:: قبل أسابيع، نشرت وسائل التواصل الإجتماعي مقطع فيديو يعكس تعرض المواطن السوداني موسى بشير بالموصل للركل واللطم و الحرق من قبل بعض أفراد الشرطة العراقية .. وهاجت الأسافير هنا وماجت الصحف وغضبت مجالس الناس، وأصدرت الخارجية السودانية بياناً غاضباً تضامناً مع هذا المواطن واستنكاراً للتعذيب .. وبعد ثلاثة أيام من إنتشار المقطع، انتهت قضية موسى بعد أن زاره وزير الداخلية العراقي قاسم الأعرجي (شخصياً).. فالوزير العراقي تكبد مشاق السفر من بغداد إلى المواصل - 350 كلم - ليعتذر لموسى بشير السوداني و يمنحه الجنسية العراقية ثم ليحاسب المعتدين عليه .. وقد تم نشر خبر الزيارة والاعتذار و المحاسبة في وسائل الاعلام العراقية ..!! :: وقبل أسبوع أيضاً، نشرت وسائل التواصل الإجتماعي ذاتها تسجيلاً صوتياً يعكس تعرض طبيب سوداني يعمل بأحد المراكز الصحية بالرياض لإعتداء لفظي صارخ من قبل أحد السعوديين العاملين بذات المركز .. وكالعادة، هاجت الأسافير هنا وماجت الصحف وغضبت مجالس الناس ، تضامناً مع هذا الطبيب واستنكاراً للألفاظ العنصرية التي صدم بها العامل السعودي الطبيب السوداني وكل أهل السودان ..وما أن إنتشر التسجيل الصوتي للحدث المؤسف، نشرت وسائل الإعلام السعودية صورة تجمع وزير الصحة السعودي بالطبيب السوداني، ثم بيان وزارياً يستنكر الاعتداء و يتوعد المواطن السعودي بالمحاسبة ..!! :: فلننظر إلى الحدثين يزاوية أخرى، ونسأل أنفسنا بكل صراحة : كيف يكون حال موسى والأسافير والصحف ومجالس الناس في بلادنا لو كان هذا الإعتداء سودانياً، ومن قبل أفراد بالشرطة السودانية بأي مدينة أو قرية سودانية؟، وكيف يكون رد فعل وزارة الداخلية السودانية و وزيرها ؟..فالإجابة ليست بحاجة إلى تفكير أوعبقرية، لأن واقع الحال في بلادنا يشهد لوزارة الداخلية بخلو سجلها من مجرد الإعتراف بالإنتهاكات التي تحدث - بين الحين والآخر - لبعض المواطنين، وناهيكم عن الأعتذار عنها .. نعم، لم يحدث أن وزيراً من الذين تعاقبوا على الداخلية بادر بفضيلة الإعتذار لمواطن تعرضت حقوقه للإنتهاك من قبل بعض أفراد الشرطة ..هل لأن أفراد الشرطة لايخطئون كما البشر أم لأن روح المكابرة التي تظن الاعتذار ضعفاً هي الراسخة في مؤسسات الدولة..؟؟ :: وعلى ذلك قس حال الطبيب السوداني المعتدى عليه لفظياً بالرياض واعتذار وزير الصحة السعودي، ثم عد بالذاكرة إلى العام الفائت في بلادنا والذي كاد أن يتحول إلى احتفال من شاكلة (اليوم العالمي للاعتداء على الأطباء).. فالحمقى في مشافي بلادنا لم يعتدوا على الأطباء لفظياً فقط أو كما فعل العامل السعودي الأحمق، ولا باللطم والركل فقط، بل تمادوا - في الإعتداء والغباء - لحد إطلاق الرصاص على المدير الطبي المناوب بمستشفى بحري من قبل أحد المنسوبين لمؤسسة نظامية.. ومع ذلك، لم يعتذر الوزير الذي تتبع لها المؤسسة ولا مدير المؤسسة ولم يلتقي وزير الصحة بهذا الطبيب الناجي من الرصاص..وعليه، بما أنهم يجدون الإحترام - لحد الإعتذار - من قبل الحكومات، فلا خوف ولا حزن على كرامة السودانيين بالخارج، ويجب أن يكون كل الخوف والحُزن على كرامة السودانيين بالداخل ..!! fb
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة