Post: #1
Title: الإلحاد المتصوف:د.أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 02-11-2022, 11:28 PM
10:28 PM February, 12 2022 سودانيز اون لاين أمل الكردفاني-القاهرة-مصر مكتبتى رابط مختصر
يبدو التصور لوجود الله في كل شيء مناوئاً للتصور الواحدي للإله.. الله حيث يحاسب ويعذب ينتهي تماماً..فإذا كان الله كل شيء فهو إذاً لا شيء، فإضافة السالب للموجب تساوي صفر.. وهذا يبدو إلحاداً.. ولكنه ليس كذلك تماماً، فإذا كان الإلحاد هو إيمان بالطبيعة والطبيعة مسألة مادية محضة فإن الإلحاد الإيجابي هو أن الله هو كل شيء وإذا كان كل شيء فهو لا شيء..فثبت وجوده من حيث ثبت عدم وجوده. والفارق أن الإلحاد المادي يطلب سالكه الفهم من البحث في الطبيعة، أما الإلحاد التصوفي فيلجأ سالكه إلى السباحة في الذات حتى يتصل كشي بكل شيء، حيث الله كل شيء، فإذا اتصل وعى بكل شيء أي وعى بالله. وهو إذ نال ذلك الوعي، فإنه خلافاً للملحد المادي، الذي لا يعي من بحثه في الطبيعة إلا وعياً نسبياً فإن الملحد المتصوف إنما يعي العالم وعياً مطلقاً، لأنه جزء من كل شيء وكل شيء هو الله..وهكذا شمل وعياً شمولياً مطلقاً.. وإذا كان الملحد الطبيعاني، يعي الشيء بفهمه فإن الملحد المتصوف يعي كل شيء بشعوره..إذ لا عناصر لأن العناصر تتحايث مع ذاتها ككل شيء وكل شيء هو الله..وإذا كانت هناك تصورات عن الجنة والنار، فإن الملحد المتصوف لا يرى ناراً لأن النار بذاتها شيء والشيء محايث لكل شيء وكل شيء هو الله، أما الجنة فهي وعيه بذلك.. وإذا كانت الطاقة لا تفنى ولا تستحدث من العدم فإنه لا فناء مطلق، فالفناء مجرد تبدلات في أعراض الأشياء لا جواهرها، وإذا كان لا فناء مطلق، وإذا كان كل شيء هو الله فإنه لا شر بل خير مطلق والألم تبدلات فقط. وهذا مزيج بين المفهوم الصيني القديم للإله الذي توزع جثمانه ليكون كل شيء. وإذا كان الله كل شيء، وبالتالي فهو لا شيء، لأن الشيء كشيء (محدد محصور) فإنه لا مثيل له إذ يتجاوز محدودية الشيء، فإن الإنسان بل وسائر الطبيعة هي بذاتها الله. وببلوغ المعرفة هذي، يكون الكشف والإنكشاف، لأن المتكشف لا يعي تكشفه إلا بتكشفه وتكشفه لا يتم إلا بالإنكشاف فيتكاملان تكاملاً مطلقاً. وهذا الوعي الشمولي، يفترض أن كل حدث يؤثر على كل ما يتصل ويرتبط به، (أقرب إلى نظرية الشواش) وبالتالي فالوعي يملك سلطة التأثير بذاته على كل شيء. وهي من المفترض أنها سلطة مطلقة، غير أن الأشياء المتحايثة تتنازع فيما بينها الإحداث، ونتيجة لهذا التنازع فليس التأثير مطلقاً لأن المطلقات تتنازع التاثير، وهذا هو (القدر) بذاته. وهذا الإتصال والترابط المتحايث في العالم الكوني، هو قوة الخلق. وهي قوة عظيمة إذا اجتمعت الإرادات المتصلة على إحداث الخلق. ولولا ذلك لبقى الكون على حال واحد. وهي فكرة أقوى من تخيلات اليونانيين القدامى، التي لم تبلغ هذه المرحلة إذ نزلت بتصورات الآلهة إلى الإدراك المادي، أي أنها في الواقع كانت إلحاداً طبيعانياً سلبياً. وربما كانت تصورات أفلاطون عن عالم المثل هو بداية الاقتراب من الإلحاد المتصوف هذا.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 02/11/2022
عناوين المواضيع المنبر العام بسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 02/11/2022
عناوين المقالات بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 02/11/2022
|
|