غاب نزار عن حياتي وأنا زهرة في السابعة عشرة..لم يعد سوى ذكرى كامنة في دواخلي..أتذكره حينما أزور مدينة الدويم من وقت لآخر..كان أول رجل يطرق باب قلبي..كنا جيراناً في حي الموظفين..والدانا يعملان معًا في المؤسسة الزراعية ..أمي وأمه صديقتان..أختي وأخته زميلتان..كان يكبرني بعامين .. في ذاك النهار وقعت قطعة مانجو بجانبي وأنا أرقد في فناء بيتنا الفسيح..احترت كما إسحق نيوتن ..ابتسمت وأنا اتطلع إلى أعلى تلك الشجرة..ابتسمت وأنا أراه هنالك في قمة الشجرة المثمرة.. من تلك اللحظة سيطر (ود الجيران) على حياتي.. حينما فعلها على خدي ذات يوم خارت قواي وانهارت أعصابي. بعد عامين انتقلت أسرة نزار إلى حلفا الجديدة..انقطعت الصلة..حينما دخلت جامعة الخرطوم كنت أبحث عنه .. كان لدي إحساس بأنني سألتقي بحبيب قلبي..سألت عنه الذين يعرفونه والذين لا يعرفونه.. أخيرًا اهتديت إلى معلومة أن المعشوق سافر إلى بريطانيا لدراسة الطب.. بدأت أفقد الأمل رويدًا رويدًا.. في النهاية نسيت حكاية العشق القديم. قبل أن أكمل دراستي الحامعية أخبرني أبي أن إسماعيل تقدم لخطبتي..ترددت قليلاً لأن ابن عمي لم يدرس الجامعة.. سألني أبي لماذا تدرسون الجامعة ؟.. قبل أن أجيب على السؤال المربك رد أبي لتحققوا النجاح.. فهمت إصرار أبي ووافقت على العرض..تم زواجي بعد التخرج مباشرة..صديقاتي كن يحسدنني على الحظ السعيد زوج وعربة ومسكن متعدد الطوابق.. مضت الحياة برتابة وأنجبت البنين والبنات..المشكلة أن طيف نزار كان يزورني من حين لآخر..كنت ألوم نفسي التي تقابل وفاء زوج باستذكار حبيب لا يمكن الوصول إليه. التقانة تعقد حياتنا أحياناً..ابنتي ذات الخمسة عشر عاماً كانت تشرح لي تقانة ( الفيس بوك).. من ضمن ما قالت إنه يساعد في البحث عن الأصدقاء وزملاء الدراسة. قفزت إلى ذاكرتي حكاية نزار الغائب..مددتها بالاسم وأنا ارتجف.. جاءتني النتيجة بسرعة ..من تبحثين عنه يا ماما مقيم ببريطانيا..شعرت بالحرج وابنتي نسرين تسألني عن هذا الرجل..لم أشاء أن أكذب قلت لها كان ود جيراننا قبل عشرين عاماً. بدأت أتعلم بنفسي تشغيل (الفيس بوك).. أهداني زوجي (لاب توب) حينما استشعر اهتمامي بهذه الدنيا الجديدة.. راسلت حبيبي الغائب وكان يتجاهل رسائلي..أخيرا ذكرته أنا (بت الدويم).. لم يستجب للطرق على الباب..عندما أزعجته بطلبات الصداقة استخدم المصدات التقنية ومنع دخولي إلى صفحته وعالمه.. بكيت وقررت أن أنسى نزار الذي أصبح طبيباً مشهورًا في بريطانيا.. أسوأ ما في الذاكرة عدم قدرتنا على التحكم في مخرجاتها. بعد أيام لاحظت أن صغيرتي لا تنام وتظل مستيقظة لما بعد منتصف الليل..خفت عليها من طيف نزار..عند الفجر نفذت مهمة (التلصص) على هاتف ابنتي..ضبطتها في حالة عشق..المشكلة أن الحبيب مجهول الهوية غير معروف العنوان..بصرامة صادرت هاتف ابنتي نسرين للصالح العام..لم تشفع لي دموعها ولا تدخل والدها الذي بالطبع كان يجهل حكايتي مع نزار. assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة