قبل سنوات اتصل عليَ مواطن قلق جداً..المواطن كان يشاهد عربة رئاسية فارهة تقف أمام إحدى طلمبات بيع الغاز..العربة تفرغ ما في جوفها من زيت لتبيعه لتاجر.المواطن يلتقط رقم العربة الرئاسية وفي الصباح نشرنا الخبر في شارع الصحافة بالزميلة التيار..بعد التحقيق اتضح أن العربة مستأجرة وتتبع للسلطة الاقليمية بدارفور ..إمعانا في التمتع بسهولة التجوال أصرت قيادة السلطة بتميز سيارتهم بلوحات سيادية. قبل أيام أصدرت رئاسة الجمهورية قرارا بتكوين لجنة لتطوير منطقة وادي الهواد بولاية نهر النيل..اللجنة الرفيعة ترأسها الأمير أحمد سعد عمر وزير رئاسة مجلس الوزراء ،وضمت بين دفتيها وزراء المالية والاستثمار والزراعة ، بجانب والي نهر النيل ..مقرر اللجنة الدكتور محمد عطا المنان وحسب نشرة وكالة (سونا ) لم تحدد هويته الوظيفية..هذا المشروع ولائي بالكامل وتطويره يقع في صميم مهام والى نهرالنيل ..رغم ذلك الوالي في هذه اللجنة مجرد عضو عادي مثله مثل نافع علي نافع. قبل سنوات ايضا صدر قرار بتكوين مؤسسة جبل البركل وباتت منذ ذلك التاريخ مؤسسة تتبع لرئاسة الجمهورية..معهد حضارة السودان ومجلس الفقه الإسلامي ومجلس الصحافة ،ومجمع اللغة العربية..هذه نماذج لمؤسسات تتبع مباشرة لرئاسة الجمهورية..هنالك مؤسسات أخرى يتصل نسبها بشكل غير مباشر لرئاسة الجمهورية مثل وكالة سونا للأنباء وتلفزيون السودان ..هذه المؤسسات الإعلامية المتخصصة لا يستطيع وزير الإعلام التدخل في تفاصيل عملها لأن القائمون على أمرها يتم تعيينهم بقرارات جمهورية . تمدد المؤسسات الرئاسية سيلقي بظلال سالبة على انسيابية الحكم..ستكون هنالك مؤسسات خارج السياق التنظيمى في الدولة..قبل فترة وأثناء وجود الأستاذ علي عثمان في منصب النائب الأول تم استصناع مؤسسة النهضة الزراعية..هذه المؤسسة لم تكن لها علاقة بوزارة الزراعة..بدلا من التناغم في الأداء حدث التنافر الذي وصل بعض المرات حد الاصطدام..عبر هذه الاستثناءات يجد بعض الولاة والوزراء أنهم عمد بلا أطيان..الوجه الآخر من الأزمة أن هذه المؤسسات تصبح لها حصانة وامتيازات بسبب مكانتها السيادية..بل الأخطر من ذلك إن حدثت مصيبة أو فساد عظيم يلقى بآثاره على مؤسسة الرئاسة التي منوط بها إدارة الكليات. واحدة من الآثار السالبة لهذا الانفراط المؤسسي أن كل المسؤولين باتوا في انتظار مؤسسة الرئاسة لحضور مناسباتهم العامة..إذا تمكن وال من انجاز صهريج ماء فهو يطلب من مؤسسة الرئاسة تشريف الافتتاح..ما يصرف على الاحتفال البذخي كفيل بتشيد مشروع تنموي آخر..حكام الأمصار يعتقدون أن صوتهم لن يكون مسموعا إلا إذا شرفهم مسؤول رفيع من مؤسسة الرئاسة ولهذا السبب يتم الضغط على هذه المؤسسة السيادية . في تقديري أن ملف الإصلاح في الدولة الذي يتولاه النائب الأول عليه أن يهتم بتنظيف رئاسة الجمهورية من الأجسام الطفيلية ..كل كيان يجب أن يتبع للوزارة الأقرب..ليس هنالك أدنى حرج أن تتحول المؤسسات اليتيمة إلى منظمات مجتمع مدني مستقلة عن ظل الدولة . بصراحة..نحتاج إلى مؤسسة رئاسة رشيقة تبرز تباين أهل السودان ..مادون ذلك يتحول للوزارات المتخصصة..هنالك اكتظاظ غير مبرر في هذه المؤسسة السيادية المهمة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة