05:53 AM March, 08 2016 سودانيز اون لاين
محمود ابكر دقدق-الدوحه
مكتبتى
رابط مختصر
By: Dr. Mahmoud Dugdug
لم يصور التاريخ في اي لحظة من حقبه مأساة تبدو امام الملأ تدعمها صورة وصوت الحدث، مثلما حدث لطالبي اللجوء جراء الحروب والكوارث التي حلت ببعض البلدان الاسيوية والأفريقية الذين غزو أوربا سيراً على الاقدام، دون أن تحول بينهم وبين هدفهم المنشود وعورة الطرق أو قسوة الطقس ورداءة الأحوال، وقد اصطفوا صفوفاً تخترق المزارع، وطوابير تسير على خطوط السكك الحديدية بحسبانها. في حين أن هذه الهجرة المحفوفة بالمخاطر مستمرة و ماضية في التصاعد دون أي بصيص أمل بتوقفها. لقد توحدت مشاعر البشرية جمعاء في أركان المعمورة الاربعة، بغض النظر عن انتماؤهم، إزاء الشعور بالصدمة لمنظر الطفل السوري ايلان كردي ابن الثلاثة أعوام وهي جثة هامدة على شاطئ بودروم في المنطقة الجنوبية الغربية من تركيا بعد ان قذفته الامواج على الرمال وهو مرميّ، وبراءته المهدرة تحت قميصه الاحمر وسرواله الأزرق، ووجهُه الغض البريء تلاطمه قسوة الامواج، وقد فارق الحياة تاركاً للإنسانية رسالة لا تنسى، بعد أن غرق القارب الذي ادى الى مقتل تسعة مهاجرين سوريين، وعندها احس العديد من المراقبين الهلعين على ان الانسانية تنتحر او تكاد تغتال، و بأن لا شيء يُمكن أن يوصف الأحاسيس والعواطف والمشاعر الجريحة لتلك الصورة، التي فجعت العالم وصدمت الانسانية وهزت ضميرها بقوة وجعلت قانون اللجوء محل تساؤل عميق!!
كما شاهد العالم احداث عديدة اخرى تتكرر بصورة تراجيدية لغرق سفن تحمل بين طياتها العشرات بل والمئات من اللاجئين قبالة السواحل الافريقية والاوربية، ومن ثم تتحول التراجيديا إلى مأساة ويكتفي العالم بعبارات ترثي الغارقين. ويلحظ المرء أن حتى أولئك الذين اسعفهم الحظ وعبروا الى بر الامان في الشواطئ الاوربية، يعيش عدداً مقدراً في ظروف لا تلبث أن تتدهور ويواجهون مستقبلاً يزداد غموضاً، بسبب عجزهم عن إثبات متطلبات اللجوء في الدول التي دخلوها.
ونحن أذ نتحدث عن حقيقية مأساوية اسمها اللجوء، والتي تعتبر سمة بشرية، وعادة قديمة قدم التاريخ، حيث كلما ضاقت ارض باهلها، حق لهؤلاء أن ينتشروا في انحاء الارض التي تتميز بالسعة والتباين يطلبون الحماية ويبتغون الامن والرزق والعيش الكريم. وهكذا ارتبط اللجوء بفكرة البحث عن الحماية بخاصة عقب ظهور فكرة الدولة القطرية إبان الحقبة التي أعقبت مؤتمر ويستفيليا، حيث شهدت البشرية موجات من الهجرات المتتالية لأسباب متعددة، اهمها تُعرض عددًا مقدراً من الناس للاضطهاد في أنحاء العالم، الا ان فكرة الحماية لم تكن بصورتها الحالية، حيث كان ينظر للهجرات وفق سياقٍ تاريخيٍ مُختلف دون تُطوّير مفاهيم أساسية كالحماية التي تمنحها دولة ما للفرد الذي يواجه خطر الاضطهاد، والذي يطلب الحماية عند توافر شروط معينة مع تباين في بعض أسبابه وشروطه وآثاره.
قتامة الصورة وخطورة الماَلات ليس في ضعف الحماية القانونية المقررة انما في التطبيق العملي وهو يصوره لنا السيد/ أنطونيو غوتيريس، المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، حيث قال "ليس أمامنا سوى فرصة ضئيلة للتدخل، إذ إن هذا الجيل الذي هو في خطر أن يصبح جيلاً ضائعاً أصبح على المحك. ولن يؤدي ترك اللاجئين يستسلمون لليأس سوى لتعريضهم للمزيد من المعاناة، والاستغلال والاعتداء الخطير". لقد تعددت قصص الموت على الشواطئ الاوربية والافريقية، وتنوعت مراكب الموت، حتي صارت قصص تروى على راس كل ساعة اخبارية، واضحت أرواح المهاجرين من طالبي اللجوء بلا قيمة ولا قدسية، وكل ما تفعله الاجهزة الرسمية في الدول الشاطئية هو ذكر رقم الضحايا بالتقريب، وفي احسن الاحوال تتكرم تلك الجهات بإعطاء تخمينات حول جنسيات الضحايا، ثم تستعد لصياغة الخبر الذي يليه. ومع عدم وجود حل في الأفق للصراع.
