|
Re: بين انفصال الجنوب ودموع الدقير ! (1) بقلم ال (Re: الطيب مصطفى)
|
بغض النظر عن الحيثيات المتوفرة لدى الأخ عمر الدقير للرد على الأخ الطيب مصطفى فإننا شاهدنا بأم أعيننا تلك الأحداث الدامية الكبيرة التي وقعت من الإخوة الجنوبيين ،، ونؤكد حقيقة تمرد توريت في عام 1955 ،، كما نؤكد حقيقة أحداث الأحد الدامي المشئوم ،، وكذلك نؤكد حقيقة تحركات تمرد جنوبية حاقدة عبر السنوات التي أعقبت استقلال البلاد .. والمشهد العام الذي لازم الحياة السودانية خلال تلك الفترة يؤكد عدم توفر أية نوايا سليمة لدى الإخوة الجنوبيين .. ومن أغرب المظاهر التي لازمت المعية بين الجنوبيين وبين أبناء السودان الشمالي عدم توفر وفاق أخوي صادق بين الشعبين .. وطوال السنوات التي أعقبت استقلال البلاد لم يشهد المجتمع السوداني اندماجا فطريا واجتماعياَ بين الشعبين .. بل تمسك كل طرف من الأطراف الشمالية والجنوبية بخصوصية تمنع الاندماج الفطري الصادق .. الجنوبيون عاشوا حياتهم الخاصة بعيدا عن عادات وتقاليد أبناء السودان الشمالي ،، كما أن أبناء السودان الشمالي آثروا البقاء بعيدا عن خصوصيات وعادات الاثنيات الجنوبية .. وباختصار شديد لم تتوفر في المجتمع السوداني علاقات حميمة صادقة بين الجنوبيين والشماليين كما هو الحال مع القبائل السودانية الأخرى .. فمثلاَ بعض أبناء دارفور رغم آثار التمرد والحروب الأهلية فإنهم يضعون قضاياهم جانبا مع السلطات الحكومية في الوقت الذي فيه يتعاملون مع الشعب السوداني بفطرة السودانيين الأصيلة ،، حيث مظاهر الأخوة في بعض الأحيان .. وفي بعض الأحيان يشاركون الشعب السوداني في السراء والضراء .. وتلك صورة تختلف كثيرا عن وضعية أبناء الجنوب السوداني الذين عرفوا بالانعزالية وبالعداوة الدفينة .. تلك العداوة مع السلطات وكذلك مع الشعب الشمالي .. وشتان بين الحالتين !! .. والتجارب خلال السنوات الطويلة التي أعقبت استقلال البلاد أكدت استحالة الوفاق بين الشعب الجنوبي والشعب الشمالي ،، ولا يمكن القول بأن تلك العداوة كان في الإمكان تداركها عن طريق تبديل السياسات في البلاد ،، تلك السياسات التي جربناها كثيرا في الماضي ولم تنجح .. وقد قدم السودان الشمالي الكثير والكثير من التضحيات والتنازلات السيادية .. وفي وقت من الأوقات كان أبناء الجنوب يحتلون مناصب قيادية في مناطق الجنوب السوداني دون سواهم من أبناء السودان الشمالي ،، وفي نفس الوقت كانوا يحتلون مناصب قيادية في السودان الشمالي .. وذلك من قبيل الترضية والتنازلات .. ومع تلك التضحيات والتنازلات الجسيمة الكبيرة فإنهم آثروا الانفصال عن السودان الشمالي .. فتلك الرغبة الانفصالية كانت كامنة في نفوس أبناء الجنوب وكان لا بد أن ينالوها حتى ولو بعد ألف سنة من النضال والكفاح .، فإذن من الخطأ الجسيم القول بأن الجنوب السوداني انفصل نتيجة السياسات الشمالية الخاطئة .. سواء للأحزاب أو للعساكر ،، ولا يتعلق الأمر بسياسات معينة ( يمينية أو يسارية ) .. فانفصال الجنوب عن الشمال كان أمرا أكيدا حتى ولو بعد ألاف السنين ،، ومن حظوظ السودان الشمالي أن الانفصال لم يطول أكثر من ذلك .. وإلا فكان المزيد والمزيد من استنفاذ المقدرات والثروات والإمكانيات الشمالية ،، ونلمح هنا بأن الحرب الأهلية بين السودان الجنوبي والسودان الشمالي تعد من أطول الحروب الأهلية في هذا العصر .
| |
|
|
|
|