لم يمض على زيارة السيدة مريم المهدي لمصر إلا قليلا فإذا بها تشد الرحال إليها مجددا . في لقائها ذاك مع وزير الخارجية المصري ، لا يمكن وصف كلامها إلا ب"الخرمجة " التي لا يقدر عليها إلا المخرفون ، ممن لا يحسنون في الكلام إلا "الطبظ" فقط . وأحسن أخونا الفاضل الجبوري بأن نصحهها أن تلزم الصمت إذاء ما حدث في تشاد ، لأن الموضوع حساس ، ولا يحتمل " اللت والعجن " . الآن وقد رجعت السيدة الوزيرة إلى مصر ، ومدار الكلام عن سد النهضة ، ماذا تريد السيدة الوزيرة من تلك الزيارة ، التي هي على حساب المواطن المطون ؟ كل الأمور واضحة : موقف أثيوبيا واضح وهورفض إقتراح السودان بشأن اللجنة التي أرادها لحل النزاع . وهي ماضية في ملء الخزان ، رغم أنف مصر والسودان . وموقف مصر : يتأرجح بين خيار عسكري تريد من السودان القيام به وهي تختبئ من خلفه ، وبين قبول مقترح السودان المرفوض من أثيوبيا . وموقف السودان كما هو واضح بعد فشل مقترحه هو الشكوى للأمم المتحدة ومجلس أمنها . هذه هي المواقف بكل وضوح . فلماذا " المساسقة " لمصر ؟ ماذا في يد القاهرة أن تقدم ، غير شيئين : الأول محاولة دفع السودان لحرب مع أثيوبيا ، أو دعم موقفه في الحافل الدولية تجاه الشكوي تلك . ليس من السهل دفع السودان لحرب بالوكالة ، السودان ليس مستعدا في ظرفه الحالي أن يحارب ، لا هو مستعد اقتصاديا ولا نفسيا ولا بأي وجه من الوجوه . أما الشكوي فقد أعلنت مصر مساندتها لها ، بكل الطرق الدبلوماسية والقانونية . إذا لماذا الزيارة ؟ والواقع الذي نراه أننا في موضوع السد ، ملكيين أكثر من الملك نفسه . مصر رتبت أمورها على الأسوأ في نظرها ، وحسبت لكل حسبة حسابها ، بإعتبار أن ملء الخزان أمر لا مناص منه ، وأن كل ما يجري لن يوقف هذا الأمر مهما فعل الآخرون . فبدلا من هذه الزيارات التي لا فائدة منها ، كان علينا أن نستعد ، كما استعدت مصر تحسبا لفيضان شحيح ، وهو عمل وزارة الرى التي لا نعلم إلى الآن ماذا تنتظر ؟ العمل المفروض أن يتم الآن هو عمل فني بحت يخص وزارة الرى ، أما خرمجات السياسة فليس هذا هو المعول عليه . فالسؤال هو ما هي استعدادات وزارة الرى في حالة بدء أثيوبيا ملء الخزان ؟ هل تحسبتم لهذا ، أم تنتظرون ما تنتج عنه جولات وزيرة الخارجية . مصر استعدت ، وفي إطار استعداداتها قامت بتطهير وتنظيف كل مجاري الري على أراضيها ، وكذلك حجزت الماء خلف السد العالي بما يسمح بارتفاع منسوب بحيرة " ناصر " أما على المدي البعيد فهي لم تتأخر في تنفيذ مشروع قديم بربط نهر الكونغو بالنيل الأبيض ، وبالفعل قامت بإرسال معداتها لبدء العمل في المشروع ، والسودان غائب عن اتفاقية مصر مع الكنغو بالرغم من مرور النيل الأبيض بأرضنا قبل أن يصل إليهم . ولا استبعد قيام مصر بإحياء مشروع قناة جونقلي مرة أخرى . فأين نحن من كل هذا ؟ نتحرك في دائرة مفرغة ، تقودها وزيرة الخارجية ، وهي قبض الريح ، لا فائدة منها بكل المعطيات . لن نتحدث عن الخطأ الأكبر في استعداء الجارة أثيوبيا ، ولا معنى لهذا العداء الغير مبرر ، فنحن أقرب لأثيوبيا من مصر ، فنحن دولة مجاورة لأثيوبيا وبيننا الكثير من المصالح المشتركة ، خاصة في مسألة المياه ، فالنيل الأزرق ونهر عطبرة والسوباط كلها تنبع منها . فيجب أن يفهم أننا نحتاج لعلاقة طيبة مع أثيوبيا ، ومصر تحتاج لعلاقة طيبة معنا ومع أثيوبيا . وفي أمر المياه لا حاجة لنا لمصر بتاتا ، مع أهمية العلاقة معها في مجالات أخرى لا ننكر ذلك ، لكن في موضوع المياه القصة مختلفة تماما . ليت وزيرة الخارجية عكست الاتجاه وشدت رحالها لأثيوبيا دون اصطحاب مصر معها ، وبكل تأكيد كانت ستنجح في عقد اتفاقيات معها ، لأن كل المطلوب هو التنسيق في موضوع ملء الخزان ومشاركة المعلومات . لكن الوزيرة ذهبت في الاتجاه الخطأ للمرة الثانية ، وواصلت تصريحاتها المستعدية لأثيوبيا بدون أي داع . فيا أخونا الجبوري ألحقنا بنصيحة أخرى لأختنا مريم ، قبل أن تجوطها في مصر في اللقاء الثاني .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة