|
الموسيقي والدوبامين والمخدرات بقلم عبدالعليم شداد
|
06:37 AM May, 29 2016 سودانيز اون لاين عبدالعليم شداد- مكتبتى رابط مختصر
عند تناول كاس من الخمر او حقنة من الكوكايين او نفس من الحشيش أو البنقو أو تدخين سيجارة يشعر المتعاطي بإحساس عميق بالسعادة والنشوة والاسترخاء والطرب والتيه وتتصاغر في عقله الهموم والاحزان وتتعاظم الثقة بالنفس . والسبب في ذلك مادة كيميائية تسمي الدوبامين Dopamine يطلقها الدماغ عادة بكمية طبيعية قليلة عند الفرح وتلقي الاخبار السارة, وكل مادة من المواد السابقة تطلق الدوبامين بكمية تختلف عن الأخرى قد تصل الى عشرة اضعاف المعدل الطبيعي , وعند اطلاقه يسبب شعورا بالمتعة والسعادة فهو يتفاعل في الدماغ ليؤثر على كثير من الأحاسيس والسلوكيات كالانتباه، وتوجيه وتحريك الجسم, . و الدوبامين ضروري لحركة الجسم الطبيعية , فعند حدوث خلل فيه تتأثر حركة الانسان الطبيعية كما في حالة مرضى الشلل الرعاش (مرض باركنسون) . عند تدخين سيجارة يتسبب النيكوتين في إفراز مادة الدوبامين فيشعر المتعاطي بحالة مزاجية جيدة والنيكوتين هو الذي يسبب الادمان، ولكن عند استنشاق دخان التبغ فإن الجسم يستقبل كمية كبيرة من المواد الكيميائية التي تصل تقريبا إلى كافة الأعضاء الحيوية في الجسم. وقد ثبت أن التبغ يحتوى على 60 مادة كيميائية تسبب السرطان وأكثر من 4800 مادة ضارة ، و لهذا فلا عجب أن أكثر من نصف المدخنين يموتون بسبب التدخين ، واذا قرر المدخن ترك التدخين تصيبه اعراض الانسحاب كالرغبة الشديدة والقوية في التدخين, العصبية الزائدة, القلق, الأرق, صعوبة التركيز, الاكتئاب, الإحباط , الغضب, الشعور الدائم بالجوع, والإمساك أو الإسهال. اما الكوكايين وهو احد المخدرات القوية فعند تناوله يرتفع مستوي الدوبامين في المخ بكمية مهولة , ويمنع الكوكايين عودته الي الخلايا التي اطلقته مغلقا دورته الطبيعية بتعطيل الاشارات بين الخلايا مما يجعله محتجزا بكمية زائدة في نقاط التوصيل بين الخلايا مانعا له من اكمال دورته مما يضخم الاشارة الناتجة عن وجود الدوبامين ويعطل التواصل الطبيعي بين خلايا المخ . ومن اثاره الضارة انه يسبب ضيق الاوعية الدموية ويؤثر في العيون ويرفع من درجة حرارة الجسم ويذيد من معدل ضربات القلب ويذيد ضغط الدم ويسبب الصداع المزمن كما يسبب الام البطن مما يؤدي الي فقدان الشهية ولذلك يكون مدمنيه دائما عرضة لسوء التغذية . الكحول (المادة المسكرة في الخمر) يذيد من الدوبامين في الدماغ و يضعف نشاط الاعصاب التي تؤثر في كل انشطة الجسم وينتشر حول المخ الذي يتحكم في كل شيئي حتى التنفس وضربات القلب, ويمكن للكحول ان يوقف عمل المناطق التي تتحكم في التنفس بالمخ مثلا فيموت الانسان وهو نائم لان مخه نسي ان يتنفس. اضافة الي اضراره الأخرى فهو يسبب التهاب البنكرياس المزمن, ويسبب اضرار بالغة بالكبد ففي كل مرة تعمل فيها خلايا الكبد علي ترشيح الكحول يموت عددا منها وخلايا الكبد غير قادرة علي تجديد نفسها , كما يؤدي لسرطان الكبد والحلق والفم , ويسبب تلف الجهاز العصبي المركزي, وعموما استخدام الكحول لفترات طويلة بكميات زائدة قادر علي الحاق الأذى بكل عضو وجهاز في الجسم فالكحول يضعف الجهاز المناعي مما يجعل الجسم عرضة للأمراض. والذي ثبت مؤخرا ان الموسيقي تعمل علي نفس المناطق في الدماغ التي تعمل عليها المخدرات , فعند الاستماع لموسيقي (جميلة) يطلق الدماغ الدوبامين فيحس المستمع بالراحة والسعادة والاسترخاء , فانت تخدر نفسك عندما تستمع للموسيقى ويختلف التأثير