لا يستوعب البعض، أو لا يشاؤون أن يستوعبوا، الفرق بين الحكومة الانتقالية و الحكومة القومية.. و دائما ما يقفزون إلى نتيجة فحواها أن الحكومة ( القومية) تعني ( قومية) الحكومة بحق و حقيق.. قومية تحقق وحدة الكلمة لبلوغ السلام و استقرار السودان.. و ذلك هراء، و أي هراء في بلد يسود تمشي في بلد يحتل فيه الكذب جلَّ ساعاته ؟! و يطالبوننا، حين نرفض ما يسمى، زوراً و بهتاناً، بالحكومة القومية، يطالبوننا بتقوى الله.. ناسين أن في كلمة الحق في وجه الظَلَمة و الجائرين شيئاً من التقوى و مخافة الله تقوى، و في مخافة الحكام الظلمة و الدفاع عنهم، تحت أي مبرر، نفاق يكسبهم غضب الله سبحانه و تعالى. لا تحلموا بحدوث استقرار في أي حكومة قومية، فكل مثيلاتها سادت سنين عدداً، و بادت دون أن تحل أزمات السودان.. بل فاقمت تلك الأزمات.. ثم تتكرر قيام مثيلات أخريات لها- بتدبيرات تفضي إلى سطوة الفرد الواحد و الحزب الواحد الأحد- ليزداد السوء سوءات .. و تكالبت الأزمات الخانقة على البلاد جراء ( الترضيات) الساحقة الماحقة.. و جراء بقاء المؤسسات و الدواوين العامة على ما هي عليه من خراب و تدمير.. و جراء اللوائح و القوانين التي تحكمها دون إجراء تغييرات تجت ث الأورام الخبيثة المنتشرة في كل فقرة من فقراتها.. و تظل أزمات السودان هي أزمات تلد أزمات فوق طاقة المخلصين من الوطنيين على استنباط حلول ناجعة لها.. و دائماً ما تعود بنا الحكومات القومية إلى مربع الفشل.. و الحل واضح لكل ذي عينين.. و لكل من يتقي الله و يحب السودان بحق.. الحل في حكومة إنتقالية.. لا نطالب بإلقاء نظام البشير و حزبه في المزبلة ، فذلك متروك للأجيال القادمة و للمؤرخين.. لكننا نطالب بحكومة انتقالية تعالج الأدران و الأوبئة التي تسببت في إلغاء المؤسسية بلوائح و قوانين من صنع أبالسة المؤتمر الوطني.. و ذلك مطلب ليس بوسع أي حكومة قومية أن تحققه، طالما ستظل للبشير و حزبه اليد الطولى في أي حكومة قومية يتم تشكيلها..
لقد أضاع ( هؤلاء) فرصاً نادرة لإحداث طفرات و طفرات في السودان طوال ربع قرن و نيف من الجلوس على دست الحكم.. وبدلاً عن ذلك لوَوا قنوات التنمية العامة إلى ناحية قنوات تنمية ذواتهم و ذويهم و الموالين لهم باسم التمكين.. و نجحوا لذواتهم و سقط السودان.. و رغم ذلك ينبري ( أحدهم) ليدعوك إلى تقوى الله، ملء فيه، و كأن تقوى الله لا ينبغي أن تمر بمجالس الأباطرة " الذين طغوا في البلاد و أكثروا فيها الفساد".. و هم جلوس على أموالنا التي نهبوها بليل.. و ما زلنا في أحلك الليالي في انتظار أن يصبح الصبح و لا نرى الجلادين يلعبون في الساحات و الميادين بمقدرات البلد باسم الدين و التقوى.. إنهم و غواصاتهم ينهون عن خلق و لا يتورعون عن الاتيان بما هو أشنع منه.. و قد سئمنا وعظ الوعاظ و الذئاب و الثعالب في المساجد و الزوايا.. سئمنا كل ذلك، و دعوني لا أتعجب من تفسير البعض للأمور.. سيبك ياخي، و بلاش وعظ و إرشاد..! و يتحدثون عن الأحقاد.. كانت الأحقاد و الضغائن في سبات عميق.. لكن انقلاب الانقاذ تهجم على السلام و العدل المتبقي و المساواة السائدة في المكاتب و المصانع و المزارع و المدارس و الجامعات.. تهجم الانقلاب.. و سرق و نهب و قتل.. فأصاب مواسم الأفراح في مقتل. و ما أبقى للود و الحب مكاناً في حوارينا و أعشاشنا و حواكيرنا.. فتسلطت الأحقاد و الضغائن بلا حدود بعد أن ضاعت الحقوق.. و جثمت الواجبات القومية على صدور الفقراء.. إن الحكومة القومية، من منظور النظام، هي إسكات بعض الشخصيات المعارضة بالمناصب و الثروات لابعادها عن هموم أهليها.. و سوف تكون مجرد حكومة ترضيات لن تستمر طويلاً.. قال قومية قال!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة