نصيحة صن تزو لثوّار السودان

نصيحة صن تزو لثوّار السودان


11-21-2021, 05:45 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1637513128&rn=0


Post: #1
Title: نصيحة صن تزو لثوّار السودان
Author: أحمد المكاشفي
Date: 11-21-2021, 05:45 PM

04:45 PM November, 21 2021

سودانيز اون لاين
أحمد المكاشفي-السودان
مكتبتى
رابط مختصر




واضح أن قادة انقلاب 25 اكتوبر محشورون الآن بين جدارين صلبين: جدار الاحتجاجات والاعتصامات في الداخل وجدار المقاطعات والعقوبات والإدانات من الخارج. وليس ثمة مؤشر على أن أي من الجدارين يريد ان ينقضّ، لا الآن ولا في المستقبل المنظور. وهذا الوضع يقذفُ في رُوع الجهات المعارضة للانقلاب، داخلية كانت او خارجية، أن قوى الانقلابيين توشك ان تنهار، فيتواصون بتشديد الحصار، ويتنادون بسد الفُرَج، ومضاعفة الجهد، معرضين عن أي حديث عن التصالح والتفاوض، ومشترطين الاستسلام التام وغير المشروط، وفي مثل هكذا ظرف تبرز اهمية وصية الفيلسوف الصيني، صن تزو، مؤلف الكتاب الذائع الصيت والموسوم بــــ: فنّ الحرب. يقول تزو في إحدى وصاياه القيمة:
"عندما تحاصر عدواً فلا تسدّ عليه كل السبل، بل اترك له طريقاً تمكّنه من الانسحاب. وأحذر ان تزنق عدواً قد تملكه اليأس."
ويا لها من وصية!
واضحٌ جداً أن البرهان وجماعته ما دخلوا في هذا الأمر وفي نيّتهم التراجع عنه. وواضح أيضاً انهم ليسوا في وارد الاستسلام الآن والنزول على شروط الثوار. يشهد لذلك قسوتهم المتكررة على المتظاهرين، ومضيّهم قُدُماً في تنفيذ بنود برنامجهم (وإن بإيقاع بطيء)، وتجاهلهم التام لزمجرة الدول الغربية المعارضة للانقلاب.
هذا وقد يكون البرهان وجماعته قد حصل لهم الآن اقتناع بأن مشروعهم يواجه معارضة صلبة وشرسة، وأن نجاحه ليس باليسر الذي تخيّلوه، لكن البرهان وملأه يدركون كذلك ان مرارة التراجع عن مشروعهم لا تساوي شيئا بالقياس الى المرارات التي سيتجرعونها لو انتكست حركتهم، لذلك اتوقع ان يستمروا في تجاهل مطالب الثوّار ومناشدات الخارج، كما لن يصدّهم وازع عن مخاشنة المعارضين وقمع التظاهرات كلما احتاجوا لذلك، ولسان حالهم يقول: موت موت، حياة حياة. وهذا سلوك ونفسية اليائس الذي حذرنا الفيلسوف صن تزو من سدِّ جميع المنافذ في وجهه. وأنا اعلم ان هذا التحليل مني لن يقع موقعا حسنا في نفوس كثير من الثوار، لكن الواقع يؤيد قولي.
وهنا قد يتساءل القارئ قائلاً: وما هو هذا السُلّم الذي تقترح أن يمنحه الثوار للبرهان لينزل من الشجرة السامقة التي يتربع بأعلاها الآن؟ وهو سؤال سائغ ووجيه:
المخارجة في رأيي تكمن في الآتي (وهذا بالمناسبة مجرّد اقتراح، او بعبارة اخرى مثال واحد فقط للحل):
- الوقف الفوري للتظاهر والاعتصامات (طبعاً تسهل العودة لهذين متى ما فشل مشروع الحل السلمي للأزمة).
- الغاء حالة الطواري.
- إطلاق سراح جميع الموقوفين وعلى رأسهم دولة رئيس الوزراء.
- إعلان فترة انتقالية جديدة مدتها اربع سنوات تبدأ من لحظة التوقيع على الاتفاق.
- تكوين مجلس سيادة من العسكريين فقط، بقيادة البرهان وعضوية من يختارهم الجيش، ليتولى الاعمال السيادية طوال فترة الانتقال (كما جرى بعد ثورة ابريل 1985). (المزيد حول هذا البند في نهاية المقال).
- تكوين مجلس وزراء برئاسة السيد حمدوك من كفاءات وطنية مدنية لا يُعرف عنها انتماء لاي حزب او ايديولوجية سياسية، تتولى جميع الوزارات، بما في ذلك وزارات الشرطة والأمن، إلا وزارة الدفاع التي تُعطى للجيش.
- الشروع، على الفور، في تكوين مجلس تشريعي تمثل فيه جميع الولايات، ويُسند ألى سكّان كل ولاية ترشيح ممثليهم في المجلس التشريعي.
- الدمج الفوري لقوات التدخل السريع بقيادة محمد حمدان دقلو في الجيش القومي.
- اصدار عفو عام عن منسوبي الجيش والشرطة والامن، ضباطاً كانوا او جنودا، بما في ذلك اعضاء مجلس السيادة من العسكريين، الذين تُنسب اليهم المسئولية عن اعتداءات على المتظاهرين أو على الساسة في جبهة المعارضة، بما في ذلك الاعتداءات التي ادت الى فقدان ارواح او تسببت في أذى جسيم، وذلك منذ سقوط البشير وحتى يوم التوقيع على هذه الاتفاقية المقترحة (مزيد من الحديث عن هذه النقطة الملتهبة في نهاية هذا المقال).
- تُستقطع من الموارد المالية الخاصة بالمؤسسات العسكرية والأمنية (جيش وشرطة وأمن) أموال تُدفع منها ديات سخية لجميع الذين ثبت أنهم قُتِلوا على يد هذه القوات، كما يُستخدم جزء من هذه الاموال لتعويض وعلاج الجرحى.
هذه اقتراحات تتعلق بأمهات المسائل التي تفرّق بين العسكر والمدنيين الآن، وإلا فإن هناك تفاصيل كثيرة أخرى تنتظر المعالجة.
******
× بالنسبة لمجلس السيادة أنا شخصيا أرى أن لا يُجعل منه سبباً لرفض المصالحة والمعالجة السلمية للأزمة وذلك لانه مجلس صوري بغير سلطات حقيقية، فالسلطات الحقيقة عند مجلس الوزراء المدني، وبخاصة ان هذا الحل السلمي المقترح يوجب ايلولة وزارات الامن والشرطة للمدنيين هذه المرة، فلن يضيرنا، والحال كذلك، ان يهيمن العسكر على مجلس السيادة.
× اعلم أن التنازل عن حق القصاص شديد المضاضة على نفوس من فقدوا أعزاءً لهم في هذه الازمة، إلا أنه وللاسف لا سبيل إلى تنفيذ هذا القصاص في الاجوا الحالية، فالاصرار على الانتقام والعقاب سيطيل امد الازمة وسيكبح عجلات قاطرة الصلح، هذا وللصلح دائما ضريبة باهظة، ويقتضي قدراً كبيراً من كظم الغيظ والتضحية بالحقوق الشخصية في سبيل الخير العام للامة، ولنا في سلوك رسول الله اسوة حسنة حين عفا عن اهل مكة وتنازل عن جميع حقوقه في الاقتصاص من قتلة اقاربه واصحابه. وكما كان المرحوم السيد الصادق المهدي يردد كثيراً: من فشّ غبينتو خرّب مدينتو.
× هناك حقيقة يحلو لبعض الناس ان يكابروا فيها، وهي انه لم يسبق ان نجحت ثورة شعبية في السودان دون تأييد الجيش والاجهزة الامنية. ولا أظن أن عاقلاً يجهل أن الاجهزة الامنية والعسكرية الحالية، من جيش وشرطة وأمن، هي اليوم في قبضة جماعة البشير، وهي قبضة عضوض ستستمر لسنوات وسنوات. كما لا يخفى على أحد ان للبرهان ورفاقه من كبار ضباط الجيش، مثل الكباشي وغيره، علاقة وتنسيق ما مع الاسلاميين الذين حكموا البلاد في عهد البشير، فليس هناك، والحال كذلك، أي أمل في ان تخرج من اوساط القوى العسكرية والامنية حركة تواجه البرهان وجماعته أو تناصر الثوار، فالقوى العسكرية والامنية هي الآن فيما يبدو على قلب رجل واحد، خاصة بعد أن تكوّن لديهم انطباع بان المعارضة تستهدف الجيش وأن عليهم الاصطفاف لمواجهتها. هذا ويعتقد البعض خطئاً أن حميدتي يستطيع الخروج على ما يريدوه النافذون في الجيش والاجهزة الامنية، أو ان بمقدوره التصرف باستقلالية عن الجيش، وهؤلاء واهمون، فحميدتي صنعه الكيزان وفي مقدورهم ان يطيحوا به متى شاءوا، وحميدتي يدرك ذلك جيّداً.
نسال الله ان يحفظ بلدنا من كل مكروه وأن يؤلف بين قلوب أهله، آمين.

عناوين الاخبار بسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 11/20/2021


عناوين المواضيع المنبر العامبسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 11/20/2021


عناوين المقالات بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 11/20/2021