نحن الموقعون أدناه نمثل مجموعة من منظمات المجتمع المدني المُشاركة بالتقارير الموازية لتقرير حكومة جمهورية السودان، حول أوضاع حقوق الانسان في السودان المُقدم في أعمال الدورة الثامنة للجنة حقوق الانسان العربية (لجنة الميثاق) التابعة لجامعة الدول العربية التي إنعقدت بالقاهرة يومي ٩-١٠ نوفبمر ٢٠١٥م، نعرب عن تقديرنا لجهود الجامعة العربية ممثلة في لجنة الميثاق للإهتمام بتحسين أوضاع حقوق الانسان في الدّول العربية، من خلال إعطاء منظمات المجتمع المدني "غير الحكومية" بالمشاركة وتقديم تقارير موازية للحكومات.
وإذ نتعهد بالتعاون مع لجنة الميثاق ودعمها بكل التقارير التي تعكس حالة حقوق الإنسان في السودان بشكل دوري، نتطلع في أن تطور لجنة الميثاق من آليات المُتابعة والمراقبة، وان تُسهم بشكل فعّال وملموس في تحسين حالة حقوق الإنسان في السودان وبقية دول المنطقة العربية.
وإعمالاً بتعزيز مبدأ الشفافية ونشر المعلومة فقد رأينا أهمية تمليك الحقائق للرأي العام ونقل بعض مادار من مداولات، والتبريرات التي ساقها أعضاء وفد الحكومة السودانية حول دفاعهم للإنتهاكات الممارسة بالقانون وإستخدام السلطة. وقد أقرّ وفد الحكومة بوجود خروقات للدستور السوداني لسنة 2005، مع عدم وجود تفسير واضح للقوانين التي تُخالف الدستور حيث يتم استخدام القانون - في أغلب الأحيان- وبشكل ممنهج، كأدة للقمع وتقييد الحريات المنصوص عليها في الدستور، بالاضافة إلى المأزق التفسيري للقوانين المُبهمة، كما تُسهم الحصانة المُطلقة لمُنفذي القانون، والقائمين عليه، في انتهاك حقوق الانسان وتعطيل سُبل التقاضي للضحايا.
لقد قدم الوفد السوداني تقريراً يبرز ما سماه بالإنجازات لكنه يجافي الواقع بينما تضاربت أقوال أعضائه في الرد على القضايا التي أثارها الخبراء في لجنة حقوق الإنسان "لجنة الميثاق"، فتارة يبرر أعضاء الوفد حدوث الإنتهاكات بأن هنالك عقوبات دولية مفروضة على السودان، وتارة أخرة بأن السودان يعاني من حروبات داخلية، ثم يؤكد أعضاء الوفد بأن هنالك ثورة تشريعية قادمة لإلغاء القوانين المتعارضة مع الدستور بجانب عملية إصلاح شاملة ستنتظم البلاد.
قانون النظام العام:
نعبر عن أسفنا لردود وتبريرات أعضاء وفد الحكومة على تفسيرات لجنة حقوق الإنسان " لجنة الميثاق العربية" فيما يتعلق بقانون النظام العام ورأت اللجنة أنه يُوقع بالكثير من الفتيات والنساء تحت طائلة العقوبات التي تتم في الغالب بالجلد والسجن معاً، وتوصل الخبراء إلى أن القانون على علاته يترك أمر تفسيره وتطبيقه لأفراد القوات النظامية كما في النص المُبهم للمادة (152) المتعلقة بالزي الفاضح .
زواج الطفلات تطبيق للشرع:
إننا إذ نشجب ونستنكر بشدة تمسك أعضاء وفد الحكومة بزواج الطفلات وربطه بالشرع، ونعبر عن قلقنا الزائد لعدم التصدي لوقف هذه الظاهرة من قبل الدولة، وهنا نوضح بأن وفد الخبراء بلجنة الميثاق قد أعاب وجود تُناقض واضح بين القوانين كتعريف الطفل في النصوص الواردة في قانوني الطفل والأحوال الشخصية، ففي حين يعرف ويحدد قانون الطفل عمر الطفل بأنه من لم يبلغ سن الـ 18عام، يتيح قانون الأحوال الشخصية لسنة 1991م زواج الطفلات من عمر عشرة سنوات كما نصت عليه المادة (40)، وبررت عضوة وفد الحكومة بأن زواج الطفلة يخضع لمسؤولية القاضي في تحديد المصلحة الفضلى بالإستناد على قانون حماية الطفل في تحديد المصلحة الفضلى، ونفت وجود زواج قسري للقاصرات حيث أكدت بأن كل شئ يتم برضا الطرفين، لكنها عادت لتقول بأن هنالك إستراتيجية ستدشنها الحكومة لمنع زواج الطفلات خلال الشهر الجاري، رغم صعوبة منعها بالقانون بعد أن أصبح زواج الطفلة من التقاليد والأعراف في المجتمع السوداني، بينما أعاب رئيس لجنة الخبراء منهج عضو بالوفد الحكومي وهو نائب برلماني في دفاعه عن زواج الطفلات بأنه يعتمد على مرجعية دينية وأنه واجب شرعي بعدم وجود نص واضح لذلك، حيث قال النائب البرلماني أن الأولى هو التعامل مع ما جاء في الكتاب والسنة وأن لا تكون المواثيق الدولية مدعاة للتخلي عن ذلك خاصة وأننا أمة عربية ومسلمة، ودلل على ذلك بوجود بعض الحالات لأطفال تظهر عليهم علامات البلوغ تحت سن الـ 18.
غياب مناطق النزاع عن المداولات:
رغم قناعتنا بأيلاء مناطق النزاعات المسلحة (ولايات دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان)، أهمية قصوى في التقارير الموازية لتقرير حكومة جمهورية السودان، وما يتعرض له المدنين من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وتزداد فيها انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، إلا أن الوفد الحكومي تحاشى في رده على مُلاحظات لجنة الخبراء، الخوض في الحديث عن الأوضاع في تلك المناطق بزعمهم أن فتح ملف دارفور لوحده سيأخذ مُعظم زمن الجلسات بحجة أن لديهم تجارب سابقة في مناقشة تقارير تتعلق بتلك المناطق أخذت جل الوقت، وجاءت ردودهم مقتضبة بحجة أن هنالك إنفلات أمني وبعض المناطق خارج سيطرة الحكومة وخاضعة لسيطرة الحركات المسلحة.
لقد وعد الوفد السوداني بالعمل على تحسين أوضاع حقوق الإنسان، لكنه قرن وعوده بمُخرجات الحوار الوطني الحالي، والذي غابت عنه الكثير من مكونات المجتمع السوداني. لذا فإننا نطالب حكومة السودان بألا ترهن تحسين أوضاع حقوق الانسان بمساوامات سياسة. كما نطالبها بالقيام بمسؤولياتها تجاه حماية المواطن والحفاظ على سلامته بإلغاء القوانين التي تنهتك حقوق الإنسان وتحط من كرامته، وتخالف الدستور السوداني لسنة 2005 والمواثيق الدولية، والتي تتمثل في معظم ما جاء في القانون الجنائي لسنة 1991م إضافة لقانوني النظام العام والأمن الوطني، ووقف كل الممارسات القمعية وإستتغلال السلطة، ومنع الإعتقال على أساس سياسي وعرقي وخطف وتعذيب النشطاء الحقوقيين والسياسيين والطلاب والشباب، وإتاحة الحريات العامة وحرية الرأي والتعبير، ووقف الإنتهاكات التي تحدث في مناطق النزاعات في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، وتعقب الجناة وتقديمهم للعدالة وحماية الضحايا والمبلغين والشهود تحقيقاً لمبدأ عدم الإفلات من العقاب.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة