باقان اموم يعتبر من الشخصيات المثيرة للجدل غائب عن الساحة السياسية في الوقت الحالى أو بالأحرى يفضل الصمت لشيء في نفس يعقوب يعتبره الشماليين انفصالي من الطراز الأول وكاره للشمال و يتذكرون عبارته الشهيرة (باي باى وسخ الخرطوم) وأنه كان من أشد الساعين للانفصال بيديه ورجليه ومواقفه تجاه الشمال كانت صارمة للغاية أما الجنوبيين فيلومونه علي وصفه لدولة الجنوب بالدولة الفاشلة منذ الميلاد، ومطالبته أن تضع دولة الجنوب تحت الوصاية الأمريكية، والبعض الآخر يتهمه بالهروب من الجنوب إلى أمريكا بأموال طائلة وهنالك من يقول انه رغم خلافه مع سلفاكير إلا أنه يتعامل معه تحت الطاولة، وأنه أيضا ساعي للسلطة لا غير. لكن من خلال تحليلي الشخصي لشخصية باقان أموم يظهر لنا العكس فإذا نظرنا للموضوع من ناحية موضوعية وعقلانية باقان اموم ليس بكاره للشمال أو شعبه لكنه كاره للظلم والإضطهاد والتمييز وعدم العدالة، توديعه للشمال لم يكن بطريقة عاطفية، لأنه بشخصيته الواضحة لا يعرف التصنع والتمثيل فهو لم يجد في السودان حق التمتع بأقل حقوقه كإنسان وأنت لن تقدر علي إقناع أي شخص ناهيك عن باقان إذا ظلم وصودرت حقوقه كإنسان وكمواطن عومل على أساس إنه مواطن درجة ثانية فلا يمكن أن تفرض عليه نمط من العيش والحياة الذي لا يناسبه لأن هذا لا يسمى فقط ديكتاتورية بل إستعباد فالأرغام والجبر هو نوع من أنواع الاستعباد غير المباشر، ومن خلال تبادل النقاش بيني وبين إخوتي من الجنوب من دينكا ونوير وشلك وغيرههم من مؤيدين ومعارضين جميعهم وصفوه ( بالشلكاوي القوى الشامخ شموخ النخيل) يتفق جميع الجنوبيين علي أن باقان شخصية لا يمكنك ترويضها أو فرض سيطرتك عليه، أو إقناعه بتنفيذ أشياء تختلف مع مبادئه وإعتقاداته فكان هذا خلافه مع الشمال ثم مع سلفاكير الذي أقر الجميع بانحرافه عن مبادئ الحركة الشعبية وأهدافها وتوجهاتها التي يجب أن تحكم بها البلاد، واتذكر جيداً نقاش تليفوني لي مع أحد الأصدقاء من قبائل الدينكا المقيم بالخارج وهو من المؤيدين للنظام والرجل في الحمسين من عمره إذن هو عاقل واعي ناضج مسؤول يعي ما يقول وعندما سألته ما هو في رأيك سبب خلاف باقان مع سلفا ؟ وبماذا تصفه ؟ فقال لي :باقان ليس رجل يسعى لكسب المال عن طريق الفساد، لكنه رجل سليط اللسان قوي الشخصية يقف وقفة الأسد يمكنني أن أصفه بالشلكاوي القوى أن لم يتفق معك في الرأي أو كان هنالك ما لا يعجبه فهو يقف أمامك وجها لوجه بعيون الأسد من غير أن يرمش له رمش ويمكنه أن يخالفك الرأي ويعلنها أمام الجميع من غير إحترام للمقامات وهذا ما أغضب سلفاكير، وهنا قلت له أن لم يتفق معكم في الرأي من حقه أن يعبر عن رأيه حتى وإن كان رأيه مخالف للرئيس فحرية الرأي جزء من الديمقراطية، وهنا رد علي غاضباً سلفاكير رئيس ويجب إحترام سيادته حتى أن كنت أعلم وأفهم منه هذا لا يعطيك حق معارضته وبهذا الطريقه الصارمة من باقان، ثم قال لي :عن أي ديمقراطية وحرية رأي تتكلمون؟ هل أنتم في الشمال لديكم حرية رأي وتتطاولون على البشير؟ ثم قولي لي ماذا فعل رئيسكم مع صلاح قوش ونافع عندما أرادا أن يتطاولا عليه ؟ما فعله البشير مع صلاح قوش ونافع هو نفسه الذي فعله سلفا مع باقان لان ليس من حقه الخروج عن طوع الرئيس ومخالفته وإذا أستمر المعارضين في هذه الأساليب سنستخدم معهم نفس سياسات البشير، ومن هنا نستنتج أن مشكلة باقان تتمركز في شخصيته القوية ولسانه الذي لا يستطيع السكوت عن كلمة الحق والوضوح الشديد والمجاهر برأيه من غير خوف. أم الشئ الثاني هو تمسك باقان بحلم دولة الأحلام الجنوب التي تجمع جميع الجنوبيين ويتمتع فيها المواطن الجنوبي بكل حقوق المواطنة العادلة التي لم يتمكن من التمتع بها في الشمال، وهو لن يتنازل عن هذا الحلم وعن هذه الحقوق في أي حال من الأحوال، لذلك عندما رأى حلمه يتلاشى أمامه، ووجد انتهاك لحقوق المواطن الجنوبي من بعض الفئات السياسية الجنوبية ذات نفسها لم يصمت وهاج ثائرا ضد الظلم بنفس ثورته ضد المظالم التي كانت في الشمال، وهذا يدل علي أن الرجل ليس له عداء شخصي لا مع الشمال ولا مع نظام سلفاكير ولكنه لا يرضى بالظلم والقهر، هكذا باقان اموم ولد حرا وسيموت حرا، والجدير بالذكر أن أحد المعارضين الشباب من دولة الجنوب وهو يتكلم عن باقان قال لي : باقان كان يأمل كثيراً علي سلفا في بناء دولة الميعاد أي جوبا وسمي سلفا بيشوع ولكن سلفا خذل باقان وآماله في بناء دولة وتأسيسها على أسس المواطنه العادلة من غير تمييز وذكر لي أن ماما ربيكا زوجة الراحل المقيم دكتور جون قرنق عندما ذكرته بهذا الكلام انهالت دموع باقان ومثل هذا القائد الصلب لا تعرف الدموع طريقها إلى عينيه ولكن الدموع دائماً يقال انها ترجمان الإحساس الصادق وقد صدق باقان عهده ووعده ولم يخون مبادئه فقد حارب من أجل تحرير الجنوب حتى نال استقلاله وعندما وقع الجنوب الوليد تحت نوع من القبلية والظلم الداخلي لم يصمت وإتخذ القرار الفاصل ووقف شامخاً أمام محاربة الفساد بشتى أنواعه وعندما سئل عن إمكانية عودة الجنوب إلى حضن الشمال بعد الفشل الذي لحق بدولة جوبا الوليدة كان رده لا، وهذا الشي أن دل علي شيء إنما يدل علي إحترامه لقرار شعبه الذي صوتت أغلبيته للانفصال ويدل علي ثبوته علي مبادئه وقناعاته فهو لا يحارب من أجل السلطة وإلا لما تردد لحظة واحدة في التحالف أو الإستنجاد بالشمال لكسر شوكة سلفا ولكن خلاف باقان خلاف فكري ومبدئي وموقف باقان اموم أو الشلكاوي القوى كما يلقبه أعداءه ومؤيديه موقف رجولي يستحق الاحترام والتقدير.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة