أفق بعيد أظن أن وحدة قوى المعارضة ووضوح مواقفها السياسية ووجود نوع من الانسجام بين مكوناتها، واحدٌ من أهم المداخل لأي حل لأزمتنا الوطنية، ويزداد الأمر إلحاحاً في حال وجود احتمال لحل سياسي تفاوضي. ولو تمتعت قيادات الحكومة والمؤتمر الوطني بقدر من الذكاء السياسي لوصلت لنفس القناعات، فبدون وجود مركز معارضة قوي وموحد ومنسجم لن تقود الجولات التفاوضية لأي حل. وما يحدث في الأوساط المعارِضة، خاصة مجموعة نداء السودان، وداخل إحدى مكوناتها، وهي قوى الإجماع الوطني، لا يبشر بخير. فهاهي البيانات والبيانات المضادة تصدر بعد اجتماع أديس أبابا، بين من يقول إنه لم يكن اجتماعاً لنداء السودان؛ وإنما لبعض مكوناته، وبين من يرد بعدم صلاحية من أصدر بيان قوى الإجماع. ودعونا نرتب الأحداث مرة أخرى؛ بعد رفض قوى نداء السودان التوقيع على خارطة الطريق التي قدمها أمبيكي ووقعت عليها الحكومة، ساد الساحة السياسية نوع من الجمود؛ لكن قبل ذلك حدث أكثر من لقاء للوساطة الأفريقية ولوسطاء دوليين مع القوى المكونة لنداء السودان، مع غياب قوى الإجماع الوطني، وهي طرف أصيل في التحالف؛ لهذا نستطيع أن نقول إن قوى نداء السودان ظلت تسير عرجاء منذ تشكيلها، ولم تستطع أن تحسم هذا التباين في المواقف حول اللقاء بالوسطاء والقوى الدولية. ثم قام السيد الصادق بمبادرته باللقاء مع أمبيكي وما تمخض عن الاجتماع من مواقف وتصريحات متناقضة، وأخيراً حدث اللقاء مع المبعوث الأمريكي والاجتماعات التي تمت بين قوى نداء السودان في أديس أبابا وغابت عنه أيضاً قوى الإجماع الوطني. معلوماتي تقول: إن قوى الإجماع قد تلقت دعوة لحضور اللقاء لكنها لم تناقشها في اجتماعاتها ولم تتخذ موقفاً محدداً فغابت عن اللقاء، بينما حضر رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير. من هنا بدأ الخلل، حيث لم تستطع قوى نداء السودان توحيد موقفها من اللقاء مع الوسطاء، وظلت تؤجل حسم هذا الأمر، والنتيجة الطبيعية أن تتباعد الخطى بين الحلفاء، فتتقارب مواقف الحركات وحزب الأمة ومعهم المؤتمر السوداني، وتكون الأحزاب والقوى الأخرى داخل قوى الإجماع موقفاً آخر؛ ولأن هذه اللقاءات والاجتماعات تتمخض عنها مواقف مشتركة، فمن الطبيعي أن تظهر كتلتان بمواقف مختلفة داخل نداء السودان. أكثر من ذلك فإن هناك أحزاباً داخل قوى الإجماع لا تزال ترى في نداء السودان مؤامرة دولية، بحسب ما قال محمد ضياء الدين قيادي حزب البعث في لقاء صحفي أخير. لهذا من الأفضل أن تنظم قوى نداء السودان نفسها وتدير نقاشاً داخلياً في جدوى التحالف ومواقفه وبرنامج الحد الأدنى الذي يجمع الأحزاب والحركات حتى يتحقق الانسجام المطلوب داخل التحالف. تحتاج قوى المعارضة لتضع خارطة طريق لنفسها أولاً، قبل الانخراط في أي نشاط تفاوضي مع الآخر، سواء كان هذا الآخر الوسطاء والقوى الدولية أو المؤتمر الوطني. أي موقف موحد ومنسجم سيتعامل معه الوسطاء والقوى الدولية باحترام، بينما لا تحظى المواقف المتناقضة بغير التشكيك في جديتها وعدم الثقة في أطرافها، وربما نفض يد الوسطاء والمجتمع الدولي من القضية السودانية بكاملها ووضعها في درج التجميد.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة