أصابنا اليأس و خيبة الأمل يوم أعلنت قيادة الحركة أن:- " نرحب بدعوة المشير البشير للحوار الوطني على أن يكون حوار متكافئ ومنتج و ذو مصداقية يهدف لوضع السودان في طريق جديد و لا يرمي لشراء الوقت ويرجع الآمر الي الشعب السوداني، ليقرر ديمقراطياً من يحكمه بعد أن يحدد كيف يحكم السودان"..
و انبرى إعلام النظام يبشر أنصاره باحتمال ( كبير) لحدوث اختراق لتحقيق العرس بينه و بين الحركة الشعبية في ألمانيا.. فأعددنا أنفسنا لتقبل الواقع حتى لا يفاجئنا قيام ( نيفاشا 2) بما يبدد ما تبقى لنا من أمل في الحياة..
ظل إعلام النظام يعكس لنا، طوال الوقت، بما يشي بأن المفاوضات ( غير الرسمية) تعني ( طبخة سرية) أقرب إلى مؤامرة حاكها النظام و الحركة الشعبية ضد حلفاء الحركة و ضد الشعب السوداني الذي يضع كل آماله، في الخلاص من الأوجاع المتراكمة، على المعارضة.. و الحركة الشعبية إحدى أهم أركانها و ركائزها..
غضبنا كثيراً.. و لم نكن نعلم أن الحركة كانت تلعب سياسة.. و مفاوضو النظام لم يقرأوا ما قالته الحركة جيداً.. توهموا أن بالإمكان تنازله هو بإعطاء الحركة حشفاً مقابل تنازل الحركة عن باقي مطلوباتها..
و كررنا قراءة بيان الحركة حيث تقول:- " نرحب بدعوة المشير البشير للحوار الوطني على أن يكون حوار متكافئ ومنتج و ذو مصداقية يهدف لوضع السودان في طريق جديد..."
لم نقرأ ما بين تلك السطور قراءة جيدة.. فقد اعتبرنا أن الحركة - بترحابها ذاك- قد بدأت التمهيد للانضمام إلى الحوار وفق ما قدمه لها النظام ( سراً) خلال المفاوضات غير الرسمية .. و لم نضع في الاعتبار أن اشتراط الحركة المبني على حوار فيه تكافؤ بين الفرقاء.. و أن يكون منتجاً و ذا مصداقية يعني أن على المتحاورين ( التحضير) له بما يحقق تلك الشروط.. و لا يمكن أن يتم التحضير له داخل سودانٍ يسيطر فيه النظام على كل الأدوات المتاحة لتحقيق الحوار وفق تلك الشروط.. فلا بد من إيجاد أرض محايدة للتحضير للإجراءات المناسبة لبلوغ الغاية من الحوار.. و ما رفض الحركة الشعبية في برلين إلا تأكيداً على رفضها أن تُساق إلى الحوار بالخرطوم كما تساق الأنعام.. بلا الحوار تحضير مقنع لتحقيق المطلوبات التي خرجت من أجلها على النظام..
أخطأ النظام مقاصد الحركة الشعبية.. و ظلمناها نحن.. و لا نخجل من أن نعتذر!
لم تنكص الحركة الشعبية بوعدها لحلفائها في المعارضة و للشعب السوداني الكارِّه لبقاء النظام على دست الحكم.. فكانت صادقة مع نفسها حقاً.. و مع الشعب.. و لو كنا قرأنا ما جاء في بيانها بتمعن، لكنا أدركنا أن موقفها كان ثابتاً بعد المفاوضات غير الرسمية، كما كان موقفها ثابتاً قبل تلك المفاوضات..
و ثمة محادثات في أديس أبابا بين حركات دارفور، بقيادة السيد/ أركو مني مناوي و الدكتور/ جبريل ابراهيم من جهة و بين حكومة المؤتمر الوطني من أخرى.. و كلنا ثقة في أن القائدين لن يخذلا الشعب السوداني عامة، وشعب دارفور على وجه الخصوص، و سوف يتمسكان بما يفضي إلى حلول جذرية لمشاكل السودان عموماً.. بما فيها التهميش و التكويش.. و تغيير التركيبة السكانية في دارفور و الشمالية.. و ما إلى ذلك قبل التحضير الجيد، في الخارج، للحوار في الداخل..
هذا، و بدعوة من الحكومة الالمانية، سوف يتم عقد جولة من المفاوضات في العاصمة برلين ، و سوف تحضرها قوى المعارضة السودانية بما فيها الجبهة الثورية التي نأمل أن تتعافى من مرض التشرذم.. و سوف يكون الامام الصادق المهدي حاضراً عن حزب الأمة القومي، كما يحضرها د. غازي صلاح الدين عن ( الاصلاح الان).. و سوف تتواجد كذلك أحزاب ( نداء السودان) .و يكون لحزب المؤتمر السوداني حضور جميل برئيس جديد يضفي على الحضور معنىً جديداً لتداول )الرئاسة( في المجتمعات المدنية المتمدينة..
و نحن نطالب الجميع بطرح الطموحات الحزبية جانباً و الاتفاق على القاسم المشترك الأعظم:- الخلاص من نظام الانقاذ.. و تأسيس نظام حكم جديد لسودان جديد..
و لما كان النظام يهدد بأن الحوار بمن حضر.. فقد حضر نفر من الذين خافوا ضياع كعكعة السلطة و الثروة في غيابهم.. و لم يحضر القابضون على جمر القضية.. و هم المعنيون بالتهديد الذي أطلقه النظام.. و عدم حضورهم جعل زمن الحوار يمتد شهراً آخر فوق الثلاثة أشهر المستهدفة لبلوغ مخرجات الحوار.. و يكاد الشهر ينفد.. و الساعات تجري.. و الحوار مستمر في القاعة.. و 90 من مخرجاته قد تم إنجازه.. و صرح أحد القائمين على أمر الحوار أن الانتهاء من المخرجات النهائية سوف يتم إنجازها الاسبوع القادم، ليتم بعدها رفع التوصيات إلى الجهات المعنية.... لكن المخرجات النهائية ليست نهائية مغلقة، كما قال!!
و نستغرب: كيف تكون نهائية و " ليست نهائية"؟!
هل يتم العمل بمخرجات الحوار بشفافية كاملة شاملة، أم أن للنظام آليات ( مدسوسة) لتكييف مخرجاته حسب المناخ العام؟
ما يدور في خاطري أن النظام يبحث عن مخرج لأزماته و ليس لأزمات الوطن.. و أن في الحوار الحالي كثيراً من ( دسم) الجدية التي بداخلها قطرات من السم الزعاف.. و ما لم ننحو ناحية حوار يسبقه تحضير جيد من قبل طباخين مهرة في مطبخ غير مطبخ المؤتمر الوطني..!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة