الأحزاب السودانية:هل هى سبب المأسى التى يعيشها الشعب السودانى الأن؟(3-3) بقلم د/يوسف الطيب محمدتوم-

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 01:31 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-02-2017, 11:05 PM

يوسف الطيب محمد توم
<aيوسف الطيب محمد توم
تاريخ التسجيل: 03-27-2014
مجموع المشاركات: 182

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الأحزاب السودانية:هل هى سبب المأسى التى يعيشها الشعب السودانى الأن؟(3-3) بقلم د/يوسف الطيب محمدتوم-

    11:05 PM June, 02 2017

    سودانيز اون لاين
    يوسف الطيب محمد توم-
    مكتبتى
    رابط مختصر


    بسم الله الرحمن الرحيم
    مما لا شك فيه إن وجود الأحزاب السياسية في أى دولةٍ من الدول العالم،يساعد كثيراً على نهضة وتطوير هذه الدول،فى جميع المجالات،علاوةً على غرس الوعى وتنميته في نفوس المواطنين أو أعضاء هذه الأحزاب أو بالأحرى القواعد التى تساند برامج وأفكار هذه الأحزاب،وبلا ريب عندما تكون مؤسسات الدولة تسير وفقاً لبرنامج حزب معين أو مجموعة من الأحزاب ،وهذا البرنامج يرتضيه المواطن ،فهذا المواطن في هذه الحالة عندما تتوفر له الخدمات الأساسية من صحةٍ وتعليم ومسكن ومأكل ومشرب ووظيفة وغيرها من الحقوق ،التى يجب على أى دولة أن توفرها لمواطنيها ،هنا يشعر هذا المواطن كأنه هو الذى يجلس على كرسى المسئولية ،بمختلف درجاتها رئيس أو وزير أو غيره ،وقطعاً ذلك لا يتأتى إلا بوجود قادة أو زعماء أصحاب مبادئ،وجاهزون في أى وقت من أجل التضحية، من أجل بقاء الممارسة الديمقراطية،والتى عاهد فيها قواعده على المحافظة عليها وفقاً للمبادئ المرعية عالمياً،من عدلٍ ومساواة وحرية وشفافية.
    وبالعودة لأحزابنا السياسية السودانية،وسؤالنا الذى طرحناه في عنوان المقال،هل هذه الأحزاب هى سبب المأسى التى يعيشها السودان منذ الإستقلال والى يومنا الناس هذا؟وللإجابة على هذا السؤال الكبير،نبدأ بما سطره قلم الأستاذة الكبيرة الصحفية / رشا عوض في بحثها الموسوم والهادف عن مشاكل الديمقراطية في السودان بعنوان :دور الأحزاب السودانية في انهيار الحكم الديمقراطي بعد ثورة أكتوبر بقولها:-
    (ان أسباب الفشل التاريخي في توطين الديمقراطية في السودان واستدامتها عديدة ومركبة يجب ان تحظى جميعها بالدراسة في سبيل معالجتها، ولكن ليس من المعقول ان نسلخ جلد النملة في كل الاسباب التي ادت إلى انهيار الديمقراطية في السودان، ونتجاهل سببا من أهم الأسباب وأقواها أثرا وهو كيفية تصرف الاحزاب السياسية التي فوضها الشعب للحكم في ذلك التفويض! فما دامت الديمقراطية في مجتمعنا ليست من المسلمات أصلا، فإن مستوى الاداء السياسي ودرجة النجاح وحجم الإنجازات في النظم الديمقراطية هو أهم وسيلة لجذب التعاطف والاحترام الشعبي إلى ذلك الكائن المغترب في بيئتنا الثقافية والاجتماعية والسياسية المسمى “الديمقراطية”! ولا مجال هنا لمصادرة مشروعية التساؤل عن إنجازات العهود الديمقراطية بحجة ان الديمقراطية لم تجد الفرصة الكافية بسبب الانقلابات ، صحيح أن الدكتاتورية بحكم انها انفردت بالحكم لمدة أطول فإنها تتحمل القسط الاكبر من المسئولية عن تخريب السودان، ولكن هذا لا يمنع مساءلة الاحزاب عما فعلته في سنوات حكمها المحدودة عددا ولكنها ذات أثر كبير وحاسم في مصير البلاد وفي مستقبل الديمقراطية، وكذلك عما فعلته في سنوات معارضتها، وما فعلته في توطين الديمقراطية في داخلها،وتواصل الأستاذة الصحفية القديرة بقولها:
    (علينا ان ندرك ان جزءا مهما(جزء وليس كل) من فهم وتفسير عملية تكرار الانقلابات العسكرية في السودان هو المعرفة الدقيقة بما كان يدور في أروقة الحكم الديمقراطي وفي اروقة الاحزاب السياسية عشية وقوع كل انقلاب، ليس لتبرير الانقلاب او الدعوة الى السباحة عكس تيار التاريخ والرضا بالدكتاتورية، بل الهدف من ذلك هو ان تعرف الأحزاب ما هي اوجه قصورها وما هي ثغراتها التي يجب ان تعمل بجد لسدها

    ان ما نحن فيه من أزمات يستوجب إعادة النظر في كل شيء، ان السودان لم يتحقق فيه إنجاز سياسي عظيم وملهم كذاك الذي حققه حزب المؤتمر الوطني في جنوب أفريقيا من تجربة رائدة ومتفردة في التحول الديمقراطي والعدالة الانتقالية، انجاز توجه العظيم نلسون ماندلا بأن اكتفى باربع سنوات فقط في الحكم وبعدها سلم رئاسة الحزب العملاق لشاب لم يتجاوز السادسة والثلاثين من عمره! لم تتحقق في السودان معجزة تنموية كتلك التي حققها مهاتير محمد لماليزيا التي انتقلت في ظرف عشرين عاما الى مرتبة الدولة السابعة عشر عالميا من حيث قوة اقتصادها، وقد كانت مجرد دولة فقيرة تصدر المطاط وبعض المواد الخام لتدقيق في الحالة السودانية نجد أن العسكرية السودانية حاضرة في المشهد السياسي للبلاد وبقوة، وأنها أتت على كافة التجارب الديمقراطية في البلاد ويعزى ذلك إلى ضعف البنية التكوينية لهذه التجارب كذلك ضعف الخبرة لقياداتها، وهو ما أساء لسمعة الحكومات المنتخبة أمام العامة؛ ما فتح الباب على مصرعيه لتنصيب الجيش السوداني نفسه كحجر زواية لصناعة السياسة في السودان.ومن العوامل أيضًا التي حالت دون تحقيق حكم سياسي ديمقراطي حقيقي بالسودان مشكلة الجنوب التي أثرت على الحياة السودانية لعقود من الزمن ثم انتهت بالانفصال، فالدخول في حرب أهلية داخل دولة مثل السودان يؤدي إلى ارتفاع الأصوات السعكرية دائمًا على الأصوات المدنية؛ وهو ما انعكس على الحكومات المتعاقبة، حيث اعتقد الجيش دائمًا أنه قادر على حل أزمات البلاد أثناء حالة الحرب هو ما لم يحدث.هذا؟ولكى نضمن نجاح أى حزب في أى دولة ما وقطعاً السودان هو المعنى بهذا، لابد من أسبابٍ للنجاح وهى:-فلم تكن تجارب السودان الديمقراطية ناجحة بالقدر الكافي، ولم تكن التجارب العسكرية ناجحة أيضًا كمحاولات للتغيير، إذ تم استبدال الحكومة العسكرية بأخرى على مر تاريخ الانقلابات في السودان، ولم يتم حل المشكلة في ظل تناحر سياسي بين الأحزاب المعارضة للنظام؛ ما دعى المراقبون للجزم بأن النظام الديمقراطي في السودان ليس هو المشكلة في ذاته، ولكن ليس هناك مؤسسات تتعامل بهذه الديمقراطية وأنه ليس حلاً بأي حال من الأحوال أن يستدعي أحد المؤسسة العسكرية للحكم إذا ما فشلت الحكومة المدنية المختلفة إذ إن أخطاء الديمقراطية لا تعالج بالعسكرية، هذا وتظل السودان نموذجًا عربيًا لتدخل المؤسسة العسكرية في الحكم لوأد التجارب الديمقراطية في الحكم حتى انتهى الحال لتجريف السودان من كفاءته السياسية ولم يعد سوى بعض المتناحرين مع النظام دون إيجاد بديل شعبي للتغيير.

    المحور الثالث: نحو الخروج من المأزق:

    العودة إلى منصة التأسيس:
    إن دولة ما بعد الاستقلال في السودان لم يقتصر فشلها على الاخفاقات السياسية واندلاع الحروب الأهلية و التردي الاقتصادي والفشل التنموي فحسب، بل ان هذه الدولة بدأت تتفكك وتتقلص حدودها السياسية الموروثة! وهذا التفكك والانكماش الذي بدأ بانفصال الجنوب، هناك مؤشرات إلى أنه لن يتوقف عند هذا الحد وربما تكرر سيناريو الانفصال في أجزاء أخرى.

    هذا الواقع الكارثي يؤكد ان الدولة السودانية في حاجة ماسة إلى حلول غير تقليدية لأزماتها العميقة، وفي حاجة للعودة إلى منصة التأسيس لبلورة مشروع وطني قادر على إنهاء الحرب الأهلية عبر تحقيق المصالحة التاريخية والتحول الديمقراطي وإعادة هيكلة الدولة السودانية بصورة منصفة لكل مكونات الشعب السوداني ومن ثم تجميع الطاقات المهدرة حاليا في الحروب المتطاولة والمتفاقمة وتوجيهها للعمل في تغيير واقع التخلف الذي يطوق البلاد، وهذه العملية التاريخية المعقدة، أي عملية “إدارة الانتقال الديمقراطي في السودان” يجب ان تبدأ بأسرع ما يمكن لاستباق سيناريو التمزق والانهيار، ولأن “خروج السودان من مأزقه التاريخي” رهين لإنجاز هذه العملية، التي يتطلب نجاحها الاستيعاب الجيد لدروس التاريخ، ولو تساءلنا ما هي أهم الدروس المستفادة من تجربة “ضياع ثورة أكتوبر” وما هو الهدف من التحديد الدقيق لمسئولية الأحزاب السياسية عن ضياعها ؟ وما هو المطلوب فعله في سودان المستقبل لإقامة نظام ديمقراطي قابل للاستدامة؟ باستلهام التجربة الأكتوبرية نستطيع الوصول إلى الخلاصات الآتية:

    لا ديمقراطية بدون أحزاب ديمقراطية:

    إن تشريح الأخطاء التاريخية التي ارتكبتها الأحزاب التي تولت الحكم بعد “ثورة أكتوبر” ومواجهتها بحقيقية فشلها في الوفاء باستحقاقات المرحلة التاريخية التي تولت فيها الحكم، ومواجهتها بمواطن ضعفها وقصورها ، كل ذلك لا يعني على الإطلاق الدفاع عن انقلاب مايو بوجه خاص، او تبرير النهج الانقلابي والدكتاتوريات بوجه عام، ولا يهدف إلى الاغتيال المعنوي للأحزاب التي لا بديل لها في تنظيم التنافس السياسي الحر والتعبير عن المشاركة الشعبية، فلا ممارسة ديمقراطية بدون أحزاب.

    بل إن هذا النقد الصارم للأحزاب يهدف إلى استكمال عملية تشخيص الأزمة الوطنية، فبدون دقة التشخيص وشموله تستحيل المعالجة ومن ثم تصحيح المسار الوطني، كما يهدف إلى إدارة حوار جاد ومسئول في قضية الإصلاح الحزبي الجذري، وهي قضية يتوقف عليها نجاح الإصلاح السياسي الشامل في البلاد بل يتوقف عليها إقناع المواطن السوداني ابتداء بجدوى العمل السياسي وجدوى الانخراط في الأحزاب السياسية وهذا شأن في غاية الخطورة إذا أخذنا في الاعتبار(وضعية تفكك البلاد إلى عواملها الأولية من قبليات وعشائريات وجهويات تتصارع بالحديد والنار) مما يجعل استعادة الثقة في الأحزاب وعودتها إلى صدارة العمل السياسي ضرورة لحفظ الكيان الوطني من التفكك والانهيار الكلي، وليس فقط ضرورة للإصلاح السياسي.

    و المشكلة الكبرى هي أن الإصلاح الحزبي ذاته أضحى عبارة مستهلكة وشعارا يلوح به في الصراعات الداخلية للأحزاب دونما التزام مبدئي ودونما تحديد منهجي ومفاهيمي لطبيعته ومعاييره، ونظرا لأن المرحلة التاريخية الحرجة التي تجتازها البلاد الآن تتطلب اختراقات نوعية في العمل السياسي وطرائق تفكير جديدة في إدارة الشأن العام فلا بد من أن تخاطب عمليات الإصلاح الحزبي جذور المشاكل لا أعراضها وظواهرها، وأن تستهدف بالمعالجة النواقص والعيوب البنيوية والاختلالات الهيكلية في الأحزاب، ابتداء من المراجعات الجذرية لل”الفكرة المركزية” التي ينطلق منها كل حزب وفحص جدواها في مخاطبة الواقع الماثل، فالأحزاب الإسلامية هل لا زالت فكرتها المركزية هي أسلمة الدولة السودانية والمجتمع السوداني أم أنها سوف تتجه لتجديد فكري تبلور بموجبه تصورا مختلفا لاستلهام قيم الاسلام ليس من لوازمه “أسلمة الدولة”، ومن ثم تقبل بفكرة “دولة المواطنة” وهي بالضرورة “دولة علمانية”؟ والحزب الشيوعي هل سيظل بهذا الاسم؟ هل فكرته المركزية هي “الاشتراكية العلمية”؟ هل ما زال سائرا على درب لنين؟ هل ما زال متمسكا ب”المركزية الديمقراطية”؟ والأحزاب “البعثية ” ماذا تريد ان “تبعث” في هذا السودان؟ والأحزاب الاتحادية ماذا تريد ان توحد وهي التي استمدت هذا الاسم من فكرة “الاتحاد مع مصر” وهي فكرة تبخرت يوم ان صوت”الاتحاديون” لصالح استقلال السودان من داخل البرلمان عام 1955م؟ وما هي الفكرة المركزية ل”حزب الأمة القومي” وما هي الفكرة المركزية للحركة الشعبية لتحرير السودان؟ هل هي “السودان الجديد العلماني الفدرالي الموحد”؟ لقد تراجعت الحركة الشعبية عن هذه الفكرة يوم ان قررت قياداتها الانحياز لخيار انفصال الجنوب، فما هي الفكرة الجديدة؟ ونفس السؤال مطروح على حركات دارفور وشرق السودان.

    ولا بد ان يخاطب الاصلاح الحزبي كذلك معالجة الإشكالات التقليدية للعمل الحزبي كالتمويل والإعلام وتوطين المناهج العلمية الحديثة في إدارة عمل الحزب وتصميم برامجه وفي وضع معايير الرقابة على الأداء الحزبي ومن ثم التقييم والمساءلة والمحاسبة، أي الانتقال بالممارسة السياسية من العشوائية والعفوية إلى التخطيط العلمي والمهارة الاحترافية والكفاءة المقاسة بمعايير ضبط الجودة!! وفي هذا الصدد فإن الأحزاب السودانية لن تعيد اختراع العجلة، بل عليها أن تقارب آليات عملها بما هو معهود في التجارب الحزبية الناضجة والناجحة على مستوى العالم مع أخذ خصوصيات الواقع في الحسبان.

    فلا ينبغي أن تنصرف جهود الإصلاح الحزبي كلية إلى الحشود والمهرجانات الخطابية والبروتوكولات والجوانب الإجرائية لتأكيد أن هناك مشاركة ومؤسسية، بل يجب أن تنصرف جل المجهودات إلى تأسيس بنية تحتية صلبة للعمل الحزبي تضمن وفاء الحزب بالعهود التي يبذلها لجاهيره وتضمن قدرته على الالتزام ببرامجه التي تجيزها مؤتمراته العامة، ولا بد أن تكون سيرة الحزب في شأنه الداخلي مصداقا لما يطرح من شعارات ومبادئ.

    فإذا رفع الحزب شعار التداول السلمي الديمقراطي للسلطة على مستوى الوطن فلا بد أن يطبق ذلك عمليا على نفسه، وإذا أعلن انحيازه للفقراء والمهمشين ووعد برفع المعاناة عنهم ورفع شعار مكافحة الفقر والبطالة فلا بد أن يكون ذلك مصحوبا بخطة اقتصادية واقعية مفصلة بالبيانات الكمية والوصفية وذات سقف زمني محدود توضح على وجه التحديد كيف سيتم التصدي للفقر؟ وإلى أي نسبة مئوية سيتم تخفيض نسبته؟ وكم عدد فرص العمل التي سيتم توفيرها للعاطلين عن العمل وكيف سيتم ذلك؟ وما هي الخطة العملية لإعادة هيكلة الدولة لصالح المهمشين؟ وبذات المنهج يجب أن يكون تعامل الحزب مع كافة القضايا التي يتصدى لها.

    الديمقراطية في السودان تحتاج إلى عملية توطين:

    إن الديمقراطية ليست نظاما للحكم فحسب، وإنما هي أيضا أفق فلسفي وتربوي، وتركيب اجتماعي واقتصادي، وبهذا المعنى فإن شروط الديمقراطية غائبة عن المجتمع السوداني، ابتداء من النظام الأبوي الصارم في الأسرة، مرورا بالتركيبات العشائرية والإثنية والقبلية، فالطائفية السياسية وانتهاء بنخبوية وانتهازية المتعلمين الكسالى فكريا ونضاليا، فالنظام الديمقراطي الذي يمثل مضمون الدولة الحديثة تم تصديره إلينا ك”شكل” ليتم إلباسه ل”مضموننا” المختلف ثقافيا واقتصاديا واجتماعيا وفكريا وفلسفيا، وبسبب غياب”المضمون الديمقراطي” أو ضآلته في مجتمعاتنا


    فنظام الحكم الديمقراطي اختصارا يمكن وصفه بأنه النظام الذي يقوم على حزمة من المبادئ الجوهرية وهي:
    الشعب مصدر السلطات فلا سيادة لفرد أو قلة من الناس على الشعب باعتبار أن ممارسة السلطة تتم بإرادة بشرية وتفويض السلطة من الناحية الواقعية تعبير عن إرادة بشرية مهما كان الادعاء بغير ذلك.
    مبدأ المواطنة والمساواة السياسية والقانونية.
    حرية التعبير والتنظيم.
    مبدأ فصل السلطات.
    سيادة حكم القانون.
    الشفافية والمساءلة.
    تداول السلطة عبر آليات انتخابية حرة ونزيهة .
    مطلوبات توطين الديمقراطية في السودان:

    العمل المنهجي لرفع مستوى الاستنارة في المجتمع:

    إذا أردنا توطين الديمقراطية كفلسفة حكم، وكثقافة سياسية في المجتمع فلا بد من عمل”ممنهج، دؤوب وصبور، ومدعوم بخطط وبرامج عملية” لتجذير الفكر الديمقراطي في المجتمع بشكل عام، وفي أوساط النخب القائدة والقوى الفاعلة بوجه خاص، ولحسن الحظ هناك عدد من المفكرين والمثقفين السودانيين الذين يطرحون قضية “الاستنارة” كقضية محورية في بناء الديمقراطية في السودان في الظروف الراهنة، وأذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر الأستاذ عبد العزيز حسين الصاوي، وقد أفرد لهذه القضية مقالات مطولة حواها كتابه “لاديمقراطية بدون استنارة” الذي يعرف “الاستنارة” بالانفتاح الذهني والنفسي على الحداثة وأهم منجزاتها الديمقراطية، وحسب الصاوي، فإن من معوقات الديمقراطية في الواقع السوداني الراهن انحسار الطبقة الوسطى بسبب عوامل تجريف اقتصادي واجتماعي، ويجعل الصاوي من “الإصلاح التعليمي” وتقوية”المجتمع المدني” مدخلا رئيسا لتجذير الديمقراطية.

    ومن أهم حلقات مشروع الاستنارة التجاوز المنهجي للفكر السلفي المسيطر على المجتمع الى حدود كبيرة، والفكر السلفي هو” الاعتقاد بأن السلف الصالح من فقهاء ومفسرين ومحدثين وكتاب سيرة أنجزوا مهمة تبيان كل حقائق الدين، وحددوا تحديدا قاطعا الحلال والحرام وما يجوز وما لا يجوز في كل شأن من شؤون العقيدة والعبادة والمعاملات، والالتزام الصحيح بالإسلام لا يتحقق إلا باتباع هؤلاء السلف” والنهاية المنطقية لهذا الفكر هي رفض الديمقراطية بل ورفض كل مفردات الحياة السياسية المعاصرة رفضا مطلقا باعتبارها تناقض الإسلام، وهذه السلفية هي اكبر روافد الإسلام السياسي الذي يشكل مهددا حقيقيا للديمقراطية، ولذلك لا بد ان يكون تحرير المجتمع من هذه الافكار جزءا لا يتجزأ من اي مشروع جاد للاستنارة الشاملة.

    التثقيف الحزبي في اتجاه تعميق الالتزام بالديمقراطية:

    من معوقات الديمقراطية في السودان كذلك ان الثقافة السياسية للنخب الحديثة، وتحديدا اليسارية، لم تكن الديمقراطية من ثوابتها الاستراتيجية، بل كانت ترى في الديمقراطية اللبرالية، أوالبرلمانية أوالبرجوازية نمطا غير صالح لتطوير وتنمية السودان، وفي هذا السياق يقول الأستاذ عبد العزيز حسين الصاوي:” إن الاهمية التاريخية الكبري فعلا لثورة اكتوبر هي انها حررت الارادة السياسية السودانيه من قبضة نظام عسكري وبوسيلة شعبية مائة في المائه ولكن وجهها الاخر الذي بقي محجوبا في غمرة الاعجاب الطاغي والاجماعي بها كان عكس ذلك لان النقد اليساري الصائب للاحزاب الكبيرة انتخابيا وقتها بكونها مصدر الخطر الرئيسي علي نمو التجربه الديموقراطية بحكم تقليديتها وتكوينها الطائفي والطبقي، كان يحمل في طياته خطراً اخر علي المدي الابعد، لان ماركسية الحزب الشيوعي حينئذ كانت تضع اكتوبر حلقة رئيسية ضمن ماتسميه مرحلة الثورة الوطنية الديموقراطية التي تقود الي مرحلة الاشتراكية، ولكل من هاتين المرحلتين تحالفاتهما الطبقية التي تنتهي الي صدارية دور الطبقة العاملة. والترجمة الفصيحة الصريحة لهذه النظريه هي توزيع الحريات السياسية حسب اهمية الطبقة المعينة في المرحلة المعينة، والاحزاب السياسية التي تمثلها، فهي ديموقراطيه مقيدة وموجهة وباختصار ليست ديموقراطية. تثقيف النخب السودانية بهذا النوع من التحليلات أضعف التأهيل الديموقراطي لعقلية هذه النخب الذي اكتسبته من نشاطها الفعال ضد الدكتاتورية الاولي، لاسيما وان الاقسام اليسارية الاخري، بما فيها حزب البعث الذي ساهم كاتب هذا المقال في تأسيسه ومواكبة مسيرته بعد ذلك، كانت تروج لتحليلات مشابهة مزايدةٍ في رفضها للديموقراطيه بمعناها الحقيقي المفتوح الذي لايقبل قيودا من خارجها.”

    ويخلص الصاوي إلى القول:” ان قطبي اليسار السوداني، علي الاختلاف الكبير في الاوزان بينهما، ظلا يتنافسان في حرث عقلية القوي الحديثه التي صنعت انتصار اكتوبر 64 الديموقراطي الكبير وبذر البذور الاولي للشمولية فيها بدلا من الاستمرار بدور اليسار التحديثي والنهضوي التاريخي بالتركيز علي كيفية استزراع الديموقراطيه في الواقع السوداني”

    وهنا تجدر الإشارة الى ان الديمقراطية لكي تستقر، فلا بد من ان تتطور مختلف الأحزاب فكريا حتى تتكيف إيجابيا مع “النظام الديمقراطي” ، ففي اوروبا حيث النماذج المرجعية للديمقراطية، تطورت الأحزاب الشيوعية منذ الخمسينات والستينات مما أنتج ما سمي بالشيوعية الأوروبية (Euro- Communism)، وبالتالي فلا بد من مراجعات وتطوير للمرجعيات الفكرية للأحزاب يسارية كانت او يمينية في اتجاه التخلص من الأفكار اللاديمقراطية الكامنة فيها.

    نقد الأحزاب إضافة للديمقراطية وليس خصما منها:-

    إن أهم ما يجب التأكيد عليه في سياق نقد الأحزاب هو “ترجيح كفة الخيار الديمقراطي كهدف وطني استراتيجي”، فإذا توافقنا على حقيقة أن لا بديل في الحكم للديمقراطية كما عرفتها الخبرة البشرية حتى الآن، أي التفويض المقيد بفترة زمنية محددة والخاضع لمنافسة مفتوحة مع آخرين ذوي رؤى وتوجهات ومصالح مختلفة، وهذه المنافسة تتم في ظل تعاقد اجتماعي واضح المعالم، وإذا توافقنا على ضرورة الالتزام بالديمقراطية كشرط ابتدائي غير قابل للمساومة في أي تعاقد سياسي اجتماعي وأن ذلك مطلوب بإلحاح لإنجاح أي مشروع للنهضة في مجتمعاتنا، لا سيما وأن التجارب السياسية في السودان وغيره من دول العالم أثبتت بطلان فكرة مقايضة الديمقراطية بالأهداف النبيلة الكبرى من تنمية اقتصادية أو معارك تحرير أو وحدة وطنية ، لأن هذه المقايضة في الغالب تقود ليس فقط الى قهر الشعوب وحرمانها من الحرية والكرامة وحقوق الإنسان التي لا سبيل لتحقيقها إلا في ظل “النظام الديمقراطي”، بل تقود وهذا ما أثبتته التجربة السودانية نفسها إلى خسران الأهداف النبيلة التي من أجلها صودرت الديمقراطية.

    إذا توافقنا على هذه الحقائق، فإن هذا التوافق يقتضي الإقرار بحقيقة أن لا مجال لتمجيد أي انقلاب عسكري، ومحاولة التماس الشرعية له من إنجازاته الاقتصادية والتنموية، كما يفعل كثير من المدافعين عن نظام عبود، وبدرجة أكبر المدافعين عن نظام مايو، وللمفارقة المدافعين عن نظام الإنقاذ رغم انه خرب ودمر أضعاف ما أنجز!، حيث كانت السمة الأبرز لعهد الإنقاذ تدمير القطاعات المنتجة في الاقتصاد( الزراعة والثروة الحيوانية والصناعة) وانحصر انجازه في “الانتعاشة الزائفة” في فترة عشرة سنوات هي فترة إنتاج النفط وتصديره، وقد تلاشت تلك الانتعاشة فور انفصال الجنوب وفقدان العائدات النفطية، التي تبدد جلها بسبب الفساد، ونصفها بالزائفة بسبب انها مجرد إغراق للأسواق بالسلع الاستهلاكية والكماليات نتيجة ظهور طبقة من الأثرياء وأنصاف الأثرياء مرتبطة بأموال النفط وليست تطورا حقيقيا في مستوى المعيشة ناتج عن تطوير القاعدة الانتاجية وتوليد فرص حقيقية للعمل والاستثمار الاقتصادي والتنموي الحقيقي، أما الطرق والجسور والسدود فكلها تمت بقروض أجنبية سوف يسددها الشعب السوداني بالإضافة إلى فوائدها.

    ولكن حتى في حالة وجود انجازات حقيقية في مجالات التنمية والخدمات الاجتماعية ومشاريع البنية التحتية في العهود العسكرية، فإن ذلك ليس مبررا لمصادرة الديمقراطية، نعم الانجازات التنموية أمر جوهري في تقييم الأداء السياسي، ولكن لا توجد حتمية تربط الانجاز التنموي بالدكتاتورية، بل ان التقييم الموضوعي للإنجازات التنموية في عمر السودان المستقل، إذا أخذنا في اعتبارنا حجم الموارد الاقتصادية المتاحة للسودان، وقارنا حجم الإنجازات الاقتصادية والتنموية بحجم الدين الخارجي الذي يطوق عنق البلاد (أكثر من أربعين مليار دولار) ، وإذا أخذنا في الاعتبار أن سبعة وأربعين سنة من عمر الاستقلال البالغ ثمانية وخمسين سنة حكمت فيها أنظمة عسكرية دكتاتورية، سوف يقودنا ذلك الى استنتاج ان دكتاتوريات السودان فاشلة اقتصاديا وتنمويا بامتياز فضلا عن فشلها الذريع في تحقيق السلام والوحدة الوطنية!

    وبالتالي فإن السودان وانطلاقا من محصلة تجاربه الخاصة ،يحتاج في هذه المرحلة من تاريخه الى حسم وجهته السياسية “نظريا وعمليا” باتجاه “الحكم الديمقراطي الراشد “، أي أن يتجاوز الدكتاتورية، وفي ذات الوقت يتجاوز تكرار”تجارب الحكم الديمقراطي غير الراشد” وهذا يتطلب حشد الطاقات في سبيل بناء وتطوير البديل الديمقراطي، كما يتطلب جهدا كبيرا في تعميق الثقافة الديمقراطية في أوساط “النخب السياسية والفكرية القائدة” حتى لا يجد التفكير الشمولي من يتعهده بالرعاية وبإضفاء المشروعية السياسية أو الأخلاقية من جديد.

    إن أحد أسباب الفشل في استدامة الديمقراطية في السودان، إضافة الى الأسباب المذكورة أعلاه، هو التربة الثقافية والاجتماعية غير الملائمة لاحتضان بذرة الديمقراطية بحكم انها – اي الديمقراطية – تحتاج لحزمة من التطورات الاجتماعية والاقتصادية والفكرية وهذه غير متوفرة في السودان، وهذا السبب هو الذي يفسر حالة اللا مبالاة أو الارتياح واحيانا الترحيب الذي يحظى به كل انقلاب عسكري في السودان في بدايته، فالارتياح والترحيب ليس فقط بسبب الاحباط من ضعف الأداء الحزبي، بل السبب الاكثر جذرية هو ان الثقافة السياسية في المجتمع ليست ديمقراطية إلى الدرجة التي تجعل المواطن او المواطنة يستنكر الاستيلاء على السلطة بالانقلاب العسكري مثل استنكاره للسرقة والقتل والانحرافات الاخلاقية المختلفة، فالنضج الديمقراطي لم يصل للدرجة التي تجعل الشعب يشعر بأن مجرد إقدام عناصر من القوات المسلحة على الاستيلاء على السلطة بالقوة وإلغاء نتائج صناديق الاقتراع بجرة دبابة هو إهانة بالغة له تستوجب الثورة او الغضب والاحتجاج وذلك أضعف الإيمان! ليس هناك تواطؤ جمعي في مجتمعنا على ان الأساس الوحيد المقبول لشرعية الحكم هو التفويض الشعبي عبر صندوق الاقتراع الحر النزيه، فالانقلاب العسكري ليس عارا سياسيا يخجل الناس من تأييده، أو يتحرج حتى قادة المجتمع من دعمه والرهان عليه، وعلىى ضوء هذه الحقيقة يمكن تفسير تأييد السيدين (الإمام عبدالرحمن المهدي والسيد علي الميرغني) – تغمدهما الله بواسع رحمته – لانقلاب عبود، وتفسير انخراط نخبة متميزة من المثقفين السودانيين في النظم الانقلابية المختلفة، وتفسير هتاف بعض المواطنين للرئيس الراحل إبراهيم عبود (ضيعناك وضعنا وراك)!! وكان ذلك عقب “ثورة أكتوبر”!! وهو ما يفسر كذلك هتاف البعض للرئيس الراحل جعفر نميري بعد عودته من منفاه (وجع وجع نميري رجع)!!

    غياب الموقف المبدئي الصارم ضد الانقلابات لا ينحصر في عامة الشعب، بل الادهى والامر ان النزعات الانقلابية مستوطنة في عقول النخبة والاحزاب العقائدية التي تستبطن مشاريع الوصاية على المجتمع في مرجعياتها الفكرية وهذا موضوع يحتاج لبحث مستقل.

    لكل ذلك هناك حاجة ماسة لمجهودات تعليمية وتربوية وثقافية ممنهجة للنهوض بوعي المجتمع حتى يكون الانقلاب العسكري منبوذا ومستنكرا وإن فرش الأرض بالورود والرياحين وليس بالدماء والأشلاء والمآسي كما فعلت كل انقلابات السودان وهو ديدن الانقلابات العسكرية في كل مكان في العالم! وحتى يكون (الرادع المجتمعي) من الكوابح الفعالة للتفكير الانقلابي سواء من قبل الاحزاب او من قبل ضباط الجيش المسيسين.

    إصلاح الأحزاب يقتضي الانتقال من “العقلية التبريرية” الى “العقلية النقدية”:

    من إشكالات الاحزاب السياسية السودانية غياب “العقلية النقدية” ومن ثم غياب النقد الذي يقترب من جذور الازمات ويتناولها بعمق! وهذا جعل الاحزاب لا تقيم تجاربها إلا في سياق تبريري غايته التهرب من تحمل المسئولية التاريخية عن اخطاء فادحة، ليس هذا فقط بل تحويل الاخطاء نفسها الى انجازات أحيانا!!

    ولكي تتطور الأحزاب ديمقراطيا يجب على العناصر النشطة داخلها ان تتفحص تجربة كل حزب سياسي، وتحاول قدر الإمكان تنحية العواطف وأسر الآيدولوجيا جانبا، وتجعل بوصلتها في التقييم هي المصلحة الوطنية العليا،وعلى هذا الاساس يرتفع الحزب وينخفض بمقدار ما قدمه من إنجازات سياسية واقتصادية وتنموية محسوسة ومجسدة في الواقع خدمة للمصلحة الوطنية، وطبعا القدرة على الإنجاز تتناسب طرديا مع التطور الفكري والتنظيمي للمؤسسة الحزبية نفسها.

    ان أسباب الفشل التاريخي في توطين الديمقراطية في السودان واستدامتها عديدة ومركبة يجب ان تحظى جميعها بالدراسة في سبيل معالجتها،

    ولكن ليس من المعقول ان نسلخ جلد النملة في كل الاسباب التي ادت إلى انهيار الديمقراطية في السودان، ونتجاهل سببا من أهم الأسباب وأقواها أثرا وهو كيفية تصرف الاحزاب السياسية التي فوضها الشعب للحكم في ذلك التفويض! فما دامت الديمقراطية في مجتمعنا ليست من المسلمات أصلا، فإن مستوى الاداء السياسي ودرجة النجاح وحجم الإنجازات في النظم الديمقراطية هو أهم وسيلة لجذب التعاطف والاحترام الشعبي إلى ذلك الكائن المغترب في بيئتنا الثقافية والاجتماعية والسياسية المسمى “الديمقراطية”! ولا مجال هنا لمصادرة مشروعية التساؤل عن إنجازات العهود الديمقراطية بحجة ان الديمقراطية لم تجد الفرصة الكافية بسبب الانقلابات ، صحيح أن الدكتاتورية بحكم انها انفردت بالحكم لمدة أطول فإنها تتحمل القسط الاكبر من المسئولية عن تخريب السودان، ولكن هذا لا يمنع مساءلة الاحزاب عما فعلته في سنوات حكمها المحدودة عددا ولكنها ذات أثر كبير وحاسم في مصير البلاد وفي مستقبل الديمقراطية، وكذلك عما فعلته في سنوات معارضتها، وما فعلته في توطين الديمقراطية في داخلها،

    علينا ان ندرك ان جزءا مهما(جزء وليس كل) من فهم وتفسير عملية تكرار الانقلابات العسكرية في السودان هو المعرفة الدقيقة بما كان يدور في أروقة الحكم الديمقراطي وفي اروقة الاحزاب السياسية عشية وقوع كل انقلاب، ليس لتبرير الانقلاب او الدعوة الى السباحة عكس تيار التاريخ والرضا بالدكتاتورية، بل الهدف من ذلك هو ان تعرف الأحزاب ما هي اوجه قصورها وما هي ثغراتها التي يجب ان تعمل بجد لسدها تطويرا لتجربتها.

    ان ما نحن فيه من أزمات يستوجب إعادة النظر في كل شيء، ان السودان لم يتحقق فيه إنجاز سياسي عظيم وملهم كذاك الذي حققه حزب المؤتمر الوطني في جنوب أفريقيا من تجربة رائدة ومتفردة في التحول الديمقراطي والعدالة الانتقالية، انجاز توجه العظيم نلسون ماندلا بأن اكتفى باربع سنوات فقط في الحكم وبعدها سلم رئاسة الحزب العملاق لشاب لم يتجاوز السادسة والثلاثين من عمره! لم تتحقق في السودان معجزة تنموية كتلك التي حققها مهاتير محمد لماليزيا التي انتقلت في ظرف عشرين عاما الى مرتبة الدولة السابعة عشر عالميا من حيث قوة اقتصادها، وقد كانت مجرد دولة فقيرة تصدر المطاط وبعض المواد الخام!

    لم يتحقق شيئ في السودان سوى الحروب الطاحنة وانقسام الوطن الى وطنين متناحرين، والجوع والفقر وانهيار التعليم والصحة والخدمات رغم انف الموارد الضخمة التي لا مثيل لها في كثير من الدول التي سبقتنا بسنين ضوئية!!

    ما دام الحال كذلك فإن الثابت الوحيد الذي يجب ان نتواطأ عليه جميعا في كل فضاءات العمل العام هو التغيير، ولا تغيير ناضج الا بتوطين العقلية النقدية في تلك الفضاءات وفي مقدمتها الأحزاب السياسية.

    وتختتم الأستاذة الجليلة مقالها البناء بقولها:-

    (لعل أهم درس من التاريخ السياسي المعاصر في السودان يجب استذكاره جيدا من قبل السياسيين والمفكرين والمثقفين لأهميته في التخطيط للمستقبل هو ان إهدار أية فرصة تاريخية لتحقيق هدف وطني استراتيجي سوف يترتب عليه ارتفاع كبير في تكلفة إنجاز ذات الهدف في مراحل لاحقة وأحيانا يترتب عليه استحالة تحقيق هذا الهدف بشكل نهائي! وأبلغ مثال على ذلك قضية جنوب السودان، ففي الستينات كانت تكلفة وقف الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب في ظل سودان موحد هي أن يكون السودان دولة علمانية فيدرالية ديمقراطية، فشل السودانيين في تحقيق هذا الهدف في “في الوقت المناسب” ادى الى تحويل هذا الهدف (وحدة الشمال والجنوب) الى هدف مستحيل عام 2011م! وحتى لا يمضي الجنوب الجديد في طريق الجنوب القديم، يجب ان يبدأ العمل بجدية في تحقيق ما ينبغي ان يكون الهدف الرئيس لهذه المرحلة التاريخية في السودان، أي (بلورة مشروع وطني قادر على إنهاء الحرب الأهلية عبر تحقيق المصالحة التاريخية والتحول الديمقراطي وإعادة هيكلة الدولة السودانية بصورة منصفة لكل مكونات الشعب السوداني ومن ثم تجميع الطاقات المهدرة حاليا في الحروب المتطاولة والمتفاقمة وتوجيهها للعمل في تغيير واقع التخلف الذي يطوق البلاد وهو مشروع بدايته الصحيحة هي إنهاء النظام الشمولي الحاكم)، وفي هذا الإطار ثمت تساؤلات ملحة تحاصر كل الفاعلين السياسيين في السودان ولا سيما الأحزاب السياسية المدنية والمسلحة المعارضة، وعلى رأس هذه التساؤلات هل هناك إجماع على ” الهدف الرئيس لهذه المرحلة التاريخية في السودان” المذكور أعلاه؟ هل من التزام استراتيجي مجمع عليه وغير قابل للمساومة بوحدة ما تبقى من السودان؟ ماذا أعدت الأحزاب المدنية والمسلحة من خطط عملية لإنهاء الدكتاتورية الماثلة؟ وما هو برنامجها لإدارة المرحلة الانتقالية وسوف تكون أعقد وأخطر وأصعب مرحلة انتقالية في تاريخ السودان، فسوف تواجهها معضلة إعادة تأهيل المناطق المتأثرة بالحرب ، ومعضلة الخدمة العامة(التي تشمل الخدمة المدنية والعسكرية) فاقدة القومية والكفاءة، ومعضلة المليشيات المتمرسة في السلب والنهب وانتهاكات حقوق الإنسان، وسوف تواجهها معضلة الاقتصاد المنهار والفقر والبطالة، ومعضلة تدني مستوى التعليم العام والعالي؟ ما هو برنامج كل حزب سياسي وكل حركة مسلحة لمواجهة معضلة الانقسام العميق بين السودانيين على اسس عرقية وجهوية وقبلية الذي يعوق عملية الاصطفاف القومي خلف اهداف وطنية مشتركة ويتعارض مع الديمقراطية؟

    ونتناول أيضاً ماقاله الدكتورأسامة الصياد. وهو صحفي سياسي مصري، يعمل "محرر أول" في نون بوست، عمل بأقسام الأخبار العربية والدولية في عدد من الجرائد، بالإضافة إلى عمله صحفيًا في وكالات أنباء.وإن كان فاقد الشئ لا يعطيه اى بمعنى أن دولة هذا الصحفى تفتقد للديمقراطية،ولكننا نأخذه فقط ،كملاحظات مراقب من الخارج وهو يقول:-

    (لتدقيق في الحالة السودانية نجد أن العسكرية السودانية حاضرة في المشهد السياسي للبلاد وبقوة، وأنها أتت على كافة التجارب الديمقراطية في البلاد ويعزى ذلك إلى ضعف البنية التكوينية لهذه التجارب كذلك ضعف الخبرة لقياداتها، وهو ما أساء لسمعة الحكومات المنتخبة أمام العامة؛ ما فتح الباب على مصرعيه لتنصيب الجيش السوداني نفسه كحجر زواية لصناعة السياسة في السودان.

    ومن العوامل أيضًا التي حالت دون تحقيق حكم سياسي ديمقراطي حقيقي بالسودان مشكلة الجنوب التي أثرت على الحياة السودانية لعقود من الزمن ثم انتهت بالانفصال، فالدخول في حرب أهلية داخل دولة مثل السودان يؤدي إلى ارتفاع الأصوات العسكرية دائمًا على الأصوات المدنية؛ وهو ما انعكس على الحكومات المتعاقبة، حيث اعتقد الجيش دائمًا أنه قادر على حل أزمات البلاد أثناء حالة الحرب هو ما لم يحدث.

    فلم تكن تجارب السودان الديمقراطية ناجحة بالقدر الكافي، ولم تكن التجارب العسكرية ناجحة أيضًا كمحاولات للتغيير، إذ تم استبدال الحكومة العسكرية بأخرى على مر تاريخ الانقلابات في السودان، ولم يتم حل المشكلة في ظل تناحر سياسي بين الأحزاب المعارضة للنظام؛ ما دعى المراقبون للجزم بأن النظام الديمقراطي في السودان ليس هو المشكلة في ذاته، ولكن ليس هناك مؤسسات تتعامل بهذه الديمقراطية وأنه ليس حلاً بأي حال من الأحوال أن يستدعي أحد المؤسسة العسكرية للحكم إذا ما فشلت الحكومة المدنية المختلفة إذ إن أخطاء الديمقراطية لا تعالج بالعسكرية، هذا وتظل السودان نموذجًا عربيًا لتدخل المؤسسة العسكرية في الحكم لوأد التجارب الديمقراطية في الحكم حتى انتهى الحال لتجريف السودان من كفاءته السياسية ولم يعد سوى بعض المتناحرين مع النظام دون إيجاد بديل شعبي للتغيير)انتهى.

    بالإضافة لأسباب نجاح الأحزاب السياسية والتى ذكرتها الأستاذة الفاضلة/رشا عوض هنالك أسباب إضافية على سبيل المثال لا الحصر وهى:-

    1- إتفاق قواعد الحزب على برنامج واضح ومحدد الأهداف ، فإن الحزب لا يتمكن من الوصول إلى الحكم، عن طريق إستقطاب الأعضاء عن طريق برنامج طموح يلبى رغبات القواعد.
    2: احترام الناس، فإن عدم احترام الناس يوجب تفرّقهم عن الحزب، وإن لم يكن الحزب سبباً للانشقاقات، وفرق بين هذا أو بين الأمر الأول، حيث إن الأمر الأول عبارة عن عدم تجميع الناس، وهذا عبارة عن إيجاد التفرقة بين الناس بالسباب ونحوه، كذكرهم أن الناس لا يفهمون ولا يعملون، وأنهم هم العاملون الوحيدون دون غيرهم، وأنهم هم المخلصون، وقد يتعدى الأمر في بعض الأحزاب الذين لا ينظرون إلى الهدف نظرة موضوعية، بإيجاد العداوة والتفرقة بين الناس.
    3: الاستقامة في خط السير، أما أن يتقلب الحزب من جهة إلى جهة، أو من حكومة إلى حكومة، أو نحو ذلك، فذلك مما يضعف ثقة الناس به، ولا يلتفون حوله، ولا يستعدون لإيصاله إلى الحكم، وكثيراً ما يرى الإنسان حزباً كان عدواً لجهة، فلما وصلت تلك الجهة إلى الحكم تقرب إليها، أيما تقرب، وقد سبب ذلك أن ينظر الناس إليهم بأنهم انتهازيون وصوليون نفعيون، والناس يقولون لهم: ألستم كنتم تسبّون هذه الجهة إلى البارحة؟
    4: التحاور والتشاور في داخل الحزب، فإنه يلزم أن يكون هناك في داخل الحزب انتخابات حرة لتعيين الرئيس، وإدارة المال، وإدارة الثقافة، وغيرها من الإدارات الموكولة إلى أفراد الحزب.
    5: الواقعية، وذلك بأن لا يرفع الحزب شخصياته فوق مستواهم، ولا يخفض شخصيات الناس دون مستواهم، فإن الناس إنما ينظرون ويلتفون حول الواقعيين، فإذا رأوا حزباً يرفع أفراده عن مستواهم اللائق بهم، أو يخفض أفراد غيرهم دون مستواهم اللائق بهم.
    6: سعة الصدر، فإن (سعة الصدر آلة الرئاسة) ، فإذا لم يكن للحزب سعة الصدر ـ وليس معنى سعة الصدر في البذل فقط، بل في كل أبعاد الحياة، كالتجاوز عن المسيء وما شابه ذلك ـ
    7: الواقعية بالنسبة للأحزاب الأخرى المنافسة فيلزم أن لا يكون الحزب، بحيث يرى أعمال نفسه فوق المستوى، وأعمال غيره دون المستوى.
    8: اتباع الحقيقة فيما لهم وما ليس لهم وما عليهم وما ليس عليهم، أما الإلتفاف حول كل تجمع أو مؤسسة أو شخصية ليجيّروها على حسابهم، كما نشاهده في بعض الأحزاب، فذلك يوجب انفضاض الناس من حولهم، كما أن التبرّي مما عليهم و إلقاء التبعة على الناس يكون مثل ذلك.
    9: اقتراب زعماء وقادة الأحزاب من الناس، والتواجد في أوساطهم، لا الانزواء عنهم والابتعاد منهم، فإن الابتعاد عن الناس، يوجب عدم اقتراب الناس منهم، حتى يروهم أهلاً للحكم وينتخبوهم في وقت الانتخابات .
    10: الاهتمام بالضوابط والقوانين، لا بالروابط والمحسوبية والمنسوبية، مثلاً إذا طلب منهم مهندس أو معلم أو خبير في أى مجال من المجالات المختلفة ،فعلى قيادة الحزب تقديم من هو المناسب لهذا المقام، لا تقديم أقربائهم وأصدقائهم، والذين هم في الحزب أو مؤيدون، وإن لم يكن مناسباً لعدم كونه ذا كفاءة لذلك الشيء الذي يراد منه، فإن تقديم غير الأكفاء على الأكفاء، يوجب انفضاض الناس من حولهم، فإن غير الكفء لا يتمكن من الإدارة، وعدم الإدارة يكون تبعته عليهم.
    11:تكون إدارة الحزب للشباب وللشيوخ معاً ،كل في مقامه، وقد قال سيدنا على كرم الله وجهه:(يعجبني رأي الشيخ وجلد الغلام) لا الاقتناع بالشباب فقط والإستغناء عن خبرة الشيوخ، بل أحياناً نرى بعضهم يذمون الشيوخ ويقولون: إنهم رجعيون، وخرافيون، ولا يفهمون، ولا يصلحون للحياة، فإن انفصال الشيوخ ينتهي بالأخير إلى انفصال الشباب، إذ الشباب والشيوخ وحدة واحدة متشابكة، لا يمكن أن يكون بعضهم دون بعض، فاللازم على الحزب أن يلاحظ هذا الأمر ويهتم بالشيوخ مثل اهتمامه بالشباب، كما أن عكسه مثلاً إذا فرض اهتمام جماعة بالشيوخ دون الشباب أيضاً، يوجب الفشل وعدم الوصول إلى الهدف ،لأن الشيوخ يقومون بنقل تجاربهم وخبراتهم الثرة للشباب.
    12: التعامل مع الأمور بواقعية في كل أخذ وعطاء وجذب ورد، إذ الواقع هو الذي ينتج، فيجب أن يتخذه الحزب محوراً لأعماله، أما عدم الاستعانة بالواقعية، بزعم أنه يمكن الوصول إلى الحكم بدون الواقعية، لأن الوصول إلى الحكم شيء سهل، فذلك ما دل المنطق والعقل على خلافه.
    13: يجب على الأحزاب والتى تريد الوصول إلى الحكم عن طريق برنامج أسلامى ،أن تأخذ العبرة والعظة من الأحزاب التى كانت ترفع شعارات الاسلام ،وعندما وصلت لسدة الحكم تركت الشعارات جانباً وضربت بمبادئ الاسلام عرض الحائط وعلى سبيل المثال لا الحصر حزب المؤتمر الوطنى السودانى. وعلى قادة الأحزاب أن يكونوا قدوة لقواعدهم في كل شئ.
    قال الشاعر:-لا تنه عــن خلق وتأتي مـــثله***عـــار عليك إذا فــعلت عظيم
    وفي كلمة منقولة عن سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام:(ما لكم ترون القذى في أعين أخيكم ولا ترون الجذع في أعينكم).
    14: السلم العام في كل شيء، في الكلام، والكتابة، وسائر الشؤون، وعدم العنف، فإنه إذا كانت قواعد الحزب عنيفة تنفر الناس منها، بالإضافة إلى أن زرع العنف، يولد العنف ولا يمر زمان حتى يقع الانشقاق في نفس الجماعة، ويكون الأمر بينهما أشد من الأمر بين الجماعة وبين الطرف الآخر، وفي المثل المعروف: (لا يجتني الجاني من الشوك العنب).
    وقد روي عن عيسى عليه الصلاة والسلام: أنه مر على جماعة من اليهود، فقالوا فيه شراً، فقال فيهم خيراً، فقال له تلاميذه: (يا روح الله يقولون فيك الشر وتقول فيهم الخير؟ فقال (عليه الصلاة والسلام): (بلى كل ينفق مما عنده).
    15: يلزم دخول زعماء وقادة الأحزاب بأنفسهم في الميدان، لا كما اعتاده بعض الأحزاب من أنهم يقفون وراء الحواجز، ويلقون بصغارهم إلى الميدان، ويزعمون بذلك أنهم يربحون نزاهة سمعتهم لدى المجتمع بسبب وقوفهم خارج الميدان، ظاهراً ويصلون إلى مآربهم، بسبب ما يأتيه صغارهم والمتحركون بأمرهم، انهم بالعكس يخسرون كلا الأمرين، لأن الناس لهم عقول وعيون فيفهمون الأمر كاملاً، وحيث يعرفون أن التحريك من الرؤساء، يكرهونهم ويرونهم غير نزيهين، وحيث إن الناس يربأون بأنفسهم من مقابلة الصغار، يعاكسون أهداف أولئك الرؤساء، فلا يصل الكبار إلى الأهداف التي ظنوا الوصول إليها بهذا السبب، بل يبتعدون عن الهدف، بينما إذا دخلوا هم بأنفسهم فبان، فإذا لم يربحوا الوصول إلى الهدف أنقذوا سمعتهم.
    16-وجود إعلام قوى وبمختلف مسمياته،ليقوم بنشر برنامج الحزب على أوسع نطاق بين أعضائه ،ولضم أعضاء جدد.
    17-لا بد من توعية قواعد الحزب بأهمية ،وجود أحزاب سياسية قوية لكى تحرس دولة المؤسسات،وتحافظ على سيادة حكم القانون(Rule of Law)وهذا لا يتأتى الا بوجود زعيم أو قائد حزب جاهز للدفاع عن دولة القانون حتى ولو أدى هذا الأمر لسجنه أو استشهاده من أجل مبادئه ومبادئ الحزب ،وقواعده المستنيرة.
    18-وجود الطوائف والجماعات داخل أى دولة وفى السودان (طائفة الأنصار و الختمية أو غيرها من الطوائف)،هذا لا يمنع من تطور أداء الأحزاب نحو تحقيق أهدافها أو برامجها ،إذا كان هنالك فهمٍ عالٍ ومتبادل بين قادة هذه الكيانات والقواعد لماهية الديمقراطية داخل الدولة أو الحزب؟وكيف يتم التبادل السلمى للسلطة داخل الدولة ؟،وكيفية تسلم المناصب داخل الحز؟،ونجد مثل هذا النموذج في الهند اذ أن عائلة غاندى ،لها عشرات السنين ينتخب أحد أفرادها لقيادة حزب المؤتمر الهندى،وهذا إن دل إنما يدل على الفهم المشترك والوعى التام،بأهمية وجود دولة المؤسسات وسيادة حكم القانون.
    19-لا بد من تقليل عدد الأحزاب السياسية،وذلك بقيام ورش بواسطة منظمات المجتمع المدنى للتقريب والجمع بل ودمج الأحزاب ذات البرامج المتشابهة فى حزبٍ واحد ويمكن ،ان تقوم لجنة قومية بهذه المهام،ومانراه اليوم في السودان من فوضى حزبية وإنقسام للحزب الواحد لأكثر من حزب لم نشهدها من قبل أى دولة من دول العالم ،ناهيك في الدول ذات الديمقراطيات العريقة.
    وأخيراً أجد نفسى متفقاً تماماً مع ذكرته الأستاذة رشا عوض أعلاه ،كما أتمنى أن يقرأ الجميع هذه الورقة البحثية الهادفة ،وتوزيعها على كل الأحزاب السودانية ،من أجل إيجاد مخرج حقيقى ،لأزمتنا السياسية،والتى سببها أحزابنا السياسية والتى عجزت عن القيام بدورها الكامل تُجاه قواعدها أولاً،وتُجاه السودان ثانياً.
    نسأل الله الكريم في هذا الشهر العظيم ،أن تتعلم وتتعظ احزابنا السياسية من أخطائها الكثيرة والكبيرة والمتكررة،وأن يلبس جماهير هذه الأحزاب ثوب الوعى والاستنارة ،من أجل قيام دولة المؤسسات وسيادة حكم القانون،والمحافظة على الديمقراطية ،حتى ولو أدى ذلك للتضحية بالغالى والنفيس من أجل هذه الأهداف السامية.
    وماذلك على الله بعزيز
    د/يوسف الطيب محمدتوم-المحامى
    [email protected]


    أبرز عناوين سودانيز اون لاين صباح اليوم الموافق 02 يونيو 2017

    اخبار و بيانات

  • البشير يتسلم رسالة من دبي تتعلق بإحلال السلام في البلاد
  • إدخال مؤسسات القطاع الخاص في التأمين الصحي
  • شملت 11 ولاية بالبلاد الصحة: (13,659) إصابة بالإسهالات المائية منها (292) حالة وفاة
  • الشروع في وضع خطط لرفع العقوبات الأمريكية
  • سلفا كير يتعهد بتعميق التعاون مع إسرائيل
  • وطني الخرطوم يطلق مشروعين لنشر ثقافة العمل الصالح
  • الشرطة تخلي مقر اتحاد الكرة وتسلمه لمجموعة الإصلاح


اراء و مقالات

  • دعوة إلى الانقاذ الثانية: الوصاية الأمريكية البريطانية بقلم الريح عبد القادر محمد عثمان
  • فوضى الجنجويد في السوق الشعبي و سوق ليبيا و سوق أم دفسو! بقلم عثمان محمد حسن
  • هل يحدث للاستثمار في السودان كما حدث للبترول خيبة للمواطن وارصدة في حسابات الكبار
  • محمد جواد ظريف وقاسم سليماني، وجهان للعملة الواحدة بقلم علي نريماني – كاتب ومحلل ايراني
  • «مِن غير ميعاد»..! بقلم عبد الله الشيخ
  • أنت مش سوداني ..!! بقلم عبدالباقي الظافر
  • المواطن سوداني !! بقلم صلاح الدين عووضة
  • الربط بين التطرف والإسلام والإرهاب بقلم الطيب مصطفى
  • الطلبة قادة المستقبل بقلم احمد الخالدي
  • تصدير الإناث! بقلم د.أنور شمبال
  • سلاطين التيمية يُشعلون البلاد الإسلامية بالحروب ثم ينهزمون أقبح هزيمة!! بقلم: معتضد الزاملي
  • العدو الاسرائيلي و احتلال القدس الغربية عام 1948 بقلم د. غازي حسين
  • فات المعاد..! بقلم توفيق الحاج
  • حماس ومسألة الزمن بقلم سميح خلف
  • المفوضية القومية لحقوق الإنسان : بلاغ للشعب السودانى ! بقلم فيصل الباقر
  • رسالةُ استغاثةٍ غزاوية إلى كنانةِ العربِ مصر بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي
  • نداء موسى هلال. بقلم الطيب الزين
  • تعرف_على_السودان بقلم نور الدين عثمان

    المنبر العام

  • أضحك مع وزارة صحتنا
  • ► يا تراجى يا ◄
  • مصر توقف إعلان تلفزيوني يظهر تلوث مياه النيل
  • نحن لا نستحق السودان
  • استهداف الأقباط بين داعش والإخوان المسلمين.. عماد الدين حسين
  • مستقبل التعليم في ظل ثورة المعلومات























  •                   


    [رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

    تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
    at FaceBook




    احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
    اراء حرة و مقالات
    Latest Posts in English Forum
    Articles and Views
    اخر المواضيع فى المنبر العام
    News and Press Releases
    اخبار و بيانات



    فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
    الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
    لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
    About Us
    Contact Us
    About Sudanese Online
    اخبار و بيانات
    اراء حرة و مقالات
    صور سودانيزاونلاين
    فيديوهات سودانيزاونلاين
    ويكيبيديا سودانيز اون لاين
    منتديات سودانيزاونلاين
    News and Press Releases
    Articles and Views
    SudaneseOnline Images
    Sudanese Online Videos
    Sudanese Online Wikipedia
    Sudanese Online Forums
    If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

    © 2014 SudaneseOnline.com

    Software Version 1.3.0 © 2N-com.de