كما الادمان عموما من شخص لآخر بحسب التأثير الجيني ,فالموسيقى تمنحك السعادة وتزيد من نشاطك وحيويتك وتأخذك الي عالم خيالي تصنع فيه عالما خاصا بك. وقد انتشرت مؤخرا ما سميت بالمخدرات الرقمية , وهي نوع خاص من الموسيقي ذات الترددات المميزة التي تحتوي علي نغمات احادية او ثنائية يستمع اليها المتعاطي عن طريق سماعات الاذن فتصل الي الدماغ فيكون تأثيرها فيه تماما مثل تأثير المخدرات الكيميائية , وهي انواع حسب الطلب فبعضها له تأثير الهيرويين واخر له تأثير الكوكايين وغيرها, وهي متاحة وبأسعار زهيدة علي شبكة الانترنيت. عند اضافة الكلمات للموسيقى (الاغاني) يصبح صوت المغني وكلماته هي التي تقود خيالك وتتحكم فيه وتوقظ فيك مشاعر وتضخم أخري بدرجة قد تكون اكبر من اللازم , فلو كانت الاغنية عاطفية فستعيش لا شعوريا دور شخص اخر فتبتعد عن واقعك بعيدا مع كثرة الاستماع , ولو كانت وطنية فستصنع عالما من البطولة وتضخيم الذات والوطن, وهكذا الحال مع بقية الانواع بحسب الكلمات والاشعار , وكلما كان صوت المغني عذبا جميلا تزداد شدة تأثيره علي المستمع , ويصبح بعض الناس مدمنا لدرجة عجيبة , ونحن في السودان قد راينا ما حدث عندما مات أحد هؤلاء المغنين لدرجة ان طلب بعضهم ان يدفن معه , وقد حدث مع مغن اخر ان صعدت احدي المعجبات علي خشبة المسرح وقامت بتقبيله في حادثة تتناقض واخلاق المجتمع ودينه واعرافه ,وهناك من جثا على ركبتيه تحية. والحقيقة ان المجال لا يتسع لسرد مثل هذه الحالات وهي مرشحة للازدياد مع ازدياد طرق النشر وازدياد اعداد هؤلاء المغنين. يصنع الجسم توازنه الخاص مع الاستمرار في تناول المخدرات او الخمور فيتناقص الشعور الذي يحصل عليه المتعاطي في البداية وللحصول عليه مرة اخرى لابد من زيادة الجرعة, وفي الموسيقى كذلك فان الاحساس الساحر اللذيذ الذي تحصل عليه من مقطوعة أو أغنية ما لن تحصل عليه منها ابدا مرة ثانية وبكثرة الاستماع لنفس الاغنية تصبح مملة ثم تصبح مزعجة ولذلك يحتفظ مدمني الموسيقي بكميات هائلة من التسجيلات الموسيقية , فالمستمع العادي يملك الخيارات فعندما يمل من اغنية ينتقل الي اخري, ولكن المغني يجد نفسه مضطرا للتعامل مع اغنياته باستمرار فهو يغنيها كثيرا في المناسبات والحفلات والجلسات الخاصة , فتصبح هذه الاغاني بألحانها مملة عليه فيصعب عليه التفاعل معها , والاحساس بالنشوة والمتعة والتفاعل اثناء الاداء مطلوب للمغني اذا ما اراد ان يكون ناجحا ومميزا فهو ليس الة تسجيل ,فيجد انه مضطر لاستخدام المخدرات الكيميائية ولهذا فان المغنين والعاملين في مجال الموسيقي عموما دائما هم الاقرب لإدمان المخدرات , وقد شهد العالم موت الكثيرين منهم بجرعة مخدر زائدة علي الرغم من شهرتهم وثرواتهم الخرافية, (فمادونا) المغنية الامريكية الاشهر والتي كانت رمز من رموز الموضة الامريكية في وقت سابق والتي دخلت موسوعة غينيس للأرقام القياسية بوصفها المغنية صاحبة الالبومات الاكثر مبيعا علي مر العصور كانت مدمنة للمخدرات, و(مارلين مونرو) مغنية الجاز المعروفة كانت مدمنة للمخدرات وماتت بجرعة زائدة , (الفيس بريسلي) والذي لقب بملك الروك اند رول والذي كان قدوة للشباب ويعتبر احد النجوم اللامعة في عالم الموسيقي والغناء العالمية حيث كانت اغنياته الاكثر مبيعا علي مستوي العالم وحققت اعلي المبيعات كان كذلك مدمنا للمخدرات ومات بجرعة زائدة, و(مايكل جاكسون) الموسيقي والمغني الذي لقب بملك البوب والذي صنف كأنجح واهم نجم في تاريخ الموسيقي علي الاطلاق من قبل ارقام غينيس كان كذلك مدمنا للمخدرات ومات بسببها, وكذلك مغني الريغي الشهير في العالم (بوب مارلي) أيضا كان مدمنا للمخدرات , ومن الموسيقيين (بيتهوفن) فقد كان مدمنا للكحول , اذا لو كانت الموسيقي ذات فائدة لكان هؤلاء هم الأكثر انتفاعا بها, وبالطبع لن نذكر الاسماء المحلية عندنا في السودان او في ما جاورنا من الدول, فهذه المقالة لا تهدف للإساءة لأحد. قد يتساءل البعض ما البديل للموسيقى والاغاني التي اصبحت جزاء اساسيا في كل مناشط الحياة. فهي اليوم موجودة في كل مكان , في المواصلات العامة وفي الكافتيريات وفي الراديو و التلفزيون والمناسبات العامة والخاصة , وبعض الناس يضع السماعات حيثما كان , اذا ذهب الي السوق او اذا مارس الرياضة او كان يدرس او غير ذلك, فالموسيقى اصبحت هي الخلفية الثابتة لمعظم انشطة حياتنا, لدرجة انها اصبحت جزاء اساسيا من ضمن برنامج بعض السياسيين في لقاءاتهم ومخاطباتهم الجماهيرية في السودان, وهيئة الإذاعة والتلفزيون في السودان اليوم تمتلك قناة فضائية خاصة بالموسيقى وعدد كبيرا من الإذاعات المتخصصة في الغناء والفترة الزمنية المتاحة للموسيقي والغناء في تلفزيون السودان كبيرة لدرجة ملفتة للانتباه. الاجابة ان البديل هو الصمت (Silrnce) !!! نعم الصمت والصمت في الانسان هو السكوت عن الكلام وفي المكان هو غياب اي اصوات مقصودة او غير مقصودة كالتلفاز او غيره , وقد اظهرت الدراسات ان وسائل الاعلام والتقنية الحديثة قد صنعت اعدادا كبيرة من الناس الذين يخافون الصمت , فنحن اليوم وباستمرار نملا اذاننا بأصوات الموسيقى او الراديو والتلفاز وتظل هذه الاصوات تتردد في ادمغتنا فيجد الانسان ان الدقائق التي يقضيها في صمت وهدوء تام قليلة جدا. وقد اثبتت الابحاث العلمية ان الصمت مفيد جدا للدماغ فهو يؤدي لتقليل الاجهاد والتوتر ويجعل الانسان اكثر تركيزا وابداعا وان الصمت والهدوء يجدد خلايا الدماغ, ففي دراسة حديثة وجد ان ساعتين من الصمت يوميا تؤدي الي نمو خلايا منطقة الذاكرة والتعلم في المخ hippocampus , وفي بحث نشر في العام 2013 تمت فيه دراسة تأثير الاصوات علي دماغ فئران التجارب , تم تعريض اربعة مجموعات من الفئران للموسيقي ولأصوات فئران صغيرة و لضوضاء خفيفة و للصمت , فكانت المفاجأة ان الفئران التي تم وضعها في مكان صامت تماما حققت نموا ممتازا لخلايا الدماغ خاصة خلايا الذاكرة والتعلم , وقد ثبت تماما ان للصمت الخارجي فوائد ظاهرة ,ففي غياب الاصوات الخارجية يتجه الدماغ لتمثيل وعرض اصواته الداخلية . وتنشط اجزاء مهمة من الدماغ وتنشط عملية توليد الادراك الذاتي وهي مهمة جدا لسلامة الدماغ عن طريق التأمل و الخيال للمستقبل , كما ينشط التفكير الداخلي والعواطف والذكريات فيصبح الانسان اكثر ابداعا وينعكس ذلك علي حالة الفرد العاطفية والعقلية. وفي عالم اليوم فان الصمت مهم جدا فالكثير من المهن في الحياة الحديثة تتطلب الانتباه المستمر مما يشكل عبئا كبيرا علي الدماغ حيث يجب التفكير المستمر المرتب واتخاذ القرارات وحل المشكلات , ونتيجة لهذا تستنفد مقدراتنا علي الانتباه وعندما يحدث هذا يصبح الانسان شارد الذهن ومرهق عقليا ويصعب عليه التركيز ,ولكن يمكن اصلاح ذلك وان يستعيد الدماغ قدرته الادراكية عند الذهاب الي بيئة هادئة صامتة فذلك مفيد جدا لراحة وسلامة الدماغ . وحقيقة اذا اردت ان تعرف نفسك يجب ان تكون مع نفسك وان تتناقش مع نفسك وان تتكلم مع نفسك وهذا لا يحدث الا في مكان صامت هادئ. واليوم دولة مثل فنلندا تستخدم الصمت كدعاية رئيسية للسياحة فيها , فالمكان الصامت ذا