أود أن أسال : كيف تتصورون قرائي الكرام مباراة مهمة في كرة القدم بين فريقي الهلال والمريخ أو بين برشلونة وريال مدريد بدون وجود حكم يقيم العدل بين الفريقين ويعاقب المعتدي ويضبط مسار المباراة؟ بالقطع فإن الملعب سيصبح ساحة لمعركة كبرى تراق فيها الدماء وتستحيل فيها الأجساد إلى أشلاء. حكام المباراة قرائي الكرام هم الجهاز التنظيمي الذي اقتنع العالم أجمع بحتمية وجوده لضبط الأداء في كل شأن تتنافس فيه عدة جهات ، خاصة في القطاع الخاص وذلك ما يقوم به بنك السودان مثلا لضبط أداء المصارف وما تقوم به الهيئة القومية للاتصالات لضبط الأداء بين شركات الاتصالات وما ينهض به مجلس شؤون الأحزاب لتنظيم الأداء السياسي في البلاد وهكذا دواليك وإلا فإن فساداً واضطراباً وخراباً وفوضى ضاربة الأطناب في تلك المرافق ستترتب على عدم وجود تلك الأجهزة التنظيمية الحاكمة. تلك الأجهزة التنظيمية تمنح في كثير من الأحيان بل ربما في معظمها اسم سلطة (authority) كما تمنح بالقانون ما يجعل قراراتها نهائية حتى تمارس دورها الخطير بصورة حاسمة ولذلك يعجب الناس كيف يحق لحكم مغمور ربما لا تعرفه غير أسرته طرد لاعب عملاق مثل ميسي يعشقه كل العالم ولا يجوز لمعشوق الملايين مجرد الاحتجاج وإلا فإنه سينكل به تنكيلاً ! أقول هذا بين يدي المعركة المحتدمة بين مجلس شؤون الأحزاب السياسية والحسن الميرغني بعد قيام المجلس باعتماد قرارات السيد محمد عثمان الميرغني (والد الحسن) التي ألغى بها قرارات ابنه بشأن تشكيل بعض المكاتب واللجان في الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل ولو كان الحسن يعلم أبجديات السياسة أو القانون لما تطاول على مجلس يفترض أنه يملك سلطة أن يحل حزبه ويرديه قتيلاً ولكن هل يستطيع المجلس أن يفعل ذلك ولماذا نراه عاجزاً مهيض الجناح إزاء ساحة سياسية تعج بالفوضى كان بإمكانه أن يُصلحها إن توافر له العزم والإرادة والسلطة الحقيقية؟! بالرغم من انحيازي لأي قرار يصدره الميرغني الكبير باعتباره صاحب (الشرعية التاريخية) فإن ما يدعو إلى الاستياء والشعور بالألم أن مجلس شؤون الأحزاب يعلم أن قراراته المؤيدة للميرغني لا تستند إلى أية شرعية قانونية فبربكم أي شرعية تلك التي يستند عليها حزب لم ينعقد له مؤتمر عام منذ أكثر من نصف قرن من الزمان ليقيم مؤسساته الشرعية؟ من أين يستمد الميرغني سلطته وبأية دستور أو نظام أساسي (شرعي) حكم المجلس لصالح الميرغني؟! لو كان مجلس شؤون الأحزاب يُعمِل قانونه بحزم وباستقلالية تامة لحل حزب الميرغني ولحل أكثر من (90)% من الأحزاب التي تحتشد الآن أمام مجلس الوزراء بحثاً عن السلطة ولما اضطر الرئيس ورئيس وزرائه إلى تكوين حكومة هي الأكبر في العالم بل ولما امتلأت قاعات الحوار الوطني بأكثر من مائة حزب وحركة مسلحة! بربكم تأملوا في (تقليعة) الأحزاب (المخطرة) التي سيمنح كل منها مقعداً في المجالس التشريعية الولائية بما يرهق كاهل الدولة المتعبة أصلاً - هل كان يعجز تلك الأحزاب عقد مؤتمراتها خلال الثلاثة أشهر الممنوحة لها بالقانون حتى تسجل؟ وما الذي منع المجلس من أن يطبق قانونه المعطل لينهي وجودها الكارثي؟ هل يعلم الناس أن كل سوداني كان ، حتى قبل أيام قليلة ، يستطيع أن يذهب بقدميه إلى مسجل الأحزاب ويخطره بأنه يرغب في تسجيل حزب سياسي ثم يذهب إلى بروف هاشم علي سالم أمين الحوار ويوقع على الوثيقة الوطنية ليصبح مؤهلاً لمقعد برلماني؟! لذلك فأنّي لأرجو أن يبت رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء واللجنة العليا لمتابعة إنفاذ مخرجات الحوار في دور مجلس شؤون الأحزاب الذي ينبغي أن ينهض بدوره ويُعمِل قانونه بالصورة المثلى. ماذا لو قام المجلس مثلاً بتوجيه الأحزاب جميعها بتنظيم مؤتمراتها خلال ثلاثة أشهر وماذا لو قامت الحكومة - قطعاً لألسنة من يتعللون بعدم الاستطاعة - وباتفاق الجميع ، بمنح كل حزب مسجل أو مخطر أو حركة مسلحة مبلغاً قليلاً من المال لقيام مؤتمره العام بإشراف مجلس شؤون الأحزاب؟ أظن أن الأحزاب والحركات ستتقلص إلى الربع وسنكون قد حققنا مكسباً وطنياً كبيراً، فإذا كان عدد الأحزاب في دولة ضخمة مثل أمريكا لا يتجاوز الأربعة رغم عدد سكانها البالغ (325) مليون نسمة بينما يبلغ عدد أحزاب وحركات السودان السياسية أكثر من (100) رغم أن سكانه لا يزيدون عن عُشر سكان أمريكا، ألا ينبغي أن نُعمِل كل الوسائل الشرعية والقانونية لإنهاء هذا التشرذم الذي مزقنا إرباً؟ إن الأحزاب السياسية هي المواعين التي تجمع ولاء الأمة وكلما قل عددها كلما تجمعت الأمة وتوحدت وكلما زاد عددها كلما تمزقت وتفرقت أيدي سبأ، فهلا عملنا على توحيد بلادنا من خلال تقليص مواعين الولاء الوطني؟ assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة