Post: #1 Title: ملحوظات و مقترحات حول قانون تنظيم التعليم العالي و البحث العلمي لسنة ٢٠٢١م كتبه مهدي أمين التوم Author: مهدي امين التوم Date: 08-16-2022, 01:08 PM Parent: #0
لقد صدر قانون تنظيم التعليم العالي و البحث العلمي لسنة ٢٠٢١م دون مشورة سابقة مع الجامعات و مجالس إداراتها . و بقدر سرورنا بالتخلص من قانون ١٩٩٠م الذي أعاق مسيرة الجامعات طوال ثلاثينية الإنقاذ ،إلا أننا فوجئنا بأن القانون الجديد يحمل في طياته نفس ملامح و فلسفة القانون القديم من حيث النظرة الشمولية التحكمية التي تتعارض مع ما تطلعت اليه الجامعات بعد الثورة من إستعادة تامة لإستقلاليتها الإدارية و المالية و الأكاديمية ، مما يجعلنا نتطلع لوقف تنفيذه ، و إعادة النظر فيه علي ضوء الملاحظات و المقترحات الواردة أدناه، عسانا نخرج بقانون أفضل يتناسب مع ما نتطلع إليه من تعليمٍ عالٍ حرٍ و مستقلٍ و مواكبٍ للثورة و للعصر.
ملاحظات عامة :- ١- من المؤسف عدم إستشارة الجامعات في أمر هو من صميم إهتماماتها و مسؤولياتها التخطيطية و التنفيذية. ٢-القانون في جوانبه الإدارية و المالية يسلب الجامعات إستقلالها و يعتبرها عاجزة عن التخطيط السليم حتى في مجال المناهج و البنى التحتية اللازمة لتطوير الأداء الأكاديمي. ٣- يحرم الجامعات من حرية إختيار رؤساء و أعضاء مجالس إداراتها إذ يُخضِع ذلك لإعتماد جهات خارج الجامعة. ٤- يحرم الجامعات من حرية إختيار المديرين و نوابهم و عمداء الكليات و رؤساء الاقسام العلمية و يخضعها لإعتمادات خارجية. ٥- يحرم الجامعات من حرية إبتداع و تطوير المناهج العلمية ، و يتدخل في ما ترغب الجامعات في تقديمه من برامج و مناهج و ما تحتاجه من بنى تحتية لوحداتها العلمية و البحثية. ٦- يحرم الجامعات من حرية إنشاء ما تراه من كليات و أقسام علمية و وحدات بحثية. ٧- يتحكم بشكل مباشر في تحديد حجم و طبيعة علاقات الجامعات المالية بالدولة، مؤثراً إعتبار ما تقدمه الدولة ك (دعم) ، أي هبة ، و ليس ميزانية رسمية تغطي الإحتياجات الفعلية ، و لازمة السداد قانونياً بإنتظام من وزارة المالية. ٨- لم يتطرق القانون إلى مطلب الثورة بإسناد أمر التعليم العالي إلى مجلس قومي مستقل تابع لرئاسة الوزراء ، و ليس وزارة إتحادية تنفيذية قد يخضع ملؤها الى إعتبارات سياسية بحتة. ٩- لم يتطرق القانون لموضوع و مستقبل الجامعات الحكومية الولائية كتجربة و كظاهرة أفرزت العديد من السلبيات و الإشكالات الإدارية و العلمية و اللوجيستية و حتى المجتمعية. ١٠- إشتمل القانون علي تكوين غريب للمجلس القومي للتعليم العالي و البحث العلمي تميَّز بترهل حكومي جعله يضم عدداً كبيراً جداً من الوزراء و موظفي الدولة و موظفي وزارة التعليم العالي، دون حاجة حقيقية أو منطق معقول. ١١- يحرم القانون معظم الجامعات الولائية من عضوية المجلس بينما هي ،اذا بقيت في خريطة التعليم العالي، هي الأكثر حاجة لتبادل الخبرات ، و للتناغم مع الخطط القومية العامة للدولة ، و للشعور بالإنتماء و عدم العزلة. ١٢- يلاحظ عدم الدقة في ترقيم بنود القانون فالترقيم أحياناً رقمي بينما في أحيان أخرى حرفي، و حتى الحرفي لا يستخدم النظام الابجدهوزي المعروف بل يستخدم الحروف عشوائياً.
بجانب هذه الملحوظات العامة ، يمكن إيراد بعض الملحوظات التفصيلية و المقترحات علي النحو الآتي :- ١- البند ٤ (أ):- يبدو مبتوراً حيث أنه يتجاهل العلوم البحتة كإحدى مجالات إعداد و تأهيل الطلاب. ٢- البند ٤ (ب):- يُقترح تعديله بحيث يقتصر علي وضع إستراتيجيات التعليم العالي و ليس استراتيجيات مؤسسات التعليم العالي. ٣-البند ٤ (ج):- يقترح أن يقتصر الأمر هنا علي المراكز البحثية التابعة للمجلس القومي و لا دخل للمجلس بتطوير وسائل و مناهج البحث العلمي في الجامعات. ٤-البند ٤ (د):- يقترح حذف هذا البند فهو يتحدث عن تدريب الطلاب الذين لم يتم قبولهم في مؤسسات التعليم العالي..إن هذه مسؤولية جهات أخرى ليس من بينها المجلس القومي للتعليم العالي. ٥- البند ه (١):- تضاف عبارة " إلغاء وزارة التعليم العالي و البحث العلمي" في بداية هذا البند و يكتب في نهايته عبارة " و تؤول له كل ممتلكات و صلاحيات وزارة التعليم العالي و البحث العلمي". ٦- البند ه (٢):- لتفادي إشكالية مسمى الوحدات الإدارية يُقترح أن يستبدل هذا البند بالآتي: " يكون مقر المجلس بالخرطوم و يجوز له إنشاء مكاتب أو فروع في أي مدينة أخرى متى ما إقتضت الضرورة ذلك." ٧-البند ٦ (أ):- أولا يقترح أن يكون الترشيح لعضوية المجلس القومي من مجالس إدارات الجامعات و من الأمانة العامة ، و ليس بتوصية من وزير التعليم العالي، حيث المقترح أن لا تكون هناك وزارة بل مجلس قومي تديره أمانة عامة . ثانياً: يقترح أن تكون رئاسة جلسات المجلس القومي إما لرئيس الوزراء أو لوزير التربية و التعليم. ٨-البنود ٦(ب-ل ):- يقترح إلغاء التمثيل الحكومي المترهل علي أن يقتصر تمثيل الجهاز التنفيذي في المجلس القومي علي: وزراء: التربية+المالية+العمل و هذا يتطلب حذف البنود الآتية: (د،ه،و،ز،ح،ط،ي،ك،ل) جميعها . ٩- البند ٦ (ن+س):- يقترح تمثيل كل الجامعات الحكومية بالتالي إلغاء التفاصيل الواردة في البندين ٦(ن) + ٦(س). ١٠- البند ٦ (ع):- يقترح حذف تعبير " التي مضى علي إنشائها أقل من خمسين سنة" و يترك البند مفتوحاً ليشمل كل الجامعات غير الحكومية. ١١- البند ٦(ش):- يحذف. ١٢- البند ٦(ت):- يحذف. ١٣- البند ٦(ث):- يحذف. ١٤-البند٧(١)(أ):- إضافة " و الخطط" بعد كلمة السياسات. ١٥- البند ٧(١)(ب):- يُحذف فهو تكرار للبند ٧(أ) و مَُضَمَّن فيه. ١٦- البند ٧(١)(د):- يُقتَرح حذفه ..فهذا البند فيه تعدي مباشر علي إستقلالية الجامعات و حقها في وضع سياسات و شروط قبول الطلاب و تحديد أعدادهم حسب خططها و إمكانياتها. ١٧- البند ٧(١)(و):- يقترح حذفه فهو يمثل تدخلاً مباشراً في تعيين مديري الجامعات و هذا أمر يجب أن يُترك للجامعات لتحدد كيفية إختيار مديريها و كل طواقم إداراتها العليا. ١٨- البند٧(١)(ح):- يحذف حيث أن مؤهلات و شروط خدمة و ترقيات أعضاء هيئة التدريس من مسؤولية الجامعة المباشرة و تخضع لظروف التنافس الحر. ١٩- البند٧(١)(ط):- يُحذف فهو تَحَكُّم مباشر في مالية الجامعة و هدم صريح لإستقلالها المالي . يُقترح أن تكون العلاقة مباشرة بين الجامعة و وزارة المالية، مع ضرورة إختفاء مصطلح " دعم" و العودة لمصطلح و مفهوم " ميزانية " لما ينطوي عليه من معاني قانونية ، و إلتزامات دستورية ، و إستقلالية مطلوب عودتها للجامعة. ٢٠- البند٧(١)(ل):- يُلغى فهو مُضَمَّن في ٧(أ)+٧(ب). ٢١-البند٧(١)(ن):- يُلغى حيث أن وضع المناهج من شؤون الجامعة الخاصة و في هذا البند تعدي مباشر علي حرية الجامعة الأكاديمية ، و حقها في وضع المناهج و تطويرها وفق رؤاها ، وعلي ضوء التقييم الذاتي لأجهزتها العلمية. ٢٢- البند٧(١)(ص):- يُلغى فهو تكرار لبنود سابقة. ٢٣- البند٧(١)(ق):- تغيير كلمة " إنشاء" إلى " التصديق علي". ٢٤- البند٧(١)(ر):- يُلغى حيث أن إستراتيجيات و سياسات التأهيل و التدريب لأعضاء هيئة التدريس و الباحثين بالجامعات ليست عمل المجلس القومي للتعليم العالي بل هي ضمن أخص مسؤوليات الجامعات. ٢٥- البند٧(١)(خ):- يلغى حيث أن رصد المشاكل المجتمعية و إيجاد الحلول لها ليست مسؤولية المجلس إنما مسؤولية الجامعات و المراكز البحثية المتخصصة. ٢٦- البند ٩( أ+ب):- تحذف حيث أن تعيين مجالس الجامعات و مديريها و نوابهم يجب ألا يكون من مسؤوليات المجلس القومي للتعليم العالي و يجب أن يترك للجامعات حرية تعيين هؤلاء علي أسس ذاتية و ديمقراطية يحددها منسوبو تلك الجامعات ، و لا ينبغي أن يكون في ذلك أي تدخل خارجي حتى و لا بمجرد الإعتماد. ٢٧- البند ٩(ز):- يحذف لأنه يعطي رئيس المجلس القومي للتعليم العالي سلطات مبهمة و تكاد تكون مطلقة يمكنه أن يستمدها من أي قانون يشاء. ٢٨- البند ١٢(١)(أ):- نعم لإصدار قانون خاص بكل جامعة و كان من المفترض أن يتم ذلك متزامناً مع إصدار القانون العام لتكتمل الصورة بدون بروز تناقض بين القانون العام و القوانين الخاصة. ٢٩- البند١٢(ب)(٢):- يحذف فهذا تدخل لا يجوز في حق الجامعات الحكومية في ما ترغب من برامج أو تُنشئ من أقسام علمية أو مراكز و معاهد و كليات..يجب ألا تربط هذه المجالات بموافقة المجلس القومي أو حتى إعتماده. ٣٠- البند (١٥):- المحتوى صحيح و لكنه يتناقض مع ما يتناثر داخل القانون من بنود تُحَجِّم دور الجامعات في المسائل المتعلقة بالقبول و الامتحانات و الإجازات العلمية و منح الألقاب العلمية . ٣١-البند ١٦(١)(أ):- يقترح تغيير كلمة " إعتمادات" إلى كلمة "ميزانيات" ليكون الإلتزام المالي الحكومي واضحاً و مثبتاً ، و لايكون في شكل منحة مزاجية أو هبة غير مُلزِمَة. ٣٢- البند ١٦(١)(ج):- يقترح حذف جملة " بموافقة وزارة المالية و التخطيط الإقتصادي" ليبقى تحديد رسوم الخدمات التي تقدمها الجامعة شأن داخلي تتحكم فيه ظروف الجامعة و طبيعة و توقيت الخدمة المطلوبة. خاتمة:- يبدو أن القانون بوضعه الحالي يحتاج مراجعة و تدقيق من حيث فلسفته العامة التي يجب أن تتناسب مع مفاهيم الحرية و الديمقراطية، و تنبذ الشمولية التحكمية ،و يضمن للجامعات ما تحتاجه و تستحقه من إستقلالية إدارية و مالية و أكاديمية، لتتمكن من تأدية رسالتها في بيئة صالحة قانونياً و إدارياً و علمياً و سياسياً. عليه لا بد من تعليق العمل بقانون تنظيم التعليم العالي و البحث العلمي لسنة ٢٠٢١م، و إخضاعه لمزيد من التشاور تمهيدا لإصدار قانون بديل ، بفلسفة تعكس روح الثورة ، و تهيئ الجامعات للإنطلاق نحو آفاق أرحب لتستعيد مواقعها الطبيعية ضمن أفضل جامعات العالم كما كانت جامعة الخرطوم في عهدها الزاهر . و الله و الوطن من وراء القصد.
بروفيسور مهدي امين التوم
Sent from my Galaxy
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق August, 15 2022