كان رجلا طويلا في قامته لا يوصف بالنحيل او بذلك البدين و لكنه قوى الشكيمة حينما يخرج للصيد من بيته يحمل اكثر من بندقية على كتفه و بشرته سمراء مثل غالب اهل السودان و قد كان كلامه قليل و لكن حينما يتحدث ترى في كلماته بوضح جم التدين و الورع و التقوى و حدث و لا حرج حينما يتكلم او يخاطب الناس فان صوته يكون منخفضا بمقدار تصل رسالته الى بواضح تام و كامل الى سامعيه و لا يرتفع صوته الا عند الضرورة التي يراها ... !! حضرته و شهدته و عشت في جواره و انا طفل صغير سنين عددا قبل ان ينتقل الى جوار ربه تعالى و احسب ان الرجل كان عمره في اول الثامنات و لا يقل بحال من الاحوال عن ذلك و كان كهلا شهد الناس ان كلامه كان محشو ممتلئ بكثير من الحكم و الاحاديث النبوية و آيات القرآن الكريم و اكثر ما يوصف به انه كان هادئ و حكيم و ما بينهما ابتسامة فيها حياء و خجل و لا يمكن ان تسمعه يقهقه بصوت عال البتة وقارا و احتراما و بلا شك ينطبق عليه .. ان كان الكلام من فضة .. فان السكوت من دهب ... !! كان حافظا لكتاب الله عن ظهر قلب و كنا نراه دوما ماسكا للمصحف الشريف يقرأ منه أو يرتل القران الكريم أو يكون جاسا على سجادته "فروة" و في يده لوح يكتب عليه آيات من كتاب الله بمداد اسود داكن قد اعده بمهارة فائقة بنفسه و كان غالبا ما يسقى ما يمحوه من لوحه من آيات لأبنائه و الحاضرين من أبناء الجيران و اما المسواك فلا يفارق فمه ليلا نهارا ... !! لكل تلك الاوصاف ان كنت قد انصفته تم اخياره شيخا للحلة قبل ميلاد شخصي بعشرات السنين و ذلك على حسب رواية والدتى رحمها الله .. و لعله لا يفوت عليكم اهمية الدور الذى يقوم به شيخ الحلة تجاه اهل قريته او قبيلته و بالمفهوم الحديث للإدارة فان شيخ الحلة هو ال Mayor و يكون اهل الحلة او القبيلة هم ال constituents و بالتالي فان مهمة شيخ الحلة او القرية مهمة كبيرة و صعبة و معقدة لان كل مشكلات اهل القرية تكون على راسه و لا اعرف تحديدا عدد السنوات التي كان الشيخ ادريس عبد الرسول شيخا للقيقر و لكن كان سنوات شياخته أنموذج زاهر و فريد ...!! كان الشيخ ادريس عبد الرسول يعيش في ذلك الحوش الكبير الذى يتوسط مدينة القيقر و كان يحتضن في ذلك الحوش كل ابنائه و احفاده تقريبا و كان الناس يهابونه للكارزما القوية التي يمتلكها و لكن بتواضع و حكمة و يحترمونه و يقدرونه لما فيه من صفات تجعله في مكان خاص في قلوب أهل القيقر جميعهم و كان الشيخ ادريس يعرف من اين تؤكل الكتف و ذلك بين و واضح حينما يحل مشكلات اهل القيقر الاجتماعية منها و الاسرية و بجانب ذلك كان الشيخ ادريس عضوا رئيسيا في المحكمة الشعبية التي ترعى حل شئون اهل القيقر و ما جاورها من أرياف و قرى صغيرة من حولها ... !! و بمناسبة رمضان فان الشيخ ادريس عبد الرسول كان صواما لم ارى في حياتي من يصوم مثل الا قليلا من الناس في هذا الزمان فبرغم من كبر سنه اذكر جيدا ان الشيخ كان يصوم الشهرين الذين يسبقان رمضان و هما .. شهري رجب و شعبان "قصير" بلغ من الكبر عتيا يصومهما كاملين لم يكن مفتون بالدنيا فانتل الى جار به و ترك سيرة طيبة عطرة .. نسأل الله سبحانه و تعالى للشيخ ادريس عبد الرسول الرحمة الواسعة و الجنات العلى و نسأله ان كل يرحم موتنا في هذا الايام الطيبة ...!! ............................................................................. السطر بعد الاخير .. البروفسيور هاشم على سالم .. رمضان كريم عجل لنا بمخرجات الحوار حتى لا يضيق الناس و يضعونه في حقائب.. و نقول للمضايقين .. لابد من صنعاء و طال السفر ..!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة