أم سردبة – قصة من معسكرات النزوح كتب سامية محمد نور

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-27-2024, 01:53 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-18-2022, 02:12 PM

سامية محمد نور
<aسامية محمد نور
تاريخ التسجيل: 12-16-2019
مجموع المشاركات: 7

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أم سردبة – قصة من معسكرات النزوح كتب سامية محمد نور

    01:12 PM April, 18 2022

    سودانيز اون لاين
    سامية محمد نور-السودان
    مكتبتى
    رابط مختصر




    فتحت ماما بخيتة عينا دامعة شديدة الأحمرار،أجالت النظر في ما حولها بنظرة ميتة غير مبالية ثم عادت لأغماض عينيها مرة أخري، مدت رجلا معروقة يابسة تتحسس بها المكان المظلم حولها، فاصطدمت بوعاء ثقيل مغطي يقبع قريبا.... هذا جيد، ما زالت لديها مريسة كافية للنسيان حتي أشعار أخر.
    بين السكر والنسيات هجمت عليها ذكرياتها المرة، تدور حول كلمة واحد مرعبة... (الأنتنوف) ذلك الشيطان المجنح الذي عصف بأمنها وبأسرتها واستقرارها ورحل علي وعد بالعودة بعد أن روي بالدم مزارع القطن الجميلة في قريتها بغرب أم سردبة في أرض الجبال والنوبة. تحاصر الذكريات صحوها لذا تسد عليها الشقوق والمنافذ بصمغ الصهباء دون أن تنتشي، تحمد النسيان الأني.
    تساءلت ماما بخيتة عارفة باستحالة الحصول علي أجابة، لماذا مزقت قذائف الأنتنوف صغيرها (تية)، لقد كان جميلا ونشيطا كنعنز الجبال، يصحو معها مبكرا ليرافقها لمزرعتها ويصلي معها صباحات الأحاد في كنيسة القرية عندما تشق أجراس القداس ضباب الجبال الشفاف، كان خدوما يساعد الأب جوزيف ونساء القرية ويلاعب الأطفال، تلتف حوله جميلات القرية حول مساقط المياه فيساعدهن بالتساوي. كان حلوا في الخرز المحيط بعنقه القوي وقامته الطويلة وجذعه المتماسك بسبب حركة الصعود والهبوط في تلال القرية الجبلية التضاريس، لم تصدق أن هذا اللحم الممزق أثنا عشر قطعة بذراعه الملقي بعيدا عنه غارقا في الدماء قد كان (تية).
    ما زال صوت القذائف يرن مرا منفرا في أذنيها يختلط بسلاسة مع ضربات قلبها المرتجف خوفا علي أسرتها، لا (أنتونوف) تمر بلا ضحايا ....... عاد الشيطان الطائر الي القرية .... ركضت أبنتها (ماريا) حاملة رضيعها وحولها صغارها قططا مرتعبة ... ركضوا جميعا في جنون قافزين من التلال نحوالقرية فوق السهل المكشوف يسابقون المئات من الراكضين نجاة بحياتهم تراقبهم ماما بخيتة الواقفة أمام القطية تنتظر وصولهم وقلبها يصلي، وجهها جامد أحشاءها تتمزق لهفة ....لو يصلون سالمين .. لو يصلون يا ألهي الرحيم (الأنتونوف) خلفهم فوقهم...ثم أمامهم وضاع الجميع في الصراخ والغبار والموت المدوي. هبطت ماما بخيتة علي الأرض جالسة ولم تعد تصلي.غرقت في دماء المحتوم توسلاتها...ضلت طريقها ألي السماء صلواتها في دوامة مراوح العدو المسيطر.
    لم تعرف أبدا وهي تنضج في نيران ألامها أيهما كان أسوأ موت (تية) أم اختفاء شقيقه (كوكو) المفاجئ، ذلك الأختفاء قد وضع قلبها الممتحن بين الرجاء واليأس شهورا تمايلت خلالها الكفتان صعودا ونزولا حتي عاد فجأة ذات صباح رجلا أخرغريبا ومتباعدا... نحيلا يرتدي ثيابا صفراء وعلامة غامقة تتوسط جبينه وبيده بندقية طويلة، تختفي قدماه في بوت لئيم المنظر،أخبرها أنه كان في معسكرما ثم فرش مصلاته وتوضأ.تأملته وهو يشخر بعمق هل هذا من تمزق صبرها في صمت أنتظاره حتي أنكشف ستر كبرياءها في سهر لا ينتهي تتناوشه الاحتمالات؟ أيبدو في نومه كقاتل أم أنها تهذئ؟ رفض عصيدتها الدافئة الشهية متعللا بالصيام وحدثها بخشونة يخالطها الخجل عن أهمية أقلاعها عن شرب الخمر لأن والدة الجندي مشروع لأم شهيد. تركها هابطا التلة فتركت النقود من يدها للرياح تذروها حيث تشاء. جفف الحزن دمعها ....قلبها صبارة يابسة ووعاء لمفاجأت الحياة القاسية....تساءلت في غضبها ألسنا بشر من قلوب ودماء وأبناء؟ ألسنا أمهات من جزع ومن حب ألا يموت (الأنتونوف) أبدا؟
    سحبت وعاءها بيد مرتجفة، وتناولت منه جرعة مشبعة ....أين النسيان يا باخوس .... خندريسك يغسل بالملح طري جراحي ويضخم في القلب المخاوف لقد كانت ماما بخيتة تظن أن أسوأ مخاوفها قد عبرت مع رحيل أبناءها الذين لم يتح لها أن تودع بقاياهم وتغطي بذهب العبورأعينهم .... فاجأها خوف جديد يشابه (الأنتونوف) يوم زارأجانب معسكرنزوحها القبيح تتقدمهم أمرأة ضامرة زرقاء العينين فمها لا شفاه له ولا قلب، يذيل كبرياء مشيتها السريعة لفيف من المرافيقين الأذلاء يتسابقون لتلبية طلباتها بابتسامات كبيرة بلهاء ويدفعون عنها تزاحم النازحين بطلباتهم المكتوبة شاكرين لحاجز اللغة وقفت سيدة الكوتشينة تكتب في نوتة صغيرة وتتأمل المعسكر الكئيب حولها وتهش علي الذباب في ملل واضح مستعجلة عودة سائقها، وفجأة تألق قوس قزح في زرقة عينيها الميتتين عندما وقعت نظراتها علي (سامي) و(لالا) حفيدي ماما بخيتة التوأمين . دق بالخوف والتشاؤم قلب الجدة القدري ..... لا ليس التوأمين يا ألهي الذي لايستجيب ....جميلان كانا كأمهما (كارا) التي تفحم بنيران قذائف (الأنتونوف) جسدها الطري سبعة عشر ربيعا أخضرا فقط ، عامان كان عمر زواجها من حبيبها ونديدها (جبريل) كيف يتفحم الياقوت؟ وتجف لألئ العينين كيف أسلوأو أعايش أو أموت من تكرار موتي (بالأنتونوف)؟ سيان !!!!! ..... تمنت ماما بخيتة يا ألهي عمرا أخرا لأحزن علي فراق (كارا) كبدا ثانيا يحترق مع فلذة روحي فكبدي الحالي مرهون لباخوس..... ثم تغير خطابها المترف وهي تتابع النظرات الزرقاء الجشعة يا ألهي المتقاعس ليس التوأمين هما عيناي وروحي كما المريسة هما ما تبقي لي لا تمتحن فيهما قوتي فأنا الان ريشة ... قشة جف معينها ....لقد ظننت أن ذهاب خالتهما (مايا) مكرهة للزواج من شيخ المعسكر ..ماذا كان أسمه أبو عمار؟ أبو العقارب؟ عليه اللعنة !! ظننت أن ذلك الزواج كان نهاية حربي وأخر دفعياتي (للأنتونوف) وخطوتي الأولي نحو سلام يرمم داخلي ويمنحني السلام، كان يلاحقها بنظراته القذرة ويحدثها عن مسكن خاص مستقل بعيدا عن خيام المعسكر وعن بقية زوجاته..... يحدثها عن أسر تتبني التوأمين الجميلين لتؤمن لهما التعليم والحياة الأمنة بعيدا عن جدتهما السكيرة ..... يأتيها بمزيد من مخصصات الطعام وبعض السكر حتي قالت لبيك... للجوع منطق أخر.
    مزيد من الخمر يا باخوس البخيل فالنسيان متطلب والذكريات لا يغسلها سوي طيب الخندريس .... فاسقني خمرا ...... أين المفر وكيف كان ذاك الفجر عنما أطعمت التوأمين وتركتهما يلعبان أمام الخيمة مع بقية أطفال المعسكر، حسنا لم تتفاجأ ماما بخيتة كثيرا حينما أنكر الجميع رؤية طفليها في ذلك الصباح...


    عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 04/18/2022


    عناوين المواضيع المنبر العام بسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 04/18/2022


    عناوين المقالات بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 04/18/2022























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de