الحماية القانونية التي ننشدها اليوم، هي تلك الحماية النابعة عن اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بوضع اللاجئين لسنة 1951، والتي تطورت بصدور بروتوكول 1967م الذي الغي القيود الجغرافية ، بحيث اصبحت الاتفاقية تركز على الجانب الانساني لمشكلة اللاجئين. الا أن الوثيقة الاكثر أهمية في الوقت الحاضر هي اتفاقية دبلن، لكون أوربا هي الاكثر استقبالاً للاجئين، أصبحت غير فاعلة، وغير مطبقة، بعض الدول الأعضاء قد توقف عن تسجيل اللاجئين لأن الوسائل الممكنة تعوزهم للقيام بذلك
وفي فترة لاحقة تم اعتماد اتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية التي تحكم الجوانب المختلفة لمشاكل اللاجئين في إفريقيا لسنة 1969، ثم توصيات المجلس الأوروبي المعنية بالحالة الواقعية للاجئين لسنة 1976، ثم لاحقا إعلان قرطاجنة بشأن اللاجئين لدول أمريكا اللاتينية لسنة 1984 ، ثم مبادئ بانكوك حول وضع ومعاملة اللاجئين لعام 1966. وبذلك أصبح لدينا قواعد قانونية لا بأس بها، فيما بقي التحدي في الهوة الشاسعة التي تفصل بين مثالية التشريع والتطبيق الواقعي، التي نطلق عليها التحديات.
ويأتي على رأس هذه التحديات، التدفق المستمر للاجئين من بؤر النزاع الساخنة وضعف التشريعات وغياب الاَليات الفاعلة، خاصة على المستوى الاوربي ضعف التنسيق الدولي وغياب الارادة السياسية بشان التعامل مع مشكلة اللجوء على اعتبارها مسألة انسانية فرضتها ظروف استثنائية، فالموقف الاوربي في قمة تناقضاته مما حدا بوزير وزير الخارجية الايطالي باولو جينتيلوني الاتحاد الأوروبي بأنه الى وصف الحالة السائدة "كمبنى سكني يتشاجر فيه الجيران فيما بينهم"، في إشارة إلى مسألة الهجرة. وفي الجانب الاَخر نجد المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تلك المنظمة الاممية الإنسانية الحائزة على جائزة نوبل للسلام في عامي 1954 و 1981 ربما تستحق الجائزة ايضاً في العام 2016 لما بذلته من جهد أمين وصادق لإيجاد مأوى للأعداد البشرية الهائلة المتدفقة نحو أوربا طالبة اللجوء وباحثة عن الحماية وحياة أفضل، ولازلت تبذل الجهد لمواجهة ازمة التدفق غير المسبوق للاجئين، وفي تقديري أن المفوضية مؤهلة بما يكفي عبر موظفوها الذين يفوق عددهم الـ7,700 في 126 بلداً، والبنية التحية فضلاً عن الامكانات المقدرة التي تمتلكها عبر شبكة مكاتبها المنتشرة في شتى بقاع الارض يقدمون المساعدة والحماية المادية والقانونية والنفسية لملايين اللاجئين والنازحين داخلياً و في بعض الحالات للأشخاص عديمي الجنسية. وهنا تجدر الاشارة على أن المفوضية استطاعت منذ تأسيسها في 14 ديسمبر من عام 1950 من قبل الجمعية العامة للأمم، أن تنتهج سياسة تتصف بالدبلوماسية والكياسة في التعامل مع الدول مصدرة اللاجئين والمستقبلة لهم. وهنا يأتي دور المفوضية في حماية حقوق اللاجئين ورفاههم، ومساعدتهم على إيجاد حلول دائمة من شأنها السماح للاجئين بإعادة بناء حياتهم بكرامة وسلام.
أحدث المقالات
تحية مستحقة للمرأة السودانية بقلم نورالدين مدنيشمال أفريقيا والشرق الأوسط: آفاق النمو في ظل الأزمات بقلم البشير الجوينيشرخ في ذاكرة الشعب/جرح في خاصرة الوطن بقلم الحاج خليفة جودةرسالة مفتوحة إلي الرئيس السوداني عمر حسن احمد البشير بقلم جعفر وسكةمُفاوضات..وثبات و مُغلطات..وإعادة صناعة الأزمات..!! بقلم عبدالوهاب الأنصاريالحرب على الاسلام بين الصليبية العالمية والأُمراءْ والعلماء بقلم محمد أسعد بيوض التميميما لَمْ يَقُلْهُ البشير و(أزلامه) في حلايب وأخواتها ..! بقلم د. فيصل عوض حسن وداعاً محمد مفتاح الفيتوري: قالها ولم يجبن انا اسود لكني حر امتلك الحرية بقلم ايليا أرومي كوكوتنامي قدرات منظمة مجاهدي خلق يرعب الملالي بقلم *طارق العزاوي - صحفي عراقيتحليل الأوضاع في اليمن...خلفية تاريخية موجزة من هم الزيود وما هو مدهبهممستقبل إدارة السلطة في العراق مابين الفيدرالية واللامركزية بقلم د. قحطان حسين طاهر/مركز المستقبل للدالألغام الأرضية وحقوق الإنسان بقلم جميل عودة/مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحرياتالبلدان النفطية والتكيف مع الصدمة بقلم د.حيدر حسين آل طعمة/مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجيما وراء أسوار تكريت؟ بقلم حمد جاسم محمد/مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجيةالحملة العسكرية السعودية على الحوثيين.. الأسباب والنتائج بقلم د. قحطان حسين طاهر/مركز المستقبل للدراأمريكا وسياسة البحث عن لاعب اقليمي بقلم أحمد المسعودي/مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجيةالحاجة لتفعيل مفهوم المواطنة والانتماء بقلم همام عبد الكاظم الجرياوي/مركز المستقبل للدراسات والبحوثنحو مدارس علمانية: التحدي الملحّ الذي يواجه المهاجرين في الغرب بقلم محمد محمودفلسفة زمن الكرامة – ال- آذاري بقلم سعدات بهجت عمر عوالم السخرية في رواية أرصفة دافئة للروائي المغربي أحمد الكبيري بقلم عبد القادر الدحمنيموازنة 2015 وقضم الدينار العراقي دراسة في الأسباب والتداعيات بقلم د. حيدر حسين آل طعمة/مركز الفرات لعدنان السراج يعود الى الحاضنة الإيرانية من خلال مهاجمة مجاهدي خلق في جريدة الصباح الجديدعندما يرتدى الإعلاميون ثوب العسكر ؟؟ (قصة تعايش ) بقلم وعدسة :نضال الفطافطةهَرِمَ الأبناء ورحل الأمهات بفعل السجن * بقلم / عبد الناصر فروانةأمي .. أمي .. يا أمي لك السلام وعليك السلام ..!! بقلم ايليا أرومي كوكومدرسة الريان من نسل الفساد و غياب المؤسسية بقلم حسين الزبيرمواقف "الازهرالشريف" وغضب"ازلام الملالي" بقلم *طارق العزاويالعقيدة بين الإخلاص والمُوالاة بقلم:رحاب أسعد بيوض التميميحق الإنسان في الحصول على الصحة بقلم جميل عودة/مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحرياتأزمة الحركة الوطنية الفلسطينية أزمة اليسار الفلسطيني بقلم رائف حسين - المانياحكومة العبادي ما بعد داعش بقلم عدنان الصالحي/مركز المستقبل للدراسات والبحوثباقة من الكلمات المضيئة من دفتر الاستاذة حليمة اسماعيل دودو امرأة العام في قناة جبال النوبةتسليح سكان ليبرتي خطوة ملحة لحقن الدماء بقلم *رشا المندلاوي – صحفية عراقيةالحشد الشعبي واستراتيجية الأمن الوطني بقلم د. علي فارس حميد/مركز المستقبل للدراسات والبحوثعلي شرفِ جماهير منتصرة بقلم محجوب التجانيحلقة نقاشية عن إدراة الدولة العراقية يقيمها مركز المستقبل وبالتعاون مع مكتب مجلس النواب في كربلاءخطاب رجوي في برلين والتشخيص الدقيق لمشكلة إيران والمنطقة بقلم وائل حسن جعفرالمرأة العربية ... ويوم المرأة العالمي بقلم عبد الرحمن الصّوفيعيد المرأة العالمي : اماه يا أماه كم تبقي من عمرنا فنلتقي ؟ بقلم ايليا أرومي كوكوجاليتنا وملاذنا في تورنتو مرحبا بكوكبة الكنديين السودانيين بقلم أبوبكر يوسف إبراهيمفي الذكري الثالثة لرحيل الفنان وردي ننساك؟!! ....الزيك بيتنسي!! بقلم حسين الزبيربلادي .... و الحب و عيده في عام 2015 بقلم حسين الزبيرانتخابات 2015 (5) لستن كأحد من نساء العالم ..!! بقلم محمد علي خوجلي لماذا نص النظام الأساسى لحركة/ جيش تحرير السودان على تمثيل المرأة بنسبة لا تقل عن 30% فى كل مؤسساترئيسة السودان المٌرتقبة والعهد الزاهر الجديد/ عباس خضربمناسبة يوم المرأة العالمي أين وصلت المرأة السودانية بعد عقدين من حكم الاسلام السياسي حسين الزبير“آمنة “ نخلة إنحنت/عواطف عبداللطيففي 8 مارس حسنة النور توتو تحكي الوجه الاخر لمأساة جبال النوبة من معسكر إيدا !/ايليا أرومي كوكو8 مارس / آذار اليوم العالمي للمرأة من كل عام/ايليا أرومي كوكوفي عيد المرأة العالمي: التحية لصمود أميرة عثمان محمد محمود Re: في عيد المرأة العالمي: التحية لصمود أميرة عثمان محمد محمود بمناسبة الثامن من مارس فاطمة أحمد إبراهيم المرأة النموذج بقلم : بدرالدين حسن علي