رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 10:55 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2018م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-17-2004, 09:46 PM

عبد الله بولا
<aعبد الله بولا
تاريخ التسجيل: 03-30-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا (Re: عبد الله بولا)


    Agab Alfaya

    عزيزي منعم،
    تحياتي ومحبتي،
    لك أجزل الشكر أولاً على ترحيبك الكبير العالي، والذي هو ليس بالجديد على أفضالك الوافية التي لا أنفك أحفظها لك. وشكراً ثانياً على فضلك الذي أسبقته علىَّ من "نعمة حب الناس". وهي بلا شك أعظم النعم كما ذكرت. سوى أنني لا أدعي كمالها عندي، فهذا من فضل النور، وإنما أتمناه.
    وأرجو أن تعذرني على عدم المشاركة في بوستك، أو بالأحرى بوستاتك، التي تناولت فيها "مفهوم الآفروعربية" ونقده الذي جاء في ورقة الصديق الدكتور عبد الله على ابراهيم الشهيرة، وفي ورقتي "شجرة نسب الغول في مشهد الهوية وحقوق الإنسان في السودان: أطروحة في كون الغول الإسلاموي لم يهبط علينا من السماء". وهذا هو عنوانها الذي أزعم إنه لم يُكتب أبداً بصورةٍ صحيحة، حتى في الصحف والمجلات التي نشرتها، بعلمي وبغير علمي، وفي الإستشهادات بها والإشارات "المرجعية" إليها، من دون قراءتها في أغلب الأحيان، وعلى رأسها "استشهادات"، الصحفي الشاب المرموق، ضياء الدين بلال، التي وصلت من الزراية بها وعدم العناية بضوابط التوثيق في أمرها، حداً عجيباً، قولني فيه كيفما شاء، وصنفني كيفما شاء، من دون علمٍ أكيدٍ بسيرتي ونصوصي، على عكس ما زعمه له الأخ الأستاذ عادل عبد العاطي من جودة التوثيق. وكنتُ أتمنى طوال الأسابيع الماضية أن يتوفر لي براحٌ من الوقت حين يأتي دورك في صف الردود الطويل على "الترحيبات"، لأقف وقفةً مناسبة، أمام جملة القضايا التي أثِرتَها بخصوص تعقيباتي على ورقة عبد الله، وموقفي من مفهوم "الآفروعروبية"، عند "مدرسة الغابة والصحراء ورصيفاتها (اللاتي لم تشملهن عنايتك، من مدرسة الخرطوم إلى سودانوية أحمد الطيب ـ وهي ليست السودانوية الوحيدة بالمناسبة ـ وصولاً إلى مدرسة الواحد التي وحدتهن جميعهن "في الله"، بفضل "صراحة" أحمد عبد العال وجرأته الإيديولوجية السلطوية الفريدة.
    وأرجو أن تعذرني على أن وقتي لا يسمح لي بالخوض في كل وجوه هذا الموضوع الآن. فهو موضوعٌ شائكٌ جداً لا تنفع فيه العجلة والوقت المزانق. ولعلك رأيت بأم عينيك كيف أوردت مزانقة الوقت نصوصي التي نشرتها في هذا البوست مواردَ مؤسفة، في خصوص ضبط وتصحيح الأخطاء المطبعية. فرغم الجهد المعجز الذي بذلتُه في سبيل ذلك، فقد جاء في إحدى المداخلات فاعلٌ مجرورٌ ومنونٌ بالكسر كمان!! ولذا فسأكتفي هنا فقط ببيان استشكال الموضوع في خاصتي، وبأن ما نسبته لي من رفضٍ ل"العروبة"، وانحيازٌ ل"لإفريقية" ليس له نصيبٌ كبيرٌ من الصواب. وأهم قرائن ذلك أنه لم يرد في نصي، أعني في ورقتي التي تستشهد بها، ولا في أي نصٍ آخر من نصوصي ما يؤيد هذا الزعم. ومن ثم فإنني أستميحك عذراً في أن تتقبل مني هذه الهدية البسيطة، هذه الحقيقة الأولية من حقائق البحث في أمري، والتي هي، من شواهد معطيات وسياقات الواقع التي لا يستقيم الأمر لفهم النص من دونها، كوني يا سِيْدِي "شيخ عرب". "شيخ عرب" زي منصور العجب ذاتو، الذي رفع في وجهي ذات مرةٍ (في ندوة قدمتها في العيد الخمسين للحزب الشيوعي، زعمت فيها غلبة النزعة العروبية عند رواده الأوائل بصورةٍ صريحةٍ وكبيرة، على الإفريقية)، حجة العداء للعروبة هذه، وحذرني من مغبات التعصب الإفريقاني. فذكَّرتُ منصوراً بأنني شيخ عرب مثله تماماً، ولا سبيل لي إلى معاداة "العروبة". إلا أن خياراتي في الحياة، ومنهجي ورؤيتي لواقع "الصراع الثقافي" في بلادنا، لا يسمحان لي بتغليب، (أو تفضيل)، أي مكوِّنٍ من مكونات واقعنا الثقافي على الآخر. ولا يسمحان لي قبل كل شيء أن أرى أن للعرب، "أقحاحا"ً كانوا أو هجيناً، فضلاً أو ميزةً على الآخرين. كما لا أرى "للأفارقة" أيضاً أية ميزةٍ على أحد، ولا أية نقيصةٍ عن أحدٍ أيضاً. فالأصل هو الإنسان الواحد الجبار المنعول "الغلَّب الهدَّاي" كما يروي حسن موسى عن شاعرةٍ من شوامخ شاعرات غرب السودان. والهدَّاي الغنَّاي، أي الشاعر.
    وفي خصوص زعمك أنت القائل بنزوعي إلى "الإفريقية" ورفضي للعروبة، فإنني أدفع أليك بمزيدٍ من التفصيل في هذه المعلومة: فأنا شيخ عربي يا سيدي "أماً واباياً": فأبي الشيخ أحمد ود بشير ود احمد ود الفكي حسن ود أمحُمّد ود ختاري ود أب زُمام، شيخ كواهلة البطانة وناظرهم كمان. وهم الذين قالت فيهم شغبة:
    "ماتلوموا امَّ نايل في كلامْها الحر
    طارياهم قناديل البحر والبر
    أولاد اب زمام البركبوا اللشقَر
    والناس من هَلاكِيتْهُم بعيد تِنْصر"

    و"الهلاكيت" أطراف الثوب. وعلى القاف الحجازية هذه‘ في "اللَّشْقَرْ" نبرة صاعدة لعل خبرتك باللهجة الليبية تعينك على نطقها، وعلى استنكاه ما تستبطنه من اعتدادٍ كبيرٍ وإعلاءٍ من شأن الذات، واستعلاءٍ بها. وغنيٌ عن القول أنه استعلاء لا مسوغ ولا أصل له إلا في الأوهام الذاتية وحدها، وفي معايير حيازة القوة والسلطة. وهي معايير بائسة جداً في موازين القيم الإنسانية الكبرى: قيم العقل الراجح، والمنطق الرصين، والمعرفة الباسقة، والفكر الجليل، قيم الثقافة النقدية المحرِرة التي نناقش هنا أساسً سببل الوصول إليها وترسيخعها في بلادنا وفي بلادِ الناس طُرَّا. وقد قالت للفونج حين حبسوها في أعقاب هجاءٍ مريرٍ أقذعتهم به فيما يقال، فلما استعصى عليهم إرهابها، لجأوا إلى الترغيب، فيما يُروى أيضاً، (ولعله غير صحيحٍ كله)، وعرضوا عليها البقاء بينهم لتكون شاعرة ل"البلاط"، على أن يبروها بخِلَعٍ سَنِيَّة وببيتٍ فخيم، من بيوت الحاشية، عرضوه عليها أيضاً، فقالت فيه:

    تُبَّ على بيوتاً فيهن ام كراب
    رُوسِن قش، قعورن في الوِطيْ رُتَّاب
    أهلي يا وليد سكنوا مزارق الطاب
    عزَّ الناس اهلنا واللاخرين بُتاب
    فتأمل هذه الزراية بالآخر، غير العربي البدوي، بمسكنه وبرموزه، وحتى ب"خياره الجغرافي": فالذي لا يسكن البادية البعيدة، لا بوادي المدن ذات القطوف الدانية، ليس له من نصيبٌ من رفعةِ شأن أو مقامٍ عند أهلنا. وهاك دي كمان في هذا المعنى الأخير، قالت شغبة في الاعتزاز بالبادية البعيدة الجرداء القاسية:
    "حليل الهُوْج قبيل وقت اللَّعادي
    حليل البركبو الحافْرَالبقادي
    حليل البضبحو الخِلْفْ المُرادي
    وحليل النزلتُن في الكاهلي غادي"
    وهو من جانب أمه الحرم بت طلحة بت فاطنة بت الشريفية، ميرفابي/ مغربي/شريفي. والميرفاب من الهجين الذي نخوض في أمر تعقيده. فالحرم من جانب أمها، مغربية شريفية جدها النبي "من غير جدالٍ أو تأويل". أها عاد ياشيخ منعم كيف الدبارة؟
    وأنا من جانب أمي شيخ عرب أيضاً "أماً واباياً". فهي فاطنة بت حبيب الله ود احمد ود عبد الرحمن "بن عابد الأصغر بن عابد الأكبر، بن كاهل، الذي يُرجع خالي ابراهيم ود حبيب الله "اللورد" ـ كما أسماه صديقي العزيز الأستاذ الماحي على الماحي، ("الماحي ود علي، كما أسميه "الفادني الدينكاوي اللشقر"). وقد أسماه "اللورد" لفرط ملامحه الجيرمانية الساكسونية، وحدربة رقبته [اعتدالها] و"بوبحتها" [ارتفاعها]، ومشيته المستقيمة الفخيمة ـ شجرة نسبهم إلى نوفل بن قصي ابن كلاب. وهم من عبابدة الصحراء الشرقية المصرية البدو الأقحاح، لا من عبابدة النيل والقرى. وهم الذين قال شاعرهم في النفر الذي استقر منهم في حي "الفوقانية" المتاخم للصحراء، ببربر، وفي ضواحيها (القدواب ونقزو ودار مالي إلخ)

    سمونا العرب مانا العريبي طْريف
    عرباً تركب الهايج ليالي الصيف
    نحن الموت نخوضو ومنو ما بنْقيف
    ونحن الفي السنه المَحَلَه بنعشي الضيف
    ونحن العندنا مَحَمود هناك في الريف

    دحين يا شيخ عبد المنعم ديل ناساً في طريقة معاهم لإنكار "عروبتهم"؟ ومن جانب أحد أبناء زعمائهم كمان؟ أما رفضها فليس من منهجي ورؤيتي لمشروعية الانتماء والتعايش الثقافيين في بلادنا في شيء. لأن ذلك غير ممكنٍ عملياً، في مواثيق عالم اليوم بالذات، (ما عدا في إسرائيل)، وغير ممكنٍ بصفةٍ خاصةٍ من منظور حقوق الإنسان الذي أصدر عنه أيضاً، وغير ممكنٍ من منظور مقولة قبول التعدد الثقافي كمصدرٍ للغني الإبداعي والسخاء الإنساني التي أصبحت مقولة "مقبولةً نظرياً"، وربما قلت "إجبارياً"، حتى من غلاة المتطرفين الإسلامويين والإفريقانيين، والتي أستطيع أن أزعم أنني كنتُ من بين أول القائلين بها، وفي طليعتنا عبد الله على ابراهيم الذي تتهمه من غير وجه حقٍ، في تقديري الكبير، (مو تقديراً ساكت)، بأنه من منكري الإفريقية ومن دعاة الاستعلاء العربي المحض، علماً بأن أول من استخدم مصطلح "الاستعلاء العربي"، قبل أن يصبح موضة، هو عبد الله نفسه، ونقده نقداً "ما فيه زيادة مويه". وربما كنتُ سأوافقك لو أنك شكوت مثلي ومثل آخرين كثرٌٌ من أن نصوص عبدالله أصبحت مربكةً وإنها بحاجة إلى إبانةٍ دقيقةٍ من جانبه، مثل تلك الإبانة العالية التي جاءت في حواره مع السموأل، وإبانة لأسس منهجه الجديد المتجدد دوماً، قبل ذلك. وأنا أدعوك لوقفةٍ أكثر تأنياً وتوقيراً في حوش نصوص هذا المفكر والكاتب والمبدع الكبير مما هو أهل له وأكثر. ثم إن عداء "العروبة" أو إنكارها، أو "نفيها تقريبا"، غير ممكن أصلاً من جانبِ من له مثل تورطي وتراثي الشخصيين في "شياخة العرب". ففاطنة بت حبيب الله، فضلاً عن أصل جدها لأبيها العربي البدوي "القح"، جدتها لأبيها هي أيضاً الشريفية بت فاطنة بت الشريفية، حفيدة النبي محمد عليه الصلاة والسلام لَزَم. وأمها زينب بت أحمد ود امحُمَّد إلخ ود اب زمام جد "البركبوا اللشْقَر، والناس من هلاكيتْهُم بعيد تِنْصَرْ"
    دحين يا شيخ عبد المنعم شوف لك حجةً غير دي. أنا أناهض نظرة الاستعلاء وإيديولوجية الاستعلاء، من حيث أتت، وأناهضها عند أهلي مناهضة خبيرٍ عارفٍ بها، وبدروب غوايتها العديدة وتناقضاتها، "المُشْتَكِلة"، معرفةً مؤكدةً. فأعرِفُ، على سبيل المثال، من بَرجَلَة ولجاج، وعدم تمام منطق احترام الآخر المختلف لديهم، والذي ذكرتُ في مكانٍ آخر بعض فضائلهم فيه، ما تشيب من هوله الولدان! احترامهم للآخر يقف عند باب حوش "العروبة" يا سِيْدِي، فبمجرد خروجهم منه حدِّث ولا حرج (وهم بالطبع لا يشكلون في ذلك استثناءً على شرعة البنيات العرقية والاجتماعية المغلقة. بما فيها مجتمعات الغرب في كثيرٍ من وجوهها). ومن ذلك قول جماعةٍ من شعراء المرغماب، كواهلة البطانة الأشداء، في الزراية بزنجيةٍ من مُسترقي إحدى القبائل المساكنة لهم في المرعي أو المُستَقَر:

    قَصَبةْ مَنْفَح الوادي اب شراباً عَضمَه
    زراعة ناس بَدِير اللي زمان في الهضمه
    ست القُرْقُد الواقف مسامير جزمه
    كل ماطْراها تتلخبت علىَّ الخِدمة

    والرباعية مجاراةٌ ساخرة لرباعية الحردلو الشهيرة من قوله في الحَمَدية، في ما أتصور:
    قصبة منفح الوادي اب شراباً غَرْ
    ما بِتْمَجِّدَكْ تَقطع قَراك بالمَرْ
    إن جادت عليك تديك مويخراً دَرْ
    وعُقبان تَرْبِعَك لا من تضوق الشرْ

    ومجاز الوادي "أب شراباً عضمه"، هو على عكس مجاز الوادي "اب شراباً غَرْ"، كنايةٌ عن شح أمطاره وارتفاع هضابه الذي يحول دون احتفاظه بماء المطر على قلته، و"الهضمة" الهضبة. و"ناس بدير الزبيدية"، كناية عن كونهم بدواً لا معرفة لهم بالزراعة وأماكنها. والباقي واضح المعنى كما كان يقول أستاذنا عبد الله الطيب، طابت ذكراه، في شرح شوارده. وهذه زراية بالزنوج، والبدو "الأقحاح" من القادمين الجدد إلى بادية البطانة في ذلك الحين، في آنٍ معاً. وهذا أيضاً من عناصر معاني واعتبارات عروبة سكان الشمال "على النيل والبوادي" التي قال بها الصديق عبد الله على ابراهيم. وأنا أوافقه على وجوهٍ كثيرةٍ منها، وبالذات في الوجه المتعلق بعقيدتهم الصمدة الصماء في عروبتهم، حتى أنهم يسخرون من عربٍ "أقحاح" مثل الزبيدية والرشايدة"، وغيرهم، ويستعلون عليهم في "العروبة" ذاتها، مع بعض التحفظات التي يقتضيها تعقيد أمر هذه "العروبة"، مما ربما زعمتُ لنفسي معرفةً به أكثر من معرفة أولاد "عرب" المدن العمالية الأرحب صدراً، مثل عبد الله. وتسري تحفظاتي على أمر الإفريقانية أيضاً وأمر الهجنة كذلك، إزاء نصوصك ونصوص عبد الله ونصوص آخري. ومما يزيد الأمر تعقيداً وضُغثاً، في خصوص قراءة نصوصي ومحاولات تصنيفي وتصنيف التيار والنموذج الذين "أمثلهما"، إنَّ آخرين غيرك، اعتبروني داعيةً عروبياً متعصباً من غير تحرٍ من واقع نصوصي أو معرفةٍ بواقع حالي، وواقع رأيي في التعقيد الرهيب الذي تتسم به هجنة الشمال والوسط. وهي تعقيداتٌ عصيةٌ جداً في رأيي. وأزعم أنك اقتحمتها من أدنى أبوابها إلى التبسيط: باب "مدرسة الغابة والصحراء"، ورفيقاتها، ومنهن "مدرسة الطيب صالح" إذا جاز لي هذا الاختراع، من رواد إيديولوجية التكنوقراط الأفندوية العضويين والمتطوعين، أو المبدعين الشوامخ، الذين ضلوا طريقهم إلى حوش الأفندويين، مثل عبد الحي وود المكي والنور عثمان أبكر، في غرارة الشباب، وغرارة زينة الوظيفة والامتيازات الأفندوية، مما استحقوا عليه في تقديري لعنة حسن موسى التي ساندتُه فيها، على شيءٍ من التحفظ، لأوضح به أن في مساندتي تلك إنما هي في معنى الذم في مقام المدح، الذي أهمل الحسن ود آمنه شقي الحال، عاصي القيد، المنعول الذي لا يتورع، بيانه. وذلك في معنى إنهم كتيرين على تكنوقراط السلطة الأفندوية، وكثيرين جداً على صعلوكٍ مثل نميري. (كما أن عبدالله كثير جداً، وجداً، وجداً على مهادنة ومجاملة جهلاءٍ مستبدين غُشماء وطغاة مثل البشير وزمرته). وربما سميت هذه الفئة السلطوية صاحبة إيديولوجية الهجنة السعيدة، "صفوة" البرجوازية الصغيرة "القُحة"، التي يقوم مشروعها السلطوي على مناهج التبسيط والترتيب والتبويب الأفندوية لثقافاتنا، وخلافاتنا، واختلافاتنا ونتوءاتها وتضاريسها العصية والوعرة، التي أرادوا تسويتها بجرة قلمٍ مكتبيةٍ واحدةٍ من هجنة سهلةٍ سعيدةٍ تسُر الناظرين إليها من السطح فقط. هذا في خصوص النميرية. أما "البشيرية الترابوية" (وإن أعلنت الأخيرة توبتها التي أشك في أن تكون نصوحا)، فإن قبولها المتأخر للهجنة، وللتعايش مع الآخر المختلف، إنما هو عندي، حتى إشعار آخر، نوعٌ من مكر إديولوجيي الرأسمالية الليبرالية الطفيلية العايرة التي تصلي بلسان وتتاجر بلسان، وتغش بلسان.
    خلاصة قولي يا شيخي إن هجنتنا مستشكلةٌ عصيَّة التعقيد بصورةٍ قليلة النظير. كما أن إفريقيتنا "القحة" لا تقل استشكالاً. وأراك تميل إلى حل هذا الاستشكال في خصوص هجنة الشمال والوسط، بمفهوم الأغلبية والأقلية، وهو حلٌ أفندوي مكتبي، بيروقراطي في عمقه الحقيقي، ولا يشبهك فيما أعرف من سعة أمرك وصدقك وحسن سريرتك. (وقد يخطئ الإنسان دون سوء نية، ودون مؤامرة، بل أحياناً بكل حسن نيةٍ، وبراءة ونبل. وسوف تدوس بمثل هذا المعيار الإجرائي المكتبي الأفندوي، (إذا ما أصررتَ عليه)، على حساسياتٍ كثيرةٍ، وتقفز فوق حقائقَ جليلةٍ وتزري بنفرٍ مقدرٍ من النساء والرجال المبدعين الأشاوس في بلادنا، وأخشى أن يكون منهم عبد الحي نفسه، الذي أكدتً أنت أنه يخلو من أي قطرة دمٍ هجين. مع إن له جدةٌ كاهليةً، حسب ما أكده لنجاة من باب الحقائق القطعية. وقد تكون من الكواهلة الذين صاهروا البجا، أو من الكواهلة الذين اختاروا البجاوية لغةً وثقافةً لهم، أو من البجا الذين "تكهولوا"، إلخ. وهو في بحث الدكتورة بيان ينتمي، في سائِرِهِ، أي في جملة نسبة، فيما عدا الحبوبة الكاهلية، "إلى أسرة (...) ذات أصول تركية". فإذا كان ذلك صحيحاً، وهو عندي كبير احتمال الصحة، فإنك باقتراحك لغلبة العنصرين العربي والإفريقي، معياراً صَمَداً لتعريف هوية هجين الشمال والوسط، بذريعة أن ما عداهما أقليات يمكن تجاوزها في التعريف الرصين المبرَّأ من الإيديولوجيا، لهوية هذا الهجين، تكون قد هدمت بنفسك ركناً ركيناً من أركان مسعاك لإثبات الصواب المطلق، ومطابقة الواقع المطلقة، اللذين زعمتَهما لمدرسة الغابة والصحراء، في وصف، وتصنيف، ورصد وإثبات، واقع ووقائع العناصر المكونة للهجنة، ومن ثَمَّ لأحد شقي الهوية الثقافية الأساسيين. وهو هدم لحجتك الرئيسية أكثر وجوهه تورطاً في مجافاة منطق حقائق الواقع "القائمة هنا والآن"، إن أحد أهم شواهده يتمثل في أن "عمدة" مؤسسي المدرسة، التي اعتبرتَ مناط صواب رؤيتها لمشكل هوية الهجين اعتمادها معيار الأغلبية، وصرف النظر عن الأقليات بقرينة هامشية تأثيرها أو ضعفه، ينتمي إلى نفس هذه الأقلية التي يجوز إهمالها في عناصر التصنيف والتعريف الأساسية للهوية في زعمك! وسيكون هذا مآلاً سيئاً جداً وزلزلةً شديدةً لقرائن إثباتك، التي زعمت لها مطلق الصواب! فأما أن عبد الحي، وأمثاله من أبناء الأقليات، المبدعين الشواهق لا اعتبار لهم في تعريف الهجنة، على الرغم من مساهماتهم الثقافية العالية، أو أن معيار الأغلبية والأقلية في تعريف الهجنة الثقافية(و"المواطنة الثقافية") غير مناسب. (وربما جئتُك راجعاً، لو أسعفني الوقت، لأعرض عليك، وعلى البورداب من غير أهل التخصص، مشاهد وشواهد من تعقيد هذه الهجنة الثقافية و"العرقية"، تفلق الراس. وربما عدت إليك أيضاً لمناقشةٍ أكثر تعقيداً وتركيباً لمشروعية مفهوم عبد الله في خيار الانتماء الثقافي، وأصله في "نظرية الخيار الثقافي" ومشروعيته. أي في كونه صادرٌ عن نظريةٍ مشروعة هي الأخرى، لا يستقيم الحوار مع حَمَلَتِها بالتبخيس، والاستخفاف، والاتهام بالصدور عن محض إيديولوجيا لا قيمة لها في معايير العلم ومباحث الحقيقة). وسوف تجد في خيار أهلنا في مدن وقرى النيل ـ قبل أن تهجم الأسئلة على أجيالهم الجديدة في عقر دارهم، وفي عقر دور المهاجر العربية التي أوردهم إياها بؤس إدارة حَمَلة الثقافة العربية الإسلامية السلطويين للوطن، الذي أوردوه بدورهم موارد الهلاك المبين، من فرط استعلائهم بالأصل والعقيدة ـ جلَداً شديداً لا مجال معه لمناقشتهم على مسند استراتيجيةٍ وتاكتيكٍ، يعشمان في إقناعهم بالتراجع عن هذا الخيار الأصم "بي هينة"، وبتبسيطيةٍ مثل تبسيطية "الآفروعروبية" الغاشمة. وقد كفاني عبد الله مشقة الخوض في مواطن جَلَد الجنوبيين في الامتناع على مشروع الانتماء العروبي وموقفهم من خطة الهجنة. وخطة الهجنة يا سيدي كمشروعٍ للخلاص من فلقة التعدد موجودة في دوائر التخطيط الثقافي والسياسي في أوساط إيديولوجيي الثقافة العربية الإسلامية (الحاكمة منذ "الإستقلال") المعتدلين منذ زمنٍ طويل، طويلٌ طول تاريخ بداية الوعي بالمظالم والغباين، وبداية دوي المنابر والمدافع، في مسعى إزالة الغبائن التراجيدي. وفي ظني إن "إيديولوجيي" مدرسة الغابة والصحراء، (ونظرائهم في التشكيل، والموسيقى والرواية)، أكثرهم اعتدالاً و"لطفاً" إزاء المكون الإفريقي، فالغلاة يقترحون الإبادة، ولم يقصروا في السعي إليها وإن لم يوفقوا. والأقل غلواً يقترحون شتى صنوف الحيل لمحو الثقافات والهويات المزعجة، وأدوات ترميزها وتوقها وتعبيرها المستقل في إطار الوطن الواحد. وقد أوردتُ في ذلك شواهد عديدة في ورقتي "شجرة نسب الغول"، التي من فروعها رؤية الغابة والصحراء السعيدة "الحالمة"، في خصوص السياسية اللغوية والإبداع الأدبي التشكيلي والموسيقي والديني والفلسفي. إلا أنك لم تحفل بها.
    وأرجو أن تعتبر هذه المداخلة من باب إعادة تأسيس الإشكالية واستعدال النقاش كما عبرتُ من قبل، في مداخلاتٍ أخرى، وكما عبر الصديق أسامة الخواض باستماتةٍ أشدُّ مما أقدر عليه بفعل وقتي اللئيم، في مداخلاته ببوستك. وأرجو أن تتأملها ملياً، وأن يتسع لها صدرك، حتى أجد "مَهَلةً لحوار مدققٍ فيها" معك، ومع مناصريك، ومخالفيك، من البورداب. وأختتم هذه المداخلة في مسعاي لتبيان تعقيدات الهوية والهجنة الثقافية والعرقية بالسودان، وموقفي منها، بوعدٍ بمحاولةٍ للمساهمة في تحديدٍ وجوه الإشكالية التي نعالجها، إشكالية التعدد، والتمازج، والاستقلال والفرادة، في تكويناتنا الثقافية والعرقية، وفي أسئلة وقضايا الهوية الثقافية في السودان، العديدة والشاقة، أزعم أنه قد يكونُ أكثر سعةً وتعميقاً، أو أتمنى أن يكون كذلك. وفي انتظار ذلك، أتمنى أن تضع اعتباراً لدعوتي لك إلى إعادة النظر في نموذجك الإرشادي أو مقارباتك الحوارية بحيث يكون فيها احتمالٌ لصوابٍ يمكن أن يأتي من الطرف المخالف. ذلك أنك زعمتَ من "قولة تيت" أن قراءة من تدافع عن صواب وجهات نظرهم من رواد الغابة والصحراء " تنطلق في الإجابة على السؤال من الهنا والآن، من اللحظة التاريخية المتشكلة والتي هي في حالة تشكل، من المكون الثقافي والعرقي الموضوعي المعطى على أرض الواقع بكل تجلياته وتعيناته المتعددة والمتشابكة(...) يمكن وصفها بالقراءة المعرفية". وإن قراءتنا نحن، عبد الله على ابراهيم، وحسن موسى وشخصي، تقع في دائرة "القراءات التي تنطلق في توصيف الهوية لا مما هو كائن فعلاً، بل مما يجب أن يكون. لا من الواقع المتشكل على الأرض، بل من الرغبة في إعادة تشكل هذا الواقع. لذلك فهي تعمد في مقاربتها لسؤال الهوية إلى الانتقاء والنفي والغربلة لمكونات الواقع الثقافية والعرقية حتى يتلاءم مع رغبتها الأحادية في تشكل هذا الواقع. ويمكن وصف هذا النوع من القراءات بالقراءة الأيديولوجية". وأوضحت، حتى لا تترك لنا منفذاً للنجاة، أنك لا تقصد بالإيديولوجيا في مداخلاتك تلك " المعنى السياسي والعقائدي وحسب بل (...) منظومة التصورات والمفاهيم التي لا تقوم على أسس موضوعية في الواقع" وأكدتَ هذا الزعم مرةً أخرى بقولك "فالأفروعربية عند جماعة الغابة والصحراء ليست تصوراً نظرياً لما يجب أن تكون عليه الهوية السودانية بقدر ما هي توصيف لما هو واقع فعلا. وأي توصيف بديل للآفروعربية لا يعدو أن يكون ذو بعد واحد يقوم على نفى الآخر. فإذا قلنا مثلا أن السودان بلد عربي خالص العروبة فلا يستقيم ذلك إلا بنفي العناصر الأفريقية، وإذا قلنا أنه بلد أفريقي خالص الأفريقانية لا يستقيم ذلك إلا بنفي العناصر العربية الإسلامية. ولا مخرج إلا بالإقرار بالبعدين العربي والأفريقي في بنية الهوية السودانية".
    ومثل هذه العقيدة الصماء في صواب مقولات الغابة والصحراء، وفي نجاتها التامة من الاختزال والتبسيط الإيديولوجيين، يجعل الحوار معك غايةً في الصعوبة، إن لم أقل يجعله مستحيلاً أصلاً. ففضلاً عن أنك تبرئ نفسك، كما تبرئ الجماعة التي تعتقد بصواب أطروحاتها المطلق من مزالق الإيديولوجيا مُقَدَّماً، ومع سبق الإصرار، ورفع راية الإصرار في كل مرة يحاول فيها نفرٌ من المحاورين الصادقين المهتمين والمتابعين مثلك (أسامة وهاشم الحسن والنور)، بنصوصٍ صمدةٍ، مراجعتك في أمر هذه العصبية الباسلة، من دون قرائن أخرى، سوى الزعم بأن رؤيتهم مطابقة للواقع لأنها تقوم على اعتبار الهجنة العربية الإفريقية، بلا زيادةٍ ولا نقصان. مع أن في الأمر كثير من وجوه الزياداتٍ والنقصانٌ، حاول محاوروك إجلاءها والتعريف بها، لعلها تكون شفعاء عندك لمجرد اعتبار احتمال وجود حقيقةٍ لدى الأطراف الأخرى. وقد باءت مساعيهم بفشل مجلجلٍ، ومزلزلٍ، ومحيِّرٍ، حتى الآن. كما أنك لم تبذل طويل نظرٍ وكثير عناية بما يحيط بمفهوم براءة نصٍ ما، في ساحة العلوم الإنسانية، وقيل حتى الطبيعية أحياناً، والخطاب الثقافي بالذات، والشعري بصورةٍ أخص، من الإيديولوجيا! ففي حوارٍ جرى مع الفيلسوف الألماني الشهير يورغان هابرماس، ترجمتُه في العام الماضي إلى العربية، للجهة التي أعمل بها، سمىَّ فيه مفكر الحداثة وما بعد الحداثة الكبير، هذا النوع من الزعم بالتنزه عن الإيدويولوجيا، الذي يستند على مقولة "نهاية الإيديولوجيا"، التي يروج لها "مفكرو الليبرالية الجديدة، ب "إيديولجية دعاة نهاية الإيديولوجيا". هذا وأنا أدعوك أيضاً، استناداً على معطيات "الواقع المتشكل على الأرض"، التي أوافقك على اعتبارها من أهم مراجع ومحكات اختبار صدق المقولات والمفاهيم، إلى تأمُّل كون عبد الحي ومحمد المكي ابراهيم كانا كلاهما مثقفين عضويين، في لحظةٍ عظيمة الدلالة على التلبس بالإيديولوجية، ضمن "الانتلجنسيا النميرية"، وضمن زوار حوش الاتحاد الاشتراكي في أسوأ أطوار النميرية الاستبدادية، بصورةٍ مباشرةٍ أو من وراء ستار. وإلى تأمل واقعة احتفاء مكي المجلجل العالي بسنغور، لدي زيارته للسودان (في مستهل الثمانينيات إذا لم تخني الذاكرة)، بمناسبة إقامة مؤتمر الأحزاب الاشتراكية الدولية"، أو شيء من هذا القبيل بالخرطوم! وليس في العالمين إيديولوجي أكثر "قحاحةً" من سنغور. وليس فيه إيديولوجية أكثر "صفاءً" و"نقاء" ونموذجيةً من "اشتراكيته الإفريقية" المزعومة، وليس فيه من أزرى مثله بالزنجي ورماه بكل صنوف الدونية من قبيل العجز التقني والعلمي الفطريين، والغرارة، والفرح البهيم، والبعد عن الحكمة والرزانة، وعن روح العلم والصناعة، وأزلية غريزة الزراعة فيه، وانصرافه عن منازلة الشدائد المعرفية الذي يقيمه سنغور ورهطه من دعاة الزنوجية السعيدة وأساتذته الكواونياليين على مقولة "البراءة الأولى". وإن جاء ذلك في قالبٍ من المدح الزائف الماكر، والمقارنة الكاذبة التي تنتصف في مظهرها الخارجي وفي مزاعمها، للزنجي من الأوروبي. فسنغور هو القائل في مضمار هذه المقارنة البائسة المستميتة، بأن "العاطفة زنجية بينما العقل هيليني". وهذا كما قال صديقنا الكاتب البنيني المفَوَّه، استانيسلاس أدوتفي في كتابه "زنوجية وزنوجيون"، "أنصع صورةٍ لإيديولوجية تقسيم العمل العالمي الكولونيالية، والكولنيالية الجديدة". فالذي احتفى بهذا العَلَم العمدة لجماعة الإيديولوجيين الكولونياليين "الأصالويين"، في إفريقيا، هو ود المكي، شاعرنا وصديقنا العظيم نفسه، الذي لا سبيل إلى التقليل من شأن مساهمته الشعرية الرؤيوية العاليةother wise. كما أن لمقولة "البراءة الأولى" مكان معتبر في قاموس عبد الحي الشعري. وهذه يا سيدي قاعدةٌ "قائمة" ووقائع "قائمة"، في التاريخ القريب، وفي "الهنا والآن"، تستدعي النظر في شأن الإيديولوجيا في مشروع "مدرسة الغابة والصحراء (ورفيقاتها)، لم تتحرَّ أصولها في واقع أوضاع وممارسات، "رموزك" التي لا يأتيها باطل الإيديولوجيا من خلفها ولا من بين أقلامها فيما زعمتَ!!
    وعبد الحي، من بعد، هو الذي حرر كتاب "الثقافة السياسية" للدولة النميرية الذي يمثل مفهوم "أصالة الهوية السودانية الآفرعروبية" السعيدة، لُحمته وسداته. وكان مساعده في إخراج الكتاب، وتزيينه بالرسومات، زميلنا الأستاذ حسين جمعان، أحد أحب تلاميذ شبرين وأقربهم إليه. وشبرين فيما تعلم أحد أركان مدرسة الخرطوم، وهو ركنها الإسلاموي على وجه الخصوص. والذي أصبح في النصف الأول من السبعينيات، وحتى انتفاضة مارس/أبريل، فنان النظام الرسم. ولعله من عظيم عناصر الدلالة المباشرة على الصلات العضوية بين النظام وكتيبته الإيديولوجية، في مجال التخطيط الثقافي ("الإيديولوجيا "الثقافية")، مما لا أظنه يفلت على عبد الحي، تلك التهديدات الغاشمة التي وجهها شبرين لمخالفيه ومعارضيه في الحقل التشكيلي ومؤسسة التشكيليين الرئيسية (إتحاد الفنانين التشكيليين السودانيين) في مجلة الثقافة السودانية، مجلة مصلحة الثقافة الرسمية، (العدد الرابع أغسطس، 1977، ص ص. 85ـ95). وقد جاء ذلك في حوار أجراه معه جمعان، "سَوَّالُو فيه المديدة حرقتني"، في مسعىً شديد الوضوح لتحريض السلطة على جماعة التشكيليين "العصاة"، المعارضين لمايو، ولرؤية مدرسة الخرطوم في خصوص "هوية" التشكيل السوداني "العربيةالإسلامية/الإفريقية/". وقد حاز جمعان وشبرين ومدرسة الخرطوم "الأصالوية الهَوِيوية" على نصيبٍ وافرٍ من ثناء عبد الحي في كتابه المذكور. وهو من منشورات اليونسكو. هذه المؤسسة الراعية للهويات الظريفة المنمقة المؤدبة الملساء، الخالية من النتوءات، التي لا تعكنن مزاج "العالم" بالمطالبة بفتح أبواب الإبداع، والاختراع، والبحث، والحداثة الطليقة، والعالمية الطليقة القائمة على الندية للجميع. مؤسسة "منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم"، الحريصة على إلزام "كل قرداً جبله" في إطار قانون تقسيم العمل الثقافي "العالمي". فمن أين لمثل هذه الأفعال والوقائع بالبراءة من الإيديولوجيا يا سِيْدِي؟ وما الذي يمكن أن يحول، دون أن نتصور، أو نتحرى، أو نفحص، في أضابير ومنحنيات العمل الإبداعي والنظري لمن يفعل مثل هذا، وجود ظلالٍ من الإيديولوجيا؟ (حتى لا أقول عناصر إيديولوجية صمدة). ومن أين لك الزعم بأن الخطاب النظري والشعري يمكن أن يكونا بريئين من الإيديولوجيا على ذلك النحو من الصفاء الذي ذكرتْ، حتى وإن كانا في حِذق، ولنقل أيضاً جدِّية وحسن مقاصد، خطاب دعاة الغابة والصحراء، وفي سموق وعذوبة أشعار عبد الحي وود المكي والنور عثمان؟
    أما أنا فلا أزعم لخطابي الفلسفي والثقافي، في وجوهه الوصفية أو المفاهيمية، براءةً من الإيديولوجيا، وقصارى ما أسمح لنفسي به، من الاعتقاد أو الظن، في أمر قيمة مساهماتي هو إنها محاولات لمقاربة الواقع، والممكن، واستشراف المستقبل بقدر ما أستطيع، ليس إلا.
    هذا ولك كامل محبتي وتقديري لاجتهاداتك الصادقة، وشكري لك على حسن ظنك، وعلى مراجعاتك الأخيرة لملاحظاتي على ورقة عبد الله.
    بــولا

    (عدل بواسطة عبد الله بولا on 05-17-2004, 10:51 PM)





















                  

العنوان الكاتب Date
رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا Dr.Elnour Hamad04-08-04, 06:59 AM
  Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا سارة منصور04-08-04, 07:06 AM
  Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا elsharief04-08-04, 07:08 AM
  Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا فرح04-08-04, 07:21 AM
    Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا ismat.abdelrahman06-30-04, 10:54 PM
  Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا kh_abboud04-08-04, 07:28 AM
    Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا garjah04-08-04, 07:53 AM
  Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا TahaElham04-08-04, 07:54 AM
    Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا Dr.Elnour Hamad04-08-04, 08:07 AM
      Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا yumna guta04-08-04, 08:12 AM
        Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا kh_abboud04-08-04, 08:28 AM
      Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا Shinteer04-08-04, 08:24 AM
  Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا Yasir Elsharif04-08-04, 08:25 AM
    Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا Saifeldin Gibreel04-08-04, 08:51 AM
    Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا Alia awadelkareem04-08-04, 08:53 AM
  Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا ودقاسم04-08-04, 08:53 AM
    Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا kh_abboud04-08-04, 09:18 AM
      Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا Dr.Elnour Hamad04-08-04, 09:45 AM
        Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا aymen04-08-04, 09:57 AM
        Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا عصام عبد الحفيظ10-11-04, 11:00 AM
  Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا osama elkhawad04-08-04, 10:03 AM
    Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا عشة بت فاطنة04-08-04, 10:39 AM
  Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا Nagat Mohamed Ali04-08-04, 10:23 AM
  Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا الجندرية04-08-04, 10:29 AM
  Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا Elwaid Osman04-08-04, 11:29 AM
    Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا Osman Hamid04-08-04, 12:06 PM
  Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا almohndis04-08-04, 12:01 PM
  Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا esam gabralla04-08-04, 12:23 PM
    Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا khider04-08-04, 12:36 PM
  Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا Elmosley04-08-04, 12:36 PM
  Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا خالد العبيد04-08-04, 12:58 PM
  Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا unixo04-08-04, 01:59 PM
  Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا zumrawi04-08-04, 02:47 PM
    Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا سجيمان04-08-04, 02:52 PM
  Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا صديق الموج04-08-04, 03:13 PM
  Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا عبد الله بولا04-08-04, 03:21 PM
    Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا Dr.Elnour Hamad04-08-04, 04:49 PM
    Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا Hussein Mallasi04-08-04, 04:50 PM
      Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا خالد عويس04-08-04, 05:11 PM
  Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا kamalabas04-08-04, 04:59 PM
    Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا Abdel Aati04-08-04, 05:50 PM
    Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا Tanash04-08-04, 06:51 PM
  Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا فجراوى04-08-04, 06:18 PM
  Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا قصي مجدي سليم04-08-04, 07:06 PM
  Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا ahmed haneen04-08-04, 07:56 PM
    Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا Dr.Elnour Hamad04-08-04, 09:02 PM
      Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا Adil Ali04-08-04, 09:20 PM
  Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا Imad El amin04-08-04, 09:53 PM
    Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا Giwey04-08-04, 10:19 PM
    Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا bayan04-08-04, 10:53 PM
  Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا Abu Mariam04-09-04, 00:29 AM
  Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا Abu Mariam04-09-04, 00:36 AM
    Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا Yahya Fadlalla04-09-04, 01:31 AM
      Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا Dr.Elnour Hamad04-09-04, 02:43 AM
        Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا Tomader Habiballa04-09-04, 04:00 AM
          Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا إيمان أحمد04-09-04, 04:15 AM
        Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا mustafa mudathir04-09-04, 04:05 AM
          Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا Ahmed Elmardi04-09-04, 05:39 AM
        Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا بكرى ابوبكر04-10-04, 01:41 AM
          Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا محمد حسن العمدة08-12-04, 06:36 AM
  رحبوا معى mohmmed said ahmed04-09-04, 05:45 AM
    Re: رحبوا معى mutwakil toum04-09-04, 06:23 AM
      Re: رحبوا معى Dr.Elnour Hamad04-09-04, 06:54 AM
  Re: حب الناس من اعظم النعم Agab Alfaya04-09-04, 08:45 AM
    Re: حب الناس من اعظم النعم Bushra Elfadil04-09-04, 10:47 AM
  Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا osama elkhawad04-09-04, 10:10 AM
    Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا Dr.Elnour Hamad04-09-04, 10:43 AM
  Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا osama elkhawad04-09-04, 11:21 AM
  Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا مراويد04-09-04, 11:34 AM
  Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا osama elkhawad04-09-04, 11:45 AM
    Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا فضيلي جماع04-09-04, 02:49 PM
    Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا بابكر كنديو12-02-04, 01:22 AM
  Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا Abu Mariam04-09-04, 01:32 PM
  Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا farda04-09-04, 01:39 PM
    Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا nadus200004-10-04, 03:25 PM
    Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا خالد فضل06-21-04, 05:31 AM
  Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا Abu Mariam04-09-04, 01:54 PM
    Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا abdelrahim abayazid04-09-04, 02:48 PM
    Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا Mandela04-09-04, 11:43 PM
  Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا Nada Amin04-09-04, 02:51 PM
    Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا بارعة04-09-04, 03:43 PM
      Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا Dr.Elnour Hamad04-09-04, 08:04 PM
  Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا osama elkhawad04-09-04, 08:26 PM
    Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا mustafa mudathir04-09-04, 08:59 PM
    Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا Kostawi04-09-04, 09:54 PM
      Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا Haydar Badawi Sadig04-09-04, 10:54 PM
  Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا Omer Abdalla04-09-04, 10:31 PM
    Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا معتصم دفع الله04-09-04, 10:46 PM
  Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا Faisal Salih04-10-04, 01:03 AM
    Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا بكرى ابوبكر04-10-04, 01:30 AM
    Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا Ahmed Elmardi04-10-04, 04:11 AM
  Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا Mamoun Zain04-10-04, 02:59 AM
  Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا Bashasha04-10-04, 03:54 AM
  Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا عبد الله بولا04-10-04, 04:06 AM
    Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا bayan04-10-04, 04:41 AM
    Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا Sidgi Kaballo04-10-04, 04:52 AM
  Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا hala guta04-10-04, 04:33 AM
  Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا osama elkhawad04-10-04, 04:58 AM
    Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا Dr.Elnour Hamad04-10-04, 10:05 AM
  Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا السمندل04-10-04, 11:49 AM
  Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا Ibrahim Algrefwi04-10-04, 04:47 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de