الدولة السودانية الحديثة والمؤامرات السياسية الخبيثة:اسماعيل عبدالله

الدولة السودانية الحديثة والمؤامرات السياسية الخبيثة:اسماعيل عبدالله


03-07-2022, 02:00 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1646658055&rn=0


Post: #1
Title: الدولة السودانية الحديثة والمؤامرات السياسية الخبيثة:اسماعيل عبدالله
Author: اسماعيل عبد الله
Date: 03-07-2022, 02:00 PM

01:00 PM March, 07 2022

سودانيز اون لاين
اسماعيل عبد الله-الامارات
مكتبتى
رابط مختصر




قصدت بمصطلح الدولة السودانية الحديثة تلك الدولة القادمة لتوها من مخرجات مؤتمر الخريجين، والمنظومة المفرزة للطبقة السياسية الناشطة في الحقل العام منذ استقلال البلاد وحتى يوم الناس هذا، وفي خضم هذا الاستعراض المقتضب لا يجب علينا أن ننسى أهم الثورات التحررية الوطنية المندلعة إبّان عهد المستعمر - ثورة اللواء الأبيض، وأن لا نهمل دورها الرئيس في تشكيل أهم بؤر الوعي الثوري الوطني التحرري، في الزمان الباكر الذي لم يكن فيه للنخبة السياسية من جوقة الأفندية من وجود، تلك الصفوة (المستنيرة) التي خدمت المستعمر دون كلل أو ملل، إن تمظهرات الدولة السودانية الحديثة قد بدأت ملامحها مع إعلان الاستقلال من داخل البرلمان السوداني الأول، بلسان ناظر عموم قبيلة البني هلبة التي مركزها معتمدية ومدينة عد الفرسان، الكائنة على بضع كيلومترات من حاضرة ولاية جنوب دارفور، الواقعة جنوب غرب هذه الحاضرة المسماة (نيالا) العاصمة الاقتصادية لدارفور، فمدينة عد الفرسان تجاور محلية رهيد البردي القريبة من محلية أم دافوق مسقط رأس الخليفة عبد الله ، فتشكلت ملامح الدولة السودانية الحديثة مع بزوغ فجر الاستقلال الذي اعلنه الناظر دبكة.
لقد سبق قيام هذه الدولة السودانية الحديثة عملية استسلامية كبيرة، قام بها من اسميناهم رجالات الطوائف والبيوتات الدينية وبعض رموز الادارة الأهلية، وصفحات التاريخ الحديث مليئة باخبار الباخرة الحاملة لحملة الانواط الاستعمارية، التي وهبها خلفاء الجنرالين غردون باشا وكتشنر للطبقة الأهلية والاجتماعية السودانية آنذاك، فمنذ تلك الزيارة الفاجعة لهؤلاء الوطنيين (الشرفاء) وتقديم ابن مفجر ثورة التحرر الوطني سيف والده لملكة بريطانيا، ذلك الصارم الفتّاك الذي تحرر به السودان، بدأت مسيرة الانبطاح الكبرى لحكام السودان والى يومنا هذا، فمن رأى منكم السيد رئيس المجلس السيادي يقوم بفتح سفارة لتل أبيب بالخرطوم عليه أن لا يندهش لأن ذات الفعل قد فعله الكبار، ومن حدثته الأخبار عن ما كسبته روسيا من زيارة نائب رئيس المجلس السيادي اليها، عليه أن لا يستغرب لأن سيف بطلنا الوطني قد رهنه ابنه للتاج البريطاني، على السودانيين من حلفا الى نمولي، ومن الجنينة الى بورتسودان وحلايب وشلاتين، أن يبحثوا عن الاسباب الحقيقية التي جعلت من قادتهم مطية سهلة لتحقيق طموحات ومآرب الامبراطوريات العظمى.
من مخازي تاريخ الدولة السودانية الحديثة عملية اغراق حضارتها العظيمة، التي لم يشهد تاريخ البشرية مثيل لها بتواطؤ وعمالة أول قائد انقلاب عسكري، ومن أكبر الجرائم المرتكبة بحق الأجيال الحاضرة هي جريمة تغيير العلم السوداني وتعطيل دور التعليم العام بنحر السلم التعليمي، في فترة حكم ثاني انقلاب عرفه السودان منذ الاستقلال، وثالثة الاثافي تأتيك مع الانقلابي الثالث الذي ولأول مرة في تاريخ السودان جعل من الجندي السوداني مجرد مرتزق يأكل من فوهة بندقيته، يبيعه لمن يدفع أكثر ويجنده خدمة للمشاريع الأقليمية والعالمية، هذه هي مآسينا ومخازي حكامنا العملاء والمرتزقة الناهبين لثروات البلاد، ومانحينها للأغراب دون مراجعة ولا حساب، لم يتحدث ثوار ديسمبر عن الارتزاق المدني لأولئك المدنيين المتجملين داخلياً برداء (الحرية والسلام والعدالة)، والمفضوحين خارجياً بالصدقات الموهوبة اليهم من قصور السلاطين والأمراء، إنّ القائدين لدفة السياسة ببلادي مرتهنين للخارج، لقد حقنوا الثائرين بمخدر الوعود الكاذبة، وفي الآخر أسلموا أمر الثوار لجوقة جديدة من الدكتاتوريين وذهبوا هم الى السجون حبيسين، في تكرار ممل لسيناريو المشير البشير والشيخ الدكتور حسن عبد الله الترابي.
لم يتغير شيء، منذ صباح ذلك اليوم الذي رفع فيه العلم العلمان المهندس والمحامي والشاعر محمد احمد المحجوب، ومعلم الرياضيات المستنير خريج جامعات بيروت في ذلك الزمان - اسماعيل الأزهري، ومن بعد صبيحة فجر ذلك اليوم الأغر بسنتين وبضعة اشهر اجهز على سلطة الدولة السودانية الوليدة من لا يريدون بها خيراً، وسطا عليها من يدّعون زوراً أنهم الاسياد ويصفون الآخرين بأنهم مجرد أجراء ليسوا شركاء أصيلين يستحقون ادارة الدولة، لقد نهب الدولة من رهن سيف والده - البطل المغوار - للأجنبي المستعمر وللأرزقي المُستحمر لذكاء الشعب السوداني، منذ ذلك اليوم سادت دنيا السودان ملائكة العفاف المتوشحة باثواب الكفاف، لقد كانوا سادة وملاءكة في العلن ومرتزقة ملعونون في دياجر الظلمة والعتم، راياتهم خفاقة بيضاء وقلوبهم سوداء لا تضمر غير الشرر والشرور المستطيرة لبني البشر، تلك كانت اللحظة الأولى لكتابة تاريخ الدولة السودانية الحديثة المرهونة والمرتهنة للأجندة الخبيثة.

اسماعيل عبدالله
[email protected]
7 مارس 2022



عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 03/06/2022


عناوين المواضيع المنبر العام بسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 03/06/2022



عناوين المقالات بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 03/06/2022