قبل أشهر أرسل صُحفي غربي طرفة حول رئيس زمبابوي، الذي ظل في منصب الرئيس حتى وهن العظم، واحدودب الظهر، واشتعل الرأس شيباً.. الصُحفي روى أنه سأل موغابي متى يقول لشعبه مع السلامة..؟! فرد الرئيس بجدية إلى أين سيسافر شعبي..!! بالطبع أنا لا استبعد أن تكون الطرفة بعضاً من واقعنا المؤلم.. من قبل سأل القذافي شعبه بمنتهى البراءة من انتم؟.. قبل أن يصف فصيلاً منهم بأنهم مجرد صراصير. أمس الأول احتفل الرئيس الرواندي بول كيغامي في معية أكثر من رئيس إفريقي بانتخابه رئيساً لفترة رئاسية ثالثة تمتد لسبع سنين.. كيغامي نال علامة النجاح العربية ببضع وتسعين بالمائة.. وبعد كرنفال البهجة ستمتد فترة حكم الرئيس للعام ٢٠٢٥م إن لم يقم بتصفير العداد مجدداً.. اصرار كيغامي على البقاء فوق الكرسي هزم صورة بلده التي هزمت الحرب الأهلية، وعاد أهلها اخوة متحابين، بعد ان تجاوزوا المجازر البشرية التي مثلت تاريخاً أسود يشار إليه ببنان الندم والحسرة. ولكن يبدو أن القارة الإفريقية تعود لضلالها القديم.. قبل أيام قليلة أُقيمت انتخابات في كينيا جددت للرئيس اوهورو كينياتا.. لكن المعارضة لم تعترف بالنتيجة، مما أعاد للأذهان موجة العنف التي سرت في تلك الأصقاع عقب انتخابات مماثلة لم تجد اجماعا ًعلى نتائجها.. كينيا دولة مستقرة اقتصادياً وسياسياً.. ولهذا تحمل هذه الهزات مؤشراً سالباً في عيون الذين يظنون أن القارة السمراء تمضي في الاتجاه الصحيح. لكن السؤال هل تراجع المد الديمقراطي يمكن أن ينعكس سلباً على السودان.. التغيير مثل موجات نزلات البرد.. ربيع بودابست كان بداية للانهيار اللاحق في محور الدول الاشتراكية.. تناثر الاتحاد السوفيتي مثل حبات العقد مع الوهن الذي ضرب موسكو عقب سياسة البروستريكا التي أرخت القبضة المركزية في موسكو.. الربيع العربي بدأت الحُمَّى في تونس ثم اشتعلت في كامل الوطن العربي من مغربه الى مشرقه في سوريا. في تقديري تراجع المد الديمقراطي إفريقيا وعربياً سيلقي بآثاره على الخرطوم.. وسيصبح من السهل تسويق أفكار التمديد والتصفير للقيادة الحالية.. لهذا السبب لم تحتف الخرطوم بثورات الربيع العربي رغم أنها حملت الى السطح السياسي أحزاباً وكيانات إسلامية.. وصرعت ذات الثورات أنظمة طغيان كانت تتربص بالانقاذ. سر عدم الحماس كان الخوف من انتقال العدوى السياسية.. بعد أيام قليلة ستصبح تجربة رواندا في التمديد والتجديد تجربة يحتفى بها. بصراحة.. ستكون إفريقيا خارج التاريخ ما دام الحكام يجلسون على العروش مدى الحياة.. يهتدون في ذلك بمقولة من القصر إلى القبر.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة