· ظلت الخلافات الداخلية تضرب بعنف شديد علي جسد الحزب الإتحادي الديمقراطي الأصل بزعامة مولانا السيد محمد عثمان الميرغني ، والذي تسنم دفة قيادة الحزب العريق عقب إنتفاضة السادس من ابريل 1985م بإنتهاء حكم الرئيس الراحل جعفر نميري ، حيث جاء ترشيحه لرئاسة الحزب في المؤتمر الشهير الذي جمع قيادات الحزب بجنينة السيد علي الميرغني بالخرطوم وبإقتراح من الراحل الشريف زين العادبين الهندي ، والذي تم ترشيجه لمنصب الامين العام ، بمثلما تم ترشيح الاستاذ المناضل سيد احمد الحسين نائبا للشريف .· في خلال فترة الديمقراطية الثالثة حقق الحزب في إنتخابات البرلمان المركز الثاني من حيث عدد النواب ، ويسبقه حزب الأمة ثم الجبهة الإسلامية القومية حيث شهدت تلك الانتخابات الحرة الثالثة تعدد مرشحي الحزب في معظم دوائر البلاد ، مما أفقد الإتحادي خاصية الفوز الكبير بسبب تشتت أصوات الناخبين بين المرشحين المتعددين .· ما حققه السيد محمد عثمان الميرغني حلال تلك الفترة القصيرة هو الحفاظ علي كيان الحزب ومن خلافات ظهرت بقوة وقتذاك ، كما أن إنجازه لمبادرة السلام السودانية بين الحزب والحركة الشعبية في 16 نوفمبر 1988م بالعاصمة الاثيوبية أديس ابابا تعتبر رصيدا تاريخيا ضخما إن كتبت لتلك المبادرة الوصول الي نهاياتها .· تدخلت الغيرة السياسية الرعناء وحدث ما حدث من إجهاض لتلك الإتفاقية والتي لو تحققت لما كان حال السودان القديم هكذا .. خاصة حين قال الميرغني الجنوب إذا أنفصل فإن لا الخرطوم ولا جوبا سيشهدان استقراراً ، وذلك قبل إستفتاء اهل الجنوب علي تقرير المصير حسب إتفاقية نايفاشا ( البلهاء) والتي تمت وفقا لضغوط دولية معروفة وبأسباب معروفة ايضا ، وقد كانت تنبوءاته صادقة بنسبة مائة بالمائة ، نظرا لعدة اسباب يعرفها الراحل جون قرنق شخصيا ، وكان يخاطب جماهيره بها وهي خطابات ومناظرات محفوظة في ( اليوتيوب ) تدعو الي الوحدة . ولكن للقوي الدولية رأي آخر وقد إتضح الآن ، غير ان القوم لا يعترفون بذلك .· ثم بدأت المحاولات تجري لتفتيت الأحزاب العريضة ، والكل يعرف ذلك ، لكي تضمن الحركة الإسلامية إستمراريتها في حكم السودان حتي لو حققت فشلت ذريعا كالذي يجري حاليا ، حيث تحول أداؤها من ثقافة الطهر والعمق الإيماني إلي شراهة الإمتلاك للثروة بكافة الوسائل ، فتوقفت الدعوة وإزدادت معدلات الشراهة ، ولن يستطيع أحدا إيقافها أو فرملتها إلا أن يحدث تغييرا عنيفا من داخلها ، وهذا من رابع المستحيلات ، فالكل تشوبه شبهة الإمتلاك الشره .· ولكن .. ماجري في الاتحادي الديمقراطي شيء آخر ، فبعدما إنشطر قبل عدة سنوات إلي أربع كيانات إتحادية مكونة أحزابا تم تسجيلها رسميا ، لم نر لأي منها أثرا وسط قواعد الإتحاديين الممتدة في اوساط الشعب السوداني ، ولا كسبا نيابيا ضخما في برلمانات الإنقاذ أو ندوات ضخمة في الشارع السوداني تقاوم الواقع ، برغم أنها كلها ظلت تكيل الاستفزاز والشتائم لرئيس حزبها السابق السيد محمد عثمان الميرغني وينتهي نضالها في هذه الجزئية فقط .· والآن وبسبب قلة خبرة السيد الحسن في إدارة شؤون الحزب وعدم تفكيره في إحتواء التيارات المختلفة بداخله بسبب مشاركة الحزب في السلطة منذ العام 2011م ، فإن ماقام به قد جعل القيادات التاريخية تقرر مصيرها وتجمع قياداتها بالمركز والولايات للتفاكر ، ولكنهم هذه المرة انقسموا الي كيانين ، كل منهما لديه رؤيته في لم الشمل الإتحادي ، فقام فصيل الحراك والقطاعات الذي يتزعمه الشيخ الجليل حسن ابوسبيب إلي تكوين جسم سياسي وإنشاء هياكل قيادية تدعو لمؤتمر عام تحت إسم الأصل وذلك في منزل القطب الإتحادي العم سيد العبيد في ضاحية ام دوم ، وهو نفس الصالون الذي جلس فيه مولانا الميرغني في إحتشاد كبير قبل عدة سنوات إثر رجوع السيد سيد العبيد إلي حزبه ، ما اراح الإتحاديين كثيرا وقتذاك .· ولكن من أكبر الملاحظات التي يأخذها المراقبون والإتحاديون من مخرجات ذلك الإجتماع هو الترويج الكبير له وفقا لحملة مدروسة بقرار الإجتماع بعزل السيد محمد عثمان الميرغني وفقا للمادة ( 5 ) من دستور الحزب التي صرح بها أحد الحانقين علي الميرغني لأسباب تخصه شخصيا وهو ليس عضوا قياديا بالاصل ولم يحضر إلي اي من مؤتمراته خارج البلاد أو فعالياته السياسية داخل البلاد .· منطقياً ، كيف لمجموعة إتحادية محترمة ووقورة تصرح بعزل رئيسها دون أن تدعو المكتب السياسي القديم والهيئة القيادية القديمة لإجتماع محدد لبحث كيفية إعفاء رئيس الحزب ، خاصة وان إعفاء الرئيس يتم عادة حسب قرارات المؤتمر العام الذي لم ينعقد بعد ، غير ان مجموعة ام دوم ستشرع في عقد مؤتمر عام لفصيلها وتقرر فيه عزل رئيس الحزب وهي بذلك تختطف الإتحادي الأصل دون إستئذان .· لقد تناسي المؤتمرون في أم دوم أن هنالك مجموعة أخري سبقت أن دعت لإجتماع كبير جدا بمنزل الخليفة ميرغني بركات بأم بدة ودعت له كل المشرفين السياسيين للحزب بالعاصمة والولايات وكل اللجان المركزية حيث كان التفاكر في امر الحزب والوطن لا يحيد عن ما أحدثته مجموعة أم دوم لاحقا ، ولكن الفرق بين المجموعتين هو في كيفية حل إشكالية الرئاسة والتي حتما سيناقشها المؤتمر العام في حالة إعتذار السيد رئيس الحزب في الإستمرارية أو وفقا لإستقصاءات لحالته الصحية .· ولكن الشاهد أن هناك تهميشا واضحا لكل السجل النضالي الذي قام به السيد محمد عثمان الميرغني ، سواء إتفق الناس معه أو إختلفوا ، وبالتالي أن تجتمع اي مجموعة إتحادية وهي اصلا ليس لديها التفويض الرسمي لدي مجلس تسجيل الاحزاب ولا تتمتع بعضوية المكتب السياسي او الهيئة القيادية لتقرر في مصير حزب هي اصلا ليست من ضمن هياكله ، فإن الامر هنا لا يستقيم عقلا ً. حيث كان البعض يتوقع تبني فكرة عمل تكريم كبير جدا للسيد رئيس الحزب في حالة إعتزاله العمل السياسي حتي نكون شعبا راقياً يعرف قيمة الوفاء لأهل العطاء ولا يعرف لغة الشتائم والإساءة والإستعجال لخلق بطولات وهمية عبر الصحف والوسائط.· وبالنتيجة ، تصبح تلك المجموعات تأخذ مهمة غير موكلة لها من المكتب السياسي او الهيئة القيادية المكلفة بتسيير شؤون الحزب حتي قيام المؤتمر العام ... فهي بلاشك من حقها أن تعمل علي تكوين أجسام سياسية جديدة تحمل إسم الحزب الاتحادي الديمقراطي وتضيف إليه ما تشاء من اسماء حتي لا تتشابه مع الأحزاب الإتحادية الاخري المسجلة لدي مجلس الأحزاب ، ولا يستطيع أحد في الكون كله أن يحجر علي اي مجموعة أن تؤسس كيانا إتحاديا أو غير إتحادي ، ولكن أن تقرر إعفاء قيادي آخر في حزب آخر لديه مؤسساته المكلفة مثل رئيس الحزب فهذه تعتبر شطحة وقفزة في الهواء وحماسة يصحبها ضجيج إعلامي ينتهي اجله فور الإصطدام بعقبة تسجيل حزب وإختطافه من قيادات اخري هي علي قيد الحياة .· عودوا إلي رشدكم يرحمكم الله ، فإن حزبكم لن تقوم له قائمة إلا بعد ان يصل كل القوم الي قناعات ضخمة تجعل المستحيل واقعاً ... خاصة وأن الجماهير الاتحادية القديمة قد أصابها الوهن في عهد الإنقاذ هذا .. وهنا يأتي التحدي لمناداتها من الرصيف الذي تقف عليه .· ولكن ... ليس ببعيد أن تأتي قيادات مستقبلية شابة تحدث تحولا كبيرا وراقيا يعيد للحزب الإتحادي ألقه وسؤدده القديم حين تتسع مواعين الحرية في البلاد ... بدلا عن هذه المجموعة التي سوف تصطدم بواقع التسجيل بإسم الأصل المختطف ، فتضطر إلي التسجيل والممارسة تحت مسمي جديد كالأحزاب الإتحادية الاخري المسجلة قانوناً . .. أو يصدر قانون بإلغاء مجلس تسجيل الأحزاب ... أليس كذلك ؟؟؟؟· لاحظوا أنني لم أقحم زخم جماهير الختمية بعد ، وهم عماد الإتحادي الأصل .. فذاك أمر آخر . أحدث المقالات
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة