يواجه السودان مستقبلا غامضا بسبب اختلاف أبنائه وعدم تقبل بعضهم البعض ، ففي الوقت الذي ترى فيه مجموعة قوي الحرية والتغيير بأن الحل يكمن في الإعلان الدستوري الذي تبنته قوي الحرية والتغيير في دار المحامين ، والذي حدث فيه ما حدث ، في مقابل ذلك تتمسك بعض القوي بمبادرة الطيب الجد ، ومن هنا بدأت الاتهامات بين القحاتة والمجموعات الأخرى ، إذا نظرنا إلى هذه الخلافات من زاوية دقيقة نجدها بسبب السلطة وليس الوطن أو المواطن ، إذ تعسي كل مجموعة الي الانفراد بالحكم واقصاء الأطراف الأخرى ، هذا المشهد ادي إلي حالة الانسداد التي تهيمن على المشهد السياسي. وفي ظل هذا الانسداد يصبح أمام المجلس العسكري الذي يحكم السودان الآن ، بعد ما أعلن عن عدم مشاركته في الحوار مع أي طرف مدني تشكيل حكومة تصريف أعمال ، هذا السيناريو هو الأقرب في ظل اختلاف الساسة علي تقسيم الكعكة بينهم ، وقد يكون هذا السيناريو هو الخيار الأقرب في قادم الأيام . في حالة هذا الانسداد خيار الحرب متوقع في ظل الظروف الراهنة التي نعي جيدا خطورة الانزلاق إلى مثل هذا المنحدر الذي يُدخل البلاد في أتون حرب أهلية لن يخرج منها فائزا ، ولكن رغم ترجيح السيناريو القائل بالتوجه نحو انتخابات مبكرة ، إلا أن هذا السيناريو يحمل في طياته انسدادًا سياسيًا جديدًا، يتعلق بأمرين مهمين: الأول صعوبة إجراء مثل هذه الانتخابات نظرا لعدم إجراء تعداد سكاني ، وعدم استقرار الأوضاع الأمنية قد يكون سببًا في إشعال انسداد آخر، باعتبار أن القوى سيصعب أن تتفاهم بينها حول الانتخابات ، إذا استمروا بهذه الفُرقة والتصعيد. أما الأمر الثاني، فيتعلق بما يمكن أن تفرزه العملية الانتخابية، فإذا ما افترضنا جدلًا أن تتمكن هذه القوى السياسية من التوافق حول الانتخابات ، فما هو الضمان أن تكون هذه الانتخابات حرة ونزيهة ويعترف بها الجميع ، في نظري أي انتخابات مبكرة في ظل هذا الوضع يشوبها التزوير ، وهو ما قد يدخل البلاد في حلقة مفرغة من الصراعات السياسية ، وكل هذا يأثر اقتصاديا على أوضاع المواطنين ومعايشهم، الأمر الذي يثير التساؤل من جديد حول الراهن لإنقاذ السودان من مستقبل غامض تتجدد أزماته ومشكلاته بين الحين والآخر. في ضوء كل ما سبق، نخلص إلى القول إن القوى السياسية السودانية مطالبة في هذا التوقيت على وجه الخصوص بأن تعيد حساباتها، وتؤكد على ولاءاتها الوطنية بعيدًا عن الأجندات الحزبية والارتباطات الخارجية، لأن الولاء الوطني لا يقبل القسمة على اثنين، فإما أن تكون مواليا لدولة خارجية أو حزب وإما أن تكون مواليا لوطنك السودان تحافظ علي مصالحه ومصالح شعبه. في ظل استمرار الأزمة وانتقالها إلى مراحل أكثر تعقيدًا بسبب الخلافات المتفاقمة، اتجهت الأنظار إلى عدت مبادرات ، إذ تسعى كل مبادرة إلى جذب الأطراف المختلفة وكسب تأييدهم، خاصة بعد أن أصبح الوضع صعب جداً ، ولكن رغم تلك المبادرات لحل هذه الأزمة في ظل حالة الانقسام الحاد في مواقف هؤلاء ، إذ يرفض بعضهم الجلوس مع أطراف بعينها بدواعي أنها دعمت الانقلابين ، . في حين أنهم دعموا الانقلابين في يوم من الأيام وكانوا شركاء لهم ، لذلك لابد من الاتفاق وتقبل الآخر لحل هذه الأزمة المتفاقمة . ليست جديد تلك الحالة السياسية التي يواجهها السودان اليوم، إذ إنه بين الحين والآخر يكون السودان على موعد مع أزمة سياسية جديدة تتباين مستوى حدتها وعمق تعقيدها، وإن كانت الأزمة الأخيرة التي يعيشها السودان تمثل حالة أكثر تعقيدًا مما سبق، حيث ظلت هذه الأزمة لم تراوح مكانها منذ سقوط البشير إلي يومنا هذا.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق August, 14 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة