جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان..

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 09:19 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة الراحل المقيم الطيب صالح
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-18-2004, 01:47 PM

bayan
<abayan
تاريخ التسجيل: 06-13-2003
مجموع المشاركات: 15417

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. (Re: Yasir Elsharif)





    مقدمة

    تتداخل في معنى الزواج قضايا متعددة تمثل أمورا أساسية في صلة الأنا بالآخر، على مستوى الحب أو مستوى الجنس. الأدب الذي يتحرك الطيب صالح من خلاله هو أدب له رؤيته لمعنى الجنس و الحب.
    ان الرؤية الدينية في الأساس تنطلق من عاطفة الحب، و هى ذات العاطفة التي تكتمل بها رؤيتنا للآخر. لكن للجنس دورا آخر هو تفريغ هذه الصلة من معنى العبودية إلى معنى الاستعباد، فالوله الذي يجده المحب يتحول في صلة الجنس إلى معنى للقهر والامتلاك. فكلاهما: الجنس والحب، معانى فيها من التطرف و الغلو الذي يجعل المحل الذي يشغله أى منهما عاجز عن احتمال أكثر من وجود في داخله، لذلك إما أن ينفى الآخر ـ في حالة الجنس ـ أو يفنى هو في ذات المحب، في حالة العشق.
    حاول الطيب صالح التعبير عن هذه المعانى من خلال فهم فرويدى للجنس، و فهم وجودى صوفى للحب. كل ذلك عبر عنه في مؤسسة في غاية الحساسية و التعقيد في ظل الثقافة العربية و الإسلامية، تلك هى مؤسسة الــزواج.
    نختار ـ من بين نماذج العرس التي ظهرت في أدب الطيب صالح ـ عرس الزين و نعمة بيت حاج ابراهيم، و عرس عشا البايتات و بنت الناظر، ليمثلا معا وجها من مؤسسة الزواج، و زواج مصطفى سعيد من جين موريس، وود الريس من حسنة بنت محمود لتمثيل وجه آخر لتلك المؤسسة، ثم زواج بلال من حواء بنت العريبى كوجه ثالث لنفس المؤسسة.
    كان حدث العرس (عرس الزين / عرس عشا البايتات) عند كليهما قبولا و تتويجا لهما في السياق الاجتماعى الذي عمل ردحا من الزمان على تجاهل المساحة الاجتماعية التي يحتلها أى منهما. لم يأخذ الناس الزين وكلامه مأخذ الجد، و انما هو مهرج يصلح فقط لإضحاك الآخرين واكتشاف الجمال في القرية والترويج له، لكن أن يكون له الحق في ان يُستمع إلى صوته كما يستمع لأقرانه فذاك امر بعيد المنال ولا يسعه الخيال الاجتماعى في القرية. كذا الحال بالنسبة لعشا البايتات، فهو على هامش الحياة يكد و يكدح طوال يومه، لكن لا أحد يعترف بوجوده الاجتماعى، خاصة اذا أراد أن يكون صهرا للناظر، الذي يمثل جزءا من ارستقراطية ود حامد، والتى بالطبع لا تحفل بوجود عشا البايتات الا اذا كان مؤديا لها فروض الولاء و رافعا عنها عنت و مشقة الحياة في ود حامد، أما كونه انسانا له مطالب و أشواق مثلما لبقية أهل ود حامد فذاك أمر لا يصبر عليه.
    كلاهما ـ الناظر وامام الجامع ـ يمثلان ذلك الوجود الاجتماعى الذي لا يرى في الآخرين الا درجات تستخدم ليرتفى بها إلى المجد. و أراد الطيب صالح بزواج الزين و عشا البايتات أن يبين ضعف تلك الاسطورة الاجتماعية، وانها ما نشأت الا بحبل من الناس، وان كليهما ـ الناظر والامام ـ أضعف في ميزان الحق في مواجهة القيم الانسانية التي يمثلها الزين و عشا البايتات. لم يكن أحد يتصور أن يفضل الزين على الناظر أو امام الجامع، و ان يكون الاعتراف الاجتماعى بالزين برغم أنف الناظر و امام الجامع. و ما من أحد يصدق أن الناظر سيرضخ ويكون البوابة التي من خلالها يدخل عشا البايتات إلى آفاق المجد الاجتماعى، و أن يكون أول من يعترف بوجود عشا البايتات اجتماعيا في ود حامد هو الناظر الذي سيصير عشا البايتات صهرا له.
    أما زواج مصطفى سعيد من جين موريس، وزواج ود الريس من حسنة بنت محمود فذلك يمثل معنى آخر للزواج، فيه تتجلى علاقات الصراع والقهر و محاولات استخدام الجنس للتعبير عن تلك المعانى، فيقع العنف و العنف المضاد في محاولة يائسة لامتلاك الآخر، هذه الأنانية الفائقة تستخدم رموز التراث و الصراع بين الشمال والجنوب أو المستعمِـر و المستعمَـرلاضفاء معانى وقيم نبيلة على ذلك الصراع لتبرير تلك الوحشية وذلك الاصرار.
    فمصطفى سعيد ما جره للزواج من جين موريس الا فشله و انكساره تجاهها: هى ذلك الوجه القبيح له، هى تلك النقاط المظلمة فيه، هى الرغبة المقيتة في قهر الآخر. لكن حين يعى ذلك الآخر بتلك الرغبة أو يكون هو تجسيدا لتلك الرغبة، حينئذ لن تنفع أى محاولة للخداع، و تكون مؤسسة الزوجية أخطر العلاقات التي يمكن أن يعبر فيها عن ذلك الصراع الدفين. صراع ليس فيه ضحية و معتدى، فالضحية مشارك في فعل الصراع ومثير للعدوان. و يتكرر هذا الأمر مرة أخرى في زواج ود الريس من حسنة بنت محمود، فود الريس قد حركه ذلك الشبق الغالب في احتواء الآخر، لكنه أفصح عنه بأنه: يريد الزواج من أرملة مصطفى سعيد، فهذا أمر تقبله تقاليد القرية و أعرافها، فهو ما طلب معصية ولا خروجا عن تلك التقاليد، بل يُرى النبل في فعلته تلك، ويُرى سوء الأدب في رده على أعقابه. لكن حسنة بنت محمود كانت تريد شيئا آخر لأنها رأت في طلب ود الريس ذلك الوجه القبيح من طلبه. هذا الصراع بلاشك لا تحتمله مؤسسة الزواج. فود الريس قد رأى انكساره و فشله في قهر الآخر في عينى حسنة بنت محمود، رأى ذلك مجسدا في رفضها له، وقد رأت فيه معانى قهر الآخر عن طريق استخدام أنبل القيم، كلاهما ضحية و قاتل، و الجنس هو المخرج للتعبير عن هذا السقوط الاسطورى.
    مصطفى سعيد رأى في زواجه من جين موريس خاتمة لغزواته الجنسية ضد الشمال، رأى في ذلك تتويجا خادعا لانتصاراته على الغرب. لكن ذلك الأمر لم يدم طويلا فسرعان ما اكتشف أكذوبة ما يمثله و أكذوبة ما يتعلل به في البقاء في ساحة المواجهة مع الغرب، فلا هى تمثل الشمال و لا هو يمثل الجنوب، كلاهما جنون شبق لتحطيم الآخر. كلاهما يسعى لصيغة قانونية لتبرير انحطاطه.
    أما ود الريس فقد عبر بلسان ذلق عن غزواته الجنسية شرقا و غربا و جنوبا و شمالا. و جمع بين أصناف النساء باسم مؤسسة الزوجية كان يبحث عن معنى قهر الآخر و اكتشاف الآخر لذلك القهر، لكنه لم يرَ ذلك الأمر في كل زيجاته على تعددها و اختلافها. فهو برغم تعوده على أفخاذ النساء الا ان بغيته كانت شيئا آخر، كانت حلما مريضا في قهر الآخر والتلذذ باكتشاف الآخر لذلك المعنى. كانت حسنة بنت محمود أقدر الناس على الوعى باختلال هذه العلاقة و بالبعد الدموى الذي تحتويه، كانت ضحية لعدوان ود الريس، ومثيرة لذلك العدوان بخروجها على أعراف و تقاليد القرية المرعية. و صارت مؤسسة الزوجية ساحة للصراع بين الماضى و الحاضر، و محلا لتوجيه ذلك العنف الاسطورى ضد الآخر.
    أما زواج بلال من حواء بنت العريبى فذلك معنى آخر لصلة الأنا بالآخر، فهى صلة من لا همة له بالنساء لانشغاله بحاله عمن سواه، ولا يقدر على لفت نظره إلى الحكمة من الشهوة الا من تجلت في نفسه لطائف القدرة الإلهية وصفاء الحكمة في جعل الصلة بالآخر مودة وسكنا، لا يُلزم النفس بالوقوع في حرب مفتعلة بين العشق و التوحيد، فان إرادة المحب تتجه بكليتها إلى الحبيب الأول، لكنها تطيعه في الانصياع لمحاسن الفطرة من التزوج دون الوقوع في آفة الزواج وهى الانشغال عن الحبيب الأول، والا يكون الزواج آلة للشيطان ومطية لتغير الوجهة، وانما هو أمر جُـعل حتى يفرغ القلب لما هو أهل له وهو كمال الذكر و دفع غائلة الشهوة و العنت بالترغيب في النكاح. تلك معانى دارت في خلد بلال حينما قبل الزواج بحواء بنت العريبى، بعد توجيه شيخه له على سبيل المقارنة بين حبها له و حبه لله، حتى يتضح معنى الحب في ذهنه، وتلك القيم وعتها حواء بنت العريبى بسبب خبرتها بعاطفة الحب الخلاق من خلال طول اختبارها لأنواع الرجال واحوال نزواتهم. فهى أفضل من وعى موقع الآخر في الحب، و كانت أقدر الناس في منح الحب لمن يلونها من ذوى المودة والسكن. لقد اختار الطيب صالح ذلك النموذج الغريب للتعبير عن هذه الصلة الفائقة لمؤسسة الزوجية التي لا تشغل الانسان عن قيمته الوجودية.
    أما زواج مريوم من مريود، فهو ذلك الاتصال بالآخر الذي لا ينفيه ولا يثبته و لا يتصل به و لا ينفصل عنه، هو ذلك التحقق الاسطورى لمعنى التوحد بالمتجذر دون فقدان الرغبة في المطلق، لأن المتجذر ليس الا معنى من معانى المطلق، لذلك تصير الصلة به وهم لا يتحقق في عالم الكون و الفساد، فهو قيمة تعبر عن معنى الزواج المطلق.
    من خلال هذه النماذج الثلاث حاول الطيب صالح التعبير عن مفاهيم الحب والجنس في الاجتماع البشرى المعاصرفى ضوء الحضارة العربية الإسلامية. فمؤسسة الزواج عنده أو " باب النكاح " عند الفقهاء تكتنفه أكثر الصيغ القانونية تفصيلا، لكن في ذات الوقت تنبه الآيات القرآنية و الأحاديث النبوية وسير الصالحين على أهمية المعروف والاحسان لضمان نجاح المؤسسة في تحقيق أغراضها، و الناظر في " باب النكاح " عند الفقهاء يراع كثيرا حينما يجد أن من معانى عقد النكاح أنه نوع من الرق، حتى أن كتب التصوف لم تخلُ من هذا المعنى: (و القول الشافى فيه ان النكاح نوع رق. فهى رقيقة له. فعليها طاعة الزوج مطلقا في كل ما طلب منها في نفسها، مما لا معصية فيه.) (احياء علوم الدين: ج4ـ6، 164). فدخولها طائعة مختارة لعلاقة السيد / العبد يقلب ميزان تلك العلاقة و يحررها من كل سلبياتها لتصير علاقة فيها من المعروف و الاحسان ما لا تستطيع أى علاقة أخرى في صلة الأنا بالآخر التعبير عنه.
    تمتاز الحضارة العربية الإسلامية بالواقعية في معالجتها لقضية الجنس، فالفقهاء و المتصوفة و المؤرخون لم يدخروا وسعا في التعبير عن هذا النشاط الانسانى دون ربطه بالخطيئة الأولى كما في اللاهوت المسيحى، او الاسفاف و الذهاب إلى تشويه سير الأنبياء و الصالحين كما في الكتب المقدسة عند اليهود. هذه الواقعية و الوضوح تجدها في كتب السيرة و السنة و الفقه و الأخلاق و التصوف. ولعل أطرف ما يمكن الاستدلال به ما ذكره الغزالى: " وقال فياض بن نجيح: اذا قام ذكر الرجل ذهب ثلثا عقله، و بعضهم يقول ذهب ثلث دينه. وفى نوادر التفسير عن ابن عباس رضى الله عنهما: (ومن شر غاسق اذا وقب) قال: قيام الذكر. و هذه بلية غالبة، و اذا هاجت لا يقاومها عقل ولا دين. " (الاحياء: ج4ـ6، 109)، وقد ذكر الامام الغزالى هذا في مجال الترغيب في الزواج و الحض عليه.
    لقد استخدم الطيب صالح كل هذا التراث للتعبير عن مفاهيم الحب و الجنس و تشكلاتها في ظل الحضارة العربية الإسلامية المعاصرة. بالرغم من أن الطيب صالح قد أكد على استخدامه الجنس في رواياته بالمعنى الفرويدى الذي عبر عنه فانون في فهمة لظاهرة الاستعمار الا انا نجد ذلك الحضور للتراث العربى الإسلامى في رواياته، و ربما ذهب إلى تلك الدعوى العريضة لينفى عن نفسه تهمة استخدام الجنس بغرض الاثارة الرخيصة، لكن على أية حال يظل السؤال الأساسى هو هل من الممكن التعبير عن الجنس باعتباره واحدا من أوجه النشاط الانسانى في الأدب؟ كما عبر عنه الفقهاء والمؤرخون و أصحاب السير و السنن دون مواربة أم أن هناك موانع وضوابط حضارية ؟ و إلى أى مدى يمكن اعتبار تلك الموانع بأنها من باب لزوم ما لا يلزم؟ و هل يصلح الفقه لفهم الأدب أم اننا نحتاج إلى فقه جديد لفهم مآلات التدين في الأدب؟ و كيف يمكن الوعى بتلك المقتضيات لانتاج أدب يرتفع لمستوى الوعى الحضارى، و يعبر عن أشواق الانسان وتشوفاته؟ هل من الممكن ان نستدعى عوالم "ألف ليلة و ليلة" في التعبير عن موقع الجنس في الأدب، و نتجاوزها إلى آفاق أرحب و أنضج دون أن نتهم بالوقوع في حمأة الاستعباد للرغبات الرخيصة أو التبشير بقيم اخراج الناس من عبودية الله إلى عبودية شهواتهم؟
    كل هذه الاسئلة تعيننا على فهم معانى الحب و الجنس كما طرحها الطيب صالح في رواياته: هى أسئلة لا يسعنا أن نصدر فتوى بشأنها، لكن يسعنا أن نفهم الأسباب التي جعلتنا نطرحها بهذه الكيفية، حتى تعيننا على فهم التشكل الذي آلت اليه الحضارة العربية الإسلامية المعاصرة، و حينما ينقدح الوعى بتلك الآفاق في أنفسنا نكون أقدر على اصدار الفتاوى بشأنها، لكن لما يقع ذلك الأمر سنحتاج لأن نتعلم الكثير لفهم تشكلات الوعى الدينى المعاصر كما ينعكس في الأدب الذي يتيح لنا خبرة و دراية بقضايا تشكلات الشخصية المعاصرة والاجتماع البشرى الذي تتحرك فيه، حتى نمتلك فصل الخطاب.
    اذا هذه النماذج الثلاثة التي استخدمها الطيب صالح للتعبير عن مفاهيم الحب و الجنس في إطار مؤسسة الزوجية هى نماذج تسع كل امكانات التشكل المعاصر و تثير كثيرا من القضايا الحيوية حول معانى المعروف والاحسان على المستوى الأخلاقى و قضايا المودة و الرحمة و السكن، على المستوى النفسى. كيف يمكن أن تتحقق مقتضيات حفظ النوع الانسانى في ظل هذه النماذج الثلاثة؟ و هل يصح القول بأن مؤسسة الزوجية قصد بها حفظ النوع و أن المآلات الحقيقة لمعانى الحب و الجنس هى تحقيق ذلك المقصد؟ ام أننا نواجه بمسائل تقتضى وسائل و مناهج جديدة لفهم هذه المعانى في ظل هذه التشكلات الجديدة؟ بالطبع فهذه ليست دعوة لمراجعة كل شئ، وانما دعوة لفهم أصول هذه القضايا لفهم واحدة من أهم المؤسسات الاجتماعية التي أخرجتها الحضارة العربية الإسلامية، و قام الفقهاء بتعميق هذا الوعى عن طريق الأدب الثر و التراث الفقهى الذي يعكس تجارب اجتماعية عميقة في تدبر آيات النفس و الآفاق و الاجتماع البشرى. لكننا ازاء واقع مختلف أفصح عن بعض قضاياه من خلال تلك النماذج الثلاثة، فلذلك نحن أحوج ما نكون إلى تدبر لآيات النفس و الآفاق و الاجتماع البشرى، لفهم ومعالجة قضايا ذلك الأمر.
    الوصف الذي طرحه الطيب صالح لمؤسسة الزواج في الحضارة العربية الإسلامية من خلال هذه النماذج الثلاثة معبرا عن وعى معين بمفاهيم المعروف والاحسان و المودة والرحمة و السكن و قضايا الحب و الجنس ـ من خلال تلك المؤسسة الاجتماعية الهامة في الحضارة العربية الإسلامية ـ يثير كثيرا من المخاوف بل ينذر بأخطار تهدد تلك المؤسسة، حيث ان الخيال الاجتماعى الدينى قد حدثت فيه تغيرات خطيرة على مستوى فهم قضايا مؤسسة الزواج، وربما جعلنا ذلك نقول بأن كثيرا من قضايا مؤسسة الزواج التي تبنتها الحركة الإسلامية المعاصرة وليدة التحرشات الفكرية التي أصدرتها مؤسسة الاستشراق، و صارت مسألة المرأة في الإسلام هى في الغالب الأعم ردا على تلك التحرشات أو محاولة للخروج من مأزق التقاليد الدينية التي جعلت مؤسسة الأسرة أكثر المؤسسات قمعا و أضعفها في تحقيق معانى الحب و الجنس والمعروف والمودة و الرحمة و السكن، وهذا الأمر انعكس سلبا على الحركات الإسلامية و على وضع المرأة و إسهامها.
    لا شك في أن التحليل الذي قدمناه فيه كثير من التعميم، لكنه ليس تعميما
    مخلا، وواحدة من نقاط القوة فيه أنه يتخذ صور التشكل الاجتماعى المعاصر للحضارة العربية الإسلامية ـ كما انعكست في الأدب ـ مادة للتحليل و يشير إلى أهمية هذا المصدر في فهم القضايا المثارة بصورة أكثر واقعية والدعوة إلى عدم الانعزال في التراث او الركون إلى الرد على التحرشات الفكرية الغريبة، و انما التعويل على فهم منطق التطور الداخلى لمؤسسة الأسرة أو لقضايا الحب و الجنس في الحضارة العربية الإسلامية.

    2. عرس الزين/ عرس عشا البايتات
    لقد ربط الطيب صالح بين عرسيّ الزين وعشا البايتات برباط وثيق في بناء روايتي عرس الزين وبندر شاه (ضو البيت). صحيح أنه أشار إلى عرس عشا البايتات في رواية عرس الزين لتسويغ أمر وقوع عرس الزين "... لكن عبد الصمد ضاق ذرعاً بطلاوة لسان شيخ علي، فقاطعه بشيء من الحدة قائلاً: (أنت رايح بعيد ليه كثير عزة وقبيلة الابراهيمات؟ عند سعيد البوم.. ماك طاري حكاية عرسه). (عرس الزين: 94) لكن يبدوا لأول وهلة أنه لا يمكن إعتبار عرس سعيد الذي أشير إليه في رواية عرس الزين هو ذات العرس الذي أشار إليه الطيب صالح في رواية ضو البيت لجملة أسباب أهمها أنه في رواية عرس الزين أشير إلى أن عرس سعيد البوم قد وقع قبل عرس الزين وثانيهما أن الناظر في رواية عرس الزين قد شهد عرس سعيد وكان ذلك مفخرة يفاخر بها سعيد. بل أن عرس سعيد في رواية عرس الزين كان أمراً طيباً يخفف على الناظر صدمة وقع عرس الزين عليه إذ أنه قد خطب نعمة بنت حاج إبراهيم ولكنه رُدّ بصورة أحس فيها الناظر بإهانة بالغة "دخل الناظر في الموضوع وبسرعة طلب يد نعمة من أبيها. لم يفهم حاج إبراهيم شيئاً أول الأمر، أو لعله تغابى...” (عرس الزين: 92) ثم يمضي الحوار بين الناظر ووالد نعمة إلى نهايات جرّدت الناظر من كبريائه الزائف، صحيح أن والد نعمة لم يهن الناظر بكلامه لكن الناظر قد فهم لأول مرة موقعه الحقيقي في نظام القرية الاجتماعي وهو أنه ليس في استطاعته أن ينال كل شيء بسبب تربعه على قمة النظام الاجتماعي في القرية. والذي حزّ في نفسه أكثر هو كونها ستزف للزين “لكن الناظر في قرارة نفسه، على الرغم من اقتناعه بخطئه، لم يستطع أن يتخلص من الطعم المر في حلقه. ولما سمع بأنها ستزف للزين دون سائر الناس أحس الخنجر ينغرس أكثر في قلبه.” (عرس الزين: 92).
    أما في رواية ضو البيت فنجد أن عرس الزين كان سابقاً لعرس سعيد عشا البايتات "على الحرام أخوك عرس عرساً خلى الناس تنسى عرس الزين" (ضو البيت: 26) ثم يستطرد عشا البايتات في مكان آخر مقارنا بين عرسه وعرس الزين “عرس الزين بقى جنبه زي الطهورة” (ضو البيت: 32) والأمر الآخر هو أن سعيد عشا البايتات قد تزوج بنت الناظر بصورة فيها كثير من الإذلال الإجتماعي للناظر. “عرس الزين كان أعجوبة. أما أن سعيد البوم يصبح صهراً للناظر بجلالة قدره، فهذه هي المعجزة" (ضو البيت: 26) فقد كان رد الناظر على سعيد حينما طلب يد إبنته أن قال "... أنت سعيد الوسخان العفنان تتزوج بنتي أنا؟” (ضو البيت: 30) لكن سعيد البوم لم يكن غشيماً لا يعرف مآلات كلامه فقد أعد العدة لهذه اللحظة كان الناظر يستغله طوال تلك السنوات دون أن يدري ما أعد سعيد له لم يكن يعرف بأنه سيكون البوابة التي من خلالها سيحقق سعيد مجده الاجتماعي ليصير بدلاً من سعيد البوم سعيد عشا البايتات، بل أنه بعد ذلك قد صيّر الناظر طوع بنانه يحركه حيث يشاء كما قال عشا البياتات "الناظر بقي في أيدي زي العجين. أقول له يمين يقول يمين أقول شمال يقول شمال.. (ضو البيت: 32) بل أن سعيد عشا البايتات قد تجاوز أمر كونه صهراً للناظر إلى أفق اجتماعي أرحب من ذلك "فقال باختصار: "ناظر شنو؟ أنا فاضي في الناظر ولا حتى في العمدة أنا عندي القروش ـ على الحرام في اليوم العلينا إن درت بنت العمدة آخدها" (ضو البيت: 33) لقد صار المال هو الذي يحدد مساحة الوجود الاجتماعي في القرية في نظر سعيد عشا البايتات لعلّ الفرق بين سعيد والزين هو أن عرس الزين جاء تحقيقاً لنبؤة الحنين وقبله الناس ضمن قبولهم لكل ما حدث في عام البركة من أحداث تحيّر العقول أما عرس سعيد عشا البايتات من بنت الناظر فقد جاء تتويجا لمكر بالغ الإحكام من قبل سعيد تجاه الناظر فهو يمثل مكر الضعفاء قبالة غفلة الأقوياء. وكيف أن لعبة القوة والضعف متغيّرة و لا تستقر على حال. صحيح أن الزين وعشا البياتات قد احتلا مكانهما الاجتماعي الجديد بعد حدث العرس لكن الزين قد تحدد موضعه الجديد ضمن نسق الأشياء والأحياء في ود حامد بينما عشا البياتات شارك في إحداث زلزال في ود حامد أفضى إلى خلق نظام جديد.
    كان سعيد في رواية عرس الزين يحلم ببنت الناظر ولم يكن نسق الرواية يسع ذلك الحلم بسبب طغيان مغزى التصالح على الصراع والتغير ولما كانت رواية ضو البيت قد وسعت ذلك المعنى فقد بدا سعيد البوم فيها سعيد عشا البايتات فقد اشترى اللقب الجديد بماله كما اشترى أن يكون صهرا للناظر بماله ومكره ورغم تنكره لمجموعة محجوب وانحيازه إلى صف أولاد بكرى إلا أن مجموعة محجوب لم تر في ذلك من بأس ربما بسبب هامشية مكر عشا البايتات. وربما ـ كذلك ـ بسبب هامشيته في معسكر محجوب فهذه الهامشية المزدوجة هي التي جعلت محجوب يستنكف على الرد على دعاوى أولاد بكرى في ذلك الاجتماع المشهود تحت شجرة السيال حينما وقف عشا البايتات منتقدا محجوب وجماعته.
    لأمر ما أراد الطيب صالح الربط بين عرس الزين وعرس عشا البايتات في روايتي عرس الزين وضو البيت ولشأن آخر جعل عرس سعيد سابقا لعرس الزين في رواية عرس الزين وعرس الزين سابقا لعرس سعيد في رواية ضو البيت. وفي كليهما يكون العرس السابق مسوغا للعرس اللاحق ويكون العرس اللاحق أروع وأجل من سابقه. يبدو أن عرس سعيد في رواية عرس الزين لم يكن ذات العرس الذي تحدثت عنه رواية ضو البيت بسبب اختلاف المرأة واختلاف موقع الناظر من ذلك العرس. وأهم من ذلك كله هو بقاء سعيد على لقب سعيد البوم وظل يحلم ببنت الناظر حلما بعيد المنال.
    لعل الطيب صالح رأى في عرس الزين مثالية عبرت عن قيم مجتمع في طريقه إلى الزوال، زواج الزين من نعمة لم يكن أمرا غريبا فهي إبنة عمه، والشيخ الحنين مهد لذلك الأمر بقوله"باكر تعرس أحسن بت في البلد دي" (عرس الزين: 67) ونبوءات الشيخ الحنين لاتكذب. ونعمة نفسها كانت مؤهلة لذلك الأمر الغريب وتسعى لأن تنال شرف تضحية عظيمة، رغم أنها كانت رائعة الجمال وجليلة النسب وتمناها خيرة الشباب وبادروا لطلب يدها وراودت أحلام الشيب إلا أنها اختارت الزين. لم يكن في الزين شيئا يمكنه أن تتمناه أنثى في سنها ولم يصرح النص بأيِّ جاذبية جنسية بينهما بل على العكس من ذلك فهي قد أحبت فيه أمراً يتعلق بتحقيق معنى التضحية فهو ـ فقط ـ محل لتلك التضحية العظيمة التي كانت تتشوف إليها. لكن عرس سعيد عشا البايتات في رواية ضو البيت كان أكثر واقعية في التعبير عن قيم المجتمع الجديد المال والمكر يمثلان الأساس في قوانين النظام الجديد، فحينما اتصل سعيد بالقوى الماورائية بعد آذان الفجر في ذلك اليوم المشهود في رواية ضو البيت لم يوعد بالزواج من أحسن امرأة في البلد كما وعد الزين من قبل في تلك الليلة المشهودة وإنما أعطى كنزا من المال. لقد حقق سعيد حلمه في أن ينال بنت الناظر وينتمي لطبقتها ثم يتجاوز كل ذلك إلى أفق اجتماعي أرحب بسبب مكره وحسن تدبيره وسرعة تغييره لولاءاته الاجتماعية.
    كل هذه المعاني وسعتها رواية ضو البيت ولم يكن ذلك ممكنا في رواية عرس الزين، لكن رغم كل ذلك يظل سعيد عشا البايتات صورة أكثر واقعية للزين وتظل معاني الجنس ومؤسسة الأسرة التي يسعى أيِّ منهما لتحقيقها هي ذات المؤسسة التقليدية كما سنبين هذا الأمر لاحقا. إذن فالربط الذي أراده الطيب الصالح لعرس الزين وسعيد عشا البايتات ربطاً فيه محاولة لفهم مآلات معني الجنس والحب في إطار مؤسسة الأسرة كما فهمها الزين وسعيد عشا البايتات وكيف أن هذه المؤسسة هي جزء من كل اجتماعي يُعبر فيها عن قيم قبول الآخر المشوه خلقياً أو اجتماعياً ضمن غنائية وطقوس اجتماعية بالغة في التعقيد من خلالها يعبر عن معنى الجنس بلسان زلق في إطار مؤسسة الأسرة. بعد هذه المقدمة المطولة لنحاول التعرف على تراتيب القبول الاجتماعي والغنائية والطقوس الاجتماعية التي اتخذت للتعبير عن عرسي الزين وعرس سعيد عشا البايتات. ولنبدأ بعرس الزين ـ لاشك أن الزين كان خبيرا بمعرفة الجمال وكان يطرب للجمال ويستبد به فيصرح بذلك خلافا لتقاليد القرية وأعرافها. و الأهم من كل ذلك كانت القرية تشهد له سلامة ذوقه، كل ذلك والزين وما هو عليه من قبح ينسيك معنى القبح: فهذه المفارقة الطريفة المتمثلة في رهافة الحس والانصياع إلى الجمال قبالة القبح المبالغ فيه لدى الزين جعلت منه مجرد مكتشف لقيم الجمال في مجتمع تقليدي محافظ مثل مجتمع ود حامد لا يخشى من الزين على سمعة من يتشبب بها الزين وإنما يكون ذلك بمثابة إعلان عنها حتى ينتبه الناس إلى من تشبب بها الزين ويكثر خُطّابها وسرعان ما تزف لأحدهم، تلك كانت وظيفة الزين منذ أول مرة عرف فيها الحب " قتل الحب الزين أول مرة وهو حدث لم يبلغ مبلغ الرجال، كان في الثالثة عشرة أو الرابعة عشرة نحيلا هزيلا كأنه عود يابس" (عرس الزين: 25) ذلك القبح الظاهري الذي في الزين كان يغلف قلبا نابضا بمعاني إنسانية فائقة تجلت في صلاته الاجتماعية المختلفة وتجلت كذلك في قدرته على اكتشاف الجمال "ومهما قال الناس عن الزين فإنهم يعترفون بسلامة ذوقه، فهو لا يحب إلا أروع فتيات البلد جمالا وأحسنهن أدبا وأحلاهن كلاما" (عرس الزين: 25) تلك إذاً كانت مقاييس الجمال عند الزين والتي أسهمت بقدر وافر في تشكيل معنى الجمال لدى أهل القرية، لاشك أن هذا الآخر فيه مفارقة طريفة وهو أن الزين من دون سائر أهل القرية تثق القرية في فهمه لمعاني الجمال ويكون شباب القرية تبعاً له فأينما حطّ رحاله تسارعوا لخطبة تلك التي صاح الزين بحبها. صحيح أن الأمر لم يكن سهلا على القرية في أول أمرها خاصة وأن التي صاح بحبها الزين لأول مرة هي عزة بنت العمدة "كانت عزة إبنة العمدة في الخامسة عشرة من عمرها وقد تفتح جمالها فجأة كما تنتعش النخلة الصبية حين يأتيها الماء بعد الظمأ" (عرس الزين: 25) ثم يستفيض الطيب صالح في وصف جمالها والأهم من كل ذلك هوأن الزين هو الذي اكتشف ذلك الجمال الذي تفتح فجأة كأن عين الزين ذلك الرقيب الجمالي الذي لا يفوته شأن من شؤون تقلبات الجمال وتصاريفه في القرية " كان الزين أول من نبه شبان البلد إلى جمال عزة"(عرس الزين: 26)
    وكذلك فإن القرية لم تحتمل طريقة الزين في الإعلان عن حبه لأول مرة لكنها تصالحت مع هذا الأمر فيما بعد " ارتفع صوته المبحوح الحاد، كما يرتفع صوت الديك عند طلوع الفجر "...الزين مكتول في حوش العمدة" "(عرس الزين: 26) لعل الغضب الذي نشأ بسبب تشبب الزين ببنت العمدة كان بسبب التقاليد التي تمنع الناس من التصريح بعاطفة الحب علناً لكن الزين لم يكن يأبه لتلك التقاليد كان صادقا مع ما يحس به لم يكن من طبعه إخفاء هذه العاطفة النبيلة كان ذلك هو الفرق بينه وبين أهل القرية "فوجئ الناس بتلك الجرأة، والتفت العمدة ناحية الزين وقد تحرك غضب غريزي في صدره" (عرس الزين: 26) لم يكن من طبع الزين أن يكبت هذا النداء الطبيعي والفطري فيه تجاه الجمال ولم تكن البادية السودانية ـ مثلا في ذلك مثل البادية العربية عبر البحر الأحمر ـ تقبل هذا الإعلان عن الحب. كان لابد أن يجد الناس مبرراً لقبول هذا الصدق العاطفي دون التخلي عن تقاليد القرية المرعية "وفجأة كأنما الناس كلهم، في آن واحد، أدركوا التباين المضحك بين هيأة الزين، وهو واقف هنالك كأنه جلد معزة جاف، وبين عزة بنت العمدة، فانفجروا ضاحكين كلهم في آن واحد" (عرس الزين: 26) وبسبب ذلك مات الغضب في صدر العمدة ولم ير بأسا في ما قاله الزين بل حاول استغلال هذه العاطفة لدى الزين وسخّره لأداء الكثير من الأعمال الشاقة، وأدى الزين كل ذلك بصبر وجد بسبب وعد العمدة له " الزين... إن بقيت اشتغلت شديد الليله، نعرس لك عزة" (عرس الزين: 26) ومضى شهر إلى هذا الأمر والزين يؤدي ما عليه دون أن يعي بأن العمدة قد وعده بالزواج من إبنته مستخفا به ومحاولا تجاوز الحرج الذي وقع فيه تشبيب الزين بإبنته، فلئن ضحك الناس "فجأة" بسبب المفارقة بين حال الزين وبنت العمدة وكان ذلك مسوغ لقبول جرأة الزين وتطمين النفس بأن أعراف القرية لم تتجاوز بأي حال من الأحوال لأن الذي صدر منه ذلك الأمر هو الزين لقد أنقذه قبحه المفرط قبالة جمال عزة الصاعق الذي اكتشف "فجأة" بواسطة الزين والذي جعل الناس يدركون "فجأة" تلك المفارقة العجيبة بين الزين وعزة بنت العمدة وتحول الأمر كله إلى ضحك وضحك العمدة أيضا ولكنه لم ينسى أن يمارس سلطة الاستغلال التي يمثلها ليحوّل عاطفة الزين الصادقة التي لم يستطع أن يخونها بل عبّر عنها بمسئولية بالغة وظل عند موققه إزاء عزة باذلاً كل طاقته لأن ينال الوصل منها " كنت ترى الزين العاشق يحمل جوز الماء على ظهره في عز الظهر... يسقي جنينة العمدة " (عرس الزين: 27) وإذا ماضحكت له عزة ـ ربما ـ مرة في الأسبوع لا تكاد الدنيا تسعه من الفرح، ذلك موقف عاشق صادق صابر إزاء محبه لكن الأمر الغريب هو أنه بعد مضي شهر خطبت البنت لإبن خالها والذي له وضع اجتماعي راق " لم يثر الزين ولم يقل شيئا. ولكنه بدأ قصة جديدة" (عرس الزين: 27) إذاً لقد صدق ظن أهل القرية حينما ضحكوا من الزين حينما صاح بأنه "مكتول في حوش العمدة" كأن الزين قد فهم بفطرته معنى تلك الضحكة الجماعية وكيف أن العمدة نفسه قد تبدد غضبه حال سماعه لذلك الضحك الجماعي من أهل القرية وشاركهم في الضحك أيضا بل سعى لأكثر من ذلك بأن تبنى مشروع أن يَعِدْ الزين بالزواج من إبنته إن هو اجتهد في العمل على تنفيذ مطالبه حينما صاح الزين بأنه "مكتول في حوش العمدة" كان يُعبّر عن عاطفة حب خلاق صيرته قتيلا. لذلك لم يكن يعنى ذلك أكثر من كونه قتيل تلك الدار وصريع عزة بنت العمدة، وكما بيّنا من قبل في شأن سوسيولوجيا الضحك في شخصية الزين حال حديثنا عن ميلاده، نرى ـ مرة أخرى ـ يلعب الضحك دوراً اجتماعياً بالغ الأهمية، فعن طريق الضحك استطاعت ودحامد أن تقبل جرأة الزين وتجعل منها فعلاً تقبله القرية، ولقد ذهب العمدة أكثر من ذلك حيث حوّل عاطفه الزين لأمر تسعه مؤسسة الزواج، فبادر بعرض اقتراح الزواج على الزين، ولقد فهم الجميع ـ ربما سوى الزين ـ بأن العمدة يسعى لاستغلاله ويجعله قتيل السخرة لا قتيل العشق. لا يمكننا القول: بأن أولى مغامرات الزين الغرامية كانت صدفة في بيت العمدة، فالعمدة يمثل قمة السلطة في ودحامد، والحب تمرد واستجابة عفوية، خاصة إن كان المحب من هو في مقام الزين، لقد استهدف الحب بيت العمدة وكان المخرج هو الضحك، ثم من بعد ذلك تأطير العمدة لذلك الأمر بأنه رغبة عادية من جانب الزين في الزواج من إبنته عزة، فرق بين أشواق الزين وصيحته العارمة بالعشق إزاء الجمال الذي تفتح "فجأة" في بيت العمدة وأرداه قتيلا وبين ضحك أهل ودحامد وضحك العمدة وتأطيره لذلك العشق الوهاج في إطار الزواج. كان يكفي الزين ـ حسب مقامه الاجتماعي ـ أن يكون قتيل بيت العمدة، أن يصرّح بعشقه أما أن يجد الوصل في إطار مؤسسة الزواج فذاك أمر لم يكن يسعه خيال الزين الاجتماعي فلذلك لم يطالب به وحينما زفت عزة لغيره لم يثر، يكفيه أن ينل العشق وحسب.
    المحطة الثانية لغراميات الزين كانت واحدة من فتيات البدو. فعرب القوز كما يسميهم سكان ودحامد يقيمون على أطراف النيل ويفدون إليه من ديار الكبابيش ودار حمر ومضارب الهواوير والمريصاب في كردفان حينما يضرب الجفاف تلك البقاع بعضهم يرجع على حافرته حيثما تنقشع سنى القحط والبعض الآخر ألف حياة الاستقرار لكنه يبقى على هامش ودحامد ويتجرون مع أهل ودحامد ويؤدون بعض الأعمال الهامشية "لايتزاوجون مع السكان الأصليين، فهم يعتبرون أنفسهم عرباً خلصاً وأهل البلد يعتبرونهم بدواً أجلافاً" (عرس الزين: 27ـ2 رغم ذلك فقد تخطى الزين ذلك الحاجز العرقي المتوهم " ولكن الزين كسر هذا الحاجز" (عرس الزين: 2 وفي أحد جولاته الجمالية التي يتطلع فيها بحثاً عن شيء ضاع منه " فحام حول البيوت كأنه يبحث عن شيء ضاع منه. وخرجت فتاة راع الزين جمالها فتسمر في مكانه" (عرس الزين: 2 حقاً ضاع منه ذلك العشق الذي فقد بزواج عزة بنت العمدة فمقام العشق يحتاج إلى محل يشغله فكانت تلك البدوية رائعة الحسن " فضحكت له وقالت تعبث به: "الزين بتعرسني؟" وتبكم برهة" (عرس الزين: 2 كيف أجاب الزين على السؤال فقد كونه أداة للاستفهام لقد" صاح بأعلى صوته "واكتلتي ياناس" (عرس الزين: 2 لعل الزين كان يعرف أنها لم تكن جادة في طلبها لكن مقام العشق أوقل مقام الزين كان أميناً مع نفسه لا يستطيع أن يخون هذا الحسن الصاعق والحديث الحلو وقال قولته بأنه قتيل لتلك الفتاة وكان يعرف ضراوة أولئك الأعراب وغيرتهم على نسائهم "وهب اخوان الفتاة على الزين، ففرّ منهم ولكن حليمه، حسناء القوز، أصبحت فيما بعد هوسا عنده لم يفارقه إلى أن تزوجت الفتاة” (عرس الزين: 2 مرة أخرى كان إعلان الزين عنها دافعا لأن يتقدم لخطبتها أثرياء البلد وشبانها المرموقين، اكتشف ذلك الجمال ودعا إليه الزين لكن استقر ذلك الحسن في سلك الطبقة المرموقة. يكفي الزين مرة أخرى مقام العشق فمقام الوصل لأصحاب الجاه الإجتماعي. فكأن مقام الجمال للجاه ومقام العشق للفقراء. فالجمال من جملة أسباب الصعود الاجتماعي وقتلاه هم الفقراء، لم يكن الزين يحس بتلك الحسرة ولايعذبه العشق الذي يورث الحرمان وإنما مقام الزين في العشق هو حالة صدق نفسي وأمانة يؤديها اتجاه الجمال لا يخونه ولايتردد في بذل ماعنده لقاء أداء تلك الأمانة. ربما يورث العشق الحسرة والحرمان لدى بقية الفقراء بسبب رغبتهم في تملكه لكن مقام الزين هو سعي للإعلان عنه. والبون شاسع بين أداء واجب الإعلان عن الجمال والسعي لامتلاكه، لقد أدرك الزين استحالة امتلاك الجمال فالمقام لايسع إلا أن يصعقك الجمال ويرديك قتيلاً له وليس لك من الأمر إلا الإعلان عن ذلك. تلك إذاً خلاصة مقام الزين في العشق.
    بعد هاتين التجربتين تحول الزين إلى رمز داخل مجتمع ودحامد. إلى رمز مهم في علاقات الزواج بالقرية، كأن القرية كانت في أمس الحاجة إلى ذلك الرمز الذي يؤدي وظيفة الإعلان عن الجمال والترغيب في النكاح " فقد فطنت أمهات البنات إلى خطورته، كبوق يدعين به لبناتهن. في مجتمع محافظ، تحجب فيه البنات عن الفتيان، أصبح الزين رسولا للحب" (عرس الزين: 31) تلك وظيفة أسطورية لم يكن ليؤديها في مجتمع ودحامد سوى الزين أن ينفعل قلبه بالجمال ويعلن عنه على الملأ وترهف الآذان له تم تمتد يد الخطاب إلى تلك التي انفعل الزين بجمالها وحين يقام العرس تجد الزين مسخرا لإكمال مراسيم العرس "... وكان الزين يخرج من كل قصة حب كما دخل، لا يبدو عليه تغيير ما" (عرس الزين: 31) هذا المركز الجديد أو قل الوظيفة الأسطورية في الإعلان عن الجمال وحمل رسائل الحب وانجاز مهام مابعد الحب في إطار مؤسسة الأسرة جعل نساء ودحامد يستدرجنه إلى البيوت وينصبن له مجالس الطعام والشراب ويشجعن بناتهن في المجيء وإلقاء التحية عليه والسعيدة منهن من يلهج الزين بذكرها فما تلبث أن تضمن لها زوجا. ويبدو أن الزين قد أحب هذه الوظيفة التي يحقق بها مقام العشق " ووفدت على الزين بسنوات خصب مفعمة بالحب... ولعل الزين بفطرة فيه، أدرك خطورة مركزه الجديد فأصبح يتدلل على أمهات البنات ويتردد قبل أن يجيب دعوة إحداهن للإفطار أو الغذاء" (عرس الزين: 32) لعلّ مقام الزين في العشق صار وظيفة بالغة الخطورة في ودحامد فهو المدخل للتراتيب الاجتماعية في ودحامد ويبدو الفرق واضحا بين أول مرة أعلن فيها الزين عن ذلك المقام في بيت العمدة وعن المآل الذي انتهى إليه، فقد أحب الزين هذه الوظيفة وقد دفعت نساء ودحامد بسخاء للزين لأداء تلك الوظيفةالخطره.
                  

العنوان الكاتب Date
جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان.. Yasir Elsharif06-17-04, 07:25 PM
  مصطفى سعيد.. فاطمة عبد الصادق، وحسنة بت محمود Yasir Elsharif06-17-04, 09:52 PM
  Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. Yasir Elsharif06-17-04, 11:19 PM
    Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. bayan06-18-04, 04:48 AM
      Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. Yasir Elsharif06-18-04, 07:01 AM
        Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. bayan06-18-04, 07:26 AM
          Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. aymen06-18-04, 12:07 PM
            Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. bayan06-18-04, 12:42 PM
              Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. Yasir Elsharif06-18-04, 01:26 PM
                Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. bayan06-18-04, 01:47 PM
                  Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. bayan06-18-04, 01:50 PM
                    Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. bayan06-18-04, 01:55 PM
                      Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. bayan06-18-04, 02:04 PM
                Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. bayan06-18-04, 01:51 PM
                Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. bayan06-18-04, 01:53 PM
                Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. bayan06-18-04, 01:53 PM
            Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. Yasir Elsharif06-18-04, 01:04 PM
          Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. Yasir Elsharif06-18-04, 12:33 PM
  Concubine,Harim,agricultural slaves...... Mutwakil Mustafa06-18-04, 01:02 PM
    Re: Concubine,Harim,agricultural slaves...... Yasir Elsharif06-19-04, 11:55 AM
      Re: Concubines,Harim,agricultural slaves...... Mutwakil Mustafa06-22-04, 09:14 AM
  مصطفى سعيد شمالي عادي.. والدليل شكل ولون كثير من الشماليين Yasir Elsharif06-20-04, 08:09 AM
    Re: مصطفى سعيد شمالي عادي.. والدليل شكل ولون كثير من الشماليين bayan06-20-04, 08:53 AM
      Re: مصطفى سعيد شمالي عادي.. والدليل شكل ولون كثير من الشماليين Yasir Elsharif06-20-04, 09:57 AM
  Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. osama elkhawad06-20-04, 10:10 AM
    Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. Yasir Elsharif06-20-04, 11:11 AM
  Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. ودقاسم06-20-04, 12:54 PM
    Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. Yasir Elsharif06-20-04, 03:32 PM
      Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. حبيب نورة06-20-04, 03:37 PM
        Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. Frankly06-20-04, 04:04 PM
          Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. Yasir Elsharif06-21-04, 10:25 AM
        Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. Yasir Elsharif06-21-04, 07:08 AM
  Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. أبو ساندرا06-20-04, 05:27 PM
    Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. Yasir Elsharif06-21-04, 07:17 AM
  Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. osama elkhawad06-20-04, 07:15 PM
    Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. bayan06-21-04, 03:08 AM
      Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. Yasir Elsharif06-21-04, 10:19 AM
        Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. bayan06-22-04, 03:46 AM
    Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. Yasir Elsharif06-21-04, 07:23 AM
      Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. degna06-21-04, 07:54 AM
  طلباتك اوامر اخي ياسر osama elkhawad06-21-04, 04:11 PM
  Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. ودقاسم06-22-04, 07:18 AM
    Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. Yasir Elsharif06-22-04, 08:04 AM
    Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. Yasir Elsharif06-23-04, 02:05 PM
  Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. osama elkhawad06-22-04, 08:14 AM
    Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. degna06-22-04, 09:30 AM
  Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. Yasir Elsharif06-22-04, 01:16 PM
  Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. Nagat Mohamed Ali06-22-04, 01:42 PM
    Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. Yasir Elsharif06-22-04, 05:18 PM
  Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. Elsuhaili Magzoub06-23-04, 03:14 AM
    Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. Outcast06-23-04, 03:41 AM
      Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. degna06-23-04, 04:29 AM
  Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. osama elkhawad06-23-04, 05:21 AM
  الطيب صالح اراء في السياسة والهجنة الثقافية osama elkhawad06-23-04, 12:29 PM
    Re: الطيب صالح اراء في السياسة والهجنة الثقافية aymen06-23-04, 03:14 PM
      Re: الطيب صالح اراء في السياسة والهجنة الثقافية bayan06-23-04, 04:38 PM
        Re: الطيب صالح اراء في السياسة والهجنة الثقافية برير اسماعيل يوسف07-04-04, 12:41 PM
  Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. Yasir Elsharif06-24-04, 08:28 AM
    Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. bayan06-24-04, 03:36 PM
      Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. Yasir Elsharif06-24-04, 06:35 PM
        Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. bayan06-25-04, 05:55 AM
          Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. Yasir Elsharif06-26-04, 03:35 PM
  Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. osama elkhawad06-26-04, 04:20 PM
    Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. aymen06-26-04, 05:08 PM
  Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. osama elkhawad06-26-04, 05:16 PM
    Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. aymen06-26-04, 07:49 PM
      Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. bayan06-27-04, 03:17 AM
        Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. bayan06-27-04, 06:31 AM
          Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. bayan06-27-04, 06:34 AM
            Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. bayan06-27-04, 06:37 AM
  Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. Bashasha06-26-04, 11:54 PM
    Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. Yasir Elsharif07-01-04, 06:45 PM
  Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. osama elkhawad06-27-04, 02:42 AM
  Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. osama elkhawad06-27-04, 05:45 AM
    Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. degna06-27-04, 06:45 AM
      Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. bayan06-27-04, 07:56 AM
        Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. bayan06-27-04, 08:39 AM
          Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. bayan06-28-04, 03:29 AM
  Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. Yasir Elsharif06-28-04, 10:53 AM
    Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. bayan06-29-04, 07:41 AM
  Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. WadalBalad06-30-04, 02:37 AM
  Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. jini07-01-04, 07:04 PM
    Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. aymen07-02-04, 09:57 PM
      Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. bayan07-03-04, 09:38 AM
  Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. osama elkhawad07-03-04, 04:11 AM
    Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. aymen07-03-04, 10:25 AM
      Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. aymen07-03-04, 10:08 PM
        Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. aymen07-03-04, 10:35 PM
  أحكام بيع العبيد.. نصوص ووثائق.. Yasir Elsharif07-04-04, 12:44 PM
  بوست يستحق الإضافة هنا Yasir Elsharif07-23-04, 04:46 AM
  Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. Yasir Elsharif08-10-04, 01:01 AM
  Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. Yasir Elsharif08-10-04, 02:19 AM
  Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. الجندرية08-26-04, 11:20 PM
  الرقيق في سلطنة دارفور.. وثائق Yasir Elsharif08-29-04, 10:19 AM
  الاغتصاب.. بوست شوقي بدري Yasir Elsharif09-01-04, 09:53 AM
  Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. Yasir Elsharif09-05-04, 03:29 AM
  Re: جواري وإماء.. سراري و"زوجات أو مستولدات".. وثائق بين الأزمان. Yasir Elsharif11-01-04, 02:13 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de