فلسفة الهوية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-23-2024, 09:49 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-19-2017, 04:13 PM

Sinnary
<aSinnary
تاريخ التسجيل: 03-12-2004
مجموع المشاركات: 2770

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
فلسفة الهوية

    03:13 PM August, 19 2017

    سودانيز اون لاين
    Sinnary-usa
    مكتبتى
    رابط مختصر

    هذا البوست مشروع تفاكر عميق في أمر الهوية.
    وما دعاني لإفراد بوست للأمر هو أن مقاربة المسألة عندي تختلف
    عن زوايا النظر ومنطلقات النقاش الدائر في أمر الهوية في
    البوستات الراهنة الأخرى.
    لا سيما وأن أمر الهوية لا يشغل الناس هنا فقط، فقد إستعلى على كل
    ما عداه من هموم على المستوى الكون، وإزاح بقدرة قادر إشكالية
    العولمة وهموم العدالة الإجتماعية من الصدارة على سطح السياسة
    و روليت القضايا العاجلة في حقل الرأي العام.
                  

08-19-2017, 05:05 PM

Sinnary
<aSinnary
تاريخ التسجيل: 03-12-2004
مجموع المشاركات: 2770

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فلسفة الهوية (Re: Sinnary)

    يعتبر مفهوم الهوية أحد المفاهيم الكلية (الجوهرية) مثل الوجود والحرية ورغم أن هذه الكليات تستعصم في علوها المفارق لتغيرات الواقع اليومي (بما فيها من ولادة ونمو وموت) إلا أنها تمتلك من الجاذبية الفلسفية ما يؤهلها للهيمنة على العقول والقلوب بشكل يستعصى على أفاعيل الأيام والأزمنة، وهنا يقول كانط أن كل ما يمكننا التقرير بشأنه كبشر هو مظاهر الأشياء وليس الأشياء في ذاتها (لا يدرك العقل الهوية في ذاتها) فأنت لا ترى هوية الإنسان لكن ترى مظاهرها في شكله في اسمه في مكانه وزمانه في صمته وكلامه في حاضره وتاريخه وفي كسبه ونسبه فماهية زمانها الحضور نفسه وشرط إنكشافها هو عين إحتجابها.
                  

08-19-2017, 05:45 PM

Abdullah Idrees
<aAbdullah Idrees
تاريخ التسجيل: 12-05-2010
مجموع المشاركات: 3692

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فلسفة الهوية (Re: Sinnary)

    كلام جميل .. حقا
    واصل
                  

08-19-2017, 07:15 PM

Sinnary
<aSinnary
تاريخ التسجيل: 03-12-2004
مجموع المشاركات: 2770

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فلسفة الهوية (Re: Abdullah Idrees)

    تحية الحبيب عبدالله وشكراً على الثناء المحفز
    يتحدث المفكر بول ريكور في كتابة (الذات كما الآخر) soi même comme un autre عما يسميه بالهوية الفيزيائية العينية، ويصفها بأنها هوية معنية بالدائم في الإنسان مقابل الآني (غير المستمر والمؤقت) وبيانها بالتالي هو بيان ترحالها المتواصل في الزمن بينما يعارض هيوم عينية الهوية في مقولته (وهم الهوية) مستبدلاً الهوية بالفردية في إختلاف الأنا عن الآخر بإعتبار أنه لا يوجد مقابل عيني للهوية. يعني بول ريكور في تصوره للماهية الجدلية للهوية أن فيها من حالات الظهور بقدر ما فيها من حالات الإحتجاب إذ يحتجب الجوهر الذي يتبدى للعيان من خلال مظاهره المختلفة (فانت أردت إدراك الجوهر ما عليك إلا القبض عليه في مظاهره المختلفة لأنها خارطة الطريق إليه) لكنها ليست نسخ مطابقة لأصلها، وكل مولود ليس هو صورة مستنسخة من والديه بل فرد جديد يحمل شروط إستمراريتهم فيه، وإلا لما تجددت الحياة وكان القرن الواحد عشرين نسخة طبق الأصل لما قبل الميلاد، فالأصل يتجدد كجوهر ويتشتت كلما إذدادت عناصر التفرد في كل فرد حتى لا يكون التجايل رتيباً كئيباً كثير النعاس بل منتجاً ولو بمقدار وقد قال هيرقليطس من قبل (أنه لا يمكن للمرء أن يسبح في نفس النهر مرتين) فالنهر جوهره ثابت ومياهه متغيرة كما الصيرورة في حياة كل فرد.
                  

08-20-2017, 01:21 AM

ابوبكر عبدالله ادم
<aابوبكر عبدالله ادم
تاريخ التسجيل: 11-22-2016
مجموع المشاركات: 107

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فلسفة الهوية (Re: Sinnary)

    شكرا أستاذ سنارى....

    كم نحن متعطشون لمقاربة عميقىة ومغايرة لسؤال الهوية…

    مدخلك للموضوع يكشف عن معرفة ومنهج سوف يشدنا شدا لهذا البوست .

    لك ولزوارك الود والتقدير.
                  

08-20-2017, 06:12 PM

Sinnary
<aSinnary
تاريخ التسجيل: 03-12-2004
مجموع المشاركات: 2770

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فلسفة الهوية (Re: ابوبكر عبدالله ادم)

    أسعدني تعليقك أستاذي أبوبكر ويسعدني أكثر إستفادتك من البوست
    يقول المفكر الفرنسي جيل فرناندو Fernando Gil أن الهوية هي (لوغوس الكثرة) ولا يمكن بالتالي لمن يعيش في لحظة حاضرة من لحظات هويته أن يختزل كل هويته في هذه اللحظة أو في أي لحظة أخرى ماضية أو حاضرة فهويته سابقة ولاحقة للحظة الراهنة فهي تنسرب في مجاهيل التاريخ القديم، ما تجانس فيه أو تنافر، لتضم بين غلافيها صفحات الأزمنة أو تراث الأنا (وليس التركيز هنا على الأنا الفردية وحدها بل أنا الجماعة أو عقلها الجمعي). تنشطر الهوية على الثنائية الديكارتية فيما بين الروح والجسد ، الدائم والمؤقت أو ما بين المتشابه والمختلف فيها، حتى ترخّص فردانيتها التي سريعاً ما تتلاشي وتُعتقل في وحدة الأنظمة الإجتماعية الكبرى. أرسطو لما أنشأ علم المنطق عرّف الهوية تعريفاً صورياً بسيطاً (المنطق الصوري) ثم تبعه لايبنتز والفارابي والغزالي في تعريفه الذي يعرف بمبدأ الهوية، ويعبر عنه رياضياً بأن أ=أ، وتفسيره أن كل شيء يبقى هو هو دون تغيير، حتى وإن غشيته تغيرات داخلية. يرد عليه هيوم بأن الهوية وهم، ثم يأتي هيجل ليأخذ المبدأ الصوري ويضيف له محتوى ثم يتجاوزه إلى مبدأ وحدة الوجود بإتجاه صبغ الهوية صبغة دينية تجد جوهرها في أصل بعيد غائر في المطلق واللانهاية. بينما بول راس Paul Rasse يركز على الهوية كآلية إثبات وجود، لا صلة لها بإحراج الأصل والجذور، لأنه لا يرى في مقولة الأصل والجذور غير السكون في كائن أهم ميزة فيه هي الحركة والتغير. رغم أن هنالك توافقاً مقدر عن دور للجينات في الهوية (الجوهرية) إلا أن التعددية العميقة مسجلة حتى في الجينات، على نحو ما يصف معه هابرماس مشروع البنية الجينية الوراثية بالمشروع ذو التبعات الخطيرة (مشروع أطفال حسب الطلب) لأنه قد يؤدي لظهور نموذج غير مسبوق من البشر (إنسان مبرمج جينياً) أي نموذج لإنسان مسلوب الإرادة والحرية في حالة من المثلنة الجينية تهدد تنوع الهويات (الفردية)

    (عدل بواسطة Sinnary on 08-20-2017, 06:39 PM)

                  

08-21-2017, 06:15 PM

Sinnary
<aSinnary
تاريخ التسجيل: 03-12-2004
مجموع المشاركات: 2770

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فلسفة الهوية (Re: Sinnary)

    لا تقلع الهوية إلى سطح النقاشات إلا في حالتين هما هيمنة نقيضها وإمتهانها منه، ولا هوية بلا نقيض، فلو كان كل الخلق على سبيل المثال أرمن لما أفتكروا لأرمنيتهم، لأن كونك أرمني عندها لن تعني لك أو للآخرين أي شيء ذو قيمة، لكن لو كنت أرمني تعيش في بلادك في بداية القرن العشرين إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى (عهد المجزرة) لكانت أرمنيتك هي أهم وأخطر ما تمتلكه في الدنيا ولتضخمت في أناك بدرجة يتضاءل معها كل ما سواها مثلما تفعل هويتك كهوتو أو توتسي. الهوية تبدو وتتحول لإشكالية في وجود ثم طغيان نقائضها، وهي تتطور في خصائصها (إلى أعلى أو إلى أسفل) بتطور خصائص نقائضها، ثم بخضوعها لعسف الصيرورة التي تفعل الأفاعيل في جسدها. هذه الأفاعيل قد تصل إلى مراحل تطمس فيها لهوية بشكل بالغ التعسف ( لكنها لن تلغي جوهرها) عن طريق إحالتها إلى ضروب من التشابهات والمجازات الفاتكة بكليتها، لا سيما إذا كان ذلك ما تمليه ضرورة وشفرة ظرفٍ حياتيٍّ راهن لأن رهانات الهوية مادة في سيرورة المقايضات الإجتماعية بين الطبقات أو حتى الأعراق. هذه الخصيصة من جهة تشير إلى أن الهوية تتضمن خصوبة دياليكتيكية يتعذر تحديدها رغم إحتفاظها بخيط يوصلها إلى المثال، المجرد، وغير المادي فيها (من نقطة الصفر). هنالك من ينحازون بقوة إلى مقولة أن الهوية شيء ثابت لا تفت بنيتها السنون ولا تهدها الأزمنة بل تظل تتكرر صمدية من جيل إلى جيل. لكن هنالك مدارس تتبنى فكرة التغير والتعدد (نسبية الهوية)
    القائلون بثبات وديمومة الهوية يرون في الهوية قدراً ليس بيد الفرد تغييره لأنها لا توجد ضمن الحالات التي يتحكم فيها الفرد (بل قدره) فقد تكون مصدرها الآلهة (في حالة الهوية الدينية أو المؤمنة بأي دين) أو مصدرها الطبيعة والوجود (الوجود العرقي، الثقافي، القومي ألخ) وبالتالى حسب هؤلاء يجب على أي فرد أن يتكيف مع حقيقة هويته، ومنذ قديم الزمان ربطت كل القيم الخيرة بالمصدر الخارجي للهوية (الله، الطبيعة، الوجود) وربطت قيم الشر بالشيطان والزمان والصيرورة، وأكثر من ذلك سعى الإنسان منذ الأزل لتمثل الآلهة والطبيعة والوجود (هنالك بوست حالي عن رقصة الصقر) وأنكر الجسد وكل ما يتصل به من سمة للتعددية والإضطراب والخلل ذلك في توق للعودة إلى الإصول التي كانت مصدر النسخ وإلا فإن البقاء في النسخة وبكل ما طرأ عليها من طوارئ التاريخ (عالم التعدد والإضطراب) يقلل من قيمة وضرورة عملية التعرف على الذات والكون.
                  

08-21-2017, 08:47 PM

نعمات عماد
<aنعمات عماد
تاريخ التسجيل: 03-08-2014
مجموع المشاركات: 11404

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فلسفة الهوية (Re: Sinnary)


    سلام أستاذ سناري

    شكرا على هذه الجرعة التثقيفية ( بالنسبة لي) .

    هل يمكن ان نقول انه كلما استطال بحث الشعوب عن الهوية ،

    كلما زادت إحتمالات فنائها ؟
                  

08-22-2017, 10:44 AM

Sinnary
<aSinnary
تاريخ التسجيل: 03-12-2004
مجموع المشاركات: 2770

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فلسفة الهوية (Re: نعمات عماد)

    شكراً النابهة نعمات على مشاركتنا الإنشغال بأمر الهوية
    للهوية وجهين يا نعمات وجه محايث (منظور) ووجه مفارق (متعالي).. وهي لا تقيم كثيراً في وجهها المحايث(الهو مقابل الآخر) إلا في الحالات التي وصفتيها بأزمان الإلحاح والبحث عن الهوية، أي الظروف التي تتربع فيها أسئلة الهوية على قمة الإنشغالات (كتعبير عن جميع القضايا الوجودية والتناقضات الداخلية المحايثة) لتبدو في موضع القضية المركزية. ولو لاحظتِ فإن ذلك يحدث الآن (حيث يجري جدلاً مثابراًعن حقيقتنا: أزنج؟ عرب؟ خلاسيون؟ أم متعددي الصيرورات؟) لكن قد تغيب (ولا تفنى) إشكالية الهوية عن فضاءات الجدل لوقت يطول أو يقصر حتى تطل برأسها فجأة في زمان ما ومكان ما لما يأتي الدور عليها لتكون واجهة التعبيرعن الصراعات الوجودية. فهي آنذاك تصبح أكثر عناصر الصراعات كثافة و نقطة تقاطعها جميعاً، أياً كان شكل الصراعات، ثقافية أو عرقية أو دينية أو قومية، فتتكثف إشكالية الهوية وتبلغ قمة عنفوانها متنزلة من سماء الأيدلوجية لتراب التجربة الإنسانية. وللإجابة بإختصار على سؤالك نعم تراوح إشكالية ونقاشات الهوية بين الظهور المكثف والكمون (لا التلاشي) بعد حين قبل أن تظهر مرة أخرى صمن مسيرة الديالكتيك في تاريخ الإجتماع الإنساني.
                  

08-22-2017, 03:22 PM

AMNA MUKHTAR
<aAMNA MUKHTAR
تاريخ التسجيل: 07-31-2005
مجموع المشاركات: 13702

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فلسفة الهوية (Re: Sinnary)

    من نحن ..من أين أتينا ...وإلى أين نصير ..
    أسئلة الكينونة الإنسانية الأساسية ...وعادة ما تبرز نتيجة صراع ما .. يستحث ويستفز غريزة البحث عن هوية ...أو ضرورة إبرازها وتأطيرها .
    وحالة فوران أو تكثف أو تصاعد هذه الأسئلة المصيرية ..غالبا ما يعقبه تغيير دراماتيكي ما ...سواء كان إجتماعي أو سياسي أو جغرافي ..أو كل وبعض ما سبق .

    بوست رائع أستاذ سناري .
    لك التحية .
                  

08-22-2017, 04:12 PM

Sinnary
<aSinnary
تاريخ التسجيل: 03-12-2004
مجموع المشاركات: 2770

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فلسفة الهوية (Re: AMNA MUKHTAR)

    Quote: من نحن ..من أين أتينا ...وإلى أين نصير ..
    أسئلة الكينونة الإنسانية الأساسية ...وعادة ما تبرز نتيجة صراع ما .. يستحث ويستفز غريزة البحث عن هوية ...أو ضرورة إبرازها وتأطيرها .
    وحالة فوران أو تكثف أو تصاعد هذه الأسئلة المصيرية ..غالبا ما يعقبه تغيير دراماتيكي ما ...سواء كان إجتماعي أو سياسي أو جغرافي ..أو كل وبعض ما سبق


    نعمات ثم آمنة
    أسئلة في عمق العمق
    بل انت يا آمنة إختصرت في جملٍ ثلاث كل وستي
    أنا فخور بكن
                  

08-23-2017, 01:25 AM

Sinnary
<aSinnary
تاريخ التسجيل: 03-12-2004
مجموع المشاركات: 2770

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فلسفة الهوية (Re: Sinnary)

    إكراماً للمداخلتين أعلاه سأعرج في مداخلات محدودة للحديث عن إشكاليات الهوية فيما يختص بالمرأة وسأستعرض هنا بعض رؤى للمفكرة الإمريكية جودت بتلر
    إنفعلت بتلر بثيمتي الرغبة والإعتراف في تأطير الهوية النسوية، وطرحت عدة تنظيرات لمفهوم أطلقت عليه الفاعلية تحاجج فيه بأن الجندر ليس فئة بالأساس، إنما هو فاعلية، أي أن حركة الجندر ليست تعبير عن المرأة كفئة بل عن المرأة كفاعلية ولكن لأغراض تزوير الهوية سُكِّنت في هذه الحالة المتيبسة حالة الفئة (فئة النساء) لتصبح فيما بعد الفئة هي الهوية ، ثم إستمرت بتلر في متابعة إملاءات فرضية الفئة كهوية مع مراقبة أشكال التقاطعات بينها وبين الجنس، الأخلاق والسياسة في عالمنا الحاضر. إنتقدت بتلر الأشكال المهيمنة في الفكر السائد عن الهوية الفئوية للمرأة والتي عملت على تكريس الإنطباع بأن المرأة محتاجة للإعتراف بها من خارجها حتى تكون مرأة، أي حتى تكتمل هويتها، وهذا الإعتراف يتطلب أن تتملّى وجودها في إطار العلاقة برجل، وإلا كانت إمرأة ناقصة الهوية (وعندنا ناقصة نصف دينها) . وأن من مكملات هويتها كأنثى أن تكون قد جربت بشكل أو آخر الإمومة (حتى لو ترملت أو طلقت بعد ذلك) أو بالعدم، لم تفقد بعد ما يؤهلها لذلك وإلا أن المرأة خارج جلباب الرجل والجنس والأمومة، أي التي لم تجرب أو تصلح لكل ذلك تفقد تدريجياً هويتها كإملرأة. إشتغلت جودث في كتبها ضد هذا الخطاب التاريخي وتعريفه للهوية النسوية في سعي منها لتشليع أبواب وعرش البنية الفئوية للجندر لأنها بنية تحدد مسبقاً لمن هي مرأة كيف تكون إمرأةإإإإ وهكذا تحرم نساء كثر من حقوقهن الفطرية. هكذا نظرت للإعتراف بفهم متجاوز لهذا السجن التاريخي للمفهوم منبهة للنساء والناشطين من الرجال للفرق الذي يصنعه الخضوع فيما يتعلق بمسئوليات الهوية وفاعليتها. تقول جودث في كتابها (في حل عن الجنس) Undoing Gender والصادر في 2004 "أن نفهم الجندر كفئة تاريخية هو قبول بهذا التصنيف والذي يفهم كشكل تقليدي وحيد في يقارب الجسد ويعيد إنتاج المفهوم تحت إمرة الإطار الثقافي نفسه الذي يعطي معاني محددة للجسد وتضاريسه" فهي هنا ترى ليس الجسد وحده بل حتى مكوناته من أطراف ووجه وشعر وخلافها لم تسلم من تأطيرات جمالية جنسية وهي تأخذ على هذه الهوية المختلقة أنها ضد الطبيعة وضد الجوهر، إنها تقف في المحايث لتشكله كيفما شاءت متناسية أن الأساسي هو المفارق والمتعالي (لا زلت أذكر كيف أعجبت بمقولة لإلهام يس حاكم في الثمانينات وكانت عضوة آنذاك في إتحاد الإتجاه الإسلامي في جامعة الخرطوم قبل أن تتركهم إلى إتجاهات أكثر سلفية. لقد سمعتها ترد في ندوة على من سألها عن مشاكل المرأة السودانية فكان ردها إننا الآن في حضرة مشاكل الإنسان السوداني وهي الأوْلي) ترى جودث أن هذه الهوية تخضع بإستمرار لإعادة إنتاجها لكن هذه الإعادة هي فرصة للعمل على تشليع أبواب ذلك الحوش.

    (عدل بواسطة Sinnary on 08-23-2017, 11:25 AM)
    (عدل بواسطة Sinnary on 08-23-2017, 12:16 PM)

                  

08-24-2017, 00:51 AM

Sinnary
<aSinnary
تاريخ التسجيل: 03-12-2004
مجموع المشاركات: 2770

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فلسفة الهوية (Re: Sinnary)

    بتلر تشدد على أهمية المناورة بين أواليات الكبت العاملة على إعادة إنتاج هوية المرأة وأواليات الممانعة لهذه العملية الساعية لتجذير مقولات الخطاب العام عبر كل أدوات السلطة إبتداءً بالمنزل وإنتهاءً بالمدرسة والتلفاز، وكل ما ينسجم معها من تابوهات ومحظورات على أرضية الحرام والحلال، للمحافظة على تماسك البنية الإجتماعية محددة الملامح. تضيف بتلر في نفس كتابها المذكور أعلاه " إذا ما كان الجنس (ذكراً أو أنثى) قد تم تعليبه مسبقاً وفق شروط هذه البنية الإجتماعي، فإن إعادة إنتاج هذه الهوية وما تفرزه من أنماط متكررة من السلوك الأعمي، ليس بالقدر الذي لا فرار منه، بل بالعكس هو حالة من السلوك الأعمي والعفوي في إطار ثقافة التحريم" فالنساء يرسخن دون وعي منهن هوية زائفة لهن تحدد لهن ما معنى أن تكوني امرأة (ألاحظ أن الثقافة العامة عندنا في تعريفها لهوية المرأة تزعجها بعد الزواج بسؤال يتكر رعن ما بقيتوا تلاتة، بدرجة تجعلها مع طول الزمن أن هويتها كإمرأة هوية ناقصة لم يصبحو تلاتة أو أكثر حتي لو كان السبب وللمفارقة في بقائهم 2 الرجل). نعم إن سلوكيات النساء داخل تلك البنية الإجتماعية هي سلوكيات مفروضة عليهن دون وعي منهن بعور ما يفعلن، ولربما أن الوعي في هذه الحالة قد تنتج عنه ردود فعل تصبح مشكلة أكثر منها حل لمآزق هوية تبدو كما القدرحينها، لأنها قطعاً غير ذلك لأن سلوك النساء المرسّخ لهذه الهوية ليس سلوك تلقائي ميكانيكي بل فيه مقدار من الحرية، فكل فتاة تمتلك قدراً من الحرية يمكنها من المناورة ولو أنها حرية عوراء لأنها حرية أن تختار الطريق الذي تريد أن تسير فيه، دون أن تعلم إلى أين يوصلها، أي حرية مع فقدان البوصلة ولكن أهم ما فيه ظهور الرغبة. تقول بتلر أنه لا يوجد طريقة سهلة للفصل بين فضاء الهوية وفضاء الرغبة فالهوية تتأثر ولمدى مقدّر بالعاطفة والرغبة والشغف، لذا تهتم بمسألة الحرية وتناقشها بكثافة لأنها لا تريد أن تنظّر للذات بفهم يتصورها كممسكة بزمام مصيرها تفعل ما تريد أو يجب أن تكون كذلك، في تعبير عن منحى ليبرالي فرداني من شاكلة ذلك المنحي الفرداني النسوي الذي تعرض لإنتقادات مدرسة فرانكفورت وهوركهايمر وفوكو في هجومهم على مفهوم الذات المهيمنة، وبالتالي فإن إنهمامها بالحرية هو إنهمام بالمعني الوجودي الذي يرى المرأة تعيش كينونة تمزقها التناقضات، لأن الذات عندها لا تستطيع التمرد تمرداً كاملاً على الخطاب الإجتماعي ثم تستمر تمارس حياتها في المجتمع نفسه غير عابئة أو متأثرة بسلطاته وسلطانه، ولكنها تنطلق في تنظيرها من فكرة أن هوية المرأة ووجودها ليس بالكامل أسيراً لأقدار وأحكام المجتمع (السياسة، الإقتصاد، الدين، الثقافة، ألخ..) فتقول " وبالنتيجة تجد الأنا نفسها مرّة مشكلة إجتماعياً وعالة على مجتمعها ومرّة مجازفة لطرق سبل حياتية مصادمة للتقاليد ومنتصرة عليها بشكل يغير فيها ويطورالنظرة إلي المرأة"
    نخلص إلى أن بتلر تتوق لهوية لا ترى في المرأة مجرد ضحية أو ناتج التقاليد، ولكنها في الوقت نفسه ليست متمردة بشكل لا يعبأ بأي شئ أمامه. الهوية مهمة لبتلر إنطلاقاً من مواقفها السياسية والأخلاقية التي أغرقتها في لجاج السياسات الجندرية فسعت لتأسيس إطار فلسفي لهذه السياسات يشدد على الحرية والإمكان ولكنه في نفس الوقت يعترف بوجود الصيغ والأطر الإجتماعية والإكراهات الثقافية، وبالتالي فهي تبشّر وتدعو إلى نشاط وناشطين بدون تصنيفات (تصنيفات من مثل جماعات حقوق المرأة أو حقوق المثليين أو لا لقهر النساء مثلاً ) بحيث يمكنهم الإنشغال والإنهمام بحقوق كل فرد في المجتمع بغض النظر أكان إمرأة، مِثليِ، أطفال، طلاب أو معارضين للنظام العام لأن العناوين الهويوية ليست شرطاً مسبقاً لدفاع عن هؤلاء أو أؤلئك. ختاماً تريد بتلر أن تقول لنا أحذروا من حصارات الهوية الماكرة فليس بالضرورة أن تكون إمرأة لتدافع عن حقوق النساء ولا مثلياً لتدافع عن حقوق المثليين أو عربي لتدافع عن المناضلين لأجل الحرية في البلاد العربية، أو يهودياً لتدين الهلوكوست.

    (عدل بواسطة Sinnary on 08-24-2017, 01:05 AM)

                  

08-25-2017, 01:13 AM

Sinnary
<aSinnary
تاريخ التسجيل: 03-12-2004
مجموع المشاركات: 2770

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فلسفة الهوية (Re: Sinnary)

    خلصنا في المداخلة السابقة من المداخلات في موضوع الهوية النسوية وبالتحديد أفكار جدوث بتلر إلى أنها توجه نداء لكل الناس لا سيما الناشطين بمراعاة المسئولية الجماعية في التصدي للمصدر الواحد الذي يسبب الإقصاء والتحجيم والإمتهان لكل الفئات المجتمعية الأخرى، ومذكرة بأنه قد يختار البعض النضال على قاعدة الهوية (تفرغه لقضايا فئته فقط) ولكن ذلك لا يختزل بأي حال مسئوليته النضالية في إستحقاقات الهوية ولا شيء غيرها أي فيمن هؤلاء الذين ينتسبون إليها فقط. جودث بتلر تبشر بناشطين من طرازٍ جديد، طراز لا يتقيد بالحدود الهويوية، فتدعو إلى أن تتجمع كل الحركات السياسية الناشطة في الساحة معاً لأن شاغلها النضالي معاً يجب أن يكون الإتحاد في تعريف للصيغ الإجتماعية والقانونية الداعمة للحرية والمتعاطفة مع الرغبة والمشجعة على الحب والحياة ومن ثم تشجيعها بكافة الوسائل السلمية وفي نفس الوقت مقاومة الصيغ الإجتماعية والقانونية المحجمة لشروط وإستحقاقات الحياة ذات نفسها. بعبارة أخرى فإن بتلر ترى بأن ما يجمع بين الناشطين السياسيين مع إختلاف مضاربهم هو الوعي بلزومية مضغة الأمل ووعي الممكنات التي تشجع الناس المكافحة في شعاب الرغبة والحرية. تجتهد بتلر في طرح سياسة وطريقة في التفكير لا تقف من ناحية عند حدود غاية بعيدة واحدة، بمعنى أن كل الناشطين يكدحون في سبيل إنجاز مهمة أساسية واحدة، ولكنها من الناحية الأخرى لا تشجع على سياسة ونضال وطريقة في التفكير مترهلة وبلا هدف. يجب أن يكون هنالك تعريفاً لما يدعو الإنهماك السياسي أنه في الطريق إلى إنجازه (لعلنا نرثي هنا لحالة الإنهماك السياسي لناشطينا والتي تحولت إلي إنهاك)، وبتلر في حديثها عن ضرورة إثارة حوافز الرغبة في الإنجاز ربما كانت تهدف لمقاومة قابلية اليأس والإنهزام فالإنكسار. هذا يرجع بتلر في هذا الزمن للوراء كثيراً حيث مشاريع النهضة وشعاراتها التي كانت تدعو قبل عدة قرون إلى جعل العالم منزلاً حقيقياً لسكانه عبر فتح نوافذ الرغبة والحرية والحب في الحياة، لكن بتلر في الحقيقة لا ترغب في أن تكون فقط جزءاً من المشروع النهضوي لأنها أدركت بأن هذا المشروع نتجت عنه في النهاية حالات التهميش بعض الفئات، قهر بعض الفئات، إهانة الحياة والبيئة، لذا فهي تدعو لسياسة تعمل على خلق إمكانيات للرغبة، للحرية ، للحب، وللحياة بدون الوقوع في شباك ديناميات الإقصاء والإستثناء.
                  

08-26-2017, 01:37 AM

Sinnary
<aSinnary
تاريخ التسجيل: 03-12-2004
مجموع المشاركات: 2770

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فلسفة الهوية (Re: Sinnary)

    ترى بتلر أن فكرة جعل العالم منزل لكل سكانه أصبحت فكرة هزلية فقيرة في زمن فيه تُحمى فيه وبالقانون ممارسات الإقصاء، ليس للناس فقط بل حتى للأحلام الخلب (قوارب الموت كمثال). وأنه في كل مرّة نفتح باباً للأمل يغلقون (من بيدهم الأمر) آخر، في كل مكان ومسكن رغم أن نعيش في ظل المشاريع التي بشرت بها النهضة وقالوا أنها نهاية التاريخ وإكتمال العقل. لا تقصد بتلر هنا أنه بما أن عالمنا الحاضر بكل ما فيه من تمييز هو ناتج المشروع النهضوي الحداثي فإن البديل له هو العمل ضد النهضة والحداثة ومقاطعة أي شعار رفعته النهضة من مثل الصمود والإمكان، وإبقاء جذوة الأمل مشتعلة بزيت الرغبة والحرية لا فذلك هو الخطوة الأولي في مشروع نضالي يستمر ولن يبلغ نهايته أبداً. لكن من ناحية ثانية رفضت بتلر فكرة النهضة التي ظنت إمكانية التعميم للقوانين أو التشريعات لأن أي قوانين في الدنيا ترتبط بسلطة ما وبخطاب ما أو بإختصار بمصلحة ما ذات هوية تجتهد في فرض نفسها على الآخرين عبر إلباس أحكامها لباس القيمة. ترى بتلر أنه لا يمكن فرض أي قيم لأي مشروع على الناس لأن فضاء التطبيق يكون دوماً كل الناس في التراب المعين بينما فضاء التنعُّم بمردودات التطبيق يكون مقصوراً على البعض فقط، وبالتالي فهي تدعوا إلى مقاومة كل تشريعات لا تراعي حق الإختلاف وكذلك تشريعات التحريم والمنع من فعل ما يفيد البعض ويضر الآخرين، لأن كما ذكرنا ترى في أن التعميم هو فعل أخلاقي وقيمي وما دام الناس خلقوا على مبدأ الإختلاف في المواقع والرغبات فسيكون من خطل القول بإمكان تعميم أي قيمة إلا إذا كانت الحرية هي حق للبعض فقط، وفي هذه الحالة فإن إدعاء أي تشريع أنه أخلاقي يصبح إدعاء زائف وببساطة لا يملك أخلاقيته بدون فعل قوة تحرسه. ترى بتلر بإن نقد الصيغ النسوية يجب أن يتقدمه سؤال عما من شأنه أن يبلغ بحياتنا أعلى درجات الحياة قبل أن يتسرع من يتسرع ويقرر للنساء الأفضل لهن لأن الإختلاف في المواقع والرغبات يستحيل معه تعميم كل ما من شأنه أن يضر بالبعض أو تقتصر منافعه فقط على البعض ثم الإدعاء بأن ذلك عمل خير. إن ما تريد أن تخلص له بتلر هنا هو ضرورة أن نفهم ونتفهم الإختلافات بين البشر وحقهم الطبيعي في أن يكونوا مختلفين وأن لا تسخر هذه الإختلافات لمنفعة البعض عبر إرغام الكل الإمتثال لها ثم إلباسها بلبوس القيمة. ما تقصده بتلر من قولها تسخير القيم هو العمل علي أسباغ قيمة ما على فئة مقابل نزعها عن فئة مقابلة لها مثل أن نقول أن الرجل أفضل من المرأة، المستقيم أكرم أخلاقاً من المثلي، الأبيض أكثر ذكاءً من الأسود، ساكن المدينة أوعي من ساكن القرية ألخ لأن هذا الإسلوب هو إسلوب قمعي. هذا ما ترفضه في المشروع النهضوي والحداثوي مع التمسك بحوافز الإمكان والأمل. ترى بتلر بأن القيم التي نستخدمها للحكم على السلوك بأنه مقبول أو مرفوض تحمل معها تقدم دائماً في مواعين سلطانية تمنع نقدها والإعتراض عليها حتى تصبح تلقائياً مسلمات تحدد ما هي الفضيلة وما هي ال################ة لتنتهي إلى خلق بشر كالمكائن دائموا الإنصياع ولا يملكون حرية الفعل. لذا من المهم جداً أن ننظر مرة ثانية لما إعتدنا على تسميته بحدود أخلاقية أو قيمية هل هي فعلاً أخلاقية وقيمية؟ أم أن عمليات سلطوية محددة واكبت تحديدها كأخلاق وقيم؟ بتلر ترى هنا بأن ما يبدو هنا بأنه الشيء الصحيح الذي يجب أن يفعله الإنسان ما هو إلا أحد منتجات الفئات التاريخية التي واكب ظهوره ظهورها، وأن ما يبدو أنه ممارسة ديمقراطية ما هو إلا ميكانزم تعمل في النهاية على تعضيد سلطة من بيده السلطة. إنها لا تدعو هنا لمحاربة القيم، أو أن الحياة ممكنة بلا قيم، لكنها تريد منا الإنتباه لهذه القيم عندما يتم تفعيلها، لنراقب كيف أنها تعمل على إقصاء وقمع البعض وقيمهم لأنها قيم مضادة وقيم الشر، لتخلص إلى إن العالم الحقيقي هو عالم يجب أن يسكنه الجميع وتتاح فيه بل وتحمى بالقانون فرص الإختلاف.
                  

08-27-2017, 00:45 AM

Sinnary
<aSinnary
تاريخ التسجيل: 03-12-2004
مجموع المشاركات: 2770

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فلسفة الهوية (Re: Sinnary)

    قررت تأجيل المواصلة في عرض أفكار بتلر عن إشكالية الهوية إلى حين تناول المحور الخاص بمعالجة هويات حقبة ما بعد الحداثة حتى لا تضيع علينا عمومية المقدمة في حوارنا عن فلسفة الهوية.
    ربما يعلم الكثيرون عن التغير في النظرة إلى مفهوم الهوية من زمن إلى آخر، إذ نلاحظ أنه بينما بدأت الهوية عند الأغاريق القدماء كموضوع وجودي أقرب للجمود والقدرية، متناسقاً مع دنيا تتماهي فيها الكسوب في الطبيعة وتتحدد فيها الأدوار والوظائف مسبقاً وبشكل تلقائي منذ ميلاد الفرد (ابن العامل عامل وابن الكاهن كاهن) حيث لا إمكانية لتغيير الأوضاع الإجتماعية المقررة مسبقاً إلا عن طريق التمرد على خطاب الطبيعة، وهو تمرد مكلف جداً، لأنه في النهاية تمرد على الله، فلو كنت سيداً أوعبداً فإم ذلك هو الموضع الذي رأت العناية الإلهية أنك لا تصلح لغيره. كان التغير الإجتماعي بدلالة إتاحة درجة أعلى من الحرية للإرادة الفردية بطيئاً حداً في العالم القديم. حتى عن الإنتقال من الحضارة اليونانية إلى الرومانية كانت الفلسفة الرواقية على سبيل المثال (STOICISM) لا تزال تدعو لتطابق فهم وحركة الناس مع قانون الطبيعة، وأن هوية الفرد هي ظل لهوية الوجود، أما من يتجرأ إلى القول بعكس ما تنص عليه تلكم الطبيعة السكونية فيما يختص بالتراتبيات الإجتماعية (أي يتمرد) فإن عدالة الطبيعة جاهزة للقصاص.
    في عالمنا الحديث تقدمت البشرية مع التحولات الإجتماعية التي صاحبت النهضة وثوراتها العديدة فتمردت على لوغوس الوجود. بدات أيدلوجيا الهوية تبرز في عالمنا الراهن كعنصر مؤثر من عناصر البنية ومن ثم التحولات الإجتماعية، ولكن كان يتم في كل حالة من هذه التحولات التركيز على شكل واحد من أشكال الهوية أو باب واحد من أبوابها، حسب الظروف التي حفزت وضخمت ذلك الباب المعين من بين عناصر البنية الأخريات، فمثلاً ينفخ الأصوليون في الهوية الدينية بحسبانها مشكلة المشاكل، وأن تجاهلها هو السبب في كل المصائب والمآسي ، وأن حضورها هو الحل لكل المعضلات الإجتماعية المؤسفة. هكذا يتم تضخيم هذا الشكل على حساب غيره من أشكال الهوية (مثل الهوية العرقية والهوية الثقافية والهوية الوطنية والقومية ألخ) ويتم إختزال كل العوامل الأخرى بما لها من تأثيرات كبيرة على حياة الناس لأن في إقصائها إشعال لصراعات لا تبقي و لاتذر، صراعات تضيع بفضلها كل الحسنات المرجوة من الهوية المنتخبة. هذا ما سمته بتلر في مداخلاتها أعلاه بعامل الإقصاء، إذ أنك بمجرد ممارستك للإقصاء تنتفي شرعية وجودك لأن وجودك عندها يصبح وجوداً مقنناً لمصلحة شرائح بعينها من شعبك رغم أن ذلك يتم باسم المصلحة العامة والخير العام، وستتولد في مثل هذه الحالات كما علمتنا التجارب تلقائياً معارضات يقودها ناشطون أو تمردات يقودها محاربون، تعبيراً عن رفض إستثنائهم عن بعض أو كل حقوقهم وإيلائها لغيرهم. إن ممارسة الإنتقاء في عناصر الهوية يتم تبريرها على قاعدة تقسيم العالم إلى قسمين، قسم تمثله الهوية المعنية وهو القسم المبرور، أو كما يسمى عند شعب الهوية الدينية المؤمنون، والذين هم مقابل الكفار، وهكذا تتم ممارسة الإقصاء مع غير المنتمين للهوية المحظوظة، ثم تسعى هذه المناورة الهوياتية في مرحلة متقدمة إلى الإنغلاق على سكانها بدلاً من الإنفتاح على العالم، وعندما تكتشف تلك الفئة أن كلفة الإنغلاق كانت باهظة، يكون قد فات الأوان على تداركها. للأسف معظم المشاريع السياسية والإجتماعية الراهنة التي تتأسس على مرجعية الهوية تتحول لهويات أيدلوجية تعبوية ترفض الإختلاف والتعدد والتسامح مع الآخر
                  

08-27-2017, 11:48 AM

طه داوود
<aطه داوود
تاريخ التسجيل: 04-29-2010
مجموع المشاركات: 375

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فلسفة الهوية (Re: Sinnary)


    Quote: في عالمنا الحديث تقدمت البشرية مع التحولات الإجتماعية التي صاحبت النهضة وثوراتها العديدة فتمردت على لوغوس الوجود. بدات أيدلوجيا الهوية تبرز في عالمنا الراهن كعنصر مؤثر من عناصر البنية ومن ثم التحولات الإجتماعية، ولكن كان يتم في كل حالة من هذه التحولات التركيز على شكل واحد من أشكال الهوية أو باب واحد من أبوابها، حسب الظروف التي حفزت وضخمت ذلك الباب المعين من بين عناصر البنية الأخريات، فمثلاً ينفخ الأصوليون في الهوية الدينية بحسبانها مشكلة المشاكل، وأن تجاهلها هو السبب في كل المصائب والمآسي ، وأن حضورها هو الحل لكل المعضلات الإجتماعية المؤسفة. هكذا يتم تضخيم هذا الشكل على حساب غيره من أشكال الهوية (مثل الهوية العرقية والهوية الثقافية والهوية الوطنية والقومية ألخ) ويتم إختزال كل العوامل الأخرى بما لها من تأثيرات كبيرة على حياة الناس لأن في إقصائها إشعال لصراعات لا تبقي و لاتذر، صراعات تضيع بفضلها كل الحسنات المرجوة من الهوية المنتخبة. هذا ما سمته بتلر في مداخلاتها أعلاه بعامل الإقصاء، إذ أنك بمجرد ممارستك للإقصاء تنتفي شرعية وجودك لأن وجودك عندها يصبح وجوداً مقنناً لمصلحة شرائح بعينها من شعبك رغم أن ذلك يتم باسم المصلحة العامة والخير العام، وستتولد في مثل هذه الحالات كما علمتنا التجارب تلقائياً معارضات يقودها ناشطون أو تمردات يقودها محاربون، تعبيراً عن رفض إستثنائهم عن بعض أو كل حقوقهم وإيلائها لغيرهم.…


    مرحب بالأخ السناري، صاحب المواضيع الدسمة والمهمة التي تثري هذا المنبر.
    فقضايا مثل قضية الهوية ينبغي أن تناقش وتسلّط عليها الأضواء الكاشفة في مثل هذا المنبر الجامع، وذلك لأهميتها في الإسهام في معالجة مشاكل السودان.
    بالإشارة إلى بحث الأخ السناري عن مفهوم الهوية، وبالرغم من أن فصول البحث لم تكتمل بعد، إلا أن ما تمّ عرضه حتى الآن يستحق التعقيب والمداخلة.
    في اعتقادي ان مدى حضور الهوية وتأثيرها على فكر وسلوك الأفراد والجماعات يتأثر دائماً بعوامل أخرى خارجية.
    فمثلاً، إعتناق مجتمعٍ ما متجانس الهوية لمعتقـد ديني مغاير لِما كان سائداً في أوساط ذلك المجتمع يؤثِّر حتماً على مكانة الهوية وسطوتها، بل ويحل محلها في كثير من الأحيـان. أي أن يصبح هذا المعتقد الجديد هو هوية المجتمع المذكور.
    وبالنتيجة تتلاشى الهوية الأصلية أو تصير تابعاً خاضعاً للهوية الجديدة.
    وأعتقد أن مثل هذا التحوّل الهائل لمسألة الهوية قد حدث في عصور الإسلام الأولى في الجزيرة العربية على سبيل المثال.
    وأيضاً مجتمعات أوروبا الغربية وبعد أن عاشت صراعاً مريراً على مدى قرون في مسألة الهويات، إهتدت بعد الثورة الفرنسية والثورة الصناعية إلى هوية أوسع وأرحب وأشمل تمثّلت في قيم الحرية والعدالة والمساواة والحكم الديمقراطي.
                  

08-28-2017, 05:42 PM

Sinnary
<aSinnary
تاريخ التسجيل: 03-12-2004
مجموع المشاركات: 2770

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فلسفة الهوية (Re: طه داوود)

    ألف مرحب أستاذي طه داوود
    وصدقت في أن حضور العوامل الخارجبة (خارج جلد الإنسان ولو أنها داخل روحه) يرتبط في كثير من الحالات بفكرة هوية صمدية أبدية واحدة لا عدول عنها ولا خيار غيرها، لاسيما كما ذكرت أستاذ طه عندما يكون هذا المصدر الخارجي للهوية هو الدين، حيث أنه في مجتمعاتنا يتشرب الطفل معتقدات والديه أو ما حوله من مجتمع منذ سنيه الأولى في الحياة، وقد يبقى عليها إلى أن يموت بحيث تمثل الهوية الدينية له، لا سيّما وإن دعمها بالإنتماء إلى جماعة تتأسس تتلاحم عضويتها برباط الدين (طريقة صوفية، سلفية، جهادية، تحول للمسيحية ألخ..) ستطغى آنئذٍ الهوية الدينية على كل هويات الفرد المؤدلج الأخرىن وهكذا سيعرف نفسه بهذه النفسية الإنفصامية أي المنفصمة مكونات كثيرة داخلها. المشكلة التي تطرق لها الأخ طه هي أن النظرة السطحية للحاضر كأنه يمثل كل الحقيقة (أقصد بالحاضر الهويات المهيمنة في زمان ومكان معين مثل الحديث في السودان عن الهوية الإسلامية بإعتبارها الرجوع للأصول) لأن ذلك من سبيل المتغيرات التي تظهر وتختفي لكنها تبقى مطمورة في لحم وروح الفرد لأن التراث عنصر مهم من عناصر الهوية عما قامت عليه أو سبقها ودورها بالتالي في الوصول بالهوية إلى هذه المرحلة، فالنظرة المجتزأة الأحادية للهوية التي تختزل ما عداها وتعمل على أن تطغى تجربتها وخصائصها على ما هو ليس منها كأنما الحاضر لم يمثل مرحلة في صيرورة التاريخ. هذا منوال من يختزلون كل الماضي والحاضر في مرحلة واحدة فقط، وكل السمات في سمة واحدة فقط، وكل الذاكرة في العيني والحاضر. أيضاً أتفق معك في دعوتك للإعتبار بالتجربة الغربية في تعاملها مع إشكالية الهوية، فقد قطع الغرب خطوات واسعة في هذا المشروع، حتى أنه لا زالت التحولات مستمرة وجادة في إميركا، المتخمة بالهويات المتعددة، فبعد إنتهاء الحرب الباردة وبلوغ جماعات الحقوق المدنية شاواً بعيداً في النضال ضد ما يعرف بالليبرالية المحايدة لونياً لكسب المزيد من التنازلات لصالح واقع أكثر عدلاً وإعترافاً بالإختلافات العرقية والثقافية تم الإقرار رسمياً بما يعرف بسياسات الهوية Identity politics بإتجاه إعتماد سياسات ما يعرف بالتعددية الثقافية. من ناحية أخرى أعتقد أنه لا زال العالم مطالباً بإن يتولى وعلى نطاق الأمم المتحدة الدعوة لأدراج مسألة الإعتراف بحقوق الهويات ضمن بنود حقوق الإنسان، وحماية هويات الأقليات من السياسات المجحفة والرامية إلى القضاء على تميزاتهم والسعي قدماً إلى صهرهم في الهوية الغالبة، ولو تحت ستار إجراءات ديمقراطية زايفة، يتم الدفع فيها ببعض أبناء هذه الهويات لتولي إدارة مؤسسات صورية لتمرير المؤامرات على الهويات، وكما ذكرت في مداخلات في غيرما مكان بأنه لا بديل للتعدديات الثقافية والهوياتوية كشرط أساسي لقبول أي تحول ليبرالي قادم على قاعدة المواطنة المتساوية والعدل الإجتماعي.
                  

08-28-2017, 07:19 PM

نعمات عماد
<aنعمات عماد
تاريخ التسجيل: 03-08-2014
مجموع المشاركات: 11404

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فلسفة الهوية (Re: Sinnary)

    Quote: بتلر تشدد على أهمية المناورة بين أواليات الكبت العاملة على إعادة إنتاج هوية المرأة وأواليات الممانعة لهذه العملية الساعية لتجذير مقولات الخطاب العام عبر كل أدوات السلطة إبتداءً بالمنزل وإنتهاءً بالمدرسة والتلفاز، وكل ما ينسجم معها

    سلام استاذ سناري

    اشكرك على الكلمات الطيبة في حقي و الأخت آمنة صاحبة الوعي

    المتقدم و الفهم الراقي لكل ما تتناوله من مواضيع .

    شدني ما كتبت عن بتلر و سعيها لتغيير الفهم الخاطئ لهوية

    المرأة كإنسان فاعل في المجتمع .

    هنا و الآن في المنبر تبرز أهمية المقتبس أعلاه من اراء بتلر عند

    الإصطدام بالنظرة الذكورية المستعلية والتي تنبع من ذوات مقهورة

    تسقط تشوهاتها على زميلاتهم.

    الى ان أعود .
    لك التقدير والإحترام
                  

08-29-2017, 01:24 AM

Sinnary
<aSinnary
تاريخ التسجيل: 03-12-2004
مجموع المشاركات: 2770

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فلسفة الهوية (Re: نعمات عماد)

    شكراً نعمات وما قلت إلا الحق فأتمنى صمودك لأن المشكلة أعمق مما تتصورين
    الحاجة الساكنة الوعي الباطن من الصعب تغييرها (كانت زوجتي تحكي لي قبل قليل بأن رجلاً سودانياً قد طلّق زوجته لأنها تعاني من حساسية حادة عقب جلوسها في حفرة الدخان وعندما ذهبت إلى الطبيب قرر أن علاجها ليس في الأدوية بل في وداع تلك الحفرة)
    .....................
    لا توجد حلول سحرية لمشاكل الهوية، ورغم أنها مشاكل مكبوتة إلا أنها بدأت تتفجر وستستمر في أكثر من شكل ولا حل إلا بالتوافق على مجتمع يحمي الهويات المستهونة والمقموعة من إستبداد الهويات الطاغية الغالبة وتعميمها لمرجعية ثقافية واحدة تلزم بها كل الناس (إن أكرمكم عند الله أتقاكم- أو ما أفلح قوم ولوا أمرهم إمرأة) ولكن كيف نستطيع إعداد الضمانات الكافية حتى في المجتمع التعددي الليبرالي لتوفير ظروف تمكن كل هوية وثقافة من المنافسة المتكافئة، لا سيما إن كانت لا تمتلك ما يؤهلها لمنافسة الجماعات ذات السلطة والحظوة لقلة حيلتها وإستهوانها لزمن طال، وكانت بنيتها تتنافر مع بنية وقيم الجماعة الغالبة. كيف يمكن أن تمتلك هذه الجماعات الأدوات المناسبة والفرصة الكافية للتنفس في الهواء التعددي الطلق وهي تواجه هويات وثقافات تمتلك أدوات لا تتكافأ مع أدواتها وتصبح قادرة على خلق مناخ يغري منتسبي الهويات الأضعف في الهجرة إليها؟ هذا سؤال حقيقي!! لقد كانت فكرة الإعتراف بالمظالم التاريخية التي تعرضت لها الهويات المنكوبة والمستهونة، وما يتبع ذلك من سياسات إيجابية تعويضية خطوة مهمة بإتجاه إدماج هذه الهويات والجماعات المهمشة في الوطن، الوطن الديمقراطي، ووفق تمييزات إيجابية متعددة المراحل تسمح بالتداخل بين الجماعات المكونة للمنظومة السياسية بحيث تتحول حالة الإحساس بدونية الجماعة والأنا لإعتزاز ومشاركة بل إشتباك باسمها كتفاً بكتف مع بقية الجماعات والهويات المشاركة في العمل السياسي على قاعدة حد أدنى هي المواطنة إن لم تتوفر مشتركات أبلغ في الحاضر أو التراث ولكن من المهم هنا الوعي بدلالة المواطنة. بالعدم ستتولد حالات تعبير عنيفة أو سالبة لأنه ليس من الصعب في عصر التواصل المفتوح أن يعبر المكبوت عن فخره بخصوصيته (حتى الجماعات المثلية الآن في السودان وخارجه وجدت في هذه الأدوات متنفس للتعبير عن هويتها وإفتخارها بهذه الهوية)
                  

08-30-2017, 01:57 AM

Sinnary
<aSinnary
تاريخ التسجيل: 03-12-2004
مجموع المشاركات: 2770

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فلسفة الهوية (Re: Sinnary)

    كما كان صعود الهوية إلى قمة مواضيع الجدل السياسي والإجتماعي في عصر قرية ماكلوهان الكونية، فقد طغت سريعاً كذلك قضايا الهوية الفردية على قضايا الهوية التقليدية (كالهوية العرقية والدينية) وكما أشرت في آخر المداخلة السابقة لإشكالية الهوية عند المثليين، ولعلي أشير هنا إلى أنه صادفني فيديو منتشر على الشبكة العنكبوتية يحث فيه مثلي سوداني مقيم في إمريكا (على حسب ما فهمت) عبر التوجه بخطاب آيديولوجي مضاد للخطاب الآيديولوجي السائد في السودان (هوية مكبوتة مضادة لمركزيات هوية قامعة) يحث ويحرض فيه على النضال الهوياتي كنضال وجودي بدلاً عن التقاعس والإستسلام. بالطبع سمعنا عمن تقدموا بطلبات اللجوء لدول أوروبية تحت بند الهويةالجنسية وما تتعرض له من قمع في السودان بسبب أن الخطاب الثقافي السائد لقرون عديدة، ليس في السودان فقط بل في كل الدول الإسلامية، خطاب قامع ومتجذر في لاوعي هذه الشعوب بدرجة يصبح فيها القمع الإجتماعي أشرس من قمع السلطان السياسي لدرجة أن يساريون وتقدميون لا يجاملون في موضوع المثلية هذا ويدعمون إستمرارية القمع الهوياتي في هذا الجانب. تصاعدت وتائر النضال الهوية الفردية بما تبشر به من قيم الإختلاف، والتباين والمغايرة بفعل تأثير تقنيات الإتصال الحديثة حتى على مواطني دول من الصعب أن تتسامح مع مثل هذه الهوية كالدول الإسلامية فقد شجع هذا الأخطبوط الجديد على التواصل مع قيم الحرية والفردانية والنقد ومن ثم التمرد على ثوابت الميتافيزيقا والجغرافيا، فظهرت مثل هذه الهويات التي تتخطى حدود الدين والوطن وتحظى بدعم ناشطين جدد يكونون جماعات ضغط على مستويات محلية كما في الدول الليبرالية ومستويات المنظمات والعالمية. هنا تتمرد الذات على قامعيها ولا تبقى وفية إلا لذاتيتها، مناضلة بأشكال متعددة لكلما يعطل حريتها ويشوه هويتها متنصلة من مظاهر هوية مزورة وجبرية. لكن المشكلة أن هذه الهويات بدلاً من العمل على تطوير أدوات مقاومتها بشكل تدريجي حتى تحقق إعترافات بهوية بعدية وليست قبلية، هوية مختارة وليست جبرية سعت إلى القطع مع كل المرجعيات، الله، الطبيعة، التراث ساعية إلى التماهي مع عقل أداتي يسعي لإعادة إنتاج البنية الإجتماعية الإقتصادية السياسية المشوهة والتابعة للآخر كنتاج طبيعي لتجربة الإستعمار السياسي في قطع مسيرة النمو التاريخي الطبيعي للبنيات الإجتماعية التقليدية في الدول التي تم إستعمارها ثم ليعاود التأثير الفكري لثقافات ما بعد الحداثة عبر تقنية التواصل التأثير نفسه على الهويات الفردية.
                  

09-01-2017, 02:37 AM

Sinnary
<aSinnary
تاريخ التسجيل: 03-12-2004
مجموع المشاركات: 2770

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فلسفة الهوية (Re: Sinnary)

    إنتهينا في المداخلة السابقة إلى أنه قد برزت في عصر تقنية التواصل أنماط للهويات الفردية (مثل المثلية، الهيبزية التي عالج آثارها في مجتمعنا قبل أمد الأستاذ حسن عبدالمجيد في مسرحيته الرفض على سبيل المثال)، فقد عمدت هذه الهويات الفردية بدلاً عن التعاطي مع الهويات القبلية الخاصة بالشخص نفسه (كالهوية العرقية أو الدينية) إلى القطع معها، منحازةً إلى الرغبة، ومتمردة على النظام والإصول، إستناداً إلى عقلية أداتية (وسائلية، ذرائعية غير معنية بالقيمة) وبالتالي تقع في مركز هذه الهوية الحرية بآفاقها التمردية، فلا سلطة لا يمكن الخروج عليها ولا سلطة يركن إليهاغير سلطة العقل الذرائعي، والذي يصبح المرجعية الوحيدة لمقاربة العالم والناس والتعاطي معهم، فلا دين يحكم ولا معايير قيمية (أعراف، عادات، تقاليد) تراعى، مما يؤدي في النهاية لإضعاف علاقات الفرد بكل ما هو إجتماعي أو حتى ثقافي، بسبب من الإنبهار بهذه الهوية وما يصاحبها من إحساس بقوة، وإعتداد بحرية حررت النفس من قيود إجتماعية بشكل لم يكن حاضراً او حاصلاً من قبل. فلم يعد الفرد معني أو مقيد بكل تلك المنظومة من القيم، أكانت دينية أو إجتماعية (وهكذا أصبح هذا الوضع يشكل تحدياً لنا حواريوا الليبرالية في المجتمعات المسلمة، إذ كيف سنتمكن من الموائمة بين فرط الهوية الفردية وعسف النظام الإجتماعي؟ فنحن مواجهون بتحدي هذه الموائمة الضرورية، أو على الأقل منع التصادم بين قيم المراوحة-وتعرفها النظرة المضادة لها بالإنحلال- وما يعرف بالثوابت -الأخلاق والمبادئ والدين- لأن كلاهما ضروريان لمجتمع مستقر ي يذدهر إذا توفرت عوامل الإذدهار الأخرى، فبعض الثوابت تصين اللحمة الإجتماعية وتعطي الذات طعم ولون ورائحة- أقصد محافظة الناس على بعض المبادئ والخصائص- بينما المراوحة هي كتاليست التواصل والإنسجام مع العالم وجديده والمفيد- على إطار من ثوابت تعطينا صورة ثابتة عن تواصلنا مع الآخر (هوية) صورة تستوجب الإحترام أوالإحتقار. لذا كثيراً ما تفشل محاولات الهوية الفردية في القطع النهائي مع مرجعيات الذات السابقة (أذكر أنني كنت انجز دراسة بجامعة مانشستر الإنجليزية في أوائل التسعينات وقابلت طالباً سودانياً هنالك إنغمس في التقاليد الإجتماعية الغربية بالكامل حتى أنه كان يعيش مع صديقته الإنجليزية في غرفة واحدة، وعندما سألته هل يفكر في العودة للسودان؟ أجابني بأنه قد قطع أي علاقة تربطه بالعالم الثالث!! وكم كانت مفاجأة سارة لي عندما رأيته وقد تحولت شخصيته، ذلك قبل سنتين، فقد رجع ويعيش في الخرطوم) ..كما يقول هيجل فإن عناصر الثبات في الذات لا تتلاشى ولكنها قد تختبئ في اللاوعي، وتناور مناورات ضعيفة ومتواصلة حتى تسنح لها الفرصة في أن تسطع على سطح الهوية الفردية، لا سيما عندما يتعرض المرء إلى مواقف فاصلة إستعجلتها مفارقات إنكار الهوية (أذكر أن نفس الشخص ربطته ذات مرة علاقة عاطفية مع طالبة قابلها في ملهى ليلي، كانت أمها ألمانية وأبوها بريطاني، وبعد أن توطدت علاقتهما فاجأته يوماً بقولها إنها تخاف لو صارحت أمها بأنها على علاقة بشاب أسود، أن تغضب والدتها!! ولكنه رد عليها بذكاء: وهل تعتقدين بأنني لو أخبرت أمي بانني أريد أن أتزوج خواجية غلفاء ستفرح؟) نعم، مع صيرورة الحياة تتفاقم التناقضات بين الهويتين إلى أن تحدث حالة توازن أو تتوهج عناصر الثبات من جديد فيقرر صديقنا الرجوع في حالة أشبه بصراعات مصطفى سعيد أو الطيب صالح بين هويتين. تنزع الهويات الفردية من ناحية أخرى إلى الصراع مع بعضها وإستعلاء بعضها على الآخر داخل نفس الهوية وهذه أكثر سماتها سلبية حيث الحاجة الدائمة لتأكيد الذات.

    (عدل بواسطة Sinnary on 09-01-2017, 03:19 AM)

                  

09-04-2017, 00:23 AM

ابوبكر عبدالله ادم
<aابوبكر عبدالله ادم
تاريخ التسجيل: 11-22-2016
مجموع المشاركات: 107

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فلسفة الهوية (Re: Sinnary)

    up
    مع تقدير لصاحب البوست وللمساهمات فيه. وتحايا صادقه له ولهن ولقراءه ومحبيهم.
                  

09-04-2017, 02:19 AM

Sinnary
<aSinnary
تاريخ التسجيل: 03-12-2004
مجموع المشاركات: 2770

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فلسفة الهوية (Re: ابوبكر عبدالله ادم)

    تنبهر الهوية الفردية الحديثة بالمدى الواسع للحرية وممارستها المتجرأة على ما كان يعتبر من المسلمات حتى أنه تتحطم عندها كل الخطوط الحمراء السابقة. إن مشاعر الإكتفاء بهذه الهوية في صيرورتها الجديدة، وإدارة الظهر تماماً لكل ما كان من الثوابت والإصول لا يسلم تماماً من نتائج عكسية، ذلك أن ما تجره هذه الفكرة (فكرة أن لا إستحقاقات إجتماعية أو حقائق متعالية وأن كل الأمور نسبية) من توتر وإحساس بعدم الأمان أو عدم الإستقرار النفسي قد تؤدي في كثيراً من الأحيان من محطة تحقير الجماعة وقيمها إلى محطة تحقير الذات والياس والجنون والرغبة في الإنتحار. عندما تصبح الذات هي مصدر قيمها الوحيد وأنها المالكة الفذة للحقيقة ستبتذل عندها كل الحقائق موضوعية والمرجعيات العامة (حيث القاعدة الذهبية بأن الحرية الفردية تنتهي عند حدود حرية المجتمع) أي لا معنى لمثل المقولات التي تجعل حدوداً للحرية الفردية بإعتبار أن المجتمع أعلى قيمة من الفرد، كأنما الذات الفردية يمكنها أن تعيش في عالم لا يتصل بعالم الجماعة وتصبح لكل ذات حقيقتها المنفصلة عن الحقيقة العامة، فتتعدد الحقائق بتعدد الذوات، الأمر الذي يهدد بتدمير البنية الإجتماعية و الوحدة الأخلاقية التي تجمع أفراد هذا المجتمع على مبادئها. هذه الهوية الفردية الحديثة بينما تبتذل المجتمع تنبهر كثيراً بالعلم لأنها تجد في العلم قدرات برهنت كثيراً على فضح زيف الكثير مما كان من الثوابت والحقائق وتظن هكذا أن الإتجاه العلمي هو إتجاه الحقائق والإتجاه الإجتماعي أو التاريخي هو إتجاه الوهم والغائيات الزائفة. يفرغ العلم بنظرياته الجديدة كل المرجعيات المتسلطة على البشر وأن الوجود يسبق الجوهر. هكذا تفقد الحياة ماهياتها وبعدها البطولي لصالح الرغبة والملذات أو ما تطلق عليه ألكزس تاكفيل في كتابها الديمقراطية في إمريكا "الرفاهيات الحقيرة" حيث يكتسح النسبي المطلق وتكتسح هوية الأنا هوية الوجود فكل هوية هي مرجعية ذاتها مما ينتهي إلى هويات متذررة وحدود إجتماعية متهتكة ولا مشتركات يتم الإحتكام عندها، كأننا نصل في النهاية لمجرى الحكمة القائلة بأن (الشيء لما يفوت حده بينقلب لضده). عند أرباب الهوية الفردية أن كل ما ينجز بحرية هو وحده ما يستحق الإحتفاء به فالحرية هي ما تمنح القيمة وليست القيمة حالة متأصلة وجوهرية وقبلية. لا أعتقد كما ذكرت سابقاً أن مثل هذه المواقف الحدية مفيدة للمجتمع والدولة، فتحييد الدولة عن التدخل المجحف باسم الشريعة أو الأصول في حرية الأفراد، مأكلهم، مشربهم، ملبسهم، حلهم وترحالهم، إعتقاداتهم وغيرها لا يعني إطلاق الحبل على القارب لأي فرد ليفعل ما يريد حتى لو كان ذلك مضر بالمصالح العليا للجماعة والوطن
                  

09-05-2017, 01:26 AM

Sinnary
<aSinnary
تاريخ التسجيل: 03-12-2004
مجموع المشاركات: 2770

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فلسفة الهوية (Re: Sinnary)

    لعل الحديث عن الهوية الفردية وكذلك النسوية كمثالين للهويات التي تبرز بوضوح في العالم الغربي ضمن الثورات الكبرى للحداثة وما بعدها (ثورات معرفية، علمية، أخلاقية) متحررة من كل أشكال التبعية للهويات المعيارية، لعل هذا الحديث لا يتم تقبله عندنا في عوالم الجنوب بنفس الحساسية بسبب من مفارقة هي أننا لا نعيش عالماً واحداً، رغم أنف قرية ماكلوهان، لكننا نعيش في عوالم مختلفة ووفق شروط حياة وتناقضات إجتماعية مختلفة، فبينما تناضل الهويات الفردية رافعة شعارات الحداثة على أساس أن الحداثة الحقيقية تنبع من داخلة الأشياء وانه قد إنتهى عصر اللوغوس والإيثوس الجماعيين، إلا أن الناس في عوالم الجنوب لا زالت تناضل تحت شعارات هويات وجودية تعاني بإستمرار من التهميش والقمع (هويات الأصول والحقائق الموضوعية)، ولكن بنما نحن نجاهد في التلاؤم مع إلزامات حداثة مشوهة فينا أخشى إن مضينا في الدرب الحداثي بدون الإنتباه لهذه المفارقات والفوارق أن يتورط النظام الليبرالي الذي ننشده ونناضل من أجله إذا تجاهل هذه الإصول والمرجعيات والإنتماءات البدئية (كما يدعونا مثقفون كالأخ هشام آدم) أن نتورط في مجابهات عنيفة فمناضلوا الهويات المرجعية لا زالوا يحرسون مطالباتهم المعتدل منها والمتطرف، وهم على الهبشة أو على بعد خطوات من حمل السلاح، فالأجدر بنا إيلائها حقها من النظر العادل وقد طرحت في خيطٍ آخر ضرورة تبني برنامجاً أداتياً للثقافة (ليبرالية هوياتية)، وبالعدم لا أرى أن هنالك مكان لليبرالية مغالية في الفردانية، وإن كان لابد من ذلك فليحدث وفق تطور طبيعي لحركة الجدل الإجتماعي التي تتضايف على متنها الأضداد عسى أن تنتج صيرورتها خلال قرن أو أكثر إتجاهات أكثر تمكيناً لمكاسب الهوية الفردية. بينما يتصاعد دخان الجدل في بلداننا بين الهويات الوجودية وأيهما الأولى في آنثربولوجيا الهوية العرقي أم الثقافي تحول الهوية الفردية محاور الجدل بإعتبار أن البداية ليس العرق أو الأصل بل البداية هي العدم ثم الصيرورة التي يتخذ بعدها ما كان عدماً خصائصه الوجودية ويحول النظر في أمر الهوية من الأنثربولوجيا إلى الفينومنولوجيا لأنها المنهجية التي تتبع نشأة الأشياء والظواهر وصيرورتها وكيفية تشكل الوعي قصدياً بالعالم متحدية الإكراهات الإجتماعية أو منسجمة معها حتي تكون هي وليست غيرها.
                  

09-05-2017, 03:56 AM

Amin Abubaker Abdalla
<aAmin Abubaker Abdalla
تاريخ التسجيل: 05-03-2015
مجموع المشاركات: 125

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فلسفة الهوية (Re: Sinnary)

    صاحب البوست و ضيوفو سلام
    كما ذكرت فى مقدمة البوست فإنه بالفعل مشروع تفاكر "عميق " حول الهوية...مدخل
    فلسفى/نظرى/ تنويرى مرهق/عاصف لا غنى عنه فى أى
    تناول جاد لمسألة الهوية.
    تضاد الهويات التقليدية و عقم السياسات الثقافية و الاجتماعية هو ما يقتل الناس فى الجنوب ( الكونى ) الان...سيكون رائعا لو انك تحدثت بإسهاب أكثر حول ذلك فى ختام
    دراستك أو قبل ذلك...سيقودك ذلك مباشرة الى 'السياسى' الذى ربما أردت أن تتفاداه
    لكن النفع سيكون كبيرا..
    كل التقدير لجهدك الرائد
                  

09-05-2017, 05:47 AM

Kostawi
<aKostawi
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 39979

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فلسفة الهوية (Re: Sinnary)


    الأستاذ سناري (Sinnary) صاحبنا في الأزمان الجميلة
    فرحي بك، بتناول موضوع فلسفة الهوية
    و قد فرشت بطاحها للنقاش...ودا في حد زاته تطور في إسلوب طرح موضوع الحوار أو النقاش و تشكر على ذلك يا صديقي!
    ___________________________________________
    أما بعد
    لي ملاحظة!
    كل ما أقرأ كلمة هوية في بوست أو بوستك الحالي,
    بتجيني شخبطة معرفية بين معنى الثقافة و الهوية
    هل (حفرة الدخان) ثقافة أم هوية؟
    هل هناك خلط بين الثقافة و الهوية
    هل يمكن التمازج بينهما
    ______________________________________
    أعلم أنك تحدثت عن فلسفة الهوية من ناحية عامة
    أرجو منك بنفس تعريفك النظري لفلسفة الهوية أن تعطينا نمازج
    such as
    مدرسة السوداناوية ( و من روادها الأستتاذي النور عثمان أبكر)
    vs
    الهوية العروبية ( أو الإسلاموعروبية)

    ولك يا صديقي كل الحب و الإحترام
    صديقك كوستاوي
                  

09-06-2017, 03:37 AM

Sinnary
<aSinnary
تاريخ التسجيل: 03-12-2004
مجموع المشاركات: 2770

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فلسفة الهوية (Re: Kostawi)

    تحياتي أمين:
    وأشكرك على المداخلة المحفزة التي أتفق معك فيها بأن فكرة الهوية أصبحت مهمة بشكل كبير في الخطاب السياسي المعاصر حتى أنه لأول مرة منذ الإستقلال يحدث (مثلما حدث في الولايات المتحدة عندما تبنت الحكومة فكرة الإعتراف وإنصاف السود تحت بند سياسات الهوية) أن يرغم المتحاورون في مؤتمر الحوار الوطني في العام السابق مع الحكومة (التي كما توقعنا تعمدت إفراغ الحوارمن محتوياته ونتائجه) أن يرغمون الحكومة على طرح مسألة الهوية السودانية كأحد بنود الحوار بإعتبارها أحد أهم عناصر الأزمة في السودان وبالفعل تم لهم ذلك، وهذا يعني لي الكثير، لا سيما بعد إعتراف جميع المتحاورين بما فيهم ممثلي المؤتمر الوطني بأن هوية السودان إما سودانوية أو قطرية وطنية (لتختفي عبارات من شاكلة الهوية العربية أو الهوية الإسلامية للسودان) لكني أعذرهم في أن عتبة فعلهم لا تبلغ الإعتراف بسودانوية السودان، لذا أقصى ما قبلوا به هو الهوية القطرية الوطنية للسودان. نعم يا صديقنا أمين فرضت إشكالية الهوية هكذا نفسها على كل المنابر السياسية والإجتماعية السودانية، ومنها بالطبع منبر سودانيز أونلاين، وستستمر المسألة حتى يتم إدراج مسألة الهوية (كتعبير حقيقي عن التمييز والتهميش السياسي الذي يحدث على أسس هوياتية وطبقية معاً في دول الجنوب)حيث أن قضية الهوية في بلداننا يا أمين ترتبط بقضية التهميش إرتباطاً وثيقاً وسيستمر بعد رفعها في كل الحوارات الخاصة بقضايا التمييز على أسس هوياتية أو طبقية في السودان، ولا يدعوا هؤلاء المهمومون بهم الهوية في غالبهم إلى أكثر من المساواة (في الحقوق السياسية وتوزيع الثروات والخدمات وغيرها). إن الصراع الإجتماعي بين الفئات المهيمنة في البلاد الفقيرة والفئات المهمشة يدور في عدة جبهات ويصل في بعض مراحله كما يحدث في السودان إلى رفع السلاح حتى يجبروا السلطة إلي الإعتراف بالحقوق المسلوبة..فقط أود أن ألفت النظر إلى أن السؤال عن أسباب إحتدام الصراع الآن في غالب دول الجنوب على جبهة الهوية دون غيرها من الجبهات (كجبهة الطبقة، القبيلة أو الطائفة مثلاً) هو سؤال الفلسفة وعلوم الإجتماع التي تشتغل في تحليل الأسباب التي أدت إلى بروز عنصر الهوية دون غيره من عناصر البنية الإجتماعية كألأحزاب مثلاً، للتعبير عن التهميش الإجتماعي والسياسي وتبعاتهما.

    صديق الكفاح المشترك كوستاوي
    لقد فرضت قضية الهوية يا صاحب نفسها على السودانيين، ليس لأنها عنصر حساس من عناصر أزمات وجودنا الإجتماعي فحسب ولكن لأن هذا النظام الذي يسميه بولا بالغول وصل بهذه الأزمات الإجتماعية إلى أقصي مداها و سدرة منتهاها (تغول احدى اللغات والأديان على غيرهما) ..وظل هؤلاء الإسلاميون يرسخون لهذا الإمتياز على حد الهوية لما يفوق ربع القرن من عمر السودان الحديث، مختزلين كل التراث الثقافي السوداني فيما يعرف بالمشروع الحضاري، دون أي إعتراف بما سبق هذا المشروع من تكوينات وتراكمات ثقافية متجذرة في أعماق التاريخ كما كينونة أي سوداني، ملامحه، وطقوسه الحي منها والمضمر. أما حفرة الدخان يا نصر فهي من مظاهر الهوية الثقافية، ذلك لأن الطقوس والسلوك والتقاليد والمعتقدات كلها من عناصر الثقافة، والثقافة بدورها عنصر من عناصر الهوية (عنصر التعبير عن الهوية) وهذه الحفرة الذاهبة نحو الإندثار ممارسة قد لا توجد خارج السودان و لا حتى في كل بقاع السودان. المشكلة في السودان ليس فقط في علاقة الثقافة بالهوية وأيهما أكثر أولوية العرق أما الثقافة؟ أو ما دور الدين واللغة في الثقافة؟ ولكن المشكلة تكمن في تعدد الأعراق والثقافات ثم هيمنة ثقافة واحدة من بين هذه الثقافات على غيرها ودين واحد على غيره بإعتبارهما الحقيقة الوحيدة والنهائية لهوية السوداني، ولا خيار للسوداني، هذا أو التهميش. لم تفعل كل النخب والحكومات منذ الإستقلال يا نصر ما كان متوقعاً منها من إعتراف بكل المراحل التاريخية ودورها التكويني في هوية ما صار يعرف بالسودان، ولتغطية هذه الثغرة تقدمت النخب الثقافية لتفضح الخلل وتغطي هذه الفجوة المخجلة، لكن لم تقدم أياً من هذه النخب أو الكيانات والمدارس التي أسسوها رؤية شاملة في أمر الهوية. ربما لأنهم قاربوها من زوايا أدبية وتشكيلية وسياسية أكثر منها إجتماعية أو فلسفية. لقد ظهرت مساهمات لمدارس أبادماك والكرستالية والخرطوم (رغم الملاحظات عليها وعلى مدرسة الواحد) والغابة والصحراء ومساهمات خالد أبوالروس في المسرح وإسماعيل عبدالمعين وجمعة جابر الموسيقية والتي إختتمها البروفيسور أحمد الطيب زين العابدين بمدرسته المعروفة بالسودانوية والتي كان يصفها بأنها بوتقة الإنصهار و آخر المطاف ولكنها لن تكون كذلك، لأن كل مدرسة من هذه المدارس كانت تعالج الإشكالية معالجة مقتصرة على أدوات تخصصها وتبني على ما سبقها، فقد عالج النور الذي لم يكن أول نظر لتهميش العنصر الزنجي في هوية السودان فقد سبقته حركة اللواء الأبيض ومدرسة الفجر والهاشماب والأدباء من أمثال حمزة الملك طمبل الإنتباه لهذا العوج، ولكن كانت خطوة النور رفاقه أكبر أثراً فأثرها لا زال حياً في منابر النقاش حتى هذه اللحظة، لكن النور ورغم مقاله الفكري النقدي (لست عربياً ولكن) المسألة معالجة أدبية عبر قصائده وقصائد ودالمكي وعبدالحي مع مقالات معدودة لم تسطع أن تصيغ شكلاً آيديولوجياً لفكرة الخلاسية والهجنة في الثقافة السودانية أو تصوراً محدداً للبرامج التى يجنب تبنيها في كافة المجالات التربوية والثقافية والسياسية لتحقيق الفكرة، ثم دخول النور وعبدالحي في حالة جمود ليس فقط عن تطوير الفكرة منذ تلك اللحظات الستينية وحتى وفاة الراحل النور بل حتى عن إثارة المسألة في المنابر الأدبية والفكرية إلا عبر الإستحراض السيزرياني لإعادة إستيلاد الفكرة مكتفين ببذرة الجدل التي حقنوها في أحشاء المداورات الثقافية لأمر الهوية ليأتي أحمد الطيب زين العابدين برؤيته في تطوير الأفكار السابقة كلها طارحاً مفهومه الجديد والذي عرف فيما بعد بالسودانوية وليكتب الكثير من المقالات ولكنه أيضاً لم يقدم رؤية متكاملة رغم الجهد الذي بذله في إنتاج أعمال فنية تجسد الفكرة في معانيٍ إنسانية لا تتسم بالجمود.
                  

09-09-2017, 03:38 PM

صلاح عباس فقير
<aصلاح عباس فقير
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 5482

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فلسفة الهوية (Re: Sinnary)

    دكتور سناري،
    تحية واحتراماً،
    بوست يُغري بالعودة رغم الشواغل،
    هو موضوع الساعة.
                  

09-11-2017, 09:41 PM

Sinnary
<aSinnary
تاريخ التسجيل: 03-12-2004
مجموع المشاركات: 2770

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فلسفة الهوية (Re: صلاح عباس فقير)

    صديقي صلاح دوماً أتوقع وأسعد بتواجدك معي
    تمت الإشارة في النقاشات الدائرة حول موضوع الهوية إلى دور الطبيعي و الثقافي في تحديد هوية الإنسان. ويركز صديقنا بشاشا على أهمية الطبيعي بإعتباره الثابت في هويتنا وأن ما الثقافي إلا التعبير اللغوي العفوي عن الطبيعي في محاولة لتثبيت الثقافي بدلالة الطبيعي (المقصود بالطبيعي الأصلي والبيولوجي والعرقي والنفسي والثقافي اللغة واآيدلوجيا والعادات والدين وما شاكلها) بينما يتطرق صديقنا الخواض إلى أهمية الثقافي وإلى حالة التعددية في الهويات كعامل إثراء للهوية، وهذه الإشارة إلى تعددية الهوية حالة واقعة وتشربك بدورها الإشكالية شربكة تتماهى في شربكات العصر الذي نعيشه، ومع إنها حقيقة واقعة إلا أنه من القصور أن نرد هذه التعددية إلى هذين العنصرين الذين سرت ركبان علوم الأجناس تختزل الهوية فيهما (الطبيعي والثقافي) وهنا ينبهنا أندري لالاند لضرورة توسيع أفقنا النظري مشيراً إلى أهمية إصطحاب كل أفرع علوم الإنسان مع علم الأعراق، ما دام يجمعها موضوع مشترك هو "الإنسان" كي نأخذ في حسباننا كل إفاداتها(وليس فقط إفادات الإثنولوجيا)حتى نصل لفكرة أصدق تعبيراً عن هوية الفرد أو الجماعة. عوامل الثبات في الهوية، والتي نقصد بها الطبيعي في الهوية (الأصل)، هي العناصر التي تبدأ بها وعندها أي هوية (مع ولادة الإنسان) أو كما يقول هيدجر عندما يتم القذف بالإنسان في وجود لا يعرفه ويكرهه للتكيف مع ما يريده له، أما فضائل (وربما مسالب) الوجود الثقافي للإنسان فهذه يكتشفها كل فرد بشكل مختلف وبالتدريج ومع تعدد الفرص التي تتاح لأي فرد في الحياة (لكن لكي نكون عادلين لا بد من الإقرار بأهمية العنصرين معاً الطبيعي والثقافي كقاعدة إنطلاق ومرجعية) مع الإشارة إلى أن الظروف المعينة التي تحيط بأي فرد هي ما تحدد مدى إنحيازه أكثر للطبيعي أو الثقافي فيه (فلو كنت شخصاً أسود أو حتى أبيض لكن فيك نذر يسير من الدماء الملونة-الأصول الملونة-مثل الإمريكي هومر بلسّي، وتقيم في الجنوب الإمريكي قبل 1954، لتضخم آنذاك الطبيعي فيك حتى أصبح يمثل كل الهوية، لأنك تعيش في ظروف ان الفصل العنصري حسب لون الجلد هو الفيصل في كل يتعلق ب أو ما تستحقه من حياة) ولكن حتى الثقافي يمكن أن يتضخم فيك لدرجة يمثل فيها كل هويتك كما يحدث مع المرتبطين بالتيارات الأصولية الدينية أو اولئك الذين يعيشون في مجتمعات تتاح فيها الإمتيازات على قاعدة التماهي مع هوية ثقافية غالبة فيمثل الثقافي في الفرد المتماهي كل الهوية، وينزوي الطبيعي مستحياً من بروز المفارقة التي تظهر بظهوره)، ولا عجب عندما تجد أبناء السودانيين الذين يعيشون في الغرب يتحدثون باللغات الغربية وهم في وسط أهاليهم في المناسبات الإجتماعية أو اللقاءات حتى التي تكون داخل السودان رغم إجادتهم التامة للتحدث بلغاتهم الأم، إذ أن قيمة الفرنجي فيهم أعلى شأواً من قيمة السوداني. لفهم كيف يحدث هذا نحتاج للبحث عن الكيفيات التي ينخرط بها الفرد في التعاطي مع محيطه وما يستتبع ذلك -ليس من إمتيازات فقط- بل أيضاً من تنامي الوعي بهذا المحيط ومدى الإعتراف المتبادل بينهما ومن ثم تكوين الدلالات المشتركة (الثقافية) كجسر يتم العبور عليه إلى مرافيء الإنتماء. شكل إنخراط الفرد في أي محيط يلعب دوراً كبيراً في تحديد المساحة التي يمنحها الفرد لحريته في إختياره الهوية التي يتسلح بها في مقايضاته الوجودية القادمة عوضاً عن القسر الذي يمارسه الأصل، ذلك كما في حالة بلسي أو الإمريكان السود لا سيما الذين كانوا يعيشون في الجنوب الإمريكي قبل بالمنعطف المعروف بقضية ليندا بروان ضد مكتب التعليم، أو ال9 طلاب السود الذين أرسلت الحكومة ما يزيد عن ال10000 جندي لحمايتهم بعد السماح لهم بالإنتظام في مدارس البيض. مسألة إختيار الذات للهوية قد تمثل في حالات مثل حالة صديقنا بشاشا ورفاقه الرجوع لأصل غائر في التاريخ (الطبيعي) وليس بالضرورة إنفصال عن الإصول، المهم هي حالة تبدأ فيها الذات تحديدها لذاتها وأناها بنفسها متصلة أو منفصلة عن الطبيعي فيها، ومنحازة أو متمردة على الثقافي فيها. المهم أنها حالة من التمرد على ظروف حالية تقسرها على هوية ما لا تروق لها ولا ترى نفسها فيها فتتمرد على واقع يكرهها ويجبرها على الإنصياع لمسلماته.
                  

09-13-2017, 04:58 AM

Sinnary
<aSinnary
تاريخ التسجيل: 03-12-2004
مجموع المشاركات: 2770

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فلسفة الهوية (Re: Sinnary)


    هوية الإنسان مرة أخرى لا تتحدد فقط بالطبيعة والثقافة كما أشار البعض، ولكن أيضاً بالتجربة الخاصة بأي فرد ،وما تضيفه إليه هذه التجربة من إستعدادات، إستكشافات وتغيرات، تحدد رغبته إما في الإندغام في جماعة ما تعبّر عن الطبيعي فيه، أوالتمرد والتحرر من إكراهات هذا الطبيعي فيه، توقاً لعيش في هوية خاصة أو مميزة تتيح له فرص ومصالح أوفر. هل هذا يعني أن الهوية مشروع مفتوح لا يرتهن للتصورات والقوالب الجاهزة؟ نعم ولا، والسبب في هذه الإجابة المتعارضة أن الهوية نفسها تخضع للصيرورة وفق جدلية الوحدة والتنوع لأن مع ثبات الطبيعي فيها إلا أن الفرد، أي فرد يملك حرية تحديد مدى تحدده بمحددات الطبيعي فيه لأن الإنسان وإن كان الطبيعي فيه يخصه وحده إلا ان الثقافي هو ما يشركه مع جماعات أو قل هويات متعددة في أفق الحياة البشرية قد يلتقى مع أفرادها في أكثر من أفق (طبقي، آيديولوجي، أو علاقات مصيرية أخرى) تحتل في عقله ووجدانه الأولوية على غيرها ولعل في هذا تفسير للأسباب التي تدفع أشخاص كالأخ بريمة للدفاع عن عروبته مقابل دفاع أخوة من بطون قبائل تتحرى أصلها في العباس عن أصلهم الزنجي مما يشير لحقيقة جدلية الهوية من بداية ما إلى صيرورة تتجه لوحدة على مستوى أعلى يتم العبور إليه في بحر الطبيعة على جسر الذات ومركبة المجتمع
                  

09-19-2017, 03:09 AM

Sinnary
<aSinnary
تاريخ التسجيل: 03-12-2004
مجموع المشاركات: 2770

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فلسفة الهوية (Re: Sinnary)

    تتقاطع عوالم عديدة في حياة أي فرد منّأ، عوالم أوسع من قدرة الفرد على إستيعاب تأثيراتها عليه في حدوده الذاتية من مشاعر وأفكار، وحدوده الإجتماعية من تقاطعات أو تماهيات. أضف لذلك أن الأفراد يمتلكون مستويات ذكاء مختلفة تتراوح بين العبقرية والتخلف العقلي لذا تأويلات كل فرد للعوامل المتأصِّلة والمتحصَّلة فيه (شكل، لغة، دين، الخ...) تكون مختلفة فمنهم من يكون قادراً حتى على صنع الشربات من الفسيخ ومنهم من لا يملك أي إستعداد للعناية بأيٍّ من ذلك. هنالك عدة طرق للنظر في المسألة منها وجهة النظر الإثنولوجية التي ذكرناها سابقاً والمقاربات الآيدلوحية السببية التي تتصور الهوية كبنية تتميز بالثبات والتكرار والعناصر التي تشكل هذه البنية يمكن النظر إليها كعلاقات سببية تنتج الظواهر السلوكية المختلفة التي تنتج بشكل شبه ثابت من الشخص المعين حتى أن كل شخص منا يكون متميزاً بأشياء شبه ثابتة تعبر عن الروابط القوية بين المشاعر والأفكار والمزاج والسلوك وبالتالي بالنسبة للمقاربة السببية إذا أمسكنا بثوابت الشخصية المعينة أمسكنا بهويتها. الآنثربولوجيون الجدد المستوعبين لفكرة حرية الذات وأهمية تجربتها في الحياة يهتمون بالطبيعة بما في ذلك دور اللاوعي وما يختزنه من أدوات نتجت من تجربته منذ الولادة وحتى الآن ويرون أن سلوكيات أي فرد تتتأثر بهذه العناصر المختزنة في لاوعيه وبالتالي لو فهمنا هذه المختزنات من خلال معرفتنا بعوالم الإنسان التي أحاطت بطفولته ونموه وإنتقالاته في الحياة المتنقلة من فترة شباب مضطربة وربما متمردة نحو فترة بلوغه الرشاد ستساعد في فهم العوامل الباطنة التي تفسر سلوكه ومواقفه الحاضرة. هذا السلوك الذي يرتبط كما ذكرنا بمقدرة الشخص على خلق شربات من فسيخ التجارب بمكاسبها وخسائرها، الإصول حتى المكتيب منها أكانت عرقية، أودينية، أوآيديولوجية، الظروف الحالية، المادي منها والنفسي.
                  

09-22-2017, 04:56 AM

Sinnary
<aSinnary
تاريخ التسجيل: 03-12-2004
مجموع المشاركات: 2770

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فلسفة الهوية (Re: Sinnary)

    في تتبعنا لفلسفة الهوية كثيراً ما نصطك بتعقد الحالة الإنسانية، أكانت حالة الإنسان الفردانية أم الجمعية ضمن شبكة أو ديناميات العائلة والمجتمع. تطرقت الأديان من قبل لإشكاليات الحالة الإنسانية وهي تعرض لقضايا من شاكلة القدرة والقدر، أو بعبارة أخرى إلى أي مدى يكون الإنسان مسيّراً أو إلى أي مدى يكون مخيراً. تناولت الفلسفة هذه الحالة على مستويات كثيرة لا سيما في إطار الثابت والمتغير، المثال والصورة، الروح والجسد، الأنا والآخر، والماهية والوجود. هكذا في ثنائيات جدلية لا تفارقها ثنائية أخرى هي ثنائية الفكر والشعور أو ثنائية العقل والغريزة. وضمن إشكالية العقل ثنائية وعي الأخر ووعي الوعي الذي يعي الآخر. كتب ليفي إشتراوس في مسألة الهوية كثيراً عن مفهوم وعي الوعي (الوعي المنعكس) وقد دار نقاش بيننا في بوست الأخ عبداللطيف عن ابوالقاسم قور فيما يعرف بجدلية السيد والعبد في الوعي الذاتي، حيث أن الإنسان من دون كل الحيوانات هو الكائن الذي تصدر أفعاله عن تفكير وتعقل، مع أن هذا التفكير والتعقل يشوبه نقص وتواضع كبيرين لا يسلم معهما من الزلل (وأحياناً الزلل الكبير والخطير كمان) ولا يسلم من التذبذب في المواقف والمواقع (التحول من فكرة إلى أخرى، أو عقيدة إلى أخرى، أو حبيبة إلى أخرى)، ولهذا تناول هيجل الأمر تحت مفهوم السيد والعبد في تفكير كل واحد منا، أما سارتر فقد تطرف في الأمر ليعتبر أن الناس أسباب نكد الناس وأن الآخرون هم الجحيم كما عبر عن ذلك في مسرحيته الشهيرة (القرف)، وعلى النقيض من سارتر فقد خرج علينا الفيلسوف اليهودي إيمانويل ليفناس الذي أنجاه حظه والفرنسيون من مذابح النازية بأن الأخلاق أساس الهوية وأن الآخر هو من نحيا لأجله، حتى وصل لمرحلة وصف الآخر بأنه الله. هكذا تهدد صفة اللايقينية في الوعي الإنساني بلوغ الفرد والجماعة لتصور ناصع عن الهوية، لأنه كما أن للهوية وجود في حياتنا فكذلك لسراب الهوية وجود في حياتنا (وهم الهوية) لأن مكونات الهوية لا تكمن فقط فيما هو ظاهر، بل أيضاً من عناصرها ما هو باطن، إما في لاوعينا أوفي بطن التاريخ. وكم يتعثر الإنسان في تسليم حتى عقله في كثير من الأحيان لإمرة وعيه الباطن عوضاً عن العكس، الأمر الذي بدلاً عن تطوير وعي الفرد بهويته يقود لتطوير جهل الفرد بهويته. التأويل هو أحد المناهج القوية في التوصل لهوية الفرد بسبب قدرته على لملمة شتات كل عناصر الهوية عبر مساراتها الجدلية لنخرج عبره بفهم ناصع وجامع لا يغفل عن عنصر لأجل تضخيم عنصر آخر فيخرج لنا المعاني العميقة والخاصة مع الآثار التاريخية في الهوية. لذا في هذه المهمة التأويلية لا بد من الإستعانة بالمناهج التاريخانية لإستعادة الماضي المنسي في صيرورة الهوية و هذا ما يعرفه تايلور بالطاقات النائمة في الهوية حيث بالتاريخانية نوائم بين ذواتنا الساكنة في الزمان مع ذواتنا الكائنة في المكان.
                  

09-23-2017, 06:07 PM

Sinnary
<aSinnary
تاريخ التسجيل: 03-12-2004
مجموع المشاركات: 2770

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فلسفة الهوية (Re: Sinnary)

    عندما نتحدث عن التأويل الذاتي في فهم الهوية فإنه أحد مكاسب الثورة المناهجية الحديثة في المعرفة، لا سيما عندما قلب إدموند هوسرل ومن بعد مارلوبونتي الطاولة على كل أساليب ومضامين المعرفة الإمبريالية التي كانت سائدة " راجع كتاب أزمة العلوم الأوروبية والفنومينولوجيا الترنسندنتالية" للدرجة التي طالب فيها هوسرل أن ننسى كلما عرفناه من قبل عن أي موضوع لنبدأ التأسيس لمعرفة جديدة ومن الإسكراتش أو الصفر، وننظر للأشياء كما نراها الآن، ثم ندع وعينا الذاتي يحلل لوحده ما رآه أو ما يقصد معرفته (فكرة القصدية). مارلوبونتي يقول أن ما أراه بعيني أوقع وأصدق من مليون فكرة عنه. والتأويل هنا يعيد الإهتمام لدور أي شخص في تأمل ذاته وتحديد هويته بغض النظر عن رؤية الآخرين سواءً كانوا منظرين أو سياسيين أو حتى رفاق عنه وعن ماهيته. ورغم إنه هنا بتواجهنا مشكلة إنه لو كل حد كان طريق وصوله لهويته بيقطعه على دابة التأويل الشخصي دا ممكن ينتج لينا تأويلات متعددة لهويات متعددة للناس العايشين في زمان واحد ومكان واحد وجايين من انساب مشتركة، فلازم نعترف بهذه المشكلة وشرعيتها، لكن نرجع نقول بأنه قيمة التأويل تتجاوز بأضعاف إشكالياته، فهو الوسيلة الأكثر قرباً لهويتنا وطبيعتنا المعقدة والأقدر على أن يخلق من كل الشتات في خصائصنا وحدة هوية. إالتأويلية هي مسعى الذات لتحديد هويتها بنفسها بعيداً عن المؤثرات الخارجية مثل رأي الآخرين في من أكون (وتشمل الآخرين الآخرين هنا حتى الخطابات السياسية والإجتماعية التي تقول لنا مسبقاً؛ نحن عرب، نحن أفارقة، نحن سودانويون، نحن مسلمون، نحن كوشيون، ألخ....) والمشكلة هنا أن هذه النحنوات القِبْلية تعمل على إقصاء عامل في هوية الذات لصالح عامل آخر، أمّا التأويل الذاتي فيستوعب كل العناصر ويشترط النظر إليها بحياد عن كل المؤثرات (إنتماءات الشخص السياسية والآيدلوجية والدينية وغيرها) لأنها تخرق أهم شروط تأويل الذات وهو الإنطلاق من نقطة الصفر أي عزل أي فكرة مسبقة عرفناها أو تمسكنا بها أو تم تلقيننا لها عن هويتنا ثم تجميع كل عناصر ومكونات الذات بدون إقصاء أي عنصر فيها وتوليف وحدة جدلية منها. يمكن بعدها لخطاب الهوية الشاملة أن يحصر الدلالات المشتركة بين الناس المقيمين في مكان واحد لأن هذه المشتركات تكون المرجعية التي يقوم عليها كيانهم وتستخلص منها هويتهم التي تكون موضوع مفتوح للحوار في فضاء الجماعة الثقافي والسياسي. طبعاً ميزة التأويل هنا أنه يتغلب على أهم الصعوبات التي تعترض إشكالية تحديد هوية الفرد أو الأمة لأن الإنسان يولد في واقع يحدد له مسبقاً من هو (وقد يبدأ في وقت لا حق في الإنتباه إلى أن هذه المن هو التي حددت له من قبل لا تعبر عنه حقيقة). وهي حقيقة نحن كسودانيين نعاني من مشكلة التمييز بين الفردي والمشترك مما يحيلنا لسطحية الطرق التي نتواصل بها مع عالمنا لا سيما صلتنا بالأرض التي تكاد تكون قد تلاشت أمام ظروف معيشية قاهرة أهم سماتها الهجرة والشتات والإندغام في منظومة إستعباد معيشي خانقة.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de