البشير شخصية عامة.. أما شقيقته، فشخصية خاصة لا علاقة لنا بها لو لا أن البشير، بعفويته، قد أدخل الخاص في العام حين تحدث عن ( رؤية) شقيقته ل(النقالات المليانة دم والأرضيات المليانة جبص) و للأطباء و طلاب الطب، خلال زيارة قاما بها لحوادث الخرطوم في وقت مضى، حيث قالت الشقيقة: (البقرا طب زول مجنون في البلد دي 6 سنوات تنتهي بالعمل في بيئة متردية).. و أجرى البشير مقارنة بين دراسة الطب- 6 سنوات- و دراسة الاعلام- 4 سنوات- قائلاً:-" (أختي قرت إعلام 4 سنوات و هسي قاعدة في مكتب نضيف.. ومكندش!"
ذاك ما نقلته بعض وسائل الاعلام.. و كلنا نعلم أن الأطباء الاختصاصيين قد هربوا بجلودهم و علومهم و خبراتهم المتراكمة بعيداً عن البلد لأسباب عديدة، أقلها ( النقالات المليانة دم و الأرضيات المليانة جبص)..
المشكلة لا تكمن في ملفات كليات الطب 6 سنوات.. و ليس الحل في ملفات كليات الاعلام 4 سنوات.. و لا يكمن حل المشكلة في أضابير وزارة التربية و التعليم العالي.. و لا في وزارة الصحة الفدرالية و لا الولائية.. فالمشكلة لا حل لها سوى باقتلاع نظام البشير من جذوره.. لأن كل الملفات العامة في السودان مضروبة منذ أن احتل أبالسة الانقاذ أماكن غير أماكنهم.. و تحكروا فيها.. و في نيتهم التحكُّر إلى يوم الدين، كما زعم ( الما نافع)! و جاء الأخ / ممتاز ليعلن أن فترة حكم حزبه قد تمتد إلى 50 سنة فوق السنوات التعيسة التي مضت " و الناس تتباكى و الدموع تتقطر"!!..
هناك العديد ممن درسوا الطب و يخوضون، الآن، مع الخائضين في دم النقالات و عنابر المستشفيات الآسنة.. و براميل النفايات تمد لهم ألسنتها ذات الأربطة الملطخة بالدم و القيح عند خروجهم.. و تكشف لهم كل ما يثير حفيظة البشر على التقيؤ.. و الأطباء يتعايشون مع البيئة التي بسببها وصمتهم شقيقة الرئيس بالجنون.. و يا لذلك من جنون ما كان ليكون لو لم يأت الإبليس بالبشير و جماعته في ذلك اليوم المشؤوم من أيام يونيو 1989 التعيسة، يوم سقطت أعالي الأشياء أرضاً و تعالت أسافلها " إلى السماء.. إلى السماء.. إلى السما.." و قطار التمكين يدهس الطيب و النفيس.. و تلتقط قمراته سقط المتاع و كل خبيث..
و عما قريب، سوف يرينا عينات من سواقط المتهافتين على الوظائف الدستورية بعد ( مخرجات الحوار) البائس.. و تحقيق حكومة ( النفاق الوطني) من غير ( وفاق) حقيقي.. نعم.. و سوف تتأبى الميزانية الشحيحة على إرضاء جميع المتهافتين على الحوار.. و عدد ممن فاتهم قطار الوظائف الدستورية سوف ينضمون إلى طابور العطالَى الذين عافتهم المصانع.. و قلبت عليهم المصانع ظهرها.. و ركلتهم المكاتب، المكندشة منها و غير المكندشة،.. لكن الشارع الرحيب استوعبهم تحت لفح الهجير.. و ( مساسكة) لجان التعيين التي تعيِّن على نهج ( التمكين).. و تنتظرهم بعد ذلك ( مدافرات) بطولية في حافلات غير ( مكندشة) و مكتظة بالركاب و المقاعد ( المهكعة) التي ترسم مساميرها أخاديد على الملابس و جروحاً على الأجسام.. و زحام.. و زحام.. و عرق.. و شِجار ناتج عن غبينة مكتومة ضد الحكومة.. غبينة يفشها الركاب في بعضهم.. و بوليس.. و حرامية الجيوب ( الصغار) يُقبض عليهم بالجرم المشهود داخل الحافلات.. فيُساقون إلى نقطة الشرطة.. بينما و الحرامية ( الكبار) ينعمون بما سرقوا- على عينك يا تاجر- و لا يلاحقهم أحد أبداً..
نعم، الشباب في السودان يعانون العطالة ، و سيعانون كلما تقدم بهم العمر، طالما هم ليسوا من أشقاء ولا شقيقات البشير .. و لا أحد أقربائه و لا ( أولاد حُفرتو).. و ليسوا أعضاء في المؤتمر الوطني..
أما ( المتحاورون الذين تهافتوا إلى ( حوار قاعة الصداقة) من حملة السلاح و غيرهم، فربما ارتآى بعضهم أن يعودوا إلى أسلحتهم لتحقيق مطالبهم بقوة السلاح طالما فشلوا في الحصول على حقوقهم، و الاستحواذ على حقوق غيرهم ب( الحوار) المضروب بِطِلاء ( بوماستك) وارد الصين و ليس وارد اليابان!..
نعم، الوظيفة تذهب في المبتدأ إلى أقرباء البشير و ( جماعته)، غصباً عنها تأتيهم في بيوتهم، و إذا لم ترُق لهم، رفضوها و أتت وظيفة غيرها ( تجرجر أذيالها).. فالبلد بلدهم و السيادة سيادتهم.. و الملعب ملعبهم.. يلعبون بنا و بالوظائف كما يشاؤون.. و الوظيفة تذهب - أيضاً- إلى من بيدهم السلاح، في المقام الثاني.. يأخذونها فتصبح ( جراداية) في خشومهم.. و نحن نتفرج.. و نضحك عليهم.. و نضحك على ضعفنا المبالغ فيه.. و العالم يضحك علينا.. و سنوات الأستاذ/ ممتاز الخمسون تقترب من البلد.. فساداً في فساد.. و سدود في أراضٍ غير ذات زرع.. و الأراضي الأكثر خصوبة تُباع تِباعاً.. و مساحة السودان تتقلص بعد تقلص.. و تتقلص و تتقلص! و سوف تأتي الأجيال القادمة لتجد ( كل الأرض منفى) منفى.. منفى.. منفي... و إلى آخر صرخة في ذاك المقطع الرهيب في أغنية ( قلت ارحل)..!
هل نرحل.. أم نعيد السودان إلى الواقع لتعود أسافله إلى أعاليه و يكون ( البقرا طب زول عاقل في البلد دي 6 سنوات تنتهي بالعمل في بيئة نظيفة تحث على العمل المنتج..)
أيها الشباب لا ترحل.. بل انتفض انتفاضة البحث عن الحرية و الكرامة و بهما سوف تجد مكاناً في المكاتب المكندشة.. و المصانع المنتجة و المزارع المخضرة و المدارس و الجامعات ذوات العلم النافع.. و الصحة و العافية.. و عليك السلام..!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة