*لاأدري ما الحكمة وراء إصرار الحكومة على إجراء إستفتاء دارفور الإداري‘ خاصة وأنها درجت على تنفيذ ما تشاء بغض النظر عن رفض الاخرين. *للأسف مازال الصراع على السلطة والثروة سيد الموقف دون أي إعتبار لمصلحة أهل دارفور‘ فتأججت النزاعات المفتعلة .. بعد أن كانت دارفور دار سلام وتعايش سلمي بين كل أبنائها. *منذ أن زرعت الفتنة المصطنعة وسط أبناء دارفور وقسمتهم بلا معنى إلى "عرب وزرقة" وعمقت النزاعات الإثنية بينهم‘ لم تفلح كل الإتفاقات الثنائية والجزئية في أبوجا وانجمينا وحتى الدوحة في تحقيق السلام المنشود. *يتم كل ذلك بعيداً عن مصالح أهل دارفور الذين دفعوا الثمن غالياً بسبب هذه المعارك المصنوعة التي أدخلتهم في نزاعات دامية بعد أن كانت نزاعاتهم محدودة بين المزارعين والرعاة. *بغض النظر عن مبررات هذه التقسيمات الإدارية التي تمت في دارفور وفي غيرها من مناطق السودان فإنها أدت إلى إضعاف النسيج الإجتماعي ودفعت المواطنين للتقوي بالقبيلة وأضعفت الإحساس بالإنتماء القومي. *هذه التقسيمات الإدارية فرضتها الأطماع والترضيات والتوازنات القبلية شكلت عبئاً ثقيلاً على كاهل المواطنين الذين أصبحوا يدفعون ثمن وظائف ومخصصات الولاة وحكوماتهم بدلاً من أن توظف هذه الكيانات لخدمة المواطنين. *برز إتجاه إيجابي قبل سنوات لمعالجة تضخم الحكم الإتحادي وإعادة هيكلته وتقليص الولايات‘ وعقد مؤتمر لهذا الهدف .. لكن للأسف جاءت القرارات السياسية بعكس ذلك وتم إعتماد ولايات جديدة. *دارفور لم تسلم من ذلك .. لكنها الأكثر تضرراً لأنها لم تنعم بالسلام والإستقرار رغم كل الإتفاقات التي وقعت من قبل بهدف إقتسام السلطة والثروة فيما ظلت النزاعات المسلحة قائمة. * نقول هذا بمناسبة الإستفتاء الإداري الذي تصر الحكومة على إجرائه هذا الشهردون أن تخفي تمسكها بإستمرار الوضع الإداري الحالي‘ مما يعني أن الإستفتاء لن يغير من وضع دارفور الإداري القائم بالفعل. *الحكومة تدرك أن مشكلة دارفور لن يحلها هذا الإستفتاء‘ لأنها ليست بمعزل عن مشاكل السودان السياسية والإقتصادية والأمنية‘ وأنه لاجدوى من إجراء هذا الإستفتاء. *يكفي الثمار المرة التي جناها السودان من الإستفتاء حول تقرير مصير جنوب السودان وإن كنا نعلم أن هذا الإستفناء إداري فقط‘ لكنه يفتح الباب أمام الطامعين في تصعيد الخلافات ورفع سقف المفاوضات كما رشح من قبل. *ليس من مصلحة الحكومة ولا أهل دارفور قيام هذا الإستفتاء عديم الجدوى .. والأجدى إحداث إختراق إيجابي من الحكومة تجاه الحل القومي الشامل بعيداً عن الإملاءات والضغوط ومحاولة فرض الأمر الواقع بالقوة أو عبر الألاعيب السياسية المكشوفة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة