب الأخر أنفتحت لها سماوآت من الأماني والحيوات الممتلئة بالبهجة والسعادة تعمر حياتها في المستقبل مع حاتم ، وقالت في نفسها : ولكن متي يتحقق هذا الحلم الجميل ومحبوبها أمامه مشوار طويل لكي يعمل ويكسب ويهيئ نفسه للزواج منها ؟ لا يهم ، فالزمن مهما طال لعل استطالته تزيد أوار الحب والأشواق أشتعالا" ، أن أبي رجل بسيط وواقعي ولن يكلف حاتم فوق طاقته عندما يتقدم للزواج مني ولطالما سمعته يتحدث دائما" ذاما" المغالآة في المهور وعادات الزواج ، وملأت الخواطر السعيدة القلبين البكرين لحاتم وسعاد وأخذا يستشرفان السنين والشهور ويعددان الأيام لتحقيق حلمهما في الأقتران ببعضهما .
وذات جمعة ، وحاتم راكب الحافلة في طريقه الي السوق الكبير لشرآء بعض الأغراض للمنزل ، أوقف الحافلة جندي مسلح ومعه شاب آخر في ثياب مدنية ، وكان الي جوارهما خيمة منصوية وعربة مما يسمونها الدفار ، وأنزل الركاب وطلب منهم الشاب صاحب الثياب المدنية أن يبرزوا بطاقاتهم الشخصية بنغمة فظة جافة ، وقال له حاتم أنه طالب وأن بطاقته ليست معه وأنه نسيها في المنزل ، ودفعه العسكري بشدة الي داخل الخيمة حيث وجد عددا" من الصبية والشبان جالسين علي الأرض الي أن أمتلأت الخيمة بهم وأمروهم بركوب الدفار فأمتثلوا وتكدسوا داخل العربة وسارت بهم نحو ساعة في طريق مترب الي الغرب من المدينة وهناك وجدوا معسكرا" محاطا" بالأسلآك الشائكة وأخبروهم [أنه معسكر للخدمة الألزامية ، وأمضوا هناك ستة أسابيع اتسمت بالمعاملة القاسية والأهانات البذيئة ورداءة الطعام ، وتدريبات عسكرية ومحاضرات دينية ، وفي الأسبوع الأخير أعطوا كل واحد منهم ثلاث رصاصات أطلقها وبعد ذلك وضعوهم في شاحنات وهم يهللون وبكبرون كما أمروهم بذلك ، وحملتهم الشاحنات الي مطار الخرطوم حيث استقلوا طائرة حربية أتجهت بهم الي جنوب السودان حيث العمليات الحربية .
ومنذ تلك الجمعة التي أختفي فيها حاتم لم يترك والده ومعارفه جهة والا قصدوها ولكن لم يجد من يخبره عن أبنه ، وبعد طول عنآء أخبروه بأن أبنه جند في الدفاع الشعبي وأرسل للجهاد في الجنوب ولم يسمع عنه أي خبر بخلاف ذلك . وذات يوم وبعد شهرين جاء من يخبره بأن يبشر باستشهاد أبنه في الجنوب وانهم سيقيمون له عرسا" ليزفونه الي حورية في الجنة .
دس والد حاتم حزنه الممض داخل قلبه الذي كاد يتمزق وجفت عيناه من الدموع ، وأما سعاد فقد ظلت ذاهلة واجمة شاعرة بأن قلبها تمزق ألي ألآف القطع !!
هلال زاهر الساداتي 4 مارس 2016
أحدث المقالات
السعودية .. قوةٌ تفتت المسلمين و العرب! بقلم عثمان محمد حسنسد النهضة وسدود الحسرة بقلم الفاضل عباس محمد عليمُشـكلتنا هي نَحَنُ في الماضي والحاضـر...!! بقلم عمر الشريفأيها السودانيون مازلتم تكتبون وتتحدثون ؟ بقلم عمر الشريفعندما تلد البغال! بقلم محمد رفعت الدوميأين غزة من إضراب المعلمين والمعلمات؟ بقلم د. فايز أبو شمالة(بدون ضغائن وغبائن)! بقلم ضياء الدين بلالروسيا ...اعلان حرب … بقلم هيام المرضىقهوة (مُرة) !! بقلم صلاح الدين عووضةتحت القبة...!! بقلم تراسيم - عبد الباقى الظافريا هو ده الإنسان السوداني بقلم نصار العبد الجليل الوطن الكويتيةمبادرة التيار : إمتصاص الحماس الثوري!! بقلم حيدر احمد خيراللهحزب الله أولا ثم المقاومة الفلسطينية بقلم نقولا ناصر*الأجيال الجديدة و التغيير و الثورة المستمرة بقلم زين العابدين صالح عبد الرحمنمعانى بعض الكلمات و التعابير السودانية