قيمة كبيرة عند الاوربيين وجاذبيته عندهم تزداد مع الايام. في العام 2011 اصدرت منظمة الصحة العالمية تقريرا عن التلوث بالضجيج حيث اعتبرت الضجيج نوعا من التلوث ووصفته بالطاعون الحديث وختمت ذلك التقرير بان التعرض للضجيج يسبب نتائج عكسية علي صحة الانسان . فالعيش في بيئة ضجيج يتلف خلايا المخ ويضعف الجهاز المناعي حيث يجعل الجسم يطلق هرمون الكورتيزول والادرينالين باستمرار , و الكورتيزول الزائد يتلف خلايا الجسم و يسبب التعب في العضلات والمفاصل ويسبب السمنة كما انه يجعل الجهاز المناعي لا يعمل بكفاءة للقضاء علي عدوي الامراض والفيروسات فأجسامنا مصممة للتعامل مع الزائد من الهرمونات ولكن بجرعات قليلة وكما ثبت ان التلوث الصوتي يؤدي الي ارتفاع ضغط الدم والصدمات القلبية وافساد السمع ويؤثر علي الصحة بشكل عام , ويتأثر الانسان بالضوضاء حتى ولو كان نائما فالموجات الصوتية تهز عظام الاذن فتنقل الحركة للقوقعة التي تحول هذا الاهتزاز لإشارة كهربائية يستقبلها المخ. فيتفاعل معها الجسم مباشرة فيطلق الدماغ هرمونات الاجهاد والتوتر وقد وجد الكورتيزول بكميات كبيرة عند تحليل دم الاشخاص الذين يسكنون بالقرب من المناطق كثيرة الازعاج. بالنسبة للأديان فان الموسيقى تدخل في العبادات والصلوات في الكنائس والمعابد اليهودية (الجدير بالذكر ان الخمر ايضا تدخل عندهم في العبادات) , اما في الاسلام فالموسيقى لا تدخل في اي عبادة من العبادات ولا تستخدم في المساجد اطلاقا , بل ان الاسلام يحرم الموسيقى وقد أكد ذلك جمهور العلماء , والالة الوحيدة التي اجازها الاسلام كي تستخدم في المناسبات السعيدة مثل الأعياد والزواج او عودة غائب هي الدف , والدف شبيه بالطبل ويختلف عنه في ان الطبل مغطي من الجانبين والدف مغطي من جانب واحد. ختاما وبعد كل هذا الشرح اذا حدث وجاءني ابني يوما وقال لي اريد ان اصبح مغنيا فسأقول له يا بني . . . هل تريد أن تصبح تاجر مخدرات ؟ . . . وقد حرم الله تعالي الموسيقى والخمر والمخدرات. [email protected]
أحدث المقالات
- حكايات الحلة ــ 7 بقلم هلال زاهر الساداتي
- مملكة البجة بين الزنافجة والحداربـة إبان الفتح الاسلامي لمصر 2 بقلم د أحمد الياس حسين
- غزة على موعد وإعدام الجريمة بقلم د. فايز أبو شمالة
- رسالة إلى الخطباء وأئمة المساجد بقلم الشيخ عبد الحافظ البغدادي
- الأيديولوجية و دورها في توظيف الثقافة بقلم زين العابدين صالح عبد الرحمن
- بلّاص ..عَشا البَايتات بقلم عبد الله الشيخ
- ( نمر ) المفترى عليه بقلم عصمت عبد الجبار التربى
- سيناريو سوريا يتكرر في السودان: روسيا تعلن الحماية الكاملة لنظام البشير بقلم عثمان نواي
- شائعة التوربينات (التركية) ،، والوقود السعودي/ بقلم جمال السراج
- نحو تحرير السوداني من سياج القداسة بقلم صلاح شعيب
- الإعلام المصري .. راندا ! (4) بقلم رندا عطية
- أبكيك يا أنور أبد الدهر بقلم بدرالدين حسن علي
- خطة ترقيع ..!! بقلم الطاهر ساتي
- بيوت سيئة السمعة .! بقلم عبد الباقى الظافر
- دور تشاد المتنامي في الساحة الدولية بقلم الدبلوماسي( ادم كردي شمس)
- دور تشاد المتنامي في الساحة الدولية بقلم الدبلوماسي( ادم كردي شمس)
- دروس التاريخ بقلم الدبلوماسي (ادم كردي شمس)
- مقاطع صواقع ألموت شعر نعيم حافظ
- لكن فى دى صدقت يا نافع بس النقولك بقلم سعيد عبدالله سعيد شاهين اخبار المدينه تورنتو
- سوداني آخر يذهل السعوديين بشهامة السودانيين بقلم ياسر عبدالفتاح شقشقة
- وفي السماء رزقكم وما توعدون بقلم نورالدين مدني
|
|
|
|
